القصة الكاملة لمطالب مجلس النواب الأمريكي بعزل ترامب

كتب: دينا عبدالخالق

القصة الكاملة لمطالب مجلس النواب الأمريكي بعزل ترامب

القصة الكاملة لمطالب مجلس النواب الأمريكي بعزل ترامب

بعد عدة مطالبات بدأت منذ أعوام، تبدأ اليوم أولى جلسات مساءلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي بدأت إجراءاتها منذ أكثر من شهر، حيث صدقت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، أمس، على التقرير الخاص بعزل الرئيس، الذي خلص إلى أن ترامب استغل منصبه لغايات شخصية، وعرقل الكونجرس وسير العدالة.

وأكد مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، في التحقيقات الهادفة لعزل ترامب، أن الأدلة الموجودة بحوزتهم الآن هائلة، حيث تضمن تقريرهم المكون من 300 صفحة، أن الرئيس عرض الأمن القومي للخطر، ومارس جهود لا مثيل لها لعرقلة التحقيقات في الاتهامات الموجهة إليه بالضغط على أوكرانيا، ومطالبته لرئيسها فولوديمير زيلنسكي بإجراء تحقيقات تشوه سمعة جو بايدن، المرشح الديمقراطي الأوفر حظا لمواجهته في السباق الرئاسي المقرر العام المقبل.

واعتبر البيت الأبيض، بعد نشر تقرير اللجنة البرلمانية التي أشرفت على التحقيقات بهدف عزل الرئيس دونالد ترامب، أن هذا التحقيق "الزائف" لم يقدم "أي دليل" ضد الرئيس، مؤكدا أن هذا التقرير لا يعكس سوى إحباط الديموقراطيين، مشبهة إياه بـ"هلوسات مدون رخيص يحاول إثبات أمر ما في حين أن ليس هناك شيء"، معلنا رفضه حضورت ترامب.

لماذا طالب مجلس النواب الأمريكي بعزل ترامب؟

ترجع أسباب الخلاف إلى مكالمة هاتفية أوردتها صحف محلية، نقلا عن مسؤول بالمخابرات الأمريكية، بين دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، منتصف يوليو الماضي، حيث طلب الأول من الثاني، الضغط على نجل خصمه الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية المقبلة جو بايدن، وإجراء تحقيق معه، من أجل للفوز بالجولة الثانية.

تعود تفاصيل الطلب المنشور بالصحف الأمريكية، إلى أن هانتر بايدن النجل الثاني للسناتور جو بايدن، بينما كان والده يتولى منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما، عمل لحساب مجموعة غاز أوكرانية منذ 2014، وهو ما كان أيضا بدوره مثيرا للجدل في البلاد وولد مطالبات بإقالته.

تسببت تلك المكالمة في اشتعال الغضب بأمريكا، لا سيما بين الديمقراطيين الذين طالبوا بعزل الرئيس من منصبه، حيث وجهوا شكوى لجهاز رقابة حكومي بشأن محادثات بين ترامب وزعيم أجنبي، كما طالبوا بالكشف عن شكوى مبلغ أطلع على مجريات المحادثة.

وفي منتصف سبتمبر الماضي، اعتبر المحقق العام للمخابرات هذه الشكوى "عاجلة" وتتمتع بمصداقية، لكن البيت الأبيض ووزارة العدل رفضا الكشف عن فحواها، لذلك لم يتضح بالضبط ما قاله ترامب، لكن الديمقراطيون يتهمون ترامب بالتهديد بوقف المعونات العسكرية لإجبار أوكرانيا على التحقيق في مزاعم فساد ضد بايدن وابنه هانتر.

بينما أقر ترامب التباحث مع زيلينسكي، لكنه قال إنه كان فقط يحاول الضغط على أوروبا لزيادة مساعداتها بالتلويح بوقف المعونات العسكرية.

وكان ترامب قبل أيام، أمر مستشاريه بتجميد 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ما أثار تكهنات بأنه يستخدم المال كوسيلة ضغط للحصول على معلومات عن بايدن ونجله.

 

 

متى بدأت الخطوات الفعلية للتحقيق بشأن ترامب؟

24 سبتمبر الماضي، أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، وزعيمة الأغلبية الديمقراطية، نانسي بيلوسي، في مؤتمر صحفي، بداية الخطوات الفعلية أن هناك تحقيقات من أجل بدء إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب، مؤكدة أن ما تقوم به إدارته يقوض الأمن القومي بالولايات المتحدة.

جاء قرار نانسي بيلوسي، بعد مطالبات من حزبها الديمقراطي، حيث قالت إنه "يجب محاسبة الرئيس، فلقد ارتكب خرقا للقانون ولمسؤولياته الدستورية"، مضيفة: "أقر الرئيس هذا الأسبوع بأنه طلب من الرئيس الأوكراني اتخاذ إجراءات ستكون ذات منفعة سياسية له".

كيف رد ترامب على مطالب عزله؟

وعلق الرئيس ترامب على ذلك، في سلسلة من التغريدات عبر حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، معتبرا أنها ستعزز من فرص إعادة انتخابه، وأن ذلك الإعلان من بيلوسي بمثابة "تحرش رئاسي"، على حد وصفه.

ويرى أن الديمقراطيين "يسعون عن عمد إلى تدمير وتقويض" رحلته إلى الأمم المتحدة "بسلسلة من الأخبار العاجلة من التفاهات"، مضيفا أنهم "حتى لم يروا تفريغا لنص المحادثة.. الأمر بكامله تصيد"، متعهدا بنشر نص محادثته مع الرئيس الأوكراني ليوضح أنها كانت "لائقة تماما".

واعتبر ترامب أن "الديمقراطيون سيخسرون الانتخابات وقرروا أن هذا ما يجب فعله"، مؤكدا: "إذا قامت بذلك، سيقولون جميعا إنه أمر إيجابي بالنسبة لي للانتخابات، ويمكنكم أيضا القول: من بحاجة لذلك؟ إنه أمر سيئ للبلاد".

ماذا عن رد بايدن على تلك المكالمة؟

من ناحيته، دعم السياسي الأمريكي جون بايدن إجراءات العزل، إلا في حال التزام ترامب بالتحقيقات في محادثاته مع الرئيس الأوكراني، قائلا: "عزل ترامب سيكون مأساة".

وأضاف نائب الرئيس السابق، والمرشح الأوفر حظا في مواجهة ترامب بالانتخابات الرئاسية عام 2020، أن ذلك القرار "مأساة لكنها من صنع ترامب".

مذكرة رسمية وتحقيقات موسعة.. أبرز الإجراءات في 40 يوما

وبعد العديد من التصريحات المثيرة للجدل، وفي 5 أكتوبر الماضي، أصدر الزعماء الديمقراطيّون، مذكّرةً رسميّة تُلزم "البيت الأبيض" بأن يُسلّمهم بحلول 18 من الشهر نفسه، وثائق تتعلّق بقضيّة الاتّصال الهاتفي بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقالوا: "لقد رفض البيت الأبيض التعاون، أو حتّى الردّ على طلبات متعدّدة مِن لجاننا، لتسليم وثائق بشكل طوعيّ".

وأضاف الزعماء، أنه بعد نحو شهر من التعطيل، يبدو واضحًا أنّ الرئيس اختار طريق التحدّي والعرقلة والتستر، وتابعوا: "نأسف بشدّة لأنّ الرئيس ترامب وضعنا - مع الأمّة - في هذا الموقف، لكنّ أفعاله لم تترك لنا خيارًا سوى إصدار هذه المذكّرة".

وعقب ذلك، صعَّدت إدارة ترامب، المواجهة مع الديمقراطيين في الكونجرس، عبر منعها السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي، من الإدلاء بشهادة، في إطار التحقيق المتعلق بإجراءات عزل الرئيس، بعدما كان السفير وافق على الأمر.

وبنهاية أكتوبر، مثل مسؤول في البيت الأبيض ومحارب قديم، هو الخبير في شؤون أوكرانيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي اللفتنانت كولونيل الكسندر فيندمان، أمام الكونجرس للإدلاء بشهادة محرجة في التحقيق، حيث قال إنه رأى شخصيا مسؤولين يضغطون على أوكرانيا لمساعدة ترامب سياسيا، وأنه أبلغ مرتين عن قلقه إزاء مساعي البيت الأبيض لجعل كييف تجري تحقيقات بهدف مساعدة ترامب سياسيا، وكشف في شهادة متفجرة أنه أصغى شخصيا لضغط ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اتصال هاتفي في 25 يوليو.

في 31 أكتوبر، أطلق مجلس النواب الأمريكي، مرحلة جديدة ومعلنة للتحقيق في اتهامات بحق ترامب، حيث صوت لأول مرة على المضي في إجراءات عزله، بأغلبية 232 مقابل 196 صوتا لإطلاق العملية رسميا، ليعقد بعدها جلسات استماع مفتوحة للعامة أمام لجنة الاستخبارات في المجلس، التي جرت أولها في 13 نوفمبر الماضي.

ومع بداية نوفمبر، مثل 5 من مسؤولي البيت الأبيض أمام لجان الرقابة والاستخبارات والشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب، بالإضافة لكبير موظفي البيت الأبيض، لتجري عدة جلسات لاحقا علنية مع الشهود، حتى أعلنت عقد اجتماع لتحديد التهم التي سيتم توجيهها للرئيس الأمريكي، في 2 ديسمبر الجاري، قبل أن تصدر التقرير الكامل لها أمس.


مواضيع متعلقة