عالم الأندر إيدج .. حكايات "أطفال كبار" تحت 18 سنة في بيتنـا مراهـق

كتب: هبة حسنين

عالم الأندر إيدج .. حكايات "أطفال كبار" تحت 18 سنة في بيتنـا مراهـق

عالم الأندر إيدج .. حكايات "أطفال كبار" تحت 18 سنة في بيتنـا مراهـق

تكاد الأم تنفجر غضباً بسبب أغانى المهرجانات الصاخبة الصادرة من غرفة نجلها.. الكلمات المبتذلة والألحان الزاعقة تسيطر على هوى الصبى الذى لم يتجاوز 13 عاماً، وتتحكم فى أسلوب حياته واهتماماته، فمرة يطوق عنقه بسلسلة تتدلى منها جمجمة، ومرة أخرى يرتدى «بنطلون مقطع» ويفتح أزرار قميصه حتى منتصف صدره، والأدهى من ذلك أنه أصبح متمرداً، يسير دائماً عكس اتجاه والديه «نقول يمين.. يقول شمال».

هذه الشكوى تكاد تكون ظاهرة عامة.. لآباء وأمهات لديهم أبناء فى مرحلة «الأندر إيدج» أى تحت 18 عاماً، وهى فترة حرجة جداً يصاحبها تغير كبير فى الشخصية، أصحابها لا هم أطفال صغار ولا كبار ناضجون، يقفون فى منتصف المرحلتين، وهم بنظر القانون أطفال.. بينما المجتمع يفرض عليهم قوانينه ويعاملهم ككبار، أما الأسر فيدركون جيداً ما يمر به أبناؤهم فى تلك المرحلة العمرية الغريبة.

أينما وجدوا يثيرون المشاكل، هم دائماً مصدر إزعاج يخترق هدوء وعزلة الكبار، فى الشارع تبدو سلوكياتهم مثل «النغمة النشاز»، لا احترام لكبير ولا التزام بقواعد ولا اهتمام بمظهر، وفى النادى يتصرفون بحرية أكبر فيظهرون أكثر انفتاحاً واختلاطاً مع الجنس الآخر، ما يثير انتقاد وامتعاض الكبار، وفى المترو ينتشرون بعشوائية ويتصرفون بفوضى تخرج أحياناً عن حدود اللياقة والأدب، أما فى المدرسة فلا تخلو تعاملاتهم من العنف المتبادل فيما بينهم، أياديهم تسبق عقولهم، وألسنتهم تكشف تربيتهم، وهو ما يدفع بعض أصحاب المنشآت التجارية خاصة الترفيهية إلى منع دخولهم، درءاً للمشاكل.

ولأنهم نشأوا فى مجتمع داخل المجتمع، وتأثروا بثقافة مغايرة مصدرها مواقع التواصل الاجتماعى، أصبح للمراهقين قاموس خاص بهم كلماته غريبة، ومفرداته مبهمة، ينادون على بعضهم البعض بـ«يا اسطى، يا زميل ويا شقيق»، ولديهم أقوال مأثورة خاصة بجيلهم «بطلنا اللى يعطلنا»، ولا يقتصر استخدام هذه المفردات على طبقة بعينها، فالكل أبناء تربية واحدة هى «السوشيال ميديا»، التى حضرت، فغابت التربية والتعليم والثقافة والأدب واندثرت الهوايات والطموح والتطلع لمستقبل أفضل، صارت عقول الصغار رهينة «شاشة تاتش» يستقون منها معلومات سطحية هشة.

ورغم ما يبذله الأهالى من جهود فى التربية وتقويم السلوك، وما تطلقه الدولة من مبادرات وحملات للتوعية بدعم من مؤسسات دولية كاليونيسيف والأمم المتحدة، بخلاف الدور الذى يلعبه المجلسان القومى للمرأة والقومى للطفولة والأمومة، فإن بعض المراهقين يقعون تحت طائلة القانون بارتكابهم جرائم جنائية كالقضية المعروفة إعلامياً بـ«شهيد الشهامة»، التى راح ضحيتها صبى قتلاً بدون ذنب وآخرون خلف القضبان.

ولا يعنى ذلك أن كل المراهقين مشاغبون ومتمردون، فكثير منهم نجا من تقلبات تلك المرحلة العمرية، لم يقع فى فخ المخدرات ولم يرتكب جريمة ولم ينسق وراء أصدقاء السوء، ولم يجلس بل كرسوا طاقاتهم فى أعمال مفيدة، مارسوا السياسة وتطوعوا فى الأعمال الخيرية وشاركوا فى بناء الوطن لإدراكهم أهمية دورهم خلال الفترة الراهنة التى تحتاج إلى تضافر كل الجهود من كل الأعمار.


مواضيع متعلقة