جيران السيرك القومي ومسرح البالون: تراث وعلامة ثقافية مميزة للمنطقة.. والنقل قرار "غير مسئول"

جيران السيرك القومي ومسرح البالون: تراث وعلامة ثقافية مميزة للمنطقة.. والنقل قرار "غير مسئول"
- السيرك القومى
- مسرح البالون
- المبانى الأثرية
- الثقافة
- الفنون الشعبية
- عروض السيرك
- البيت الفنى للمسرح
- السيرك القومى
- مسرح البالون
- المبانى الأثرية
- الثقافة
- الفنون الشعبية
- عروض السيرك
- البيت الفنى للمسرح
حالة من الحيرة والقلق تسيطر على المحيطين بالسيرك القومى ومسرح البالون فى منطقة العجوزة، بعد تردد أنباء عن هدم المبنيين ونقلهما إلى منطقة مطار إمبابة وبناء أبراج سكنية بدلاً منهما أو إقامة أحد المشروعات الاستثمارية.
الأهالى والسكان أعلنوا رفضهم التام لهدم أو نقل المبنيين، واعتبروا أن السيرك والمسرح صارا علامة وسمة ثقافية مميزة للمنطقة، فيما وصف أصحاب المحلات التجارية المجاورة للمبنيين، صدور مثل هذا القرار بأنه «غير مسئول»، لأنه كان من المتوقع تطوير مسرح السامر الملاصق للبالون بدلاً من الهدم.
«سنين طويلة شغال هنا ومن يوم ما فتحت وربنا كارمنى آخر كرم، ومجاش فى بالى يوم إن السيرك يتنقل أو المسرح يتهد»، بهذه الجملة تحدث محمد خليفة، 58 سنة، عن الفترة التى قضاها خلف مسرح البالون، بعدما اشترى مخزناً وحوله إلى سوبر ماركت لخدمة رواد السيرك والمسرح، ومنذ ذلك الحين، وهو يعمل جاهداً على توفير كافة الاحتياجات التى يحتاج إليها المترددون على السيرك.
"خليفة": "سنين طويلة شغال بجوار السيرك لأنها منطقة حيوية"
وقال «خليفة»، بنبرة استنكارية إن علاقته بالمسرح والسيرك كان ينظر إليها على أنها ستدوم أبد الدهر وأنه لن يضار يوماً ما بعدما باع كل ما لديه لشراء موقع المحل التجارى الخاص به، مضيفاً: «لما جيت من شبرا فى أواخر الثمانينات، بعت كل اللى ورايا واللى قدامى علشان أشترى المحل ده، لأنه كان يعتبر حلم بالنسبة لى إنى أفتتح ورا المسرح، لأن الرزق فى المكان ده زيادة».
الرجل الخمسينى علم بقرار الهدم من أحد المقربين إليه ولم يوله اهتماماً كبيراً، بعد أن تعامل مع القرار على أنه شائعة، أو «زوبعة فى فنجان»، وقال: «معتقدش إن ده ممكن يحصل وأتمنى يكون مجرد كلام، لأن مكانهم حيوى وبناكل من ورا وجودهم عيش، لكن لو حصل بقى وطلع الكلام بجد، دى تبقى كارثة فعلاً، لأن حالى هيقف».
شريف حسن، ٣٧ سنة، صاحب ماركت مجاور لمسرح السامر، الذى يعتبر جزءاً من مسرح البالون، التقط طرف الحديث قائلاً: «هذا المكان يعد موقعاً مميزاً لقربه من الأماكن الراقية، طلعت لقيته زى ما هو، فاعتبرته أثر بالنسبة ليّا، ومستحيل أقبل إن مكانه يتغير لأنه هيأثر على أكل عيشنا، وكمان أنا سمعت إنه هيتنقل مطار إمبابة، طب إزاى مش فاهم».
أزمة «حسن» الحقيقية تتمثل فى أنه يعتمد بشكل كبير على وجود المسرح والسيرك فى البيع، وفى حالة النقل سيفقد مصدر رزقه الأوحد، وتابع: «بيتى هيتخرب لو ده حصل»، وتحدث عن أسباب اختياره لمكان الماركت الخاص به، قائلاً: «فتحت هنا علشان السيرك والمسرح، لأن فيه عرب وأجانب كتير بييجوا هنا، لكن لو اتنقل مطار إمبابة مين هيروح هناك، كده القرار هيدمر المنطقة كلها، وكمان هيدمر إيرادات المسرح والسيرك، لأن مطار إمبابة منطقة شعبية والعرب والأجانب مستحيل يروحوا هناك».
«بقالى ٤٦ سنة شغال هنا، والمسرح بالنسبة لى هو عنوانى، لدرجة إنى طابع عنوان المعرض وكاتب خلف مسرح البالون، فهو بالنسبة لى حياة»، بهذه الجملة تحدث عاطف الجعفرى، 62 سنة، من داخل معرض للفنون التشكيلية يمتلكه، حيث كان يعمل جاهداً على إصلاح إحدى اللوحات المكسورة، فطبيعة عمله كما يقول تعتمد على الذوق الثقافى، ولا يمكن لأحد أن يفهم طبيعة عمله أو قيمة لوحاته غير المهتمين بالفن والثقافة.
وروى «الجعفرى» تاريخ المنطقة قبل بناء المسرح والسيرك قائلاً: «كانت المنطقة دى كلها نادى الزمالك، وبعد كده لما اتنقل، عملوا مكانه السيرك والمسرح، ومن وقتها والمنطقة كلها بقيت معروفة بيهم ومرتبطة بوجودهم»، واستنكر الرجل الستينى قرار الهدم والنقل، معتبراً أنه فى حال حدوث هذا المقترح سيكون من الصعب التحرك بحرية داخل المنطقة، لأنه فى حالة بناء أحد المشروعات سيستغرق الأمر سنوات طويلة حتى إتمام البناء، وهذا ما سيؤثر بدوره على حركة البيع والشراء، وتابع: «شغلى معتمد على وجود المثقفين فى المنطقة، ولو المسرح اتنقل مش هلاقى حد يشترى منى لوحة واحدة والحال هيقف».
الأمر يختلف كثيراً بالنسبة للسكان المجاورين لمسرح البالون والسيرك القومى، فالوضع لا يمثل لهم ربحاً مادياً كما هو الحال بالنسبة لأصحاب المحلات، ولكن يمثل لهم خللاً ثقافياً سيصيب المنطقة بأكملها، فبعد نشأة الصغار على المسرحيات الثقافية والتاريخية ستفقد المنطقة طابعها الثقافى المميز.
"السعيد": عمالقة الفن كانوا هنا.. وأتمنى بقاء المبنى فى مكانه مثل الأوبرا
وعن هذه الأزمة قال عيسى السعيد، ناقد سينمائى: «مسرح البالون له صفة تاريخية وثقافية زيه زى الأوبرا، كل عمالقة الفن مروا به، علشان كده لازم يفضل زى الأوبرا، ليه يتعمل شكل تجارى، ليه نشوه المنطقة بطوب وأسمنت وعقارات شاهقة الارتفاع؟!»، وتابع: «فيه فرق عالمية عرضت هنا فى الثمانينات والتسعينات، هيتصدموا لو عرفوا حاجة زى دى، وبدل ما نروج للفن والثقافة اللى بتساعد المجتمع على الرقى، نهدم ونبنى كتل خرسانية، ده أمر غير مقبول على الإطلاق»
وأضاف حسن أبوالريش، ٤٢ سنة، أن هناك احتمالين وراء هذا القرار الغريب، الأول بناء فندق على طراز عالمى، وهذا ما سيجعل المنطقة سياحية فى المقام الأول، وهذا أمر مقبول نوعاً ما، والاحتمال الثانى الذى يرفضه الجميع هو بناء وحدات سكنية بدلاً منهما، وتابع: «مجرد وجود كلام عن الهدم، يبقى هيحصل سواء دلوقتى أو بعدين، علشان كده لازم نكون منطقيين شوية، لو اتعمل مكان للأجانب يبقى دى حاجة كويسة جداً، لأنه هيكون فيه اهتمام بتطوير المنطقة، لكن لو اتعمل عمارات أو مؤسسات حكومية يبقى كده الشكل الحضارى للمنطقة هيتغير بشكل كبير وإحنا بنرفض ده، لأنى شُفت حسن يوسف ومعظم الفنانين القدامى، وأنا صغير كانوا بييجوا هنا ومكنتش أتمنى إن المكان يتغير».