إيناس عبدالدايم: قصور الثقافة حائط صد في مواجهة طمس الهوية المصرية

كتب: رضوى هاشم

إيناس عبدالدايم: قصور الثقافة حائط صد في مواجهة طمس الهوية المصرية

إيناس عبدالدايم: قصور الثقافة حائط صد في مواجهة طمس الهوية المصرية

بدأ دور قصور الثقافة كفكرة تمثلت فى إيجاد مدارس للشعب لتعليم الكبار، وقد مرت بعدة مراحل، حيث يرجع وجودها إلى أوائل القرن العشرين قبل وجود وزارة الثقافة نفسها، كما يوضح موقعها الإلكترونى، وفى عام 1989 صدر القرار الجمهورى رقم 63 لسنة 1989م لتتحول إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة وأصبح اسمها الهيئة العامة لقصور الثقافة بعد أن كانت تسمى الثقافة الجماهيرية وتتبع وزارة الثقافة.

وكان مؤسسوها لديهم إدراك أن الثقافة يمكنها أن تصل لأعماق الريف شرط أن تتوافر عناصر بشرية لها رؤية قادرة على الوصول إلى الجماهير وتفجير طاقاتها الإبداعية، وهذا ما حدث، فقد كان يتوافد الآلاف من الجماهير قبل وصول القافلة بوقت طويل وتتحول ساحات القرى إلى حياة دافقة من المتعة والإبداع، لكن فى السنوات الأخيرة تمكن الإهمال من بعض قصور الثقافة لأسباب أهمها نقص التمويل المالى اللازم لإقامة الأنشطة، وفى محاولة من وزارة الثقافة لإعادة إحياء دورها فى المجتمع تم وضع خطة لتطوير وإعادة تأهيل 16 قصر ثقافة فى مختلف ربوع مصر.

مكتبة "البحر الأعظم" تضىء أنوارها بعد 8 أعوام من الظلام

فى التاسع والعشرين من يناير 2011 وبعد ساعات من أحداث عصيبة وتطورات متسارعة، استيقظ سكان منطقة البحر الأعظم بمحافظة الجيزة على حريق ضخم أتى على واحد من أهم المواقع الثقافية التى تخدم الآلاف فى المنطقة لتتحول مكتبة قصر ثقافة «البحر الأعظم» إلى أنقاض تشهد على محاولات طمس الهوية وتغييب العقل ومحو الثقافة.. وبعد 8 أعوام من التوقف أعيد افتتاح مكتبة «البحر الأعظم» بعد تطويرها وضمها لهيئة قصور الثقافة وبعد زيادة مساحتها لتصبح 3 طوابق؛ الطابق الأول به: بهو المدخل، جاليرى معروضات فنية، مكتبة عامة، غرفة الأمن، غرفة كنترول الكاميرات، بوابة إلكترونية، سينما صيفى، كشك موسيقى خشبى، ويضم الطابق الثانى قاعة تكنولوجيا المعلومات ومكتبة طفل ومخزناً، أما الطابق الثالث فيضم مسطحاً مكشوفاً للأنشطة الثقافية المفتوحة، غرف خدمات بجوار الخزانات، مخزن مستلزمات الحديقة، دورات مياه خارجية لخدمة الحديقة، 3 برجولات خشبية مفتوحة الأجناب.

وقالت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، إن إضافة أى موقع ثقافى يعد بمثابة حائط صد فى مواجهة محاولات طمس الهوية المصرية، وتابعت: «تضم مكتبة البحر الأعظم حوالى 7500 كتاب فى مختلف المعارف والعلوم والآداب، ويضم الطابق الأخير مسطحاً مكشوفاً للأنشطة الثقافية المفتوحة، وحرصنا أن نتعاون مع وزارتى الرى والزراعة لتوفير كتب وقصص عن ترشيد المياه والاستهلاك الصحيح لها وضرورة تنظيم ورش عمل دائمة على مدار العام لزيادة وعى الأطفال والشباب».

وأشارت، إلى أن مكتبة البحر الأعظم تحتوى على أعداد مجلة «قطر الندى برايل» الثلاثة، إضافة إلى 100 كتاب بطريقة برايل للمكفوفين للكبار والصغار موزعة على المكتبتين العامة والطفل، كما تضم المكتبة العامة 1162 كتاباً مُهدى من أسرة الناقد الراحل على أبوشادى.

وأضافت: «كانت المكتبة عبارة عن مجموعة من المكتبات فقط، أما الآن فقد أضيف إليها عدد من الأقسام التى ستساعد على إثراء المترددين عليها بمزيد من المعلومات بشكل متطور، حيث تضم قاعة نادى التكنولوجيا، وقاعة أخرى تحتوى على «بروجيكتور» سينما، أيضاً قاعة للفنون التشكيلية والموسيقى».

وقالت: «كانت هناك قصور معطلة وقصور لم ينته العمل بها، كما عطلت مسارح لعدم توافر اشتراطات الحماية المدنية وعدم توافر صيانة دورية، ونظراً لأننى على دراية بأهمية الحماية المدنية منذ رئاستى لدار الأوبرا التى ساعدتنا الصيانة الدورية فيها على استمرارية مسارحها ولم تطفئ الدار أنوارها يوماً واحداً فى أى من مسارحها، وعقب تولى الوزارة كانت قصور الثقافة المغلقة واحدة من أكبر المشكلات التى واجهتها ووضعنا خططاً زمنية لإعادة فتح المواقع الثقافية المغلقة فى ظل ضعف الإمكانيات، وكانت الأولوية لتلك المواقع التى قاربت على الانتهاء وتتبقى لها لمسات بسيطة لا تزيد على 20%، وهو ما ساعدنا فى افتتاح 16 موقعاً ثقافياً، ليس ذلك فقط بل حرصنا على تطوير الأنشطة بما يتماشى مع كل منطقة وإقليم، وفى نفس التوقيت نعمل على مراجعة الحماية المدنية فى المواقع العاملة حتى لا تتكرر مأساة بنى سويف والمسرح القومى».

قصر ثقافة السينما يعود للحياة ويعرض معدات السينما التاريخية وأفيشات الأفلام

بعد توقف 3 سنوات، عادت الحياة إلى قصر ثقافة السينما بجاردن سيتى من خلال أنشطة وفعاليات سينمائية متنوعة.. جولة داخل متحف القصر يمكن أن تطوف بالزائر بين جنبات زمن الفن الجميل فى رحلة تختصر مسيرة صناعة السينما وأفيشات الأفلام وبورتريهات لعمالقة الفن والسينما المصرية.

ما بين معدات السينما التاريخية من كاميرات 35 مللى و16 مللى وأجهزة صوت وعدسات متنوعة تدور جولتنا خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضى، حيث تنوعت مقتنيات المتحف من كاميرات فوتوغرافية قديمة وآلات عرض سينمائية نادرة.

يلفت نظر الزائر داخل قصر ثقافة السينما والمتحف أفيشات الأفلام المصرية التى أُنتجت خلال القرن الماضى ومن أبرزها أفيشات السفيرة عزيزة، ونحن لا نزرع الشوك، وبائعة الخبز، ومسجل خطر، والعار، وألف ليلة وليلة، والراعى والنساء، والرجل الذى فقد ظله، وأولاد الأصول.

إعادة الحياة لقصر ثقافة السينما تعد بمثابة إضافة جديدة لبنية الثقافة السينمائية المصرية وخطوة نحو إثراء مجال السينما، حيث يتيح المتحف للدارسين التعرف على مجالات صناعة السينما خلال جميع أيام الأسبوع مجاناً.

التقينا خلال جولتنا الفنان تامر عبدالمنعم، رئيس قصر ثقافة السينما، الذى أبدى سعادته لعودة القصر للعمل بعد توقف 3 سنوات، قائلاً: «إن وزارة الثقافة أعدت برنامجاً ثقافياً وفنياً للقصر يتضمن دورات تدريبية متخصصة ومعرضاً شهرياً للتصوير الفوتوغرافى يضم لقطات من أعمال أهم وأشهر المخرجين، ونوادى للسينما العالمية والأفريقية واللاتينية والأوروبية، ونادياً لأفلام التجربة الأولى سواء الروائية أو التسجيلية، وعروضاً لأفلام مقتبسة من أعمال روائية، إلى جانب إنتاج مجموعة من الأفلام التسجيلية».

وأضاف: بافتتاح القصر أصبح يوجد لدينا أقوى مركز ثقافة سينمائية فى الشرق الأوسط، يضم أحدث الأجهزة، والقاعات المعدة بكفاءة، مشيراً إلى أن الإدارة الحالية ستعمل على إعادة العصر الذهبى للقصر من خلال الإنتاج السينمائى والدراسات السينمائية ونوادى السينما.

وقال «عبدالمنعم» إن القصر سيعود لإنتاج الأفلام مرة أخرى، مشيراً إلى أن القصر سينتج شهرياً فيلماً تسجيلياً عن شخصية ضمن برنامج (الحاضر الغائب) لتخليد رموز السينما، ليكون موسوعة لمبدعى السينما المصرية، إضافة إلى إنتاج أفلام للطلبة المشاركين فى البرنامج الدراسى للقصر، بجانب إعادة مهرجان (أفلام المحاولة الأولى) الذى نفذت منه دورة واحدة قبل عام 2010 لدعم خريجى قصر السينما.

وأضاف «عبدالمنعم» أن القصر فتح بابه لاستقبال طلبات الراغبين بالمشاركة فى النشاط الدراسى والدورات التدريبية، مشيراً إلى أن الوزارة كانت حريصة على استمرارية الدورات الدراسية دون زيادة القيمة المالية، حيث تبلغ رسوم الدراسة لمدة 3 شهور 1500 جنيه مصرى فقط، ويشارك فى التدريس نخبة من أساتذة المعهد العالى للسينما.

تأسس قصر ثقافة السينما عام 1989 ويتبع الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتوقف عن العمل عام 2016 بهدف تطويره وتزويده بوسائل الحماية المدنية، وهى الفترة التى شهدت إغلاق الكثير من القصور والمسارح والمراكز الثقافية لأسباب تتعلق باشتراطات الحماية المدنية، وشملت عملية التطوير وضع منظومة الحماية المدنية، وتحديث أجهزة العرض، وتصل الطاقة الاستيعابية للقصر إلى 244 شخصاً.

تصل طاقة قصر ثقافة السينما الاستيعابية إلى 244 مشاهداً ويضم دوراً أرضياً يحتوى على بلاتوه، غرفة التحكم بالتسجيل الصوتى، 4 مكاتب إدارية، إلى جانب عدد من غرف الخدمات والحماية المدنية، أما الدور الأول فمقسم إلى 2 قاعة سينما، غرف التحكم، وقاعة استقبال. ويضم الدور الثانى مكتبة عامة، وقاعة سينما، ويحتوى سطح القصر على قاعة سينما صيفية.


مواضيع متعلقة