في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.. لا تراجع ولا استسلام

كتب: إنجى الطوخى

في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.. لا تراجع ولا استسلام

في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.. لا تراجع ولا استسلام

تواجهها الحياة يوماً بعد الآخر بضربات قاسية، تعرقل مسيرة أحلامها، تستنفد طاقتها، تقتل الأمل المتغلغل فى ثنايا روحها ببطء، فتتوقف وهى تحبس دموع الحزن، لتسأل عن جدوى الاستمرار فى الطريق.

هى لا تُحارب لأنها لا تملك القدرة على الإنجاز أو خلق الإبداع أو تغيير الواقع، بل فقط لأنها أنثى، فتارة يُستخدم ضدها عنف لفظى، وأخرى نفسى، وثالثة بدنى، وأحياناً تمييز قائم على النوع الاجتماعى.. وبالتزامن مع اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة اختارت «الوطن» تقديم شهادات ممن صممن على النجاح واستكمال المشوار رغم الصعوبات

مريم نعوم المدافعة عن الحقوق بالدراما

صدفة أو قدر، تميّزت أعمالها بلمحة نسائية، تقدم بكل جرأة قضايا طالما سكت المجتمع عنها، بداية من طلاق المسيحيات، أو جرائم النساء وحالهن داخل السجون، وغيرها.

مريم نعوم، سيناريست ومؤلفة، رغم ولادتها فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها تشرّبت الثقافة المصرية، مؤكدة أنها أخذت عهداً على نفسها بمواجهة أى موقف عنف نفسى أو بدنى أو لفظى يمكن أن تتعرّض له بكل قوة. تتذكر «مريم» أكثر موقف تعرّضت فيه لعنف واستطاعت التغلب عليه: «كأى فتاة مصرية واجهت تحرشاً فى الطفولة، وخلال المراهقة، وحتى فى بدايات الشباب، وهى مشكلة مجتمعنا يحتاج فعلاً إلى تغييرها، وإعادة النظر فيها، لأنها لا تؤذى المرأة جسدياً فقط، بل نفسياً، حتى لو كان مجرد عنف لفظى بالكلمات، ونتيجة قسوة تلك التجارب، تعلمت كيف أدافع عن نفسى، وأواجه الأمر بكل شجاعة، حتى أتخلص من تأثيره المرعب، فلا أشعر أننى ضحية، أو أشعر بالذنب، لعدم قدرتى على المواجهة». ترى «مريم»، 42 عاماً، أنه يجب تعليم المرأة منذ الصغر ضرورة احترام جسدها ونفسيتها وعقلها، لكى تستطيع التصدى لأى محاولة عنف تجاهها: «كان سلاحى فى مواجهة تلك المواقف، خصوصاً التحرش، هى ردود قاسية وحاسمة، وقد نجحت فى ذلك».

فاطمة ناعوت  الاشتباك بالرأى

كـ«مقاتلة» لا تتوقف معاركها الفكرية، أو تخشى الدخول فى اشتباكات أدبية، هو حال الشاعرة فاطمة ناعوت، التى هجرت دراستها فى مجال الهندسة المعمارية، من جامعة عين شمس، لتنشغل بالتعبير عن هموم الوطن، ولم تنسَ التعبير عن المرأة. «للأسف، حينما تبدى المرأة اختلافاً فى الفكر أو الرأى فى المجتمع، سواء كانت شخصية عامة أو حتى عادية، يتم استخدام العنف ضدها، من أجل الضغط عليها، ومحاولة إخضاعها، فلا يتم مناقشتها بالحجة أو الرد عليها بالدليل العقلى، بل يُتعمد فى كثير الأحيان اللجوء إلى أساليب أخرى تعتبر غير شريفة، مثل اتهامها فى شرفها، مثلما حدث معى من المؤيدين للإخوان المسلمين». أقصى موقف مؤلم تعرّضت له لم تزل تعانى من تأثيراته النفسية حتى الآن، كان بسبب المعارضة التى أبدتها فى كتاباتها أو لقاءاتها التليفزيونية ضد جماعة الإخوان المسلمين، حيث تعرّضت لتهديدات بالقتل والاغتصاب: «كان يصلنى بشكل يومى رسائل تليفونية ومكتوبةتحمل تهديدات بالاغتصاب والقتل».

سحر الموجى.. مواجهة وتمرد بـ"الأدب"

تُجيد فن الحكايات، وتلاوة القصص، بلا انقطاع، كأنها «شهرزاد» العصر الحديث، هى سحر الموجى، المرأة التى جمعت بين الدراسة الأكاديمية والممارسة العملية لفن الأدب والشعر. لم تقتصر على عملها كأستاذة فى الأدب الإنجليزى بكلية الآداب بجامعة القاهرة، بل سعت إلى تطعيم عملها الأكاديمى بالغوص فى فن الرواية والقصة القصيرة من خلال 6 أعمال، كان آخرها «مسك التل».

تدرك «الموجى» أن المرأة المصرية تعانى من العنف بكل موجاته النفسية والبدنية، وقد تعرّضت لإحدى هذه الموجات عندما كانت صغيرة، وكانت هناك محاولات من البيئة المحيطة، لإيقاف تقدمها ودفعها إلى الصورة النمطية للمرأة، وهى الزواج بعد التخرّج: «كدت أن أتعرض لذلك العنف، بأن يكون هناك سقف لأحلامى ونضوجى، وفهم العالم من حولى، لكننى رفضت».

يبدو الرسوخ والثبات واضحاً فى صوت «الموجى» وهى تتحدث عن مقاومة ذلك النمط من العنف، بكل الطرق، مرة بفن الرواية وأخرى بالقصة القصيرة التى تتحدث عن مشكلات المرأة المجتمعية، وثالثة بورش تساعد على تمكين المرأة، ومواجهة العنف الاجتماعى: «أدركت أن هناك أفقاً آخر وتصوراً آخر للحياة، واستطعت اكتشاف نفسى كامرأة حرة، بعيداً عن التشكيل الثقافى الذى كاد يُحد سقف أحلامى».

دينا عصمت سنواجههم بـ"الكاراتيه"

منذ عامها الأول فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، وضح للعيان بوادر موهبتها الإعلامية، وقدراتها اللبقة فى إجراء الحوارات. دينا عصمت، مذيعة قناة «dmc»، ظهرت لأول مرة على شاشة التليفزيون وهى فى سن الـ18، كمذيعة على قناة «البغدادية»، ثم انتقلت إلى قناة «الساعة»، ومنذ تلك اللحظة، لم يتوقف سعيها الدؤوب.

تروى «دينا» أكثر موقف عنف نفسى تعرّضت له، حينما كانت تمارس رياضة «الكاراتيه»، واستطاعت الحصول على بطولة الجمهورية فيها، ومع ذلك كان بعض معارف عائلتها يرون أن ما تفعله بلا فائدة، والرياضة لا تتلاءم مع طبيعتها كأنثى.

وبعد فترة، ومع وصولها إلى بطولة الجمهورية، كان يتم «تخويف» والدتها، من أن استمرارها بتلك اللعبة، قد يعوق قدرتها على الزواج: «لم أعر الأمر اهتماماً، وحالياً أنا متزوجة، ولدى طفلان».

نهاد أبوالقمصان.. ثائرة على التمييز

سخّرت دراستها فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، لنشر الوعى بالحقوق القانونية والسياسية للمرأة المصرية.. هى الناشطة الحقوقية نهاد أبوالقمصان، التى اشتُهرت بالدفاع عن قضايا تمكين المرأة، سواء بالكتابة أو تقديم البرامج التليفزيونية، أو حتى تأسيس المركز المصرى لحقوق المرأة الذى ترأسه حالياً.

«والدى كان مدرساً، وربانا أنا وشقيقاتى البنات على ألا نسمح لأى شخص مهما كان، بأن يقلل من شأننا كنساء أو فتيات، أو أن يخبرنا بما يجب فعله وما لا يجب، بل إننا أشخاص نتمتع بالأهلية الكاملة، لنا قناعاتنا وأفكارنا التى يجب على الجميع احترامها».

ثورة صغيرة صنعتها «نهاد» فى «مدرسة الوراق الابتدائية»، فخلال دراستها فى الصف السادس الابتدائى، رفض المدرسون تعيين شرطة مدرسية من الفتيات، بحجة أنها مقتصرة على الرجال، لكن ابنة الـ12 عاماً ردّت ودافعت عن بنات جنسها بقوة: «كان المدرسون يوجّهون لنا نحن الطالبات سؤالاً استنكارياً (عمرك شفتى بنت أو ست ظابط؟)، وكنت أرد أنه حتى لو كانت هذه الوظيفة غير موجودة، فعلينا أن نصنعها، وقتها كان هناك 6 فصول مخصّصة للصف السادس الابتدائى، كنت أعقد اجتماعات مع الفتيات فى تلك الفصول للمطالبة بتغيير ذلك البند، ثم نذهب للمدرسين يومياً، ولمدير المدرسة، حتى نجحت، وبالفعل صارت هناك شرطة مدرسية من الفتيات».

رانيا يحيى  فى يدى "فلوت"

أطلقوا عليها «فراشة الفلوت»، بسبب براعتها فى تقديم أرق الألحان من خلال الآلة الموسيقية الساحرة، لكن الدكتورة رانيا يحيى، رأت أن دورها المجتمعى أكبر من حدود أوركسترا دار الأوبرا المصرية، فانطلقت فى نشر الوعى وتقديم الدعم للمرأة المصرية من خلال عضويتها بالمجلس القومى للمرأة. ترى «رانيا» أن الكثير من الفتيات والسيدات المنتميات إلى الطبقات البسيطة، ما زلن يعانين من سيطرة الخوف والرهبة على قلوبهن، من جراء العنف الذكورى الممارس ضدهن. أكثر موقف تتذكره كان به تمييز قائم على النوع الاجتماعى، كان خلال حملات قام بها المجلس القومى للمرأة، من أجل القضاء على عادة ختان الإناث فى عدة قرى فى الجيزة: «فى البداية عندما كنا نجتمع بنساء كل قرية، من أجل توعيتهن بخطورة ممارسة تلك العادة على بناتهن، كن ينظرن إلىّ بنوع من الشك، ، وكان هذا بالنسبة لى تمييزاً».

آية مدنى.. نجاح رياضى رغم التهميش

 

مبدأها فى الحياة أنه لا توجد حدود لقدرات المرأة، هى آية مدنى، التى فازت ببطولة العالم فى «الخماسى الحديث» مرتين عامى 2006 و2008، فلم ترضَ أن تتوقف مسيرتها عند حد الفوز بالبطولات، بل جمعت بين خمسة مناصب مختلفة، فهى مدرس مساعد بالأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا، وعضو مجلس إدارة نادى الشمس، ورئيس لجنة اللاعبين بالاتحاد الدولى للخماسى، وعضو لجنة اللاعبين باللجنة الأولمبية الدولية، بالإضافة إلى كونها سفيرة بمنظمة السلام والرياضة.

«واجهت وما زلت أواجه، فكرة سيطرة النظرة الذكورية على الوسط الرياضى، ومحاولة تهميش دور المرأة، وعدم إعطائها الفرصة الكاملة لتحقق التغيير المطلوب»، كلمات «آية»، 31 عاماً، التى واجهت جزءاً من التمييز ضدها بلعبتى جهاز السلاح والجمباز فى نادى الشمس: «طورت آلية العمل فى المجالين من خلال توفير طرق للتدريب حديثة ومنع الدروس التخصصية التى تضر اللاعبين وترهق الأهالى مادياً».

تشرح «آية»، التى تعمل فى المجال الرياضى منذ أكثر من 20 عاماً، أن فكرة الشللية أكثر ما آلمها، وكذلك التمييز القائم على النوع الاجتماعى، فلا تتوافر لها الفرصة مثل كثير من زملائها الرجال، الذين يجتمعون على «المقاهى» ليلاً، ويبدأون فى تكوين شبكة علاقات، تسهل عليهم إدارة أعمالهم، واستبعاد أى عنصر نسائى على هواهم: «نجحت بدون الحاجة لكل ذلك».


مواضيع متعلقة