حلمي النمنم: جمال حمدان نظر لمصر من زاوية "عبقرية المكان".. لكن رؤيته للمصريين كانت قاسية

كتب: إلهام زيدان

حلمي النمنم: جمال حمدان نظر لمصر من زاوية "عبقرية المكان".. لكن رؤيته للمصريين كانت قاسية

حلمي النمنم: جمال حمدان نظر لمصر من زاوية "عبقرية المكان".. لكن رؤيته للمصريين كانت قاسية

قال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، إن الدكتور جمال حمدان بذل جهداً كبيراً فى كتابه «شخصية مصر»، الذى يتناول دراسة لمصر بكل أبعادها الإقليمية والبشرية والزمانية والتكاملية، مؤكداً أنه أهم كتبه ويضعه إلى جوار الدراسات المهمة التى تناولت دراسة مصر للدكتور حسين مؤنس ورفاعة الطهطاوى.

وأكد «النمنم» فى حواره لـ«الوطن» أن «شخصية مصر» من الدراسات التى تبقى فى الذاكرة وتُدرس، وقدم وزير الثقافة السابق قراءة نقدية للكتاب الأبرز لـ«حمدان» وإلى نص الحوار:

وزير الثقافة الأسبق: نقل الجغرافيا من كونها علماً للمتخصصين والصفوة إلى مادة مناسبة للقراء مع اختلاف مستواهم العلمى

ما الأهمية التى أضافتها كتابات جمال حمدان للثقافة المصرية؟

- أهم ما يتبقى من الدكتور جمال حمدان كتاب «شخصية مصر- دراسة فى عبقرية المكان»، وهو يتناول مصر بأبعادها الإقليمية والبشرية والزمانية والتكاملية، ويتساءل عما يعطى المنطقة تفردها، لكن باقى الكتابات الأخرى أظن أنها ابنة وقتها، الكتاب صدر لأول مرة فى كتاب الهلال عدد يوليو 1967، بعد النكسة بشهر، وبعض الناس تصوروا أن الكتاب من وحى أو نتاج النكسة، والواقع أن جمال حمدان بدأ ينشر الكتاب كمقالات فى مجلة «المجلة» التى كان يرأس تحريرها الكاتب الراحل يحيى حقى، ابتداءً من 1962. الإصدار الأول للكتاب فى هذا العام، وصدر فى البداية كتاباً واحداً، وفى تصورى الشخصى أن حمدان فكر فى كتابة «شخصية مصر» بعد تجربة الانفصال بين مصر وسوريا، ثم أعاد كتابته وأعاد طبعه مرة أخرى فى السبعينات، بعد حرب أكتوبر 1973، ثم بعد ذلك صدرت الطبعة الأخيرة التى تضم المجلدات الأربعة.

ما الخاصية التى تميز بها من بين الكتب التى قدمت دراسة لمصر؟

- عندما نرصد الكتب التى حاولت رصد مصر نجد أن كتاب «شخصية مصر» واحد من هذه الكتب، التى منها أيضاً كتابا حسين فوزى «مصر ورسالتها»، و«سندباد مصرى»، قبلهما زمنياً كتاب «مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية» لرفاعة الطهطاوى، وهو كان أول كتاب يكتب عن الشخصية المصرية فى العصر الحديث، وكتاب صبحى وحيدة «فى أصول المسألة المصرية»، وإن كان حمدان يتميز بكتابه، الذى يركز على الجغرافيا، وجميع هذه الكتب تبقى فى الذاكرة وتدرس، حتى لو أبدينا عليها مآخذ فذلك لا ينفى أهميتها.

بعض أفكار "شخصية مصر" بحاجة للمراجعة والأرقام الواردة به يمكن تحديثها

وما قصدكم من المآخذ التى تؤخذ على الكتاب؟

- الكتاب يحتوى فكرة عظيمة جداً، لكن عليه بعض الملاحظات، ليس مسئولاً عن معظمها جمال حمدان، مثلاً من يقرأ الكتاب سيلاحظ أن بالنسبة للإحصائيات والأرقام التى اعتمد عليها حمدان فى الطبعة الأخيرة بالنسبة للسكان والدخل وكل المساحات، كانت صادرة فى 1976، 1979، لكنها تغيرت تماماً، كما أن جزءاً كبيراً من أفكار الكتاب بحاجة إلى المراجعة والتعديل، لأن الواقع أثبت عدم صحتها، فمثلاً هو فى الكتاب ضد أى عاصمة جديدة لمصر، بينما الواقع يقول إن العاصمة أصبحت مكتظة، ولم يعد من المناسب لمصر أن تظل القاهرة عاصمة بهذا الشكل، كما أن حمدان سخر من فكرة الرئيس السادات، التى كانت تهدف إلى بناء مدينة السادات، التى كان يفكر فى اتخاذها عاصمة لمصر، أما أخطر ما فى الكتاب ما ورد فيه عن علاقة المصرى بالسلطة، فهو اختزل مصر فى عبقرية أو تقديس المكان، والإساءة للإنسان، وأهمل عبقرية المصريين، أو على الأقل جهدهم التاريخى والحضارى والإنسانى، والجهد والإنجاز ينسب إلى الإنسان أولاً وليس إلى الموقع الجغرافى، فهذا الجانب يحتاج إلى المناقشة الجادة، لأن كلامه عن المصريين فى هذا الكتاب لم يكن إيجابياً، وإنما يرى أن مصر بلد الاستبداد والتسلط، وأن المصريين يقبلون هذه الأمور، فجاءت رؤيته للمصريين قاسية وبشعة.

وما الطريقة الأنسب لقراءته فى الوقت الحالى؟

- عندما كنت فى وزارة الثقافة اقترحت على الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة وقتها، أن يتم توزيع طبعة مصغرة من «شخصية مصر» على الطلاب، على أن تخصص الطبعة الكبيرة المكونة من أربعة مجلدات للمتخصصين فقط، تجنباً للمشكلات، كون الأكاديميين لديهم القدرة على سرد وفرز الأرقام، التى قلنا إن كثيراً منها سواء للمدن أو المواقع المصرية للدخل القومى الواقع أثبت أنها غير صحيحة، ومن الممكن تجنب هذه المشكلة بأن يعكف أحد الباحثين أو أساتذة الجغرافيا على الكتاب ويعمل له تقديماً، أو يقوم بعمل تعديل لهذه الأرقام أو يشير إلى أنها تغيرت فى الهوامش بشكل مناسب.


مواضيع متعلقة