ولما سقط برج الكهرباء.. خيم الحزن على أهالي أوسيم: قتلى ومصابون و"ضغط عالي"

ولما سقط برج الكهرباء.. خيم الحزن على أهالي أوسيم: قتلى ومصابون و"ضغط عالي"
- يرج كهرباء
- أوسيم
- الضغط العالي
- الكهرباء
- أبراج الضغط العالى
- يرج كهرباء
- أوسيم
- الضغط العالي
- الكهرباء
- أبراج الضغط العالى
صوت ارتطام شديد دوّى فى الأجواء قادماً من داخل ساحة شركة الكهرباء بمنطقة أوسيم، فى محافظة الجيزة، قبل رفع أذان العصر بقليل. وبعد نحو نصف ساعة فوجئ الأهالى بسيارات الإسعاف وعربات المطافئ تزحف على المنطقة، مع توارد أنباء عن وقوع قتلى ومصابين نتيجة سقوط برج كهرباء «ضغط عالى» على مجموعة من العمال كانوا يتولون عملية صيانته.
«الوطن» انتقلت إلى أقرب نقطة من مكان الحادث لسماع روايات شهود العيان، حيث مقهى شعبى صغير يقع فى الجهة المقابلة لشركة الكهرباء ويطل عليها مباشرة، ويقصده عمال الشركة وقت الغداء أو لقضاء فترة الراحة، فآثار الحادث جعلت الوصول إلى الساحة الداخلية للشركة مسألة مستحيلة.
داخل المقهى، الذى خلت بوابته من أى لافتة تحمل اسمه أو اسم صاحبه، خيّم الحزن، وسيطر الهدوء والصمت المطبق على جميع الجالسين على المقاعد البلاستيكية الصغيرة المتراصة بشكل دائرى حول الطاولات، حيث يتناول الجميع مشروباتهم الساخنة دون حديث أو تفاعل مع مباراة أوروبية كانت تُعرض على إحدى القنوات الرياضية كما هو المعتاد.
بصعوبة بالغة وافق أحد شهود العيان على الحديث، وهو رجل أربعينى، ويعمل فى صيانة أبراج الضغط العالى بالمحطة، وشاهد عيان على الحادث، عن تفاصيل الواقعة قائلاً: داخل محطة الكهرباء هناك عدد كبير من الأبراج تحتاج إلى صيانة أو استبدال بعض القطع، وبالتالى فك البرج وتركيبه، وما حدث تحديداً هو أنه أثناء أعمال الصيانة صعد خمسة عمال إلى أعلى البرج، بينما انتظرهم ثلاثة آخرون فى الأسفل لإمدادهم بأية مساعدات، مشيراً إلى أن هؤلاء العمال كانت تتوفر لديهم معايير السلامة، إلا أنها لم تكن كافية.
عامل صيانة: مسامير البرج كانت مصدية واضطرينا نقُص الحديد لانتشال الضحايا
ويضيف: «كانوا مربوطين من وسطهم بحبل أمان عشان لو حصل حاجة يتلحقوا ومايقعوش، بس اللى حصل إن مسامير البرج كانت مصدية ومتهالكة والحبل ماكانش قوى ومالحقوش يبدأوا فى الشغل، قام البرج اتقسم من النص من عند المقص كده ومابقاش ثابت ولف بيهم، وأربعة من اللى كانوا على قمة البرج اتنطروا بعيد وواحد وقع فى النص، وحديد البرج قطع جسمه، واضطرينا نقص الحديد من حواليه عشان نعرف نطلع جثته».
ويتابع الرجل، بعدما طلب عدم نشر اسمه، أن العمال فى الأسفل ما إن رأوا ذلك المشهد وبدأ البرج فى الانهيار حتى ركضوا بأقصى سرعتهم للنجاة بحياتهم، إلا أن سرعة انهيار البرج كانت أسبق إليهم وسببت لهم إصابات بالغة، موضحاً: «اللى أعرفه إن فيه واحد منهم جاله ارتجاج فى المخ وحالته مش مستقرة وكل المتوفين والمصابين اتحولوا لمستشفى أوسيم المركزى، فى انتظار أهلهم يوصلوا ويستلموهم عشان مغتربين مش من القاهرة».
ويؤكد أن العمل فى صيانة الأبراج يتم عن طريق مقاول يتعاقد مع عدد من العمال المتخصصين فى ذلك المجال، ويذهب كل منهم إلى حال سبيله بعد انتهاء العمل، ويتابع أن «المتوفين والمصابين كانوا يتبعون لمقاول آخر وليس المقاول الذى يعمل معه».
وفى محاولة لتخفيف وطأة الحادث على العمال، الذين فضّلوا البقاء على مقاعد المقهى لاستيعاب ما جرى واستجماع قواهم بعد وصول عربات الإسعاف ورجال المطافئ، كان رامى داوود، 40 عاماً، يعمل بالمقهى، يعد أكواب الشاى والقهوة والمشروبات الباردة للزبائن ويمازح الجميع.
ويقول «رامى» إن الحادثة التى وقعت قبل أذان العصر بوقت قصير جعلت جميع العمال الذين شاهدوا زملاءهم المتوفين والمصابين فى حالة انهيار تام، الأمر الذى دفعه هو وصبيانه إلى إعداد مشروب الكركديه المثلج لتهدئتهم.
يروى «رامى»، كشاهد عيان، تفاصيل الحادث قائلاً: «قبل العصر بحاجة بسيطة بتكون دى ساعة الغدا بتاعة العمال اللى بيعملوا صيانة وتركيب لأبراج الضغط العالى فى محطة الكهرباء، وبياخدوا ساعة الراحة دى بالتناوب، وعشان إحنا قريبين جداً من الشركة فبيفضّلوا ييجوا يقعدوا هنا».
ويتابع: «وزى أى يوم كانت الناس قاعدة بتاكل واللى خلص وبيشرب قهوته عشان يرجع تانى الشغل، فجأة سمعنا صوت حاجة اتخبطت جامد جداً وبعدها شفنا عفرة جامدة ومش فاهمين إيه اللى بيحصل، وهرول بعدها العمال نحو الصوت الذى تبين أن مصدره هو شركة الكهرباء، ليكتشفوا أن برج «ضغط عالى» سقط فوق عدد من العمال، كانوا يقومون بفكه لصيانته، ومن ثم إعادة تركيبه»، مضيفاً أنه شاهد ما يزيد على ٨ سيارات إسعاف تتجه إلى موقع الحادث.
تداعيات الحادث لم تؤثر فقط على العاملين بشركة الكهرباء، لكن امتدت إلى العمال القادمين من الأرياف ومحافظات الصعيد لتسلم دفعة جديدة لصيانة الأبراج، حيث كان يفصلهم عن الحادث يوم واحد للبدء فى العمل.
"إبراهيم": الشغل فى الأبراج مش أمان بس هنشتغل عشان لقمة العيش
وعلى مقربة من المقهى كان يجلس إبراهيم جابر، ٣٤ عاماً، من مدينة ديرب نجم، التابعة لمحافظة الشرقية، فى «عشة» لا يفصلها عن موقع عمله بالشركة سوى الشارع العمومى، إلا أنه بعد الحادث تملّكه الخوف، ويقول: «الشغل فى الأبراج مش أمان بس ماينفعش نقعد فى البيت وهنفضل نشتغل عشان لقمة العيش».