بريد الوطن.. يوميات ميت(قصة قصيرة)

بريد الوطن.. يوميات ميت(قصة قصيرة)
لقد توفيت منذ ساعتين، وجدت نفسى محاطاً بمجموعة من الملائكة والأرواح الطيبة، وأُناس آخرين لم أقابلهم، وأنا الآن أقف أمامهم، أحس بهمساتهم وأنفاسهم الساخنة تتخلل روحى، لستُ على ما يُرام، إنهم يقتربون منى، توسلت لهُم أن يعيدونى إلى الحياة للَحظات، من أجلِ أمى المريضة، أُريد أن أُطمئنها علىَّ، وأن أكذُب عليها لآخِر مرة وأخبرها أننى بخير!
ما هذا! لقد انشق قبرى، أخبرنى أحدهُم بأن أنظُر إلى الشق، وهمسَ فى أُذنى قائلاً لديك فُرصة أخيرة، ستطمئنُ عليها من هُنا، ولكن عليك أن تعرف بأن توقيتنا يختلفُ كُل الاختلاف عن توقيت الدنيا، ومن ثم تحول هذا الشق إلى شىء يُشبه شاشة العرض، ما هذا! إنها أُمى! أخبروها ألا تبكى فأنا هُنا فى نعيم مُحاطٌ بملائكة الرحمن، الصورة كانت مُسرعة جداً، والزمن كان يتغير، ماتت أمى وتغيرت أحوال شارعنا، وتزوج إخوتى، أصبح للجَميع حياته الخاصة، كانت الأحداث والسنين تمُر أمامى فى غمضة عين، ولكن فى ظل هذه الأحداث الكثيرة والصورة المُشوشة، لاحظتُ شيئاً يبدو كالطيف ولكنه كان يتلاشى شيئاً فشيئاً، ناديت أحدهم، توسلتُ له أن يخبرنى ما هذا الطيف، كان ملاكاً طيباً، قام بتكبير الصورة لى، بل زاد بأن عرض المشهَدْ بالتوقيت الدنيوى، ولا أزال أنا فى مكانى، كُلما أتذكر هذا الظل أراه يبكى فأبكى، لم يكُن هذا الظل سوى أبى.
أحمد حامد كشك
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com