"إيدي على كتفك".. عجوز يصطحب حفيده الكفيف للكلية كل يوم

"إيدي على كتفك".. عجوز يصطحب حفيده الكفيف للكلية كل يوم
عجوز سبعيني يتكئ على عصاه بيمينه، يصطحب شابا كفيفًا بيساره كل يوم، يسيران معًا مسافة طويلة من بيتهما إلى مقر الجامعة متشابكي الأيدي، الأول يستمد قوته - رغم شيبه ومرضه- من طاقة الثاني وشغفه للعلم، فيسير الصغير مهلًا على خطوات العجوز البطيئة، يطمئن به وتسكن روحه المضطربة من عثرات الطريق قليلًا، لايتركه إلا في مقعده داخل قاعة المحاضرة ويجلس في انتظاره ساعات بالخارج ليصطحبه إلى البيت من جديد.
مشهد جسد معنى السند والأمان، بين العجوز أحمد أبو مسعد البالغ من العمر 79 عامًا، وحفيده الكفيف ياسر، طالب الفرقة الأولى بكلية أصول الدين قسم الحديث، يصطحب الجد حفيده من بيتهما الكائن في منطقة العمرانية بالجيزة، حتى مقر الكلية بمنطقة الحسين في القاهرة، وحسب رواية الجد، فهو يعيش معهم بصحبة والدته في بيت واحد ويتحمل منذ سنوات طويلة مسؤولية اصطحابه إلى المدرسة والجامعة لإكمال تعليمه.
ولد الطالب ياسر كفيفًا، وبعد ولادته بفترة قليلة انفصل والديه وغادر الأب البيت دون رجعه، ومنذ ذلك الوقت أضحى جده لوالدته أبًا بديلًا مسؤولًا عن رعايته ومذاكرته مع والدته، وحسب حديث الجد السبعيني لـ"الوطن"، فهو تقدم في العمر، وزادت مشقة الطريق عليه، خاصة بعد خضوعه لعملية قلب مفتوح، لكن لا يكل من المشوار اليومي الذي اعتاده، "عايزه يتعلم وأضمن مستقبله".
الجد يجلس في انتظاره خارج المحاضرة كل يوم ليعودا معًا إلى البيت
يجلس الجد العجوز في ساحة الجامعة، وخارج أبواب قاعة المحاضرة ساعات يقضيها في ذكر الله، اعتاد العاملون في الكلية عليه، ينتظر حفيده الكفيف ليعودا معًا إلى البيت، "اللي في الكلية عارفيني، ياسر ملوش اخوات ومينفعش أسيبه لوحده".
شعور بالرضا يتسلل من صوت الطالب الكفيف، اتضح مع نطق كلماته الأولى في حديثه لـ"الوطن"، باتت أكبر أحلامه تتمثل في متطوع يصطحبه يوميًا إلى الكلية، بعد أن بلغ جده العجوز من العمر أرذله، ويدون له المحاضرات ويساعده على المذاكرة، معبرًا عن ذلك بقوله "نفسي أريح جدي وألاقي حد يوديني الكلية كل يوم ويذاكرلي".
أجزاء عديدة من القرآن الكريم، يحفظها ياسر، ساعده على ذلك جده العجوز، الذي انتشرت صورته بصحبته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويأبى رغم مرضه ووهن جسده أن يترك حفيده يومًا بمفرده، إلا أنه لا يستطيع أن يشرح له المواد المقررة عليه في المنهج، ويأملان في العثور على من يمد لهما يد العون والمساعدة ليكمل الصغير تعليمه ويتسلح به في وجه الزمن.