أطفال "زرايب 15 مايو" زهور منسية فى تلال القمامة

أطفال "زرايب 15 مايو" زهور منسية فى تلال القمامة
- حلوان
- تلال القمامة
- القمامة
- المخلفات
- زرايب 15 مايو
- 15 مايون
- وزارة البيئة
- صندوق تطوير العشوائيات
- حلوان
- تلال القمامة
- القمامة
- المخلفات
- زرايب 15 مايو
- 15 مايون
- وزارة البيئة
- صندوق تطوير العشوائيات
عقارب الساعة تشير إلى الرابعة فجراً، يُسرع «إسلام» ذو الثمانية أعوام لارتداء كنزه الثمين القابع بجوار بضع قطع مهترئة التى كانت ملبسه الوحيد صيفاً وشتاء، تلك القطع عثر عليها منذ أيام فى قمامة منزل ميسور الحال بإحدى ضواحى حلوان الراقية التى يجمع منها القمامة بشكل دورى، وكانت غنيمته بمثابة الكنز الذى يحميه من نظرات وكلمات تنزل كالسياط عليه من زملائه ومدرسيه فى مدرسة يقطع 7 كيلومترات يومياً للوصول إليها، محملاً بالغبار والأوساخ بعد ساعات من عمل شاق فى جمع وفرز القمامة.
«أنتم أبناء الزبالين وعليكم تنظيف المدرسة تلك مهنتكم»، تلك الكلمات يستقبلها «إسلام» داخل المدرسة التى عزم على تركها فى أقرب فرصة حالماً بالعودة فى ملابس كتلك التى عثر عليها والتى ستقيه برودة شتاء لطالما دعا الله أن يتأخر حتى لا يغرق منزلهم بمنطقة «زرايب 15 مايو» من أمطار وسيول لا ترحمهم حصيلة ما جمعوه طوال العام من أثاث وأوانٍ بالية، أو اشتروه بعد عناء وحسابات لما ادخروا من جنيهاتهم القليلة التى يحصلون عليها من مساكن لا يرون أصحابها وإن كانوا يعرفونهم من قمامتهم الملقاة يوماً بعد يوم أمام منازلهم.
ما إن ينقطع الطريق وينتهى العمار وفى أحضان الجبل طريق غير ممهد عليه لافتة تحمل كلمات «مبارك شعبى مصر، منطقة الماء الحى مدخل الزرايب»، يلفت انتباهك فتاتان لا تتجاوزان الـ16 من العمر، إحداهما يظهر عليها علامات حمل أرهق وجهها، حتى تبدو كأنها سيدة عجوز، وطفل يحمل لعبته التى عثر عليها فى القمامة بالرغم من أنها دمية فتاة بلا ملابس، ولكنها كانت كفيلة لجعله يشعر بأنه مثل أقرانه من حقه أن يمتلك دمية.. يسرعون فى اللحاق بعربة نصف نقل متجهة لمنطقتهم لتفريغ القمامة، توقفت لهم بعد نحو ساعة من عناء الانتظار، بدلاً من السير على الأقدام فى رحلة تستغرقهم 4 ساعات للوصول لأقرب مركز صحى، بعدما أصيب «أبانوب» وهو يبحث عن دميته بين القمامة بشظايا من الزجاج، وكان على «مريم» والدته أن تسارع به لقطب الجرح قبل أن يلقى ابنها مصير شقيقها الذى أتت عليه العدوى التى التقطها من القمامة وأصابت كبده جراء إبرة طبية غرست فى يده من مخلفات طبية، وقضى عليه المرض ليرحل قبل أن يتجاوز العشرين، ورغم الألم يتمسك أبانوب بدميته حالماً بدمية خارقة تنقله لعالم من الأحلام، بأن يكون بطلاً خارقاً يطير بعيداً عن القمامة لعالم برائحة الزهور فعلاً وليس اسماً فقط، مثل منطقته التى يعيش فيها والمسماة للمفارقة «مدينة الزهور».
فى رحلة الوصول إلى مدينة الزهور، التى لا علاقة لها باسمها، فروائح القمامة والمخلفات المتحللة تستقبلك من على بعد كيلومتر، وتعجز أمامها كل محاولات القضاء عليها، ووسط عربة القمامة المعاد تدويرها التى استقللناها للوصول لمنطقتهم، كنا نظن أن تلك ستكون أسوأ ما فى الرحلة قبل أن نكتشف أن الأسوأ لم يأت بعد، لم تكن مأساة «مريم» هى المأساة الوحيدة، فمأساة «إيمان» كادت تقضى على حياتها، فالفتاة التى استيقظت يوماً ببلدتها على خبر رحيل والدها عامل التراحيل فى حادث سقوطه من بناية وعائل الأسرة المكونة من 7 شقيقات، ولم تمر سوى أيام ليتقدم لزواجها ابن عمها الذى غادر الفيوم منذ سنين طويلة ولا تعرف عنه سوى أنه يعمل فى القاهرة ولديه منزل هناك، إلا أنها لم تكن تعى ما ينتظرها، تقول: «بعد ليلة فرح كنت فيه كالأميرة فى الرداء الأبيض اصطحبنى عمى وزوجى للزرايب لأكتشف أن نصيبى غرفة بلا كهرباء تعزلنا عن العراء وعن أشقاء زوجى الخمسة بمفرش بلاستيكى، منزل بلا دورة مياه نقضى حاجتنا فى الجبل أو بجوار أسرتنا المتهالكة فى برد الشتاء القارس خشية تتبعنا من هجامين ومدمنى مخدرات وبلطجية يظهرون ليلاً، وبعد عام من الزواج كنت فى انتظار طفلى الأول الذى لم يكتب له النجاة ليموت فى بطنى ويبدأ الفصل الثانى من المأساة، حملت نفسى وأنا أنزف حتى وصلت للمركز الصحى للولادة وهناك اكتشفت موت جنينى ورفض المركز إجراء عملية فتح البطن لإخراج الجنين المتوفى لعدم جاهزيته، لنبدأ رحلة بين المستشفيات كادت تقضى علىّ، وها أنا حامل بعد أقل من عام فى طفلى الثانى وأخشى ما أخشاه أن ألقى نفس المصير ولكن تلك المرة ستكون نهايتى».
وصلنا لوجهتنا داخل منطقة «زرايب 15 مايو» لتكون محطتنا غرفة من الطوب الأبيض بلا أسقف ولا نوافذ، وبالطبع بلا كهرباء ولا ماء، مثل 800 منزل آخر بالمنطقة التى تحيطها القمامة من كل جانب وتنبعث من جنباتها الروائح الكريهة الناتجة من مخلفات القمامة العضوية ومن الخنازير التى تعيش جنباً إلى جنب مع أطفال وسيدات يقضون حاجتهم بجوار موضع نومهم، وبقايا أثاث يتوسط أطناناً من القمامة التى تم تفريغها لدى «قمر»، ولها من اسمها نصيب فلا يزال على وجهها مسحة جمال أتت عليها هموم الزمن، فالسيدة الخمسينية التى أنجبت 5 بنات وولداً ظنت أنه سيكون سندها فى الدنيا إلا أنه ولد بعلة لم تعها لجهلها حتى تفاقمت حالته، يأتى مسرعاً نحونا وهو يصرخ فيما يبدو أنه مريض توحد، وبعد محاولات لتهدئته تواصل الأم الحديث: «ينام ابنى عماد فى أى مكان يحلو له وسط القمامة، ويقضى حاجته وسط الخنازير التى صادقها، لا أتذكر متى آخر مرة لامست المياه جسده، فأنا سيدة عليلة والمياه حتى فترة قريبة كانت تأتى لنا فى سيارات تشبه سيارات سحب الصرف الصحى، نعيش على البرميل منها لأسبوع وأسبوعين، وحتى تلك المياه أصبحت رفاهية، فكل دخلى من فرز أطنان القمامة التى تبدأ مع الساعة الخامسة يومياً لا يتجاوز 200 جنيه»، واختتمت حديثها «إذا ما حدث لى شىء لا أعرف ما سيكون مصير ابنى، له الله».
على مقربة استقبلتنا «منى» بكلمة لم تكف عن ترديدها «احنا ولاد ناس وأنا راضية بنصيبى الحمد لله»، لتتابع: أعيش هنا منذ 25 عاماً أنجبت خلالها «أندرو» و«كرولس» و«مريم»، ذقت الأمرين، فمنزلى فى حضن الجبل تتناوبنا الثعابين والعقارب صيفاً والأمطار والسيول شتاء، وفى الوقت الذى يلجأ فيه الجميع من الأمطار لبيوتهم ليناموا مطمئنين نقضى ليالينا تحت الأمطار التى تحاصرنا من كل مكان ولا نجد لنا ملجأ، فأسرنا بكاملها تعيش هنا، حتى إن منزلى غرق 3 مرات هذا الشهر، ولجأ أبنائى للكنيسة ليبيتوا ليلتهم. تصمت قليلاً قبل أن تتابع «أحلم بأن يكون مصير أبنائى أفضل منى، ألحقتهم بمدارس أملاً أن أرى مريم معلمة تنتشلنا بعلمها، وأندرو مهندساً يبنى لى منزلاً بلا قمامة «بس حتى الحلم ده شكله مستحيل»، قالت منى وهى تغالب دموعها «ولادى رجعوا لى من يومين منهارين من البكاء، المدرسين طلعوهم من الحصص وقالوا لهم اكنسوا، انتم ولاد الزبالين».
جلست تفرز حصتها اليومية من القمامة التى تتوسط المنزل، ممسكة بوجبة من أحد المطاعم الشهيرة عثرت عليها أثناء الفرز لتضعها جانباً بشكل أوتوماتيكى بجوار إناء من الخضراوات بمحل الفرز ليشكلا معاً وجبتها وأبنائها، تضيف «لم نعد نجد خيراً كثيراً بالقمامة كما كنا نجد منذ سنوات، فيبدو أن ارتفاع الأسعار ألقى بظلاله على القمامة، لم نعد نجد خبزاً أو طعاماً وأصبح العثور على ملاعق وأوان معدنية أمل من يفرزون القمامة، وأغلى ما عثرت عليه بضعة جنيهات يبدو أنها سقطت من طفل، وننتظر الأعياد بما تجود به المخلفات، لذا نحن فى انتظار نهاية العام لا لنحتفل مثل الآلاف ممن ينتظرون عاماً جديداً بفارغ الصبر، فنحن الأيام بالنسبة لنا زيادة حزن وهم ولكن ننتظر خيراتها من معلبات وكرتون وزينة بمثابة كنز لنا».
تلتقط جارتها ابتسام أطراف الحديث، بعد أن تركت فرز القمامة وتجنيب الحفاضات، واتجهت لإعداد طعام الغداء ممسكة بالقمامة فى يد وفى اليد الأخرى أوانى الطهى والخضار، ومن قارورة تحوى سائلاً، قالت إنه ماء ذو لون أصفر، شرعت فى إعداد كوب من الشاى كنوع من كرم الضيافة لنا «ألفنا القمامة وأصبحت صديقتنا ولا نخشاها، فخطرها أقل الأخطار، ونحن اكتسبنا مناعة ضد مخاطرها فلا الغرز التى أصبحت تملأ أيدينا من الزجاج تخيفنا ولا دماؤنا التى تتصفى يوماً بعد يوم وحتى الحرائق التى تشتعل من تخمر القمامة ومحاولات البعض التخلص مما يتبقى من قمامة عجزوا عن التخلص منها من طعام وحفاضات، وكان آخر تلك الحرائق من شهور راح ضحيتها ابن شقيقى ذو العامين، الذى تفحم تماماً، كل ذلك تعايشنا معه وأصبحنا نتعامل معه باعتباره قضاء وقدراً، حتى إننى أعانى من علة فى عينى اليمنى، نتيجة عقر حيوان شرس نزل علينا من الجبل وعقر ابنى وأخذه بين فكيه، وبدأ فى الهروب به تجاه الجبل وفشلت محاولاتى لجعله يلقيه، فقررت التعامل معه لإجباره على ترك طفلى ونجحت، ولكنه ترك ابنى وقام بنهش وجهى مما أثر على عظمة العين، وأجريت عدة عمليات بها ولا تزال تاركة ندوبها على وجهى، كل هذا أمر اعتدناه، أما ما لم نستطع التعامل معه فهى محاولات البعض المستميتة لإخراجنا من منازلنا بحجة أن وجودنا يؤثر بالسلب على سكان 15 مايو، بالرغم من أننا ننظف منازلهم من مخلفاتهم، وبالرغم من أن امتدادهم العمرانى هو من تعدى على منطقتنا ورفضت الحكومة توفيق أوضاعنا وتمليكنا الأرض، بالرغم من أننا نعيش هنا منذ 25 عاماً، ولا نعرف لنا مكاناً آخر، وحين تحركت الحكومة قاموا بنقلنا لمنطقة المحاجر لنستيقظ صباحاً ونحن مغطون تماماً بالجير والأسمنت كأشباح بيضاء ولتزداد أمراض أبنائنا بأمراض صدرية ونقرر جميعاً العودة للزرايب من جديد».
جمعية "راعي": لن تستطيع المؤسسات الخيرية وحدها أن تفي بمتطلبات المنطقة
«المنطقة يعيش فيها نحو 750 أسرة بواقع 3500 نسمة تحت خط الفقر بمراحل، وكأنها منطقة غير موجودة بمصر»، وفقاً للمستشار أمير رمزى، رئيس مجلس أمناء جمعية راعى مصر للتنمية العاملة بمنطقة زرايب 15 مايو، مضيفاً: «لن تستطيع المؤسسات الخيرية وحدها أن تفى باحتياجات هذه المنطقة، بل هى بحاجة إلى تدخل عاجل من الدولة، فكل أسرة تعيش فى غرفة واحدة والكثير من المنازل مسقوفة بالبطاطين والأكياس، وهى منطقة تفتقر لكل قواعد الإنسانية، ولديهم مشاكل كثيرة لعدم وجود مدارس بالقرب منهم، فيضطر الأبناء إلى السير لمسافات طويلة لأقرب مدرسة، ومهما نحاول رعايتهم يكونون أقل من رفاقهم فى المدرسة، فهم موصومون بالقمامة»، وتابع رمزى: «هناك حالات تعجز الكلمات عن وصفها، فمن فتاة مغتصبة تخلى عنها أهلها، لعائل مات بعد إصابته بالفشل الكلوى وعجزه عن إيجاد مركز غسيل كلوى، لعائلات تأكل من القمامة وتنام على المخلفات وفقدت كل الحواس الآدمية، وغيرها العشرات من الحالات، والمؤسسة بحاجة إلى مساعدة الدولة بإمكانياتها لتستطيع توفير أبسط متطلبات الحياة مثل الكهرباء، والمياه، والصرف الصحى، ورصف الشوارع، وفى دراسة جدوى عن المنطقة وجدنا أننا بحاجة إلى عشرات الملايين، كما يصعب نقلهم لمكان آخر، لأن أعمالهم مرتبطة بالمنطقة، ومنذ فترة تدخلت الدولة لإنقاذ المنطقة من السيول بإنشاء مخرات، وهذا يعنى أن الدولة على علم بما تعانيه هذه المنطقة من تدنٍ فى مستوى المعيشة، وتدخلت بعض المساعدات لبناء مركز صحى وحضانة، لكن المركز الصحى لا يعمل لعدم جاهزيته، والمطلوب من الدولة مساعدتهم لتغيير حياتهم للأفضل على غرار ما فعلته بالمناطق العشوائية الأخرى، والمؤسسة مستعدة للتعاون مع الدولة لإنقاذ المنطقة».
نقيب الزبالين: الأهالي يطالبون بالتطوير مثل مناطق المدابغ وتل العقارب
شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، أطلعنا على الإحصائية الخاصة بمنطقة زرايب مايو، التى أعدتها وزارة البيئة بالتعاون مع نقابة الزبالين، والتى كشفت أن المنطقة يسكنها حوالى 3500 نسمة، يخرج منها نحو 4 آلاف طن من القمامة يومياً تجمع من منازل مايو وطرة وطرة البلد وحلوان والتبين، يتم فرزها بالزرايب ونقلها لتنضم لـ14 ألف طن أخرى يتم جمعها من 5 مناطق لجمع القمامة خاصة بالزبالين فى القاهرة الكبرى، أهمها منشية ناصر، والخصوص فى القليوبية، والوحدة الوطنية أمام سجن طرة، وخلف مدافن ١٥ مايو، وأرض اللواء المعتمدية، والبراجيل فى إمبابة، حيث يتم جمع القمامة من الوحدات السكنية والمنشآت السياحية والمستشفيات، تضم ٨ آلاف طن يعاد تدويرها مرة أخرى، تتمثل فى الزجاج والكرتون والكانز والورق والبلاستيك بأنواعه، كما أن هناك ٣٠٠ نوع مختلف من البلاستيك يفرز ويصنف كل منها على حدة، و٦ آلاف طن بقايا طعام ومواد عضوية تلتهمها الخنازير، و٢٠٠٠ طن من المواد التى لا تصلح لإعادة التدوير يتم ترحيلها إلى المقالب العضوية لدفنها وطمرها فى الأرض، ويؤكد نقيب الزبالين أن طن الزبالة يوفر ١١ فرصة عمل، وأن ما يقوم به جامعو القمامة من إعادة تدوير يوفر سنوياً 50 مليون دولار على الدولة من استيراد المواد الخام من الخارج، ومن حق أهالى زرايب مايو أن تتم معاملتهم بشكل آدمى وسيكونون فى المقدمة مثلما حدث مع المدابغ عند نقلها وعمل مدينة نموذجية للمدابغ، ومثلما حدث مع تل العقارب، مضيفاً: «منطقة الزرايب فى حاجة ماسة للتطور وتوصيل المياه والكهرباء والخدمات».
رحلتنا لم تنته عند هذا الحد، حاولنا البحث فى قواعد بيانات وزارتى التضامن والصحة بعد رفض الجهتين الكشف عن أسباب عدم إدراج أهالى المنطقة ضمن قوائم برامج التكافل الاجتماعى والمعاشات والقوافل الصحية، لنكتشف أنه لا وجود لأهالى المنطقة على قاعدة البيانات، نظراً لأنها منطقة عشوائية حديثة، والأمر لا يتخطى بضعة طلبات للحصول على معاشات لم يبت فى أمرها بعد.
مدير صندوق العشوائيات: نجهز مشروعاً ضخماً سيتكلف 120 مليون جنيه.. وبنهاية 2020 ستكون المنطقة نموذجية
حملنا هموم أهل الزرايب ومشكلاتهم وتوجهنا لصندوق تطوير العشوائيات، المكلف طبقاً للقرار الجمهورى رقم 305 لسنة 2008 بحصر وتصنيف المناطق العشوائية وبإصدار الخريطة القومية لحصر وتصنيف المناطق غير الآمنة على مستوى محافظات الجمهورية، كما يقوم بإعداد الخريطة القومية لحصر الأسواق العشوائية، بالإضافة إلى حصر المناطق غير المخططة على المستوى القومى وإعادة تأهيل المناطق ورفع كفاءة المنازل وإدخال الخدمات للمناطق العشوائية، حيث استقبلنا المهندس خالد صدقى، المدير التنفيذى للصندوق، ليفاجئنا بقوله إن تلك المنطقة غير موجودة على خريطة المجتمعات العمرانية، حيث اختلقت تلك العشوائية حديثاً، لذا لم يتوافر لها أى خدمات من صحة لتعليم أو حتى كهرباء وصرف صحى، وأغلب الخدمات تقوم بها الكنيسة منفردة.
واستطرد: بدأنا العمل فى تلك المنطقة من خلال دراسة الحالات والمنطقة، وعقدنا عدداً من الجلسات لبحث مطالبهم، وكان فى مقدمة أولوياتنا درء الخطورة، حيث أقيمت تلك المنطقة العشوائية فى موقع مخر سيول، لذا قمنا بعمل ممرات وحواجز لحمايتهم، والمشكلة الأكبر أن تلك أرض متعدى عليها، لذا لا نستطيع وضع حلول مؤقتة وإنشاء مدارس ومستشفيات وتمليكهم للأرض دون الرجوع للمجتمعات العمرانية وهو ما نقوم به حالياً، ومن ثم سنقوم بمشروع ضخم للمنطقة سيتكلف 120 مليون جنيه من ميزانية الصندوق، وآمل بنهاية 2020 أن تكون تلك المنطقة نموذجية بعمارات تشعرهم بآدميتهم وإنسانيتهم، وأضاف: «ستحوى المدينة منطقة صناعية نموذجية لإعادة التدوير بعيداً عن منازلهم، كما سننشئ مدارس ومراكز صحية، وأملنا فقط أن يبقى الحال على ما هو عليه، لحين البدء فى المشروع، حيث يقوم الأهالى بتغيير خريطة المكان ببنائهم المزيد من المساكن العشوائية، ما يدفعنا لإعادة الدراسات لعمل مخطط جديد يتماشى مع البناء العشوائى».
يقول الخبير البيئى عبدالله الإتربى إنه طبقاً لدراسة أجرتها جامعة عين شمس عن الوضع البيئى لـ15 مايو وحلوان فإن 58% من المخلفات الصلبة الناتجة عن منطقة زرايب مايو يتم التخلص منها بإلقائها فى المكبات المحيطة، ويشكل وجودها، مع عدم وجود تخلل للشمس بشكل كاف، قنبلة موقوتة صحياً وبيئياً، كما تقع الزرايب ضمن نطاق المناطق المهددة للحياة وهى المناطق الواقعة فى إطار المخاطر الجيولوجية أو فى مخرات السيول أو داخل حرم السكة الحديد، وينحصر التعامل مع هذه المناطق فى ضرورة نقل السكان إلى وحدات سكنية متاحة لدى الدولة، وأضاف: هناك من تجار القمامة والخردة من يحارب لبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث يقومون بشراء المخلفات الصلبة بأسعار بخسة ليعيدوا تدويرها وتصديرها بالملايين، ويتم إلقاء الفتات لأهالى المنطقة، فلكم أن تعرفوا أن الكيلو لا يتجاوز سعره فى الزرايب الـ50 قرشاً فى حين قد يصل عند إعادة تدويره لـ50 جنيهاً.
"البيئة": أجرينا دراسة لإقامة منطقة صناعية لإعادة التدوير وسنطرحها للاستثمار
وقالت ناهد يوسف، رئيس جهاز المخلفات التابع لوزارة البيئة: «تم اتخاذ إجراءات بالتعاون مع وزارة الصحة لوقف أحد المصانع التى تقوم بحرق المخلفات الطبية، أما المصنع الآخر فقام بتوفيق أوضاعه، والمصانع تم ربطها بشبكة الرصد البيئى»، وأضافت: «أما فيما يخص العاملين فى القمامة بمنطقة الزرايب فالمنطقة الصناعية لإعادة التدوير مفتوحة لهم لإعادة تدوير ما يقومون بفرزه، ومن جانبنا اجتمعنا بالأهالى وقمنا بتوعيتهم بمخاطر حرق القمامة، كما قمنا بعمل دراسة لإقامة منطقة صناعية لإعادة التدوير بزرايب مايو وسنطرحها للاستثمار وهو ما سيستغرق بعض الوقت».