أحمد منيب يروي لـ"الوطن" كواليس رحلته من عزف الشارع حتى أكبر صالات ألمانيا (حوار)

كتب: عبدالرحمن قناوي

أحمد منيب يروي لـ"الوطن" كواليس رحلته من عزف الشارع حتى أكبر صالات ألمانيا (حوار)

أحمد منيب يروي لـ"الوطن" كواليس رحلته من عزف الشارع حتى أكبر صالات ألمانيا (حوار)

لم يتخط عامه الثلاثين بعد، إلا أن العازف الشاب أحمد منيب خاض رحلة طويلة، حقق فيها العديد من الإنجازات وتخطى مجموعة من الصعاب، وقطع بداخلها مجموعة من الرحلات القصيرة السريعة، مصممًا على الوصول بعيدًا في مجاله، وتجديد شغفه دومًا لتحقيق ما يرنو إليه، ليصبح في سنواتٍ قليلة أول مصري وعربي حاصل على رسالتي ماجستير في الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز من جامعة ميونيخ العريقة، وأحد مؤسسي باند "فؤاد ومنيب" الذي حقق شهرة واسعة في مصر، ومؤسس باند آخر في ألمانيا، ويستعد لإطلاق مشروعه الكبير في شهر فبراير المقبل، أوركسترا "فؤاد ومنيب".

رحلة أحمد منيب بدأت منذ عام 2010، حين تخرج في معهد الكونسرفتوار، ليعمل كعازف كمان في أوركسترا أوبرا القاهرة، إلا أن حلمه بالسفر كان المسيطر عليه، لينهي خدمته العسكرية ويقدم في عدة جامعات، من بينها جامعة ميونيخ العريقة التي لم يتوقع على الإطلاق أن يتم قبوله فيها، إلا أن القدر كان حليفه، لتقبله الجامعة التي تضع شروطًا صعبة للالتحاق بها، ليبدأ رحلة صعبة كان من الممكن أن يتفاداها بالاستمرار كعازف في مصر، والذي يرى أنه العمل الذي كان ربما يوفر له دخلًا ماليا جيدا.

منيب: قررت أسيب شغلي وكل حاجة وأدرس المزيكا في ألمانيا.. وكنت بعزف في الشارع عشان مصاريف الجامعة

عن تلك الفترة يتحدث منيب لـ"الوطن" قائلًا: "قررت أخوض التجربة وأعتمد فيها على نفسي.. بعت عربيتي وسافرت ألمانيا عشان أبدأ الرحلة" ليدرس الموسيقى الكلاسيكية، إلا أن أمواله نفدت، ليبدأ في العمل للإنفاق على دراسته، ومن بين الأعمال التي مارسها كان العزف في الشارع، في درجات حرارة ربما تصل إلى 4 تحت الصفر، ليحصل على ماجستير الموسيقى الكلاسيكية، ومن ثم يحصل على ماجستير أخرى في موسيقى الجاز، ليصبح العربي الوحيد الذي جمع بينهما من جامعة ميونيخ.

رحلة منيب الأكاديمية لم تمنعه أو تعطله عن رحلته العملية، فكوّن في عام 2014 دويتو موسيقي مع عازف البيانو محمد فؤاد، وهي مرحلة تشبه المغامرة بالعمل مع مؤلف موسيقي هاوٍ في فرقة تقدم للجمهور عروضًا موسيقية بدون غناء، والتي فسرها منيب قائلًا: "إحنا كأكاديميين بنفتقد الشغف اللي عند الفنانين الهواة، وكنت طول الوقت بتواصل مع فنانين هواة أكتسب منهم الشغف والروح، وفؤاد مش أول تجربة ليا كدة بس هي الأنجح"، فالموسيقى في نظر منيب ليست شيئا جامدا، ولابد من تجديد الشغف والتلقائية دومًا للعاملين بها، وهو ما كان يجده مع الهواة.

الارتجالية والتلقائية وعدم الالتزام بعزف موسيقى كلاسيكية جامدة، أهم ما يميز باند "فؤاد ومنيب"، وهي الصفات التي اكتسبتها موسيقى منيب من دراسته لموسيقى الجاز، والتي أخرجته من قالب الكلاسيكية في الأوبرا، ونقلته إلى عوالم موسيقية استطاع من خلالها عزف قوالب جديدة، امتزجت بروح موسيقى فؤاد، وبساطتها وعدم تعقيدها، وهو المزيج الذي ساعدهم على الاستمرار منذ 5 سنوات وحتى الآن معًا.

باند فؤاد ومنيب تجربة العازف المثالية من أجل تجديد شغفه للموسيقى

رحلة منيب مع فؤاد كانت تحتاج إلى قرار صعب بالتوقف المؤقت من أجل تجديد الدماء "جينا في وقت لقينا نفسنا قدمنا كل حاجة وجبنا ضيوف مختلفين وبقينا نكرر اللي قدمناه عشان مشغولين بالحفلات ومفيش وقت نعمل حاجة جديدة"، ليتخذا قرارًا صعبًا في بداية عام 2019، بالتوقف المؤقت والإعداد لمشروع آخر وجديد، يتمثل في أوركسترا "فؤاد ومنيب"، والذي ينطلق فبراير المقبل بقيادة المايسترو هشام جبر.

رحلة منيب توقفت مؤقتًا مع محمد فؤاد، إلا أنه استكمل رحلته على صعيدٍ آخر، ففي شهر يناير 2019، أسس باند موسيقيا في ألمانيا، وبدأ العزف من خلاله، ليحقق في فترة وجيزة أمورًا كبيرة، وصلت للعزف في حفل توزيع جوائز مهرجان الفيلم الألماني، والذي ألف له مقطوعة مخصصة بناء على طلب المنظمين، كما أنه يخوض جولة منذ عدة أشهر مع أحد أشهر المطربين في ألمانيا، والذي يعزف معه كقائد للأوركسترا وسولويست.

وفي طريق موازٍ كان منير يسير في إصدار أول ألبوم موسيقي خاص به، وهو عبارة عن مجموعة من مؤلفاته، كان أولها منذ 3 أعوام، وبدأها بعد دراسته لموسيقى الجاز، ليصدر الألبوم مؤخرًا، في نهاية عام 2019، والذي يعتبره بداية الانطلاقة الحقيقية له.

لم تكن رحلة منيب الموسيقية مجرد رحلة تقليدية، فالشاب الذي بدأ دراسة الموسيقى الكلاسيكية، انتقل منها لدراسة الجاز، ويمزج بينهما، صانعًا جسرًا موسيقيًا ينقل من خلاله الثقافات، يعزفهما معًا في آنٍ واحد لترنو آذان المستمعين إلى أصواتٍ جديدة، سمعوها من قبل كل على حدة، إلا أن المزيج يجذبها أكثر "الموسيقى الشرقية مميزة في ألحانها اللي بتتحفظ واللي بتعتمد على خط لحني واحد بتعزفه كل الآلات زي اللي بيحصل في أغاني أم كلثوم مثلًا".

منيب: الموسيقى الكلاسيكية بيميزها اللحن والجاز بتقدم بعد تالت والارتجالية مدخل لمزج الاتنين

أما موسيقى الجاز، حسب العازف الشاب، بها خطوط لحنية مختلفة، تتميز بالهارموني أو التناغم، لتمثل ما يعرف بالبعد الثالث للموسيقى، بعيدًا عن الصورة الثنائية التي التي تقدمها الموسيقى الشرقية، إلا أن النوعين يميزهما وجود الارتجال، وهو الخط الذي استخدمه منيب ليصنع مشروعه الخاص والمميز من مزج الموسيقى الشرقية بالجاز "حسيت إني مش عاوز أعزف جاز زي كل الناس ما بتعزف وبقيت أقدم موسيقى جديدة على الودن بتجمع ده وده" وهو التجديد الذي صنع النجاح.

لم يعان منيب كثيرًا في رحلته القصيرة لنشر ما يقوم به من موسيقى جديدة عبارة عن مزيج بين الموسيقى الكلاسيكية والجاز، فالأذن تتجاوب دومًا مع الجديد، طالما كان مميزًا، فاللمحة الغربية التي أضافها للموسيقى الشرقية لاقت رد فعل لم يتوقعه في مصر حين عزفه في إحدى مؤلفاته مع صديقه فؤاد، كما أن اسم الحفل في ألمانيا كان كفيلًا بأن يجعله يعج بالجماهير، التي جاءت لتسمع موسيقى الجاز العربية في  "arabian jazz night".

نجاح الرحلة دومًا ما يحمل في طياته بعض التكاليف، فالعازف الشاب الذي يخوض تحديات كثيرة في وقت واحد لا يعرف في حياته إلا العمل "الموضوع مرهق جدا عشان معنديش غير الشغل" وهو ما أثر كثيرًا على حياته الاجتماعية والعاطفية وعلاقاته الشخصية، كما أنه يصاب بالتشتت كثيرًا بسبب انشغاله بعدة مشروعات موسيقية في نفس الوقت.  


مواضيع متعلقة