"ليلة نار" في "إيتاي البارود".. انفجار خط البترول يقتل 7 أشخاص ويصيب 15

"ليلة نار" في "إيتاي البارود".. انفجار خط البترول يقتل 7 أشخاص ويصيب 15
- إيتاي البارود
- حريق إيتاي البارود
- البحيرة
- طنطا
- الحوادث
- أخبار الحوادث
- إيتاي البارود
- حريق إيتاي البارود
- البحيرة
- طنطا
- الحوادث
- أخبار الحوادث
«الترعة مليانة بنزين يا ولاد».. كلمات أطلقها أهالى قرية «المواسير»، التابعة لمركز إيتاى البارود، بالبحيرة، كانت السبب فى تجمع المئات من سكان القرية والقرى المجاورة، حاملين جراكن فارغة لتعبئتها بالبنزين، غير مدركين الخطر الذى ينتظرهم فى هذا المكان، ووصل بهم الاستهتار إلى اصطحاب نسائهم وأطفالهم، حتى أصبح الطريق النائى مكدساً بالسيارات والتكاتك والتروسيكلات، وتعطلت حركة المرور بسبب الزحام الشديد، وسادت حالة من الفرحة بعد ما وصف الأهالى ما حدث بالكنز الذى فُتح أمامهم.. لحظات صغيرة حالت بينهم وبين الموت، منهم من كان يُشاهد تجمع مئات المواطنين الذين يتسابقون على تعبئة البنزين الناتج عن كسر خط الأنابيب، بدون وجه حق، ومنهم من كان يشارك فى عملية الاستيلاء على البنزين، إلى أن وقعت الكارثة وتحولت مياه الترعة الراكدة، إلى ألسنة نيران التهمت كل من اقترب منها بعد أن ألقى أحدهم عُقب سيجارته ليتحول كنزهم المزعوم إلى جحيم، التهم ٧ ضحايا وأصاب ١٥ آخرين.
«محمد سليم» أحد شهود العيان على الحادث، قال إن طريق قرية المواسير توقف لعدة ساعات، على غير العادة، وبالسؤال عن السبب أكد الأهالى وجود كسر بخط أنابيب البترول التابع لشركة طنطا للبترول، تسبب فى خروج كميات كبيرة من بنزين ٩٥، مشيراً إلى أنه شاهد العشرات من الأهالى يحملون جراكن، متوجهين إلى مكان الحادث، ولم تمض سوى دقائق حتى دوّى انفجار هائل تصاعد على أثره دخان كثيف من الترعة بعد اندلاع النيران بها.
مزارع: الطمع وصَّلنا لنهايتنا
وأضاف «كامل مجاهد»، مزارع، أحد المصابين فى الحادث، قائلاً: «إحنا اللى عملنا كده فى نفسنا، وطمعنا وصّلنا لنهايتنا، كل واحد فى القرية تخلى عن مبادئه وباع ضميره واستحل المال العام التابع للدولة، ومع زحف العشرات لترعة القرية للحصول على البنزين، تملك الشيطان من عقلى وسوَّل لى الحصول على كمية من البنزين، علماً بأننى لا أملك سيارة ولا أجيد القيادة، ولكنه الطمع، وكنت أشاهد النيران تلتهم الأشخاص أمامى ولم أتمكن من إنقاذهم، فهرولت مسرعاً بعيداً عن موقع الحدث، وتعرضت للاختناق وسقطت مغشياً علىّ، ولم أشعر بنفسى إلا وأنا فى إحدى العيادات الخاصة، ومن حولى أهلى وجيرانى».
أحد الناجين: استحللنا المال العام واعتبرناه كنزاً مستباحاً.. وعُقب سيجارة السبب
ومن داخل قسم حروق مستشفى كفر الدوار العام، قال «محمد.ع»، ١٩ سنة، أحد الناجين: «أنا سائق توك توك بإيتاى البارود، وكنت أسير فى الطريق قبل أن يستوقفنى أحد الأهالى الذين أعرفهم جيداً، ممسكاً بـ٣ جراكن متوسطة الحجم، اعتقدت فى البداية أنه ذاهب إلى مكان للحصول على مبيدات حشرية سائلة، إلا أننى فوجئت به يقول لى إن ترعة «المواسير» يملأها البنزين بغزارة، وأنا ذاهب للحصول على كمية منه، تحمست كثيراً لمشاهدة الترعة المليئة بالبنزين، ودار بخاطرى أن أذهب إلى المنزل وإحضار جراكن لأملأها وأخزنها بالمنزل، أو أبيعها، خاصة بعدما علمت أن البنزين جودته ٩٥».
سائق: القدر منعنى من الوصول إلى الترعة وأصبت بحروق من صهد النيران بعد الانفجار
وتابع: «قطعت الطريق إلى القرية فى غضون دقائق قليلة، إلا أننى فوجئت بزحام شديد بالقرب من الترعة المذكورة، تسبب فى شلل تام بحركة المرور، بعد توقف عشرات السيارات والتكاتك والتروسيكلات، ومن تدابير القدر أننى تأخرت فى الوصول إلى مكان الترعة، حيث إننى لم أنتبه إلا على ركض الأهالى بعيداً عن الترعة، وبسرعة شديدة حدث تدافع بينهم، وارتفع الغبار الذى حجب الرؤية.. ارتفعت ألسنة النيران لتحرق كل من كان بجانبها، ولا أعرف ما سبب اشتعالها فجأة، وكل ما سمعته بعد ذلك أن شخصاً ألقى عقب سيجارة وتسبب فى الحريق، وأصبت بحروق بسيطة بسبب «صهد» النيران بالمنطقة، وتم نقلى للمستشفى فاقداً للوعى».
ديوان عام محافظة البحيرة، أصدر بياناً بشأن الحادث، جاء فيه: «فى تمام الساعة الرابعة والنصف عصراً، حدث كسر وتسريب فى الخط الذى ينقل بنزين 95 من منطقة المكس بالإسكندرية إلى مسطرد بالقاهرة، ما أدى إلى تسريب البنزين بكميات كبيرة بالترعة الرئيسية بقرية المواسير التابعة لمركز ومدينة إيتاى البارود، وتهافتت أعداد كبيرة من المواطنين للحصول على البنزين بالترعة، وأثناء ذلك، وفى تمام الساعة السادسة اشتعلت النيران فى الترعة ما أسفر عن وقوع ٧ من الضحايا، بينهم طفل و١٥ مصاباً آخرين».
المحافظ ينتقل إلى مكان الحادث ويعلن حالة الطوارئ فى المستشفيات لاستقبال وعلاج المصابين
وأضاف البيان أن اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة، توجه إلى القرية، وقرر رفع درجة الاستنفار القصوى، وانتقلت قوات الحماية المدنية والإنقاذ البرى والإسعاف، وجرى إخماد الحريق بالكامل بعد ٤ ساعات اشتعال متواصلة، تحدت خلالها ألسنة النيران ٢٠ سيارة إطفاء، وأكثر من ٢٠٠ فرد من قوات الحماية المدنية، ووجّهت الجهات الأمنية إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ومعرفة ملابسات الحادث، كما وجّه المحافظ إلى رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفى إيتاى البارود المركزى وجميع المستشفيات القريبة من الحادث لاستقبال المصابين والجرحى، مشدداً على تقديم أوجه الرعاية العلاجية اللازمة لكافة المصابين.
حادث البحيرة يكشف مافيا سرقة المواد البترولية
كشف انفجار خط أنابيب بترول، تابع لشركة طنطا للمواد البترولية، فى البحيرة، الستار عن مافيا سرقة المواد البترولية، بعد تأكيد المسئولين أن واقعة كسر خط البترول لم تكن الأولى من نوعها، بل هى واحدة من بين عشرات جرائم سرقة المال العام، وهناك لصوص متخصصون فى هذا المجال، زاد نشاطهم خلال الفترة الأخيرة، مستغلين ارتفاع أسعار المواد البترولية، ووجود خطوط البترول بمناطق بعيدة عن الرقابة الأمنية.
«كسر البلف الموجود بخط أنابيب البترول، وسيارة فنطاس يتم تحميلها بالمواد البترولية المسروقة، وسوق سوداء مفتوحة أمام هؤلاء اللصوص»، تلك هى المراحل الأساسية لعمليات سرقة خطوط البترول بالبحيرة، التى غالباً ما تُقيد ضد مجهول، لصعوبة تحديد مرتكبيها، بسبب مرور أنابيب البترول فى مناطق زراعية بعيدة عن العيون، والتنسيق بين أصحاب الأراضى الزراعية واللصوص، وهو ما يصعّب مهمة رجال الأمن فى ضبط المجرمين، وأمام محطات البنزين التى تقبل التعامل فى المواد البترولية المسروقة تُهدر السلع البترولية على يد لصوص وتجار غير شرفاء.
موظف: لا أستبعد وجود فنيين كانوا يعملون فى شركات البترول ضمن اللصوص
إبراهيم صلاح مكاوى، موظف بإحدى شركات البترول، يقول: «محافظة البحيرة من أهم وأكبر المحافظات التى تمر بها خطوط الغاز الطبيعى والمواد البترولية، وتنتشر بها حالات سرقة عديدة للمواد البترولية، بعد أن عكف لصوص متخصصون فى هذا المجال على الحفر حول الأنابيب، وكسر البلف بطريقة معينة، والاستيلاء على أكبر كمية من المواد البترولية، ولا أستبعد أن يكون لصوص خطوط البترول فنيين سابقين بالشركات، أو بعض العاملين المؤقتين فى المواقع البترولية، التى تحتاج إلى عمالة مؤقتة فى أوقات محددة من العام، لإنجاز مهام فنية داخل المواقع، وسبب توقعى هو أن البلف الموجود بخط الأنابيب يحتاج إلى تعامل خاص وفنى لكسره أو حله، وهى طريقة لا يجيدها إلا متخصصون».
وأوضح أن إعادة تركيب البلف كما كان بعد تنفيذ الشركة أمر صعب على أى شخص عادى، خاصة مع نوعية معينة فى خطوط البترول، ما يؤكد أن مرتكبى جرائم السرقة يستعينون بمتخصصين، لافتاً إلى أن المسروقات يجرى بيعها لتجار السوق السوداء الذين يتهافتون عليها لانخفاض سعرها وضمان بيعها بسهولة، وهو ما يضمن لهم مكسباً سريعاً وكبيراً فى الوقت ذاته.
وقال محمد فودة، فنى بإحدى شركات البترول، إن غرف العمليات بشركات البترول رصدت عمليات سرقة كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية، ويجد المسئولون بالقطاع صعوبة فى تحديد مكان السرقة، ولو ضربنا مثلاً بحادث إيتاى البارود فسنجد أن خط الأنابيب البترولية قادم من منطقة المكس بالإسكندرية، ومتوجه إلى مسطرد بالقاهرة، يحمل بداخله بنزين ٩٥، بطول يزيد على ٢٠٠ كيلومتر، ويمر فى أراضٍ زراعية وترع ومصارف ومناطق مهجورة، وإذا حاول بعض اللصوص كسر الخط وسرقة ما به من بنزين لن تستطيع الغرفة المركزية تحديد المكان بالضبط، وكل ما تفعله هو إغلاق المحبس الرئيسى للخط، بعد ملاحظة زيادة معدلات السحب على غير المعتاد، وهو أسرع مؤشر لمعرفة ما إذا كانت هناك سرقة أم لا.
ولفت إلى أن الحلول الأمنية لا تحمى خطوط الأنابيب فى الغالب، حيث إن دوريات الشرطة والخفراء لا يغطون آلاف الكيلومترات من خطوط الأنابيب، وإذا كانت هناك دوريات مراقبة، فهى لا تعرف بالتأكيد مناطق الضعف المعرّضة للسرقة، ويكون المرور شبه عشوائى، لذلك يعتمد مسئولو البترول على عدادات ومؤشرات السحب، فإذا زادت عن معدلاتها الطبيعية يتم إغلاق المحبس فوراً، وهو ما يحرم اللصوص من الحصول على كميات كبيرة من البترول.
مهندس: الجمعيات الزراعية لها دور فى حماية الخطوط من الحوادث.. وكل فلاح حارس عليها من السرقات
حمدى شعبان، مهندس زراعى، أكد أن مديرية الزراعة تضع لافتات إرشادية بالأراضى الزراعية تفيد بوجود خطوط بترول، وهى عبارة عن لوحات تحذيرية للفلاحين، لتوخى الحذر وعدم الاقتراب من هذه المناطق بالمعدات الثقيلة أو الحفر العميق، وتقوم شركات البترول بتعويض الفلاحين مادياً، قبل توصيل الخطوط بأراضيهم، وبحكم وجود الخطوط داخل أرضهم يعرفون تفاصيل مهمة بها، مثل مكان بلف اللحام، ومحابس الطوارئ، لذلك تدور الشبهات حال وجود سرقة، حول صاحب الأرض فى المقام الأول، باعتبار أنه الوحيد الذى له حق التنقل فى أرضه بحرية، وبطبيعة المجتمع الريفى لا يستطيع أى شخص دخول أرض غير أرضه إلا بعد الاستئذان، خاصة الأراضى التى توجد بها أبراج كهرباء وخطوط غاز وبترول، وأشار إلى أن الجمعيات الزراعية لها دور فى حماية تلك الخطوط، حيث يقوم المهندس الزراعى بتدريب الفلاحين على التعامل مع الأراضى الموجودة بها خطوط البترول تفادياً لوقوع حوادث، وبخصوص حالات السرقة، هناك بند فى عقود الفلاحين مع قطاع البترول يشير إلى أن الفلاح حارس على الخطوط الموجودة بأرضه، ويدخل هذا ضمن التعويض المالى الذى يحصل عليه.
الوزارة: حملات دورية على مدار الساعة لمراقبة الخطوط
أكدت وزارة البترول تكثيف تحركاتها لتأمين خطوط المواد البترولية التابعة لها. وقال مصدر مسئول، لـ«الوطن»، إن شركات خطوط أنابيب المواد البترولية تقوم بعمل دوريات متكررة على فترات متقطعة على مدار اليوم فى مناطق وجود خطوط الأنابيب للتأكد من سلامتها وتأمينها من قبل الأمن الخاص بالشركة.
وأشار المصدر إلى أن الوزارة تعمل على تأمين خطوطها، على الرغم من امتداد بعض تلك الخطوط لأكثر من 40 كيلومتراً، وطول المسافات. وقال المهندس عبدالمنعم حافظ، رئيس شركة أنابيب البترول، إن الشركة قامت بسحب جميع كميات البنزين وتخزينها بعد الحريق الذى حدث فى منطقة «إيتاى البارود» بسبب التسرب الذى حدث خلال أمس.
"حافظ": بدء تشغيل الخط عقب الحصول على تصريح النيابة
وأضاف «حافظ»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنه سيتم دفع البنزين مره أخرى فى الخطوط عقب الحصول على تصريح النيابة ببدء الإصلاح والتشغيل، حيث سيتم تشغيل الخط خلال ساعة من إصدار التصريح وبدء العمل عليه ولحامه لسد الفتحات التى أحدثها اللصوص. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة البترول أمس فإنه «فى تمام الساعة الواحدة ظهراً، جرى اكتشاف محاولة سرقة لخط منتجات بترولية بإيتاى البارود، بتركيب اللصوص «كلبس» بغرض السرقة».
وأضافت الوزارة: «حدث تسرب لمنتج البنزين على الأرض وبالترعة المجاورة وعلى الفور انتقلت فرق الفنيين بالشركة لموقع الحادث، وجرى غلق المحبس قبل الكسر وبعده، والسيطرة على التسريب، وإبلاغ الشرطة والنيابة العامة بالحادث، وعاينا المكان وحرر المحضر اللازم بالواقعة فى الخامسة مساءً».
أشهر وقائع سرقة للبترول فى المحافظات
الإسكندرية
أكتوبر 2018: تشكيل عصابى استولى على 2228 طن بترول خام وتمكّنوا من بيعها لعملائهم نظير مبلغ 4 ملايين و620 ألف جنيه.
ارتكاب 9 وقائع بنطاق مديريتى أمن الإسكندرية ومطروح خلال فترات متفاوتة.
بنى سويف
أكتوبر ٢٠١٩: ضبط تشكيل عصابى أثناء سرقة المواد البترولية من خط أنابيب مار من قرية أبويط بمركز الواسطى.
فبراير ٢٠١٩: حدث تسريب فى خط أنابيب ناقل للسولار من التبين إلى أسيوط بالقرب من مزرعة دير الأنبا بولا بالطريق الصحراوى الشرقى القديم.
سوهاج
أغسطس ٢٠١٩: ضبطت الشرطة سيارة محملة بـ٢٢ طن سولار أثناء سرقتها من خط الأنابيب
أبريل ٢٠١٢: تم كسر خط السولار فى مركز المراغة من قبل مجهولين وتحولت منطقة الكسر لبحيرة من السولار.
المنوفية
نوفمبر 2019: القبض على شقيقين لاستيلائهما على خط بترول بأرض الدبايبة المملوكة للمتهمين، والاستيلاء على بنزين 95.
سبتمبر 2016: القبض على شخص قام بعمل «عشة» تمر من فوق خط 16 «طنطا - مسطرد» لنقل السولار منه.
القليوبية
أغسطس 2017: تورط عصابة «أبوشاويش» فى سرقة خطوط البترول بناحية البقوشى دائرة مركز الخانكة والتى حوّلوها لمخزن لسرقات خطى بنزين بمنطقة سمسطا فى بنى سويف وأخرى بالقليوبية.
سبتمبر 2017: محاولة العبث بخط الغاز ببنها.