سر "القلقاس والقصب وفانوس البرتقال" في الموروث المسيحي

كتب: مصطفى رحومة

سر "القلقاس والقصب وفانوس البرتقال" في الموروث المسيحي

سر "القلقاس والقصب وفانوس البرتقال" في الموروث المسيحي

لعدد من الأطعمة عند الأقباط، رمزية دينية وعقائدية تظهر في المناسبات والأعياد القبطية بحسب الاعتقاد المسيحي.

فالأقباط الذين يحتفلون غدا الاثنين، بعيد الغطاس، وهو ذكرى تعميد المسيح على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن، حسب الاعتقاد المسيحي، يتميز الاحتفال به بتقديس ومباركة المياه خلال قداسات العيد، والتي يتم الاحتفاظ بها طوال العام، وذلك خلال صلوات ما يسمي بـ"اللقان"، فيما يصوم الأقباط لمدة يومين قبل العيد صيام "برامون الغطاس"، ويمتنعون فيه عن أكل اللحوم، بينما تستمر احتفالاتهم بالعيد لمدة 3 أيام.

ويشتهر الأقباط خلال عيد الغطاس، بأكل "القلقاس والقصب"، الذي يرجعه الأقباط لرموز روحية، منها أن نبات القلقاس يزرع عن طريق دفنه كاملا في الأرض، ثم يصير نباتا حيا صالحا للطعام، وتعتبر المعمودية هي دفن الإنسان تحت المياه وقيامه مع السيد المسيح، كما حدث له عند التعميد في نهر الأردن، كما أن القلقاس يحتوي على مادة سامة ومضرة للحنجرة، وهي المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة، مغذية، ويعتقد الأقباط أنهم مثل "القلقاس" يتطهرون بالماء من سموم الخطية كما يتطهر "القلقاس" من مادته السامة بواسطة الماء.

أما القصب فلونه الأبيض يرمز للنقاء الذي توفره المعمودية حسب الاعتقاد المسيحي، كما أن القصب يمتاز بغزارة السوائل الموجودة بداخله، وهذا السائل هو رمز لماء المعمودية.

كما يقبل الأقباط على عمل "فانوس البرتقال"، والذي يصنع عبر قطع رأس ثمرة البرتقال، ويفضل أن يكون حجمها كبيرا، ثم عمل تجويف داخلها دون أن تتأذى القشرة الخارجية، حتى لا تتبقى أي مواد سائلة بها، ويتم وضع شمعة داخلها وتعليقها بثلاث سلاسل تزين بحبات المكرونة أو الخيوط الملونة، مع حفر شكل الصليب على القشرة وإشعالها حتى تنطلق رائحة البرتقال الذكية.

كما يحتفل الأقباط في 12 سبتمبر من كل عام بـ"عيد النيروز" أو "عيد الشهداء"، وهو أول أيام السنة القبطية، وهي المناسبة التي تقيم الكنائس قداسات الصلاة خلالها، فيما يقبل الأقباط على تناول "البلح" و"الجوافة"، حيث يرمز البلح في لونه الأحمر بدم الشهداء، وحلاوة البلح تشبها بحلاوة الإيمان المستقيم، وصلابة نواته تُذكر بقوة الشهداء الروحية وصلابتهم وتمسكهم بإيمانهم حتى الموت، أما الجوافة فيرمز قلبها الأبيض إلى قلب الشهداء، أما وجود بذور كثيرة داخلها، ففي ذلك إشارة لكثرة عدد الشهداء، حسب الاعتقاد المسيحي.

وعيد النيروز، معناه فى اللغة القبطية "الأنهار"، وهو موعد اكتمال موسم فيضان النيل، وتعد بداية السنة القبطية بداية السنة الزراعية في مصر، إذ يتبع الفلاح المصري منذ القدم التقويم القبطي في الزراعة الذي يبدأ بشهر "توت"، والتقويم القبطي هو نفسه التقويم المصري القديم، ولكن تم تصفيره وجعل السنة الأولى له في عصر الإمبراطور دقلديانوس، الذي يعد واحدًا من أقسى عصور الاضطهاد ضد المسيحية، فكان عام 284 ميلاديا، يوازي 1 قبطيا، و4525 فرعونيا، ومن هنا جاء ارتباط هذا التقويم بـ"عيد الشهداء" عند الأقباط.

وخلال صوم الميلاد الذي يمتد لمدة 43 يومًا، ويسبق عيد الميلاد المجيد، يمتنع فيه الصائمون عن تناول أي شيء فترة من الوقت، ثم يفطرون فيه على أطعمة نباتية، ويمتنعون تماما عن أكل اللحوم، ويسمح فيه بأكل السمك- كنوع من التخفيف لكثرة الأصوام خلال السنة- كل أيام الأسبوع ما عدا يومي الأربعاء والجمعة، وأيضًا "البرمون"، وهو الذي يسبق عيد الميلاد مباشرة.

أما الصوم الكبير الذي يعقبه الاحتفال بعيد القيامة، حسب الاعتقاد المسيحي، وتبلغ مدته 55 يومًا، يمنع فيه تناول الأطعمة المشتقة من الحيوانات، كـ"اللحوم، الألبان، البيض، والأجبان"، كما يمتنع الصائمون فيه من تناول الأسماك، لتصبح المقليات والخضروات والفواكه هي الأكلات الأساسية المتواجدة على مائدته.


مواضيع متعلقة