مذبحة جديدة لـ"أشجار الشيخ زايد".. ومسئولون: نطور الحدائق ونُفسح المجال لـ"المسطحات الخضراء"

مذبحة جديدة لـ"أشجار الشيخ زايد".. ومسئولون: نطور الحدائق ونُفسح المجال لـ"المسطحات الخضراء"
- مذبحة أشجار
- أشجار الشيخ زايد
- الشيخ زايد
- تقليم الأشجار
- قطع الأشجار
- الحدائق
- الأشجار
- مذبحة أشجار
- أشجار الشيخ زايد
- الشيخ زايد
- تقليم الأشجار
- قطع الأشجار
- الحدائق
- الأشجار
مرة أخرى، تحدث «مذبحة للأشجار»، وإن كانت فى «الشيخ زايد»، التى تُعرف بـ«المدينة الخضراء»، وذلك فى إطار تطوير حدائقها، وسط شكاوى سكان يدركون أنها ملاذهم من لهيب الشمس وتلوث الهواء.
المسئولون بالمدينة يدافعون عن موقفهم بأنهم كانوا مضطرين لـ«التقليم الجائر» للأشجار؛ لإتاحة الشمس والضوء الكافى لتجديد «النجيلة» التى لم يتم تغييرها منذ 25 عاماً، رغم أن المعايير العالمية لتغييرها 10 سنوات، لافتين إلى أنهم تلقوا شكاوى أخرى من «تغول الأشجار».
خبراء: التقليم عشوائى وقد يؤدى لموتها
لكن الخبراء المختصين فى الأشجار والحدائق، وإن كانوا يعترفون بأهمية التقليم المستمر، أكدوا أن ما جرى اتسم بالعشوائية، واقترب من تدمير الأشجار ويهدد بقاءها، فى وقت يعانى فيه العالم من التلوث وتغيرات المناخ.
بينما كان العمال يتابعون أعمال قص فروع الأشجار بإحدى حدائق الحى الأول بالشيخ زايد، كانت «سارة. م»، بالمعاش، تقف فى بلكونة منزلها المطلة على الحديقة وتواصل دعواتها عليهم: «حسبى الله ونعم الوكيل.. منكم لله».
كان أحد العمال بالأسفل يمسك بـ«بلطة» يقطع بها فروع الأشجار، التى سبق وقطعوها بمنشار كهربائى، إلى أجزاء صغيرة، لتسهيل عملية نقلها، حسبما أوضح لاحقاً أحد العمال، بينما كان آخرون يحملون هذه الأجزاء فى سيارة نصف نقل، واثنان آخران كانا منهمكين فى إزالة نباتات صغيرة من جوانب الحديقة.
سكان: "بتعمل لنا ظل وتجدد لنا الهوا"
داخل شقتها، حيث تمكنت من إنقاذ بعض النباتات الصغيرة التى تم إزالتها، وأعادت زراعتها بالبلكونة، أخذت «سارة» تحكى عما تعتقد أنه «مذبحة للأشجار»، قائلة: «من شهر تقريباً بدأوا يجرفوا فى الأرض وشالوا شبر من الطمى، وحوالى ثلاثة أرباع الأشجار، ومنها شجر جهنمية قطعوه من جدوره، وشجرة توت شالوها».
وتضيف «سارة»: «إحنا فى الصيف بنتشوى هنا من الشمس، والشجر ده بيعملنا ظل وبيجددلنا الهوا وهو المتنفس الوحيد لنا، فلمصلحة مين ده؟.. وبعدين إحنا اشترينا الشقق دى على حس الجناين دى، فماينفعش دلوقتى ييجوا يشيلوها».
وفى الدور الأرضى من العمارة، كانت سيدة أخرى تدعى «وفاء سيد»، قد وضعت عدداً من شتلات التين الشوكى بالمنطقة التى تطل عليها بلكونتها، وتم إزالتها ضمن «أعمال التطوير»، «واستعوضت ربنا فيها».
ولم تكن «وفاء» تدرى ماذا يحدث بالضبط للحديقة: «محدش شرح لنا بيعملوا إيه، مفيش غير واحد وقف وقال لى هنجيب نجيلة جديدة وعايزة شمس، عشان كده لازم نشيل الظل».
توضح «وفاء» أنها لا تعارض أى تطوير، قائلة: «إحنا بنفرح لما بييجوا ينضفوا الجنينة، خاصة إن السنة اللى فاتت ماكانش فيه اهتمام، ومستنية نشوف هيعملوا إيه والنتيجة».
فى الحديقة، أشار العمال إلى أنه رغم وجود اعتراضات من بعض السكان فإن هناك ترحيباً من آخرين، وبرر أحدهم قطع أفرع كبيرة من إحدى الأشجار بأنها كانت قد وصلت لإحدى بلكونات أحد السكان، فيما أوضح آخر أنهم مجرد عمال ينفذون فقط.
وتعليقاً على وجود تجمعات من المياه بما يشير لبعض الكسور التى حدثت فى مواسير الرى، وهو الأمر الذى رصدته «الوطن» فى أكثر من مكان بالحدائق، قال: «الجرار وهو بيشيل النجيلة القديمة ممكن يكون كسر مواسير، لكن فيه ناس بيصلحوا وراه».
أحد العاملين بجهاز المدينة، رفض ذكر اسمه، عبّر عن غضبه من الشركة المنفذة لأعمال التطوير، وهى نفس الشركة التى كانت تتولى صيانة الحدائق بالمدينة فى السابق، متهماً إياها بأنها «كانت تتعمد إهمال الحدائق، وعدم رى النجيلة، لتتدهور حالتها ومن ثم تتولى تطويرها نظير ملايين الجنيهات»، على حد قوله.
المشرف على الزراعة: الشكل النهائى سيكون "5 نجوم"
لكن المهندس شريف حسين، المشرف على الزراعة بالمدينة، نفى ذلك، مشيراً إلى أن «هؤلاء الذين يعترضون على أعمال التطوير التى تشمل 214 ألف متر مربع من الحدائق، أو يشككون فيها، لم تصلهم بالفعل المعلومات الكافية فقط ليكوّنوا فكرة صحيحة عما يجرى»، قائلاً: «هناك معايير عالمية معروفة لتطوير الحدائق وتجديدها، ومنها النجيلة من 7 لـ10 سنوات بحد أقصى، والحى الأول، الذى يعتبر أقدم أحياء المدينة، لم تُجدد به النجيلة منذ إنشائه قبل 25 عاماً».
وحتى يتم تغيير النجيلة، وفقاً للمشرف على الزراعة، لا بد من تقليم الأشجار للسماح للشمس بالوصول للمسطح الأخضر: «إحنا مش ضد الشجر، فالأشجار والنجيلة مهمين لينا، لكن لو حطيت نجيلة جديدة، وكلفت التكاليف دى كلها، وما قلمتش تقليم جائر عشان أسمح للشمس تدخل للحديقة، النجيلة هتموت، ويبقى ده إهدار مال عام رسمى»، على حد قوله.
ويشير «حسين» إلى أن نسبة كبيرة من الأشجار، ربما تصل إلى ثلاثة أرباعها، زرعها السكان على مدار سنين مضت بشكل عشوائى، ويمكن أن تؤثر على الشكل العام للحديقة.
وعن إزالة السور الشجرى حول الحدائق، يقول: «الأسوار بقت موضة قديمة، كنا بنعملها زمان فى التسعينات، وكانت بتحجب جمال الحديقة، أما الآن فهى يجب أن تكون مفتوحة، خاصة أننا كنا نتلقى شكاوى بأنه يمكن أن يختبئ شخص خلف الأسوار».
وبخصوص أنواع الصبارات المختلفة التى تمت إزالتها، أضاف: «الصبارات ما بتتزرعش فى مسطحات مفتوحة، وماينفعش نحطها فى الحدائق بشكل عشوائى، كما أنها يمكن أن تعيق عمليات الصيانة التى تتم من خلال جرارات».
أما عما يعتقد الناس بأنها «عمليات تجريف للتربة»، فقال: «فنياً، لا بد من إزالة طبقة الطمى السطحية تحت النجيلة القديمة، نظراً لأنه غالباً ما تكون هناك إصابات حشرية أو أمراض موجودة بها، ونضع طبقة رمل بسمك 5 سنتيمتر لتغيير التربة، وبعدها نضع طبقة من الكومبوست (السماد العضوى) لتشجيعها على النمو»، مضيفاً: «انتظروا النتائج النهائية بعد شهرين.. حيث ستكون حدائق الحى الأول خمس نجوم»، على حد تعبيره.
وعن التكلفة النهائية لأعمال التطوير، أشار المهندس أيمن شهاب، مدير عام الزراعة، إلى أنه «من غير المصرح لهم الإدلاء بأرقام»، واكتفى بأن «أعمال الزراعة تكلف مبالغ كبيرة الآن، والشركة المطورة ستتولى صيانة الحدائق لمدة عام».
رئيس الجهاز: وردتنا شكاوى من تغول الشجر
وقال المهندس مصطفى فهمى، رئيس جهاز زايد: «هناك نوعان مختلفان من الشكاوى كانت ترد إلينا، أحدهما من ناس تخشى من أننا نقطع الشجر بشكل جائر بينما هم يحتاجونه، وفى المقابل هناك شكاوى من أن الشجر تغول ووصل حتى البلكونات والشبابيك وأصبح يؤدى لنوع من التلصص وبعض السرقات أو حتى انتقال الحشرات».
وأضاف: «من جانبنا نفعل الصواب، وما يجرى هو أعمال تطوير للزراعة للحى بالكامل»، مؤكداً أن الشجر توغل بدرجة كبيرة جداً فى السنوات الماضية، وكان يؤدى لحجب الشمس والضوء عن النجيلة، وهو ما يقتلها.
وكشف أن أعمال التطوير ستشمل أيضاً «حدود الحدائق والأرصفة، مع تحديث شبكة الرى، خاصة أن المياه قلّت إلى حد ما مع ازدحام المدينة، وبالتالى يتم عمل نظام الرى بالتنقيط فيها، بدل الرش، وهو ما يوفر كثيراً فى المياه».
وأشار إلى أنه بجانب عمليات «تقليم الأشجار وخفّها»، فإنهم يضيفون أنواعاً جديدة من الأشجار المثمرة، بالتعاون مع السكان، موضحاً أن هناك أكثر من مبادرة، حيث تم فى آخرها، قبل أسبوعين، زراعة 1500 شجرة برتقال ويوسفى وليمون.
وأكد خبراء، اطلعوا على صور لعمليات تقليم الأشجار، أنها تعرضت لعمليات تقليم عشوائى يقترب من «التدمير» ويهدد بقاء بعضها، مشيرين إلى أن تغيير النجيلة، وإن كان يجب أن يحدث بالفعل كل 7 سنوات تقريباً، لا يبرر ما حدث.
"عبدالدايم": يجب تحقيق توازن بين "المجموع الخضرى" والجذور
وانتقد الدكتور أحمد عبدالدايم، أستاذ ورئيس قسم الأشجار الخشبية السابق بمعهد بحوث البساتين، أعمال التقليم الجائر التى تمت، قائلاً: «ده تدمير.. مفيش شجر فى الدنيا بيتعمل فيه كده، وأشيل كل فروعه وأسيب القمة النامية فقط».
وأضاف «عبدالدايم»: «المفروض أن يكون هناك توازن بين تاج الشجرة أو الجزء الأخضر العلوى فيها وبين الجذور، فإن تم إزالة 90% من التاج، فإن ذلك سيؤدى لتعطيل عمل الجذور ومن الممكن أن يؤدى لموتها»، وتابع: «حتى مارس لا توجد فرصة لخروج براعم خضرية جديدة للأشجار، ولا يوجد جذر يمكن أن يتحمل ألا يصله غذاء، وبالطبع سيموت جزء كبير منه، وهو ما سيؤدى لضعف الشجرة».
أما عن إزالة الأسوار النباتية للحديقة، والمكونة من شجيرات «الدادونيا» فقال: «هذا أيضاً تدمير للبيئة، فهذه الأسوار تكون بمثابة حدود للحديقة لا بد من وجودها لحمايتها والمساهمة فى منع التراب والتلوث عنها، ثم، وهو الأهم، خلق نوع من الخصوصية لها».
وتابع: «أكيد من زرع هذه الأسوار فى البداية كان فى ذهنه تصميم معين، ولا يمكن أن نغير تصميماً تم وضعه بعد 20 سنة، لأن أصول التصميمات الخاصة بالمدن يتم وضعها لـ60 أو 70 سنة قادمة»، مشيراً إلى أنه يمكن تجديد الأسوار النباتية فقط باستبدال «الدادونيا» بنباتات أسوار أخرى مزهرة، مثل «اللانتانا»، ليكون المنظر أكثر جمالاً، إنما التحديد بالنباتات مفروض بشكل عام فى الحدائق.
واعتبرت الدكتورة سوسن سامى، أستاذ ورئيس قسم بحوث الزينة بمعهد بحوث البساتين، أن «التقليم كان عشوائياً وأساء لشكل الشجر»، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة منها أشجار بونسيانا، وأوراقها تتساقط فى الخريف والشتاء، وبالتالى لم تكن لتعيق الشمس عن الوصول لمسطحات النجيل الخضراء.
وأضافت: «المفروض أن يتم تقليم أشجار الزينة سنوياً، وذلك بإزالة الأفرع القريبة من سطح الأرض والمشوهة والمائلة والتى تسبب تشوهاً لشكل الشجرة».