شريان الرخاء.. "تأميم القناة" بدأ بـ"رسالة دكتوراه" ومقال قرأه "عبدالناصر"

كتب: الوطن

شريان الرخاء.. "تأميم القناة" بدأ بـ"رسالة دكتوراه" ومقال قرأه "عبدالناصر"

شريان الرخاء.. "تأميم القناة" بدأ بـ"رسالة دكتوراه" ومقال قرأه "عبدالناصر"

تحتفل مصر، اليوم بذكرى مرور ١٥٠ عاماً على افتتاح قناة السويس، كأحد أهم الممرات المائية العالمية، منذ افتتاحها فى ١٥ نوفمبر ١٨٦٩ بحضور نخبة من ملوك ورؤساء العالم، وتكلف الحفل حينها ٢ مليون و٤٠٠ ألف جنيه، فى افتتاح كان هو الأضخم فى العالم، وظل حديث الصحف لسنوات عديدة.

الفكرة ولدت فى عهد الفراعنة.. واستخدمها عمرو بن العاص لنقل الحبوب

وقال المؤرخ التاريخى عاصم الدسوقى إن أول محاولة لشق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط كانت فى عهد الفراعنة، حيث تم التفكير فى إنشاء قناة لاستخدامها فى النقل والتجارة وتم افتتاحها فى الفترة ما بين ١٨٨٧ و١٨٤٩ قبل الميلاد لكنها امتلأت بالطمى، حتى جاء عمرو بن العاص وأعاد افتتاحها حتى يستخدمها فى نقل الحبوب والحجاج من مصر إلى السعودية، وتم إغلاق القناة عام ٧٦٧م من قبل الخليفة العباسى المنصور لقطع الإمدادات عن المتمردين فى الدلتا وتجويع الثوريين فى المدينة المنورة.

ومع قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر عام ١٧٩٨، كانت البداية الحقيقية لشق القناة، بعدما اقترح نابليون شق قناة صناعية للربط بين البحرين ولكن باءت مساعيه بالفشل، بعدما أخطأ مهندسو ومساحيو المشروع فى حساب الفرق بين منسوب البحرين بشكل دقيق، ما أدى إلى توقف المشروع، وهدأت الأمور حتى عام ١٨٥٤ عندما نجح الفرنسى «ديليسبس»، فى إقناع الخديوى سعيد بحفر قناة تكون حلقة ربط بين دول شرق آسيا وأوروبا، ونالت الفكرة استحسان الخديوى وقرر إسناد مهمة الحفر والتشغيل للشركة الفرنسية التى يرأسها ديليسبس، بحق الامتياز لمدة ٩٩ عاماً.

وتابع «الدسوقى» أنه فى عام ١٨٥٩ كانت البداية الفعلية للحفر الذى استمر ١٠ سنوات، وتم ضرب أول معول فى أعمال الحفر الذى شارك فيه أكثر من مليون عامل مصرى، وحينها قال ديليسبس جملته الشهيرة «هنا سيتم كتابة تاريخ جديد»، وكتب للقناة الوليدة أن تكون شاهداً على صراعات عديدة منذ بدء حفرها، لأن إنجلترا كانت قوة عظمى تصارع فرنسا، التى تقوم بأعمال الحفر وتمتلك حق الامتياز، وهذا ما يعنى أنه كى تمر السفن الإنجليزية من القناة سيتعين على طاقمها المرور بواسطة الإدارة الفرنسية التى كانت تحاول فرض سيطرتها على العالم، ومن هنا بدأت أولى أزمات القناة فى عام ١٨٦٣ بعد أن تكبدت فرنسا خسائر اقتصادية كبيرة بسبب فرض إنجلترا إجراءات قاسية عليها لأن فرنسا تستخدم السخرة فى عمليات الحفر.

توفى الخديوى سعيد وحل محله الخديوى إسماعيل الذى أمر بوقف استخدام عمال السخرة وطالب الشركة الفرنسية بإحضار الأدوات الميكانيكية التى تستخدم فى أعمال الحفر، بعد ٨ سنوات من الحفر والعمل الشاق الذى كان يشارك فيه عدد كبير من العمال من جنسيات مختلفة كانت الغالبية العظمى منهم مصريين، واشترطت الشركة الفرنسية المنفذة للحفر أن تشارك الحكومة المصرية بنسبة 80% من العمال المشاركين فى المشروع.

"الدسوقى": أول سفينة عبرت قبل الافتتاح الرسمى بعامين من بورسعيد إلى الإسماعيلية لنقل الكبريت من السويس

وأكد «الدسوقى» أن أول سفينة عبرت القناة كانت قبل الافتتاح الرسمى بعامين، فى فبراير من عام ١٨٦٧ حينما مرت من بورسعيد إلى الإسماعيلية ثم إلى الترعة الحلوة ومنها إلى السويس لنقل الكبريت من السويس، ثم عادت مرة أخرى فى نفس طريقها مستخدمة القناة الجديدة التى لم يكن تم افتتاحها بعد، مسجلة بذلك مرور أول السفن من القناة بشكل غير رسمى حينها، وفى مايو عام ١٨٦٩ بدأ الخديوى إسماعيل جولة خارج البلاد لتوجيه الدعوات الشفهية لقادة وملوك العالم، حيث زار الملك فيكتور فى إيطاليا واستقر بها أسبوعاً، قبل أن يكمل رحلته ويدعو قادة العالم. وقال «الدسوقى»: «فى نهاية يونيو ١٨٦٩ كانت البداية الفعلية للاحتفال حيث تم توجيه الدعوات لملوك وزعماء العالم، وشهدت التجهيزات للحفل قيام الخديوى إسماعيل ببناء دار الأوبرا المصرية فى ٥ أشهر فقط إلى جانب التجهيزات الأخرى الخاصة بالحفل، واستدعى ٥٠٠ طباخ من أمهر الطهاة فى العالم»، مشيراً إلى أنه قبل حفل الافتتاح بيوم واحد كانت الشركة المشرفة على المشروع تقوم بعمل جسات للقناة وتفاجأت بوجود صخرة كبيرة لم ينتبه لها عمال ومهندسو المشروع، فتم التعامل معها بسرعة حتى لا تعكر صفو الحفل.

حفل الافتتاح تكلف 2.4 مليون جنيه عام 1869 بحضور ملوك العالم وعلماء المسلمين والأقباط

وخلال الاحتفال تم تخصيص ٣ سرادقات كبيرة للمدعوين؛ الأول كان مخصصاً للملوك المشاركة، والثانى لعلماء المسلمين، والأخير لعلماء الأقباط، رغبة من الخديوى إسماعيل أن يثبت للعالم أن مصر للمصريين سواء كانوا مسلمين أو أقباطاً، وبدأ الحفل من بورسعيد التى شهدت أول أعمال الحفر، واضطر المشرفون على الحفل إلى رفع القاعات عن الأرض بعد غرق بورسعيد فى مياه الأمطار لأن المنطقة كانت تشهد سقوط أمطار قبل الحفل بـ٨ أيام ولم تكن الأرض قادرة على امتصاص المياه لارتفاع منسوب المياه الجوفية بها.

وشهد الحفل استخدام الألعاب النارية وتكبدت مصر الكثير من الخسائر ودخلت فى دوامة الديون الخارجية، وفى عام ١٨٨٨ وبموجب اتفاقية القسطنطينية افتتحت القناة أمام سفن جميع دول العالم دون تمييز فى السلم والحرب.

وحسب «الدسوقى» فقد بدأت محاولات تأميم القناة عام ١٩٥٢ بعدما كتب أستاذ القانون الدولى مصطفى الحفناوى مقالاً عن عملية التأميم بعد حصوله على الدكتوراه فى بحث قدمه حول مشكلات القناة الدولية، وبعدها طلب منه جمال عبدالناصر الحضور إليه لمناقشته فى قرار التأميم، وشاءت الأقدار أن ترفض الدول الكبرى دعم مصر لبناء السد العالى، فأعلن جمال عبدالناصر تأميم القناة.


مواضيع متعلقة