محمود صلاح.. رائد صحافة الحوادث

محمود صلاح.. رائد صحافة الحوادث
"رائد صحافة الحوادث" وأحد أبرز علاماتها، لم يكن مجرد صحفي تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة، ليلتحق بقسم الحوادث في أخبار اليوم، لكن طموحه كان سباقا مثل كتاباته، فكر في تأسيس إصدار يتبع مؤسسته، يهتم فقط بأخبار الحوادث، وقد كان.
الكاتب الصحفي الكبير محمود صلاح، الذي توفي اليوم، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 69 عاما، وشيعت جنازته من مسجد السيدة نفيسة، خاض العديد من المغامرات الصحفية، أبرزها لحظات تطهير منطقة الباطنية من تجارة المخدرات، كما أجرى عددا من الحوارات الصحفية المهمة، مع أباطرة الإجرام في مصر، مثل "الخُط و"عزت حنفي".
أطلق "صلاح"، على أخبار الحوادث، لقب "ابنتي.. دموعي.. وابتسامتي"، في مقال له شرح فيه، كيف أسس هذه الصحيفة؟ ضمن إصدارات مؤسسة أخبار اليوم، يقول: "هى غالية عندي، مثلما ابنتى سارة غالية، وهي ليست ابنتى وحدي، هى أيضا ابنة أستاذى الكبير إبراهيم سعده".
وأوضح أنه كان فى زيارة فى بداية التسعينيات للولايات المتحدة الآمريكية، وهناك شاهد جريدة "ديتكتف" "المخبر"، وكانت أول جريدة بوليسية يشاهدها فى حياته، وكانت تعتمد على سرد القضايا والحوادث، بطريقة الإثارة الأمريكية، وعندما عاد إلى مصر، فكر في إصدار جريدة مصرية للحوادث.
وأضاف أنه كان قبلها لسنوات، أول من فكر فى اصدار صفحة حوادث متخصصة، تحمس لها إبراهيم سعده، في أول أسابيع لرئاسته لأخبار اليوم، "شجعني وأيدني فى عمل واستمرار هذه الصفحة، التى نجحت نجاحا باهرا فى أخبار اليوم، وأذكر أن العملاق أستاذنا جميعا مصطفى بك أمين، قال إن قراء أخبار اليوم، أصبحوا يقرأونها من الصفحة الأخيرة، وهي صفحة الحوادث، التى يحررها الولد محمود صلاح، وقال مصطفى بك، إنه يتمنى أن يكون أسلوب كل صفحات أخبار اليوم، مثل أسلوب صفحة الحوادث" بحسب تعبيره.
حكى الراحل ذات يوم: "لم أكن أكتب من مكتبي لكني كنت أشارك ضباط مكافحة المخدرات فى حملاتهم ضد تجار المخدرات، في كل مكان، سواءً فى الصحراء أو المدن أو البحر.. كثيرا ما تعرضت للموت أثناء عملي.. تعرضت لإطلاق الرصاص.. كنت أذهب فى هذه الحملات، وأنا أحمل معي القلم والورق والكاميرا، ومسدسي الخاص، نعم تعرضت للموت بإطلاق الرصاص أكثر من مرة، وفي كل مرة، كنت أقول لنفسي وللقراء، توبة أن أشارك ثانية فى هذا العمل الخطر".
وأضاف، "لكني بعد أيام، كنت أعود إليه مرة أخرى، لم يكن وزير الداخلية عبدالحليم موسى أو شيخ العرب، يعترف بأن رجاله، أنجزوا مهمة كبيرة فى مجال المخدرات، إلا إذا قرأ تفاصيلها بقلم محمود صلاح فى أخبار اليوم".
انبهر إبراهيم سعده بفكرة إصدار أخبار الحوادث، كأول صحيفة حوادث متخصصة فى مصر والعالم العربي، وحضر لمكتب محمود صلاح بنفسه، ليضع سياستها التحريرية، التي تعتمد على فكرة أن الجريمة لا تفيد، وأن العظة والعبرة، أهم من الإثارة أو جذب القراء.
ويستطرد الكاتب الراحل، طلب مني الأستاذ إبراهيم سعده البدء فى عمل الأعداد التجريبية لأخبار الحوادث، فبدأت العمل بالفعل، وكان أول من طلبت منه مساعدتي زميلي وصديقي الأستاذ محمد رجب، صاحب القلم المتميز، ثم استعنت بمجموعة قليلة من صغار الصحفيين سنا، وكانوا يعملون بالصحافة لأول مرة، منهم وائل أبو السعود، خالد القاضي، إيهاب فتحي، ممدوح الصغير، وغيرهم، عشنا أياما لا تنسى كلها عمل ودموع كثيرة، وابتسامات قليلة، ومرت علىّ ظروف وأحداث صعبة ومؤلمة، لم يكن بشر يستطيع تحملها، لكني تحملت ونمت على أرض ومكاتب أخبار اليوم، ليال كثيرة.
وكشف واقعة أخرى قائلا: أذكر أننى قدمت استقالتي من رئاسة تحرير أخبار الحوادث لصفوت الشريف وزير الإعلام، بسبب مجموعة من صغار المحررين تحت التمرين، وقلت له، "أنا أو تعيين هؤلاء الصغار".
وفى الحال، وافق صفوت الشريف على تعيين هؤلاء الصغار، وكانت المكافأة أن اجتمع بعض هؤلاء الصغار، وطالبوا بطردى من أخبار الحوادث، وجرى طردي وبقى الصغار، وبقيت أخبار الحوادث، وسوف تزيل الأيام كل الأسماء وأولها اسمى، لكن الصحيفة ستظل.