المفيد الفورى عن مفيد فوزى!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

من الآخر.. من الآخر زمنياً نقصد.. هاجم مفيد فوزى نجم الكرة العالمى محمد صلاح وانتقده بشدة وطال الأمر زوجة اللاعب، وعندما ثارت الدنيا ضده، وكان طبيعياً أن تثور، وجدنا أغرب وأعجب تبرير لهجومه على «صلاح» وهو أنه يخشى على اللاعب من مصير الكابتن محمود الجوهرى الذى ارتفعت به الجماهير إلى «سابع سما ثم ألقت به إلى سابع أرض قبل رحيله إلى الأردن لتدريب منتخبها»! و«أنه من جيل أبوتريكة ومحمود الخطيب وفاروق جعفر ولهم وضعهم ولكن فى حدود المعقول»!! وهكذا أراد مفيد فوزى تكحيلها فأعماها.. فلا الجماهير ألقت بمحمود الجوهرى إلى سابع أرض بل تتذكر الجماهير اسمه بكل امتنان باعتباره رمزاً من رموز الكبرياء للكرة المصرية.. ولا هو من جيل فاروق جعفر والخطيب، بل قل من جيل حنفى بسطان ورفعت الفناجيلى وعبده صالح الوحش!

قبل محمد صلاح كانت الواقعة الكوميدية مع الفنانة سناء جميل ولكنها دالة على سلوك الرجل وثقافته.. والقصة باختصار أن المحاور الشهير كان يجرى حواراً مع الفنانة الكبيرة فى بيتها أثناء مرضها إلا أنها أثناء الحوار ضبطته يلقى «قشرة لب» على الأرض فوجهت له لوماً شديداً! ومن المؤكد أن اللوم كان أمام فريق عمل البرنامج، ومن المؤكد أيضاً أن البرنامج كان مسجلاً وأنه من الطبيعى حذف المشهد من الحوار كله، ولا نعرف هل أصر مخرج العمل ومونتيره على عدم الحذف أم هو من طلب ذلك زيادة فى الترويج والدعاية للحلقة دون الانتباه أن الأمر «مقرف» ويعطى انطباعاً سيئاً عنه شخصياً؟!

قبل سناء جميل كان موقف مفيد فوزى من جمال مبارك وقصة تولى الأخير رئاسة مصر.. كثيرون الآن يتحدثون وينكرون فكرة التوريث وأنها لم تكن موجودة من الأساس وغير مطروحة لا فى ذهن الرئيس مبارك ولا زوجته السيدة سوزان ولا فى ذهن جمال مبارك نفسه الذى لم يكن أكثر من شاب يساعد والده!!

ورغم سخافة التوصيف «أنه يساعد والده»، وكأننا فى «ورشة خراطة»، لكن البعض ينسى الأرشيف العجيب الذى يحتفظ به الزمن مع القدر الآن للكثيرين.. ومما يحتفظ به حوار أجراه الإعلامى المحترم معتز الدمرداش عام 2009 مع مفيد فوزى، وبعيداً عن قول «فوزى» فى الحوار إن «مبارك أعظم من حكم مصر»، وهو نفسه ما قاله قبل ذلك فى ظروف أخرى عن الرئيس السادات، وهو نفسه ما قاله بعد ذلك وفى ظروف أخرى عن الرئيس السيسى، إلا أنه بعيداً عن ذلك كله قال مفيد فوزى فى الحوار حرفياً: «أقولها بصراحة وبهدوء: جمال مبارك رئيساً لمصر، وهو ذكى جداً، ولن أقول أكثر من ذلك حتى لا تقول إننى أمتدح الرئيس القادم لمصر»! وبالطبع لو سار القدر كما تمناه مفيد فوزى لصار جمال مبارك أعظم من حكم مصر أيضاً!

قبل جمال مبارك نتوقف أيضاً عن الاستفادة من علاقة مفيد فوزى بالعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.. هذا التوظيف الذى منحه بريقاً وقت تراجع الأضواء ومنحه أموالاً حيث حل ضيفاً على قنوات عديدة تدفع بالدولار.. وكلها قنوات تجرى وراء هذا النوع من الموضوعات.. ليس فقط لأنها تمنحها رصيداً إعلانياً هائلاً فحسب، بل لأنها أيضاً مطلوبة فى ذاتها لتسطيح المواطن العربى عموماً والمصرى تحديداً، فضلاً عن الطعن فى سير رموز فنية وثقافية شكلت وجدان الملايين وألهبت حماسهم فترات طويلة!

يقول مفيد فوزى عن العندليب إنه تزوج من الفنانة سعاد حسنى.. وهذا لا عيب فيه، فالزواج ليس عاراً ولا حراماً.. إنما العار أن نؤتمن كأصدقاء على أسرار ثم نكشفها.. العار أن نؤتمن على أسرار لم يمنحنا أصحابها حق البوح بها أو الكشف عنها أو الكلام فيها! وكثيرة هى الأسرار أو الأخبار التى نعرفها لكننا لم نعرفها كصحفيين اجتهدنا للوصول إليها بل كأصدقاء مقربين لا يصح أن نتناولها أو نخوض فيها.. لكن المدهش، ونحن لسنا بصدد مناقشة زواج حليم من السندريلا من عدمه، هو قوله فى نفس الوقت إن عبدالحليم حافظ لم يكن قادراً على الزواج ولا إقامة علاقات حميمية، ويؤكد على الشاشة أنه كان يعود من كل علاقة من هذا النوع بنزيف!!! وبعيداً عن الطعن فى صديق راحل له عليه أفضال كثيرة.. لا نعرف أى الروايات أصدق؟.. هل هو تزوج، أو غير قادر على الزواج، أم هو قادر ولكن بمضاعفات؟! أهو أى كلام والسلام طالما الأمر يثير فضول الكثيرين ويدغدغ مشاعر الملايين ويحفز الفضائيات على الثرثرة معه فى برامجها وطالما هناك إعلاميون يتحاورون معه ولا يدققون!

وقبل كل هؤلاء يظل السؤال: هل كان مفيد فوزى أحد الذين رسخوا فكرة الهزيمة من إسرائيل فى وعى وأذهان ووجدان أجيال عديدة؟ الإجابة: نعم كان.. هو وآخرون.. خلطوا الوطنى بالسياسى فقدموا أعظم خدمة يمكن تقديمها لجهاز المعنويات والمعلومات بالموساد الإسرائيلى وهذه مهمته الأولى بل ولإسرائيل كلها.. فنحن مع دراسة الأحداث الكبرى خصوصاً الانكسارات لأخذ العبرة والتحصين ضد أسبابها ولمنع تكرارها.. إنما لم يكن الأمر شيئاً من ذلك عند مفيد فوزى ومن مثله وكلنا نعرف أسماءهم.. بل كان الأمر انتقاماً من نظام وتقرباً من أنظمة أخرى مع فراغ وخواء وغزل لمن هم هنا ولمن هم هناك.. ونتذكر أن أحدهم سأله مباشرة ذات حوار: وهل عندما أوقفوك عن العمل أوقفوا مرتبك؟ بالطبع كان وكأنه لم يسمع شيئاً.. لأنه يعرف أنه لم يتوقف صرف راتبه لا له ولا حتى للمتهمين فى قضايا سياسية.. لكنها لعنات الكراهية التى تدور فتصيب أصحابها أنفسهم!

دع الوعظ لغيرك يا مفيد.. على الأقل حتى يكون وعظاً ويكون مفيداً!