"هويتنا".. القطاع المصرفي يخوض تجربة جديدة للتعليم والتنمية

كتب: دينا عبدالفتاح

"هويتنا".. القطاع المصرفي يخوض تجربة جديدة للتعليم والتنمية

"هويتنا".. القطاع المصرفي يخوض تجربة جديدة للتعليم والتنمية

أعلن اتحاد بنوك مصر عن توقيع بروتوكول إنشاء «مدرسة هويتنا» خلال مؤتمر صحفى عقده الخميس الماضى، بتكلفة 100 مليون جنيه خصّصها اتحاد بنوك مصر من إجمالى مساهمات البنوك المجتمعية، لتأسيس نموذج رائد ومتكامل لمدرسة مصرية لا تهدف إلى الربح، وعلى مساحة 5 أفدنة وفرتها محافظة القاهرة فى عين حلوان، وذلك فى إطار مبادرة «من عشوائية إلى عيشة وهوية»، التى يتبناها الاتحاد، وتدعمها البنوك بحجم تمويلات 450 مليون جنيه، لتطوير المناطق العشوائية بمحافظتى القاهرة والجيزة.

الدولة تستكمل سلسلة التجارب التعليمية المتطورة بـ"مدرسة هويتنا" بشراكة مثمرة بين اتحاد بنوك مصر ووزارة التربية والتعليم

وشهد التوقيع حضوراً حكومياً ومصرفياً واسعاً ضم كلاً من الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، واللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، واللواء يسرى سالم رئيس هيئة الأبنية التعليمية، وهشام عز العرب رئيس اتحاد بنوك مصر، والدكتورة داليا عبدالقادر رئيس لجنة التنمية المستدامة بالاتحاد، وعدد من رؤساء البنوك وقادة القطاع المصرفى.

"إدارة المدرسة بأسلوب متطور" الضمانة الحقيقية لنجاح التجربة.. و"اختيار المعلم" أهم الخطوات

وتُعد المدرسة أول شراكة حقيقية بين القطاع المصرفى ووزارة التربية والتعليم لتدشين تجربة رائدة فى قطاع التعليم الذى يُعتبر الركيزة الرئيسية للتنمية المستدامة، من خلال إخراج وتأهيل عنصر بشرى قادر على الإبداع، كما أنها تعكس النّضج الذى وصل إليه التعاون بين الوزارة واتحاد بنوك مصر، لدعم رؤية الدولة فى تطوير المنظومة التعليمية والتركيز على الهوية المصرية، لإعداد جيل قادر على مسايرة تطورات عصره، ويسهم بقوة فى تنفيذ استراتيجية مصر 2030، التى تقوم بالأساس حول فكرة التنمية المستدامة ومبادئها.

100 مليون جنيه تكلفة إنشاء المدرسة على 5 أفدنة.. و13.7% فقط نسبة المساحة البنائية

تتكون المدرسة من 56 فصلاً لجميع المراحل الدراسية، يخصّص منها 8 فصول لمرحلة رياض الأطفال، و24 فصلاً للمرحلة الابتدائية، و12 فصلاً للمرحلة الإعدادية، و12 فصلاً للمرحلة الثانوية، وتصل الكثافة الطلابية إلى 1680 طالباً، بواقع 30 طالباً فى كل فصل، كما أن مساحة البنايات تمثل 13.7% فقط من إجمالى المساحة الكلية للمدرسة، وتحتوى المساحة المتبقية على ملاعب رياضية وحمام سباحة أولمبى ومسرح ومنطقة ألعاب ومساحات خضراء، كما تحتوى على غرف خاصة بالأنشطة المختلفة.

وترتكز المدرسة الجديدة من نوعها على ثلاث ركائز رئيسية: ترسيخ الهوية المصرية، والتنمية المستدامة، وتقديم منتج ومستوى تعليمى متميز، حيث تمثل المدرسة نموذجاً رائداً لترسيخ الموروث الثقافى والهوية التى تكونت على مر التاريخ، وبتوافد الحضارات المختلفة، بجانب منظومة القيم والمبادئ الأصيلة للأطفال والشباب المصرى، وبناء شخصيته المصرية، وذلك مع مراعاة متطلبات العصر الحديث ومواكبتها، كما تقوم بدمج مفاهيم التنمية المستدامة، التى ترتكز عليها الدولة المصرية فى عملية التنمية مع المناهج التعليمية، لتحقيق استدامة المجتمع بيئياً واقتصادياً، بالتنسيق مع مبادرات الدولة والمجتمع المدنى، فضلاً عن تقديم مستوى تعليمى متميز قائم على مبدأ اللاتمييز وإعلاء هيبة المعلم الكفء وتفعيل التزاماته كصانع أجيال، وبذلك تتكامل أضلاع المثلث، الذى تعتمد عليه المدرسة فى معادلة التنمية التى تعكف على دعمها.

كما تقوم الدراسة بها على عدة مبادئ، أبرزها وضع الطالب فى الصدارة، سواء على مستوى المحتوى التعليمى، الذى تُقدّمه المدرسة، ويركز بشكل أساسى على ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة، وتعزيز هوية المواطن المصرى، أو تقديرها لدور المعلم من خلال توفير العائد المادى، الذى يضمن له حياة كريمة، ويتم اختياره وفقاً لمعايير تخدم البرنامج التعليمى، فضلاً عن أنها تراعى البعد الاقتصادى للطالب، وتحترم البعد الاجتماعى، وترسيخ انتماء الطالب المصرى، ودمج البعد البيئى فى العملية التعليمية، لتعتبر بذلك أول مدرسة رسمية مستدامة، بالتعاون بين اتحاد بنوك مصر ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، ومحافظة القاهرة، وهيئة الأبنية التعليمية.

وأرى أن إدارة هذا الصرح التعليمى الكبير بطرق صحيحة، وبأسلوب غير تقليدى بحيث تكون أقرب للقطاع الخاص، هى الضمانة الوحيدة، حتى يحقق النتائج المرجوة منه، ويبلغ أهدافه التى تتّسق مع أهداف الدولة فى المرحلة الحالية، وننتظر من وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى الدكتور طارق شوقى، بفكره التقدّمى الذى يقود مسيرة التعليم بشكل متطور منذ توليه مهام هذه الحقيبة الوزارية المهمة، أن يقوم بوضع نظام مختلف ومبتكر لهذه المدرسة، لتتمكن من تحقيق أهدافها، وذلك بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر، الذى أبدى أن دوره لن يقتصر على التمويل فقط، بل إنه مستعد للمساهمة فى توفير منظومة متكاملة تشمل الرؤية والهوية المؤسسية والتصميم المتكامل والسياسات التشغيلية بالمدرسة من خلال الاستعانة بجهة الإدارة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة فى العملية التعليمية بالمدرسة.

وفى هذا الصدد، لا بد أن يتم مراعاة اختيار الكوادر البشرية بعناية فائقة، بناءً على محددات تدعم أساليب التعليم والمناهج الحديثة، لضمان تقديم مُنتج تعليمى على أعلى مستوى، فضلاً عن التركيز على آليات تطوير العملية التعليمية والمناهج، حتى تتماشى مع التطورات التكنولوجية والعلمية الهائلة التى تحدث كل ثانية.

وتمتلك الدولة سلسلة من التجارب التعليمية المتطورة، التى قامت بها فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، إيماناً من القيادة السياسية بأن التعليم أساس التنمية، والركيزة التى تعتمد عليها الدولة لإحراز تقدم، حيث شاهدنا خلال الفترة الأخيرة تدشين مشروع المدارس اليابانية التى تتضمن 34 مدرسة موزّعة فى أنحاء الجمهورية، وتتناسب مصاريفها مع الطبقة المتوسطة، وتُعد بمثابة نافذة للمنظومة التعليمية المصرية على نظام التعليم اليابانى، وتقوم على أسس نظام «التوكاتسو»، الذى يعتمد على تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها خلق مدرسة تحقّق السعادة والفخر ومتعة التعلم، تتيح للطالب اكتساب مهارات القرن الحادى والعشرين، فضلاً عن الشراكات التى قامت بها الدولة مع كبار المستثمرين، لتدشين مدارس فنية أكثر فاعلية عن التقليدية، حيث إنها تقوم بتعليم الطالب على أحدث الأساليب التكنولوجية، التى تتوافق مع احتياجات السوق، كما أنها تضمن للخريج فرص عمل بالشركات الموجودة فى السوق المحلية، ولعل أبرز هذه المدارس مدرسة العربى الثانوية الفنية للتعليم والتدريب المزدوج، التى أنشأتها مجموعة «العربى» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، حيث تحرص على تقديم خدمة تعليمية متميزة فى مجال التعليم الفنى، وربطه بالاحتياجات الفعلية للصناعة وسوق العمل، من خلال مد جسور الشراكة فى مجال التعليم الفنى، والتدريب مع مؤسسات القطاع العام والخاص العاملة فى مجالات تخصّصها، ويوجد نحو 40 مدرسة من هذا النوع، حيث تحرص الدولة على التوسّع بمجال التعليم المزدوج، ليصل إجمالى الطلاب إلى مليون طالب خلال 10 سنوات قادمة.

وامتدت هذه الجهود أيضاً إلى التعليم العالى، حيث أصبحت الساحة التعليمية فى مصر مليئة بالجامعات المتميزة، مثل الجامعات التكنولوجية، التى استحدثت مساراً جديداً للتعليم الفنى فى مصر، حيث تُعد هذه الجامعات امتداداً لمسار طلاب التعليم الفنى، التى تعمل على إكسابهم المهارات العملية والعلمية، لمواكبة متطلبات سوق العمل المحلية والدولية، عن طريق البرامج التكنولوجية، التى يتم تطبيقها بالكليات التابعة للجامعة، والتى وُضعت بناءً على احتياجات المشروعات القومية وجغرافية الجامعات، ويمكن لطلاب الدبلومات (3 سنوات)، وطلاب الثانوية العامة، الالتحاق بهذه الجامعات، كما شاهدنا زخماً من الجامعات الدولية، التى من أبرزها الجامعة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، والتى جاءت نتاجاً للتعاون بين الحكومتين المصرية واليابانية، جميعها جهود تمثل البوابة الحقيقية لصناعة جيل مختلف.

وأخيراً جاءت «مدرسة هويتنا» لتستكمل هذه السلسلة من التجارب التعليمية المتميزة، التى تعتبر بمثابة ثمرة التعاون بين وزارة التربية والتعليم والقطاع المصرفى، حيث أنبتت الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين تجربة تعليمية مختلفة تقوم -لأول مرة- على فكرة الاستدامة وترسّخ هوية الشباب المصرى، وذلك نتيجة المجهود الكبير الذى قام به اتحاد بنوك مصر وتنسيقه جهود التنمية المجتمعية، بالمشاركة مع البنك المركزى، وتوحيده جهود الـ38 بنكاً العاملة بالقطاع المصرفى المصرى، والتى كانت تعمل بمعزل عن بعضها، بطريقة الجزر المنعزلة فى كيان واحد ينفّذ مشروعات ذات تأثير أكبر وصدى واسع، بما يتماشى مع خطط الدولة الطموحة.

وتأتى هذه الجهود التى يقوم بها اتحاد بنوك مصر استكمالاً لتعظيم دوره المجتمعى، الذى يسعى من خلاله لتحقيق التنمية المستدامة فى المجتمع المصرى، خاصة بعد إعادة تشكيل لجنة المسئولية المجتمعية فى 2014، حيث نفّذ الاتحاد نحو 13 مبادرة تنموية تستهدف تطوير العشوائيات، بما يعطى مردوداً بيئياً ومجتمعياً واقتصادياً، وإزالة البؤر والمخلفات، وزراعة الأسطح، وتأسيس حدائق عامة وتشجير الطرق، وتدريب وتشغيل سكان المنطقة قيد التطوير، ودعم التعليم وتطوير المدارس، وتدريب الشباب ودعم المبادرات الشبابية.

كما يخصّص الاتحاد مبالغ لدعم المنظومة الصحية والتعليمية بالمناطق الأكثر احتياجاً، وذلك إيماناً منه بأهمية تدعيم قطاعى الصحة والتعليم، لدورهما فى تنشئة فرد صالح لمجتمعه، يمتلك القدرة على الإنتاج والتطوير، فقد أسهم الاتحاد فى تمويل شراء الأجهزة العلمية، والطبية، والأدوية ذات السعر المرتفع للكثير من المستشفيات، والعمل على دعم نظام الرعاية الصحية والاجتماعية للعاملين بوزارة التربية والتعليم، والتبرّع لصندوق التكافل الاجتماعى التابع لوزارة التربية والتعليم.

كما قام الاتحاد بتمويل برنامج درجة الماجستير فى إدارة الأعمال المشترك بين جامعتى القاهرة وجورجيا الأمريكية، الذى بلغت قيمته 180 ألف دولار أمريكى، وقام كذلك بالمشاركة فى برامج التنمية الاجتماعية التى ترعاها المنظمات غير الحكومية، التى تسعى إلى تطوير مستوى التكنولوجيا فى مصر.

وبالإضافة إلى هذه الأنشطة، قام الاتحاد بمبادرات مجتمعية أخرى لتطوير القاهرة الخديوية، والحفاظ على تراثها التاريخى، كما عمل الاتحاد على التخفيف من آثار كارثة منطقة الدويقة، ومن آثار تعرّض مصر لحادث الزلزال فى وقت سابق.

"المركزى المصرى" واتحاد البنوك يقضيان على أسلوب "الجزر المنعزلة" فى دعم المجتمع.. ويقودان تكاملاً مصرفياً لدعم أهداف الدولة للتنمية المستدامة والقضاء على مثلث "الفقر والجهل والمرض"

وتأتى جهود اتحاد بنوك مصر فى دعم مشروعات تنمية المجتمع، فى ضوء توجه عام يقوده البنك المركزى المصرى، تحت رئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزى، الذى قام بتأسيس وحدة للمسئولية المجتمعية لأول مرة فى 2015، تتولى إدارتها لميس نجم، أول مستشار لمحافظ البنك المركزى للمسئولية المجتمعية، وذلك بهدف تعزيز المساهمات المجتمعية للقطاع المصرفى، باعتباره أقوى القطاعات الاقتصادية، التى وضعت بصمتها فى مجال المسئولية المجتمعية، حيث تمكنت الوحدة الجديدة من رفع مساهمة البنوك فى تنمية المجتمع من 345.4 مليون جنيه خلال عام 2014، لتصل إلى 2.3 مليار جنيه سنوياً.

ويُدير البنك المركزى ملف المسئولية المجتمعية فى القطاع المصرفى بشكل مختلف، بما يمكنه من الوصول إلى نتائج إيجابية على أرض الواقع، حيث يقوم بعقد اجتماعات مع المحافظين لمناقشة احتياجات كل محافظة، وتحديد الأولويات، وفقاً لمتطلبات المواطن، ومن ثم يتخذ قرار ضخ الموارد فى القطاعات المجتمعية المختلفة، كما أنه يضع بعض الملفات التى تمس المواطن بشكل مباشر على رأس أولوياته، مثل الصحة وتنمية المناطق الفقيرة والتكافل الاجتماعى.

من جانب آخر، تقوم معظم البنوك العاملة بالقطاع المصرفى المصرى بتبنى الكثير من المبادرات المجتمعية، التى تبتعد كل البعد عن «الشو الإعلامى»، وتهدف بكل جد إلى إفادة المجتمع بكل شرائحه، والذى يمتد أثره إلى مختلف القطاعات، سواء الصحية أو التعليمية أو التكافلية، وهو ما يبرز الدور الكبير الذى يقوم به المخولون عن برامج المسئولية المجتمعية داخل البنوك.

وفى النهاية، أرى أن التكتلات التى يقوم بها كل من البنك المركزى المصرى واتحاد بنوك مصر، هى المكسب الحقيقى، الذى ينتج لمصر مشروعات ذات تأثير مباشر على المواطن المصرى، وتقودنا بشكل أو بآخر إلى طريق التنمية المستدامة الذى تعكف القيادة السياسية ومختلف أركان الدولة لتحقيق تقدم كبير فيه، وذلك بما يتماشى مع استراتيجية مصر 2030، والحلم المصرى فى التقدم والتنمية.


مواضيع متعلقة