الإفتاء تجيب.. كيف تعامل الدين مع الحيوانات المهددة بالانقراض؟

كتب: سعيد حجازي

الإفتاء تجيب.. كيف تعامل الدين مع الحيوانات المهددة بالانقراض؟

الإفتاء تجيب.. كيف تعامل الدين مع الحيوانات المهددة بالانقراض؟

حسمت دار الافتاء المصرية، في فتوى لها، نشرتها عبر موقعها الرسمي، حكم صيد السلاحف البحرية وتهديدها بالانقراض.

وقالت الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، عبر الموقع الرسمي: اختلف الفقهاء في حكم كون السلحفاة البحرية مأكولة اللحم أم لا، وهذا الخلاف محله إذا لم تكن مهددة بالانقراض ولم تفن سلالتها، أما إذا أدى صيدها إلى إفناء سلالتها، فإنه يتجه حينئذ القول بتحريم صيدها، لما يترتب عليه من اختلال التوازن البيئي، الذي أمر الإنسان بالحفاظ عليه، كمكون من مكونات إعمار الأرض، الذي هو مقصد من مقاصد الخلق.

وأضاف: أما ما يفعله بعض الناس من تعذيب السلحفاة بقلبها على ظهرها، حتى تصاب بالشلل التام، ثم تعليقها وقطع جزء من ذيلها وهي حية، وتصفية كل ما بها من دماء، ثم ذبحها بعد ذلك، مستندين على القول بحل أكلها والانتفاع بها، فهو تصرف محرم شرعا، ومن كبائر الذنوب، لتنافيه مع الرحمة التي تجب مع جميع المخلوقات، ولا تكون بذلك مذكاة تذكية شرعية، فإن تصفية دمها بقطع ذيلها يؤدي إلى موتها، فتكون حينئذ ميتة محرمة عند من يشترط من الفقهاء لحل أكلها ذكاتها، وهم الحنابلة.

وأشار إلى أنها حرام أيضا على مذهب الحنفية والشافعية، الذين لا يبيحون أكلها أصلا، بل هذا التصرف السيء هو من كبائر الذنوب، حتى على قول من يبيح من الفقهاء أكلها بلا تذكية وهم المالكية، فإن حل أكل الحيوان لا يحل بحال من الأحوال تعذيبه وإيلامه.

وأكد قد أمر الشرع بالرحمة مع جميع ما على الأرض من مخلوقات، وجعل تعذيب الحيوان من أسباب التعذيب في النار، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» أخرجه أبو داود والترمذي في "السنن".

وتابع المفتي: اهتم الإسلام بالبيئة اهتماما كبيرا، ووضع من التشريعات والقواعد، ما يضمن سلامتها وتوازنها واستقرارها، والحفاظ على جميع مكوناتها من ماء وهواء ونبات وحيوان وجماد، ولعظم شأن الرحمة بالحيوان، أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن امرأة دخلت النار في هرة لم تطعمها حتى ماتت.

وأن رجلا غفر الله له في كلب سقاه، فالإسلام عندما أحل للإنسان أكل الحيوان فقد حثه على الإحسان في طريقة قتله، وحذر من تعذيبه، وراعى الرفق والشفقة والرحمة في كل الوسائل المشروعة لإزهاق روحه، صيدا كان ذلك، أو ذبحا، أو نحرا، أو عقرا: فعن شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: اثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".

واختتم المفتي بقوله: الحفاظ على مكونات البيئة مطلب شرعي، دعا إليه الشرع الشريف وحث عليه، كما أن المصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة، والخوف من انقراض السلحفاة البحرية مبرر شرعي صحيح لتحريم صيدها والانتفاع بها، وهو ما نص عليه القانون المصري، فلا يجوز شرعا صيد السلحفاة البحرية، ولا الاستيلاء عليها، إذا وجدت خارج المياه للانتفاع بها في الأكل أو غيره، وإذا كان صيدها وأكلها حراما، فإن تعذيبها وإيلامها بقطع ذيلها وتصفية دمها، أشد حرمة وأعظم جرما، بل هو من كبائر الذنوب، لتنافيه مع الرحمة التي تجب مع جميع المخلوقات.


مواضيع متعلقة