فاروق الباز يكشف في حواره لـ"الوطن" كواليس مشواره العلمي من بدايته حتى تكريم ناسا

كتب: عبدالله مجدي

فاروق الباز يكشف في حواره لـ"الوطن" كواليس مشواره العلمي من بدايته حتى تكريم ناسا

فاروق الباز يكشف في حواره لـ"الوطن" كواليس مشواره العلمي من بدايته حتى تكريم ناسا

نجاحاته العلمية سبب في أن يصل إلى مكانة عالمية لم يصل إليها أي عالم آخر، فهو قيمة عليمة عالية واسعة في علوم الفضاء، إذ عمل مع وكالة "ناسا" وساعد في اكتشاف العديد من الكواكب وتحديد أفضل الأماكن لهبوط رواد الفضاء على سطح القمر، كل هذه الإنجازات كانت سببا في إطلاق الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء "ناسا" اسمه على أحد الكويكبات الجديدة المكتشفة تقديرا لمجهوداته وتاريخه العملي.

العالم المصري الدكتور فاروق الباز، أول عالم يطلق اسمه على أحد الكويكبات، إذ عمل مع وكالة "ناسا" ضمن برنامج التخطيط لاستكشاف القمر جيولوجيًا واختيار مواقع الهبوط لبعثات "أبولو" .. إنه مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية.

"الوطن"، حاورت العالم المصري الدكتور فاروق الباز، وتحدث عن مشواره العلمي حتي وصل إلى هذه المكانة، وأبرز التحديات التي واجهته، وكشف عن جانب آخر من حياته بعيدا عن المجال العلمي، وفيما يلي نص الحوار:

الباز: إطلاق ناسا لاسمي على أحد الكويكبات تكريم خالد.. وكان مفاجأة

*حدثنا عن شعورك حينما علمت بإطلاق "ناسا" اسمك على أحد الكويكبات المكتشفة حديثا؟ وهل كنت تعلم قبلها بهذا القرار أم كان مفاجأة لك؟

سعدت كثيرا بتكريم الاتحاد العالمي لعلوم الفلك بتكريمي، وتسمية كويكب على اسمي، لأن هذا تكريم يظل خالدا مع اسمي إلى الأبد، كما أنه من مؤسسة علمية عالمية.

فكان التكريم مفاجأة جميلة لأنني لم أكن أعرف أنني سأنالها، كما أنني لم أتوقع الحصول عليها في يوم من الأيام على الإطلاق.

* ماذا عن ذكرياتك في تحديد أماكن هبوط الإنسان على سطح الأرض عام 1967؟

كانت وظيفتي حينها هي سكرتير عام للجنة اختيار موقع الهبوط على سطح القمر، والتي كانت تتكون من أعظم خبراء أمريكا في هذا المجال، وقمنا باختيار مواقع الهبوط لـ6 رحلات على سطح القمر، كان أول هذه الرحلات "أبوللو 11"، والتي انطلقت في شهر يوليو عام 1969، وآخر هذه الرحلات "أبوللو 17"، والتي انطلقت إلى القمر في ديسمبر عام 1972.

*وما شعورك عندما وضع أول رائد فضاء قدمه على سطح القمر وأنت لك الفضل في ذلك؟

كان إحساسا عظيما، حيث شعرت حينها بالفخر والراحة والاطمئنان بوضع رائد الفضاء "نيل أرمسترونج" قدمه على سطح القمر، لأن ذلك دل على حسن اختيارنا لمواقع الهبوط، وأننا طوال الفترة الماضية كنا نعمل بشكل صيحح، وبالتالي سنفكر في الفترة المقبلة للتطوير وليس للبدء من جديد.

* ما شعورك عند هبوط أول رائد فضاء على سطح القمر؟ وكيف استطعت تحديد هذا المكان عام 1967، وكيف كنت تقضي عملك حينها؟

تم اختيار الموقع بعد دراسة مستفيضة لما يقرب من ألفي صورة كانت قد اتخذت لسطح القمر في رحلات لسفن فضاء غير مأهولة وذلك بواسطة برنامج اسمه "لونار أوربتار"، واخترنا 5 مواقع على سطح القمر يمكن الهبوط عليها في أول الأمر، وتم إقلاع الصاروخ من قاعدة كينيدي وهبط الرواد على الموقع رقم 2 من جهة الشرق، وتمت عملية الهبوط بنجاح دون أي عوائق.

الباز: بداية الطريق العلمي المعاصر في الوطن العربي هو إصلاح التعليم

* كيف ترى ترتيب الأولويات وفقًا لأولوية الاحتياجات في الدول العربية للنهوض واللحاق بالركب العالمي المعاصر؟

أرى أن الأولوية الأولى هي إصلاح التعليم الذي تدهورت أحواله في معظم الدول العربية، وبتطور التعليم ستطور المنظومة البحثية والعملية، وعقب تطوير التعليم والمنظومة البحثية سنجد أنفسنا على الطريق العلمي المعاصر.

الخبير الدولى بعلوم الفضاء: "ممر التنمية" يفتح آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري

* ماذا عن مشروع ممر التنمية الذي تحدثت عنه مع الرئيس السيسي؟ ومتى سيُنفذ هذا المشروع؟

مشروع ممر التنمية يهدف إلى ازدياد الحياة في غرب النيل والدلتا بأكثر من 10 ملايين فدان، وذلك للزراعة والصناعة والمعيشة التامة، وهو من المشروعات التي ستساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية المصرية، حيث يفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تصل إلى 2000 كيلو متر.

كان المشروع من ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث وصفه الرئيس بأنه "يؤمن بصلاحياته إنقاذ مصر"، لم يتم حتى الآن وضع خطة للبدء فيه، والمشروع تكلفته مرتفعة جدا.

* كيف يمكن الاستفادة من العلماء المصريين في الخارج؟ وماذا تقترح لتفعيل دورهم للمساهمة في خدمة مصر؟

السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة تقوم بدور فعال في دعم المصريين بالخارج وتفعيل دورهم، للمساهمة في خدمة الوطن، فهي على تواصل مستمر معهم، ويتواجدون دائما في المؤتمرات والمحافل الدولية.

* ما نصيحتك للجامعات المصرية لتلحق بركب الجامعات التي دخلت في قائمة أفضل جامعات العالم؟

أرى أنه على مجلس الجامعات المصرية أن يعود إلى ما كانت عليه في الماضي، فكانت تمثل العلم الحقيقي والدور الفعال في رفعة المعرفة للطلاب خلال دراستهم الجامعية، وأن يتم الاهتمام بالواسائل التكنولوجية المتطورة في العملية التعليمية.

الباز لشباب مصر: العلم والمعرفة هما سلاح الحياة وسبب التفوق

* ما الرسالة التي تحب أن توجهها للشباب المصريين من العلماء؟ وما نصحيتك لهم للنجاح في الحياة العملية؟

أود أن أقول لشباب مصر إنه يجب الاعتماد على نفسه ويجمع أكبر قدر ممكن من العلم والمعرفة طوال حياته، لأن العلم والمعرفة هما السلاح الذي يؤمن نجاح الحياة وهما أيضا سبب التفوق والتميز في الحياة العملية.

* ما الأبحاث التي تعمل عليها حاليا؟

في الفترة الحالية أنا لا أقدم أبحاثا، فلقد تقاعدت وتكفيني مراجعة نتائج أبحاث زملائي الشباب، فهم من يقدم الأبحاث حاليا.

*في رأيك... ما الإنجاز الذي تعتبره الأحب لنفسك بين كل إسهاماتك في عالم الفضاء؟

الإنجاز الأحب إلى قلبي هو الكشف عن المياه الجوفية في جنوب وغرب الصحراء الغربية في منطقة تسمى "شرق العوينات"، فهو من المشروعات المهمة، ومن هذه المنطقة يتم ري ثلث الغذاء المستخدم في مصر حاليا.

* ذكرت في تصريحات سابقة لك أنك عشت سنة كاملة مع زوجتك وأبنائك "من غير ولا مليم".. ما ملابسات تلك الأيام؟

نعم حدث، فبعد عودتي من الخارج وأنا حاصل على شهادة الدكتوراه في الجيولوجيا، قيل لي أن أدرس الكيمياء في المعهد العالي بمحافظة السويس، ولأن كل الجامعات كانت تحتاج إلى من يدرس الجيولوجيا الاقتصادية وهي شهادتي لم أقبل بتدريس الكيمياء لأنني لم أتخصص فيها.

ورفضت الوزارة تعييني، وتمسكت في أن أعمل في تخصصي، وبقيت دون عمل أو راتب لعام كامل.

*"اجعل ولاءك لمهنتك"، واحدة من أشهر مقولاتك، أخبرنا كيف ترى ولاء المهنة؟

"ولاؤك لمهنتك"، هي المقولة التي أسير عليها إلى يومنا هذا، واعتبر أن هذا سبب النجاح في أي عمل، فلا يصح الولاء للوطن دون الولاء للمهنة أولا، فيجب الإخلاص للمهنة بكل قوة فهي السبيل للتفوق والمكانة الرفيعة بالمجتمع.

الباز: كلام الشيخ كشك عن طلبي من رواد الفضاء أن يقولوا "السلام عليكم يا أهل الأرض" هو "خلل ديني"

*في أحد خطابات الشيخ كشك قال إنك كنت تخبر رواد الفضاء قبل انطلاق المركبة إذا صعدوا على القمر أن يقولوا "السلام عليكم يا أهل الأرض"، وإذا مررتم بأرض الحجاز فقولوا "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، هل كان ذلك يحدث فعلا؟ وأخبرنا أكثر عن كواليس هذه القصة، وهل كان يتقبلها العلماء الأجانب وينفذونها؟

هذا خلل ديني، لأن الأديان ليس لها دخل في هذا الموضوع، الحقيقة أنني قد علمت أحد رواد الفضاء في رحلة "أبوللو 15"، واسمه "آل وردن"، أن يهدي تحية للعالم باللغة العربية، حيث قال "مرحبا أهل الأرض.. من إنديفر إليكم سلام"، وإنديفر Endeavor"، هو اسم سفينة الفضاء التي كان يستقلها حينها.

* كتبت في 12 ديسمبر 2016 على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) "نحتاج في مصر إلى إقصاء الخطاب الذي يدعو لهدم النسيج المصري باسم الإسلام"، وفي 9 أبريل 2017 كتبت أيضا أن "علينا جميعا أن نعمل سويا لإصلاح الخطاب الديني ودعم المواطنة الصالحة"، هل لا تزال عند رأيك أن الخطاب الديني في مصر بحاجة إلى تجديد؟ وما التجديد الذي تراه مطلوبا؟

نعم، أعتقد أن الخطاب الديني يلزمه التجديد والوضوح بأن الدين لله، يولد كل إنسان في داخل دين معين وهذه حكمة الخالق، وليس لنا في أن نعادي أحدا لأنه في دين مخالف لديننا.

الباز: أمارس الرياضة منذ صغري بدأت بالملاكمة والآن السباحة

*نود أن نتعرف أكثر على بعض الملامح الأخرى من حياتك.. من المطرب الذي تحب الاستماع له؟

أنا من جيل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ففي أيام الجامعة كنت أحتفظ بكل "القروش" التي كانت بحوزتي للذهاب لحفلات أم كلثوم، وأحجز تذكرة "الترسوا"، وكانت حينها بمبلغ جنيها واحد.

*وما الرياضة التي تتصدر اهتماماتك سواء بالممارسة أو المشاهدة؟

أنا أهوى ممارسة الرياضة، فالآن أهتم بالسباحة والسير، ولكن في الصغر كنت أهوى رياضة كرة القدم والهوكي وكذلك الملاكمة، فقد كنت رياضيا منذ الصغر.

*هل هناك فريق كروي تعتبر أنك من مشجعيه؟

بالطبع لدي فريقي المفضل الذي أحرص على متابعة مبارياته.. ولكن اسمه سر أحتفظ به.


مواضيع متعلقة