البحيرة: الإهمال يقتل المصابين.. والمستشفيات تحيل الحالات إلى الإسكندرية

كتب: إبراهيم رشوان وأحمد حفنى

البحيرة: الإهمال يقتل المصابين.. والمستشفيات تحيل الحالات إلى الإسكندرية

البحيرة: الإهمال يقتل المصابين.. والمستشفيات تحيل الحالات إلى الإسكندرية

«اشتعال النيران فى سيدة داخل منزلها.. إصابة أشخاص بحروق.. شخص يشعل النيران فى نفسه»، عناوين حوادث كثيرة تشهدها مدن ومراكز البحيرة شهرياً، يُنقل على أثرها المصابون للمستشفى العام لتلقى العلاج، رغم أن المحافظة، التى تضم 15 مركزاً ومدينة ويسكنها 6 ملايين نسمة، لا يوجد بها سوى قسمين فقط لعلاج الحروق، علماً بأن هذه النوعية من الإصابات تحتاج إلى تدخل فورى وسريع من قبَل الأطباء، وتحتاج عناية مركزة خاصة بخلاف الموجودة فى المستشفيات الحكومية، الأمر الذى يتسبب فى ارتفاع حالات الوفيات.

«ضعف الإمكانيات» هو المبرر الوحيد لوفاة العشرات داخل قسمَى الحروق، وحتى داخل أحدث قسم بمستشفى كفر الدوار العام، حيث الإقبال الشديد وعدم توافر أسرّة، ما يضطر إدارة المستشفى إلى محاولة تكييف الخدمات حسب الحالات الموجودة. ومع كثرة حوادث الحرائق، أدرك المواطنون وجود أزمة بسبب نقص أقسام الحريق، وباتوا يطالبون بإنشاء أقسام الحروق بجميع المستشفيات الحكومية، لتحميهم من خطر السفر إلى المحافظات المجاورة حال وقوع حادث حريق.

خبر افتتاح قسم الحريق بمستشفى كفر الدوار العام رغم عدم إمداده بالأجهزة الطبية اللازمة، لاقى ردود فعل إيجابية من قبَل المواطنين، إلا أن فرحتهم تحولت إلى حالة من الغضب عقب وفاة طفل لم يتجاوز عمره ١٢ عاماً، بعد رفض أحد الأطباء بالمستشفى علاجه من الحروق التى أصابته إثر انفجار «جركن» بنزين فى جسده، وأشعلت الواقعة حماس العديد من رجال الأعمال بالمدينة للتبرع لقسم الحروق وافتتاحه فعلياً.

«هيثم عبدالعزيز»، رئيس مجلس إدارة جمعية صوت كفر الدوار، يقول لـ«الوطن»: «لم تكن واقعة الطفل أحمد إبراهيم جويدة هى الأولى فى سجل إهمال قسم الحروق بمستشفى كفر الدوار العام، الذى جرى افتتاحه على الورق فى عام ٢٠١٧، وظل القسم يستقبل الحالات فى العنابر العادية، ونتج عن حالة التخبط والإهمال العديد من حالات الوفيات، إلى أن تم افتتاح قسم الحروق مرة أخرى، بعد حملة واسعة لجمع التبرعات والمشاركة المجتمعية، تم على أثرها إحلال وتجديد العنابر المتهالكة، وتوفير أسرّة عناية مركزة خاصة بحالات الحروق وأجهزة طبية، وعقب تضافر الجهود والضغط على المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة آنذاك، تم افتتاح القسم وتشغيله بكامل طاقته».

التبرعات تنقذ قسم مستشفى كفر الدوار

وأضاف: «لم يشف قرار توقيع الجزاء على طبيب جراحة التجميل والحروق بالمستشفى صدور الأهالى بكفر الدوار، بل تقدم العديد من المواطنين بشكاوى لإحالة الطبيب المُقصر إلى الشئون القانونية بالمحافظة، وأعقب التحقيق قرار بإقالته من منصبه بقسم الحروق، بعد امتناعه عن مصاحبة الطفل «أحمد» المصاب بحروق فى سيارة الإسعاف لمستشفى أبوقير، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة له أثناء عملية النقل، وعقب أيام قليلة من نقله توفى الطفل متأثراً بجراحه، وحينها أعلن الدكتور ياسر زايد، مدير مستشفى كفر الدوار العام، افتتاح قسم الحروق بالمستشفى، بعد تعثر استمر لفترة طويلة»، لافتاً إلى أن نشر القضية دفع الجهات المسئولة إلى توجيه دعمها لافتتاح قسم الحروق بالمستشفى، وزادت عمليات التبرع خلال هذه الفترة.

«العذاب والموت لكل شخص يتعرض لحادث حريق، ويحاول الذهاب إلى أقرب قسم حروق بالبحيرة»، قالها فخرى الخطيب، محاسب، متابعاً: «نحن سكان مركز الرحمانية الذى يقع على حدود محافظة البحيرة مع كفر الشيخ، أزمتنا أكبر من أى مركز آخر، حيث إن أقرب قسم للحروق لنا فى كفر الدوار، ويبعد عنا مسافة تتجاوز ٧٠ كيلومتراً، ولا يوجد سوى طريق فردى ملىء بالمطبات الصناعية التى تمنع أى سيارة من السير بسرعات عالية، ما يزيد من معاناة المصاب طوال هذه المسافة، فكيف يُعقل أن يتعرض أحد للإصابة فى مركز ويضطر للسفر كل هذه المسافة لتلقى العلاج، ويرفض أى مستشفى عام استقباله وإجراء الإسعافات الأولية له». وأشار إلى أن قريته شهدت واقعة محاولة شاب الانتحار بإشعال النيران فى جسده، بسبب مروره بضائقة مالية منذ أعوام قليلة، وحينها تجمّع أهل الخير بالقرية وأجمعوا على نقله لأقرب مستشفى: «نقلته فى سيارتى الخاصة لعلاجه، إلا أننا فوجئنا بعدم قبوله بمستشفيات الرحمانية، المحمودية، شبراخيت، دمنهور، أبوحمص، وكانت هذه هى المرة الأولى التى أعرف فيها عن عجز أقسام الحروق بالمستشفيات، وإحالة أى حالة إلى المستشفى الجامعى بالإسكندرية أو مستشفى أبوقير، وكانت رحلتنا إلى المستشفيات المذكورة رحلة عذاب ومعاناة، فلك أن تتخيل أن شخصاً تأكل النيران فى جسده، ويصرخ من شدة الألم ولا يجد من يسعفه، حتى إن أحد الأطباء قال لنا نصاً عندما طالبناه بتقديم المساعدة الطبية المتاحة لديه: حد قال له يروح يولع فى نفسه، أدركت وقتها أن هناك أطباء استبدلوا قلوبهم بقطع من الحجر الصلب».

مصدر بـ"الصحة": نسعى لافتتاح أقسام جديدة

مصدر بمديرية الصحة، رفض ذكر اسمه، أوضح أن «قسم الحروق بمستشفى كفر الدوار لم يكن على استعداد لاستقبال أى حالة، نظراً لعدم وجود الاعتمادات المالية اللازمة لتوفير أسرّة مجهّزة وبعض الأدوات والمعدات الطبية، وتم توفير مبلغ 250 ألف جنيه من صندوق دعم الدواء بالمحافظة، و40 ألف جنيه لوحدة الحروق، وافتُتح القسم عقب واقعة وفاة الطفل أحمد مباشرة، وهو يحتوى الآن على 8 أسرّة عناية مركزة، و2 مرحلة متوسطة (إفاقة)، و10 أسرّة لمرضى عاديين، وجارٍ تقديم طلبات لافتتاح أقسام حروق أخرى بالمستشفيات، لضمان تقديم الخدمة الطبية لأكبر عدد من أبناء المحافظة فى هذا التخصص، ولا ننكر أن بُعد المسافات يشكل خطراً على المصابين، ولدينا قاعدة أساسية فى الطب تؤكد أن كل ثانية تفرق فى حياة الإنسان».


مواضيع متعلقة