وداعا أيتها الصحراء.. "العاصمة الإدارية" تتزين بفروع جامعات دولية

كتب: أحمد أبوضيف وكريم رومانى

وداعا أيتها الصحراء.. "العاصمة الإدارية" تتزين بفروع جامعات دولية

وداعا أيتها الصحراء.. "العاصمة الإدارية" تتزين بفروع جامعات دولية

كانت صحراء.. كان هذا هو المشهد حين وفد مئات العمال من صعيد مصر قبل عام تقريباً للعمل فى إنشاء عدد من الجامعات بالعاصمة الإدارية الجديدة، مؤسسة على نظام يضاهى الجامعات العالمية، وذلك بعد توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة الانخراط والتوأمة مع كبرى الجامعات العالمية للارتقاء بمنظومة التعليم المصرى بقطاعيه «الجامعى وما قبل الجامعى».. أما الآن فقد تغير الواقع كثيراً بأيد مصرية وقيادة وعدت فنفذت، حتى بدأت ملامح نهضة عمرانية تعليمية فى العاصمة الإدارية عبر كيانات لجامعات مصرية ودولية لها شراكات مع نظيراتها العالمية، كبداية لإنشاء ما لا يقل عن 10 جامعات ذات تصنيفات مرموقة.

وقد بدأ انتظام الدراسة بثلاث جامعات دولية بالعاصمة الإدارية، أولاها «البرنس إدوارد آيلاند»، التى أنشئت بمجمع الجامعات الكندية العام الماضى، وجامعة «كونفنترى» بمجمع جامعات المعرفة، والجامعة الألمانية التطبيقية الدولية العام الحالى.

أعضاء هيئات التدريس: سعداء بالتجربة ونهتم بالجوانب العملية والتنسيق مع المؤسسات الأخرى لتدريب الطلاب

كانت «الوطن» هناك لرصد ما تحقق على أرض العاصمة الإدارية من نجاحات تعليمية فى توقيت قياسى، يعكس حرص القيادة السياسية على الإنجاز والبناء، لدعم الحركة التعليمية التى توليها الدولة المصرية أولوية خاصة، سواء بالاهتمام بالمعلم أو بالإنشاءات والبنية التعليمية أو بنظم التعليم الحديثة.

بمجرد أن تصل مقر كاتدرائية ميلاد المسيح، تجد بالقرب منها جامعة «كونفنترى»، الواقعة على طريق «ممر الحضارات»، وهى إحدى جامعات مؤسسة المعرفة الدولية، التى شرعت فى استضافة عدد من الجامعات البريطانية المرموقة ذات التصنيفات العالمية، فبمجرد دخولك تستقبلك الحدائق والاستراحات بطراز بريطانى كلاسيكى ممزوج بروح مصرية، يوحى بتقارب تاريخى وعمق العلاقات الحالية بين الثقافتين، ويواجهك مبنى ضخم على مساحة لا تقل عن 3 آلاف متر مربع، تم تجهيزه لاستقبال أول دفعة بأول فرع بالمجمع، مصصم وفق أحدث النظم العالمية من حيث التجهيزات والإمكانيات.

وبعد عبور الباب الرئيسى تجد مسرحاً خشبياً يتسع لنحو 200 طالب، صُمم خصيصاً للمناسبات العامة والفعاليات والندوات التى تنظمها الجامعة، وعلى يسار المسرح توجد الاستعلامات واستراحة كبار الزوار.

تتكون الجامعة من 5 أدوار، يشمل الدور الأول قاعات المحاضرات ومكتبة الجامعة المجهزة بأحدث التكنولوجيات، وفى الدور الثانى قاعات السيمنار ومعامل الحاسب الآلى المزودة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، بينما يحتضن الدور الثالث المعامل الخاصة بمواد العلوم والتكنولوجيات البازغة، بالإضافة إلى مجلس إدارة الجامعة، وفى الدورالرابع قاعات للمحاضرات ومكاتب أعضاء هيئة التدريس، وفى الدور الخامس قاعات استذكار وصالات جيم.

وتأتى جامعة «البرنس إدوارد آيلاند»، التابعة لمجمع الجامعات الكندية، كأول جامعة تؤسس لاستقبال الطلاب بالعاصمة الإدارية الجديدة العام الماضى، ترى بها كل ما يلزم للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة، تظهر بها 3 مبانٍ رئيسية، الأول يضم كليات الحاسبات والهندسة، والثانى مبنى إدارة الجامعة وكلية الإدارة وريادة الأعمال، وفى المبنى الثالث والأخير منطقة المطاعم لكبرى التوكيلات العالمية، وكذلك أماكن الترفيه والمشتريات والمتعلقات الخاصة بالطلاب.

وقرب فندق الماسة وطريق مسجد «الفتاح العليم» تجد الجامعة الألمانية للعلوم التطبيقية، إحدى قلاع التعليم بالتعاون مع عدد من الجامعات الألمانية التطبيقية التى تهدف لإخراج كوادر صناعية متميزة، من خلال الاشتراك مع 10 جامعات ألمانية، أبرزها «أولم» و«برلين» و«ميونيخ»، وعلى مساحة 3 آلاف متر يوجد مبنى على يمين الباب الرئيسى للجامعة التى تقع على 30 فداناً، والمبنى يضم 6 أدوار بعد الأرضى وقد شارف بناؤه على الانتهاء استعداداً لاستقبال أول دفعة بدأت الدراسة مؤقتاً بالجامعة الألمانية بالقاهرة، بناء على الاتفاقية المبرمة بين الجامعتين، مطلع فبراير المقبل.

وبمجرد التفكير فى إنشاء جامعات دولية فى العاصمة الإدارية، أصبح الحلم على وشك التحقيق، خاصة مع وجود رغبة فى نقل تجربة التعليم الجامعى الدولى إلى مصر، فاستغل عدد من الأكاديميين التجربة، ودرسوا فى هذه الجامعات، مؤكدين أنها تعد نقلة نوعية فى مسار إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية، موضحين أن الدراسة تهتم بالجوانب العملية بشكل مكثف، بجانب التنسيق الكامل مع مختلف الجهات والمؤسسات الأخرى، سواء كانت تعليمية أو صناعية.

"ناصر": فعَّلنا برامج تتماشى مع متطلبات سوق العمل

تقول سلمى ناصر، معيدة بكلية الهندسة بجامعة المعرفة، إن الدراسة بالجامعات الدولية، التى تم إنشاؤها فى الفترة الأخيرة بالعاصمة الإدارية، لا تقل أهمية عن الدراسة بالجامعات الأجنبية فى دول العالم، مؤكدة أن البرامج والتخصصات التى تم تفعيلها فى الجامعات الجديدة تتماشى مع متطلبات سوق العمل، من خلال تخريج كوادر بشرية مؤهلة محلياً ودولياً، مشيدة بسرعة إنجاز وبناء المنشآت الجامعية بالعاصمة الجديدة، التى اعتبرتها بداية نهضة حديثة فى مصر، لافتة إلى أن خطوة إنشاء أفرع للجامعات الدولية المرموقة خير دليل على وجود عزم لدى الدولة المصرية لبناء نهضة شاملة فى شتى المجالات، موضحة أن فرع جامعة «كوفنترى» يحتوى عدداً من التخصصات والبرامج المتماشية مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى والثورة الصناعية الرابعة، وهذه الخطة ستحافظ على العقول المصرية المتميزة، التى كانت تهجر مصر وتغادر إلى العالم الأول لتوافر الإمكانات به، كما أن الطلاب المتفوقين يقبلون عليها لأن شهاداتهم النهائية ستكون بنفس مواصفات الجامعة الأم التى ينتمى إليها الفرع المقام بالعاصمة الإدارية.

من جانبها، قالت الدكتورة مها صديق، إحدى أعضاء الهيئة المعاونة بالجامعة، إنها تقدمت للالتحاق بالجامعة لرغبتها وإيمانها بأن جامعات العاصمة الإدارية ستكون خطوة جديدة للدولة المصرية لإصلاح مسار التعليم، فضلاً عن رغبتها فى خوض تجربة جديدة فى القطاع المهنى، موضحة أن مهام عملها تتلخص فى مساعدة أعضاء هيئة التدريس جميعاً فى تأدية مهامهم داخل المعامل، خاصة معامل الحاسب الآلى، وأكدت أن الدراسة بجامعات العاصمة الإدارية لها مواصفات تميزها عن باقى الجامعات، فضلاً عن أنها تتميز ببرامج حديثة غير نمطية وأسلوب دراسة يتمتع بطابع التفكير والعقلانية وليس الحفظ والتلقين.

"نور": أتمنى تفعيل مسابقات مختلفة لتنمية روح الفريق لدى الطلاب

وتمنى الدكتور نور أحمد سمير، معيد بكلية الحاسبات، تفعيل نشاط المسابقات وتحفيز الطلاب على الاشتراك فيها لتنمية روح الفريق بينهم، وعن فرص العمل المتاحة أمام طلاب الجامعة، كشف أنها تتمثل فى مجال الكومبيوتر والبرمجيات، موضحاً أن الجامعة تعلم الطلاب كيفية حماية البيانات الإلكترونية من خلال بنود معينة، مؤكداً أن «مصر بتخرج ناس كتيرة من تخصص الهندسة بس الفكرة إن الجامعة لازم تتيح للطالب أكثر من طريق للوصول إلى هدفه، ولا يجوز فصل تخصص الحاسبات عن تخصص الهندسة.. بيكملوا بعض»، وأوضح أن التدريس فى الجامعة يركز على الدمج بين التعليم عن بعد، والتعليم المباشر، ما يخلق نوعاً من التفاعل بين الطالب وعضو هيئة التدريس. وتحتوى الجامعة الألمانية على أربع كليات ذات تخصصات خدمية، أهمها كلية الهندسة التى تشمل تخصصات عملية كميكانيكا السيارات، والروبوتات، وهندسة الكهرباء وتوليد الطاقة، وكلية علوم الحاسبات، التى تشمل علوم البيانات، بجانب كلية الإدارة ومنها تخصص الأعمال الدولية، والتسويق الرقمى، وكلية التصميم الصناعى، وتصميم الأزياء.

"الموجى": نحرص على تصميم مشروعات ابتكارية لخدمة البيئة

بحسب الدكتور عمرو الموجى، عميد كلية الهندسة بالجامعة الألمانية التطبيقية، وأضاف «الموجى» أن بيئة التعليم فى الجامعة الألمانية تتيح للطالب فرصة الاستعداد المكثف لمتطلبات سوق العمل، وإدراك تحدياته وكيفية التغلب عليها، سواء من خلال التركيز على الجانب العملى، الذى يتمثل فى تصميم مشروعات ابتكارية لخدمة البيئة، أو تقديم حلول واقعية لمشكلات تعانى منها شركات الأعمال، فضلاً عن تعظيم الاستفادة من التكنولوجيا فى مخرجات البحث العلمى، وأوضح أن الجامعة تختلف عن جامعات العاصمة، لأنها لا تتبع قانون الجامعات الخاصة، وقد أنشئت بمعاهدة بين 9 جامعات ألمانية بالإضافة للجامعة الألمانية المصرية «جى يو سى» بالقاهرة، فضلاً عن كونها أول جامعة فى مصر للعلوم التطبيقية.

وتقول كافينك كالندى، مديرة شئون الطلاب والتسجيل بفرع جامعة «البرنس إدوارد» بالعاصمة الإدارية الجديدة، إنها سعيدة بالتجربة الجديدة لها داخل مصر ونقلها خبرات اكتسبتها خلال فترة حياتها لأجيال جديدة تهدف جميعاً إلى بناء إنسان سوى، وأكدت «كالندى» أن هناك قسماً تابعاً لشئون الطلاب يهتم بتطوير الطلاب وإكسابهم المهارات المختلفة، ليس فى الاتجاه الأكاديمى فقط، وإنما فى شتى المجالات التى تبنى شخصياتهم العملية والحياتية بعد مراحل تخرجهم، تحت ما يسمى الاهتمام بالحياة الاجتماعية والإنسانية، وتابعت مديرة شئون الطلاب بالجامعة، أن المستقبل والتقدم الباهر فى شتى المجالات ينتظر الدولة المصرية، مضيفة أن وجود التعليم الكندى فى مصر يعد فرصة عظيمة للطلاب والخريجين للاستفادة من الخبرات والتخصصات الموجودة، وتابعت أن نماذج التعليم الدولى عموماً فى مصر فرصة عظيمة وميزة كبيرة للانخراط فى ثقافات وتكنولوجيا دول أخرى، فضلاً عن المحافظة على العملة الصعبة والاحتفاظ بالعقول المميزة، وأشارت إلى أن الجامعة بدأت استقبال أول دفعة العام الماضى من طلاب الثانوية العامة وما يعادلها من شهادات، وبلغ عددهم نحو 170 طالباً، مضيفة أن هناك عدداً من البرامج التأهيلية تقوم بها الجامعة لاستقبال الطلاب بدءاً من أول يوم دراسة بالجامعة، نظراً لاختلاف النمط التعليمى بين مراحل الثانوية والجامعة، وبالنسبة لأعضاء هيئة التدريس أوضحت أن المناهج الدراسية فى فرع الجامعة مثل ما هى موجودة بفرع الجامعة الأم بدولة كندا، مضيفة أن هناك عدداً من الأساتذة من كندا جنباً إلى جنب مع مصريين وجنسيات أخرى، وأوضحت أن اليوم الدراسى يبدأ الساعة 8 صباحاً وينتهى 5 مساء، يتخلله «بريك» من ساعة لساعتين، من أجل قضاء الطلاب لأنشطتهم وملء الفراغ بجانب دراستهم الأكاديمية، وأكدت أن الطلاب المصريين يتمتعون بالذكاء الشديد، لافتة إلى أنه لا توجد أى فروق بينهم وبين نظرائهم بمختلف العالم، موضحة أن الاختلاف دائماً ما يكون فى التلقين وليس فى مستوى الذكاء.


مواضيع متعلقة