اجتماع العالم فى القدس المحتلة!
بينما نحن غارقون منذ سنوات طويلة فى متابعة دماء ضحايا المنطقة، بينما ما زلنا ندفع ثمن خسائر ما خططوه لنا وساهمنا فيه جهلاً وخيانة بتقديرات بلغت وفقاً للبنك الدولى 900 مليار دولار كحد أدنى، بينما ما زلنا نشاهد مخيمات اللاجئين وأوضاعهم المؤسفة دون أسف من العالم على حالنا، اجتمع أربعون زعيماً من حول العالم فى القدس المحتلة منذ أيام من 22-24 يناير، تحت مظلة المنتدى العالمى للهولوكوست 2020 الذى نظمته إسرائيل للاحتفال بذكرى ضحاياها فى الحرب العالمية الثانية تحت شعار: «نتذكر المعركة ونحارب أعداء السامية»! 54 وفداً رسمياً من كل بلاد العالم كانوا هناك يقدمون فروض الطاعة والولاء والندم من بعضهم على ما كان فى حق اليهود فى ألمانيا النازية. قادة ورؤساء حكومات كانوا هناك للاعتراف والاحتفال بذكرى مذبحة لم يثبت بالدليل القاطع عدد ضحاياها الـ6 ملايين يهودى قام هتلر بإعدامهم فى معسكرات تعذيبه، ولكن العالم ما زال يدفع، فتلك عقيدة الصهاينة، أياً كانت ملتهم «ملالى - إسرائيل- إخوان - سلفيين- وهابيين»، البكائية وادعاء المظلومية وجنى المكاسب بالكذب.
«أنحنى بشدة لذكرى القتل الجماعى لستة ملايين يهودى، ارتكب أبناء بلدى أسوأ جريمة فى تاريخ البشرية»، هكذا جاءت كلمات الرئيس الألمانى فى الاحتفالية عن المحرقة النازية، وليكون أول رئيس ألمانى يتحدث عند نصب «ياد فاشيم» بالأرض المحتلة معترفاً بذنب بلاده التى دفعت التعويضات بالملايين وأقامت نصباً تذكارياً أمام مقر المستشارية الألمانية فى برلين مكوناً من 10 آلاف مقبرة رمزية على مساحة شاسعة لقوائم الضحايا، وقُسمت بلاده بين شرقية تتبع الاتحاد السوفيتى، وغربية تتبع الولايات المتحدة حتى سقوط حائط برلين عام 1989، ولا تزال تتبع السيادة الأمريكية بوجود عسكرى يقدر بنحو 39 ألف عسكرى أمريكى وقاعدتين عسكريتين. نعم، ما زال الألمان يدفعون الثمن ليكونوا عبرة حتى ولو بدا للناس أنهم مستقلون فى قرارهم.
لم تتوقف كلمات الرئيس الألمانى عند حدود الاعتذار عما مضى، ولكنه أعلن صراحة ونصاً: «إننا نكافح معاداة السامية! إننا نتحدى سم القومية! إننا نحمى الحياة اليهودية! إننا نقف إلى جانب إسرائيل. هذا التعهد أجدده هنا فى ياد فاشيم أمام أعين العالم».
وأيد رؤساء فرنسا وروسيا، وملوك إسبانيا وبلجيكا وهولندا، ونائب الرئيس الأمريكى مايك بنس وولى العهد البريطانى الأمير تشارلز، التعهد بالابتسامات والكلمات. كان الاحتفال تذكيراً للماضى وتجديداً لوعود المستقبل وولاءاته. هم يكافحون معاداة السامية التى احتكرتها إسرائيل زوراً، ويحمون الحياة اليهودية التى باتت جنسية، بينما هى عقيدة من عقائد دين الله الحنيف، سرقها تابعوها وصنعوا منها جيتوهات على مدار التاريخ فى كل بلاد العالم فقتلوا بها البشر حتى أنبياء الله. يقفون بجانب إسرائيل لا بجانب القانون الدولى أو الإنسانية، يخدمون الكيان والتنظيم العالمى لحكم العالم حتى ولو ظلوا عبيد ذلك التنظيم ما دام ذلك وفق المصالح. هكذا جددوا العهد فى «ياد فاشيم» تلك المؤسسة الرسمية التى أقامتها إسرائيل فى العام 1953 لدراسة وتوثيق الهولوكوست وضحاياها فى القدس المحتلة وتضم متحفاً ومعهداً تعليمياً وأنصاباً تذكارية وآلاف الوثائق والصور عن المحرقة بكل اللغات.
تساءلت وأنا أتابع الخبر وتقريره بسذاجة: هل تذكر قادة العالم ضحايا تلك الأرض التى يقفون عليها؟ هل تذكروا، وهم يعلنون الندم على ضحايا اليمين المتطرف،؟ مَن قتلهم بنفس هذا «اليمين» المتطرف المتحالف مع التكفير المتطرف فى بلادنا؟ هل تذكروا شعوباً وأوطاناً حول أرضنا المحتلة تنهار تحت وطأة التشريد والقتل وتفتيت الوحدة؟
بالطبع لا..كيف ونحن لا نتذكر ولم نوثق لحالنا وضحايانا ولم نعتبر من تاريخ قديم وحديث وما زلنا نشارك فى مخططاتهم بمبررات عدة للأسفّ!