"أفريقيا 2019".. مستقبل التنمية بالقارة السمراء على مائدة النقاش بالعاصمة الإدارية 22 نوفمبر

كتب: عبدالرحمن فرحات

"أفريقيا 2019".. مستقبل التنمية بالقارة السمراء على مائدة النقاش بالعاصمة الإدارية 22 نوفمبر

"أفريقيا 2019".. مستقبل التنمية بالقارة السمراء على مائدة النقاش بالعاصمة الإدارية 22 نوفمبر

تستضيف العاصمة الإدارية الجديدة الحدث الدولى الأول لها «منتدى أفريقيا 2019» تحت رعاية عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الأفريقى لدورته الحالية، الذى تنظمه وزارة الاستثمار والتعاون الدولى بالتعاون مع وزارتى الخارجية والتجارة والصناعة تحت عنوان «استثمر فى أفريقيا»، وذلك على مدار يومى 22 و23 من الشهر الجارى، وبحضور عدد من رؤساء دول وحكومات ووزراء من مختلف الدول الأفريقية ونحو 2000 شخص من ممثلى شركاء مصر فى التنمية، ورجال الأعمال والمستثمرين وشخصيات رفيعة المستوى من مجال الأعمال، بهدف تحفيز الاستثمار فى القارة الأفريقية.

ويفتح منتدى أفريقيا 2019 فرصة مميزة لتوحيد وتعزيز جهود شركاء التنمية والقطاع الخاص نحو تحقيق الأهداف الإنمائية لأفريقيا من خلال حوارات وجلسات تفاعلية مستمدة من رؤية أفريقيا لعام 2063، وذلك فى ظل وضع أفريقيا على خريطة الاستثمار العالمية وحاجتها لتعزيز شراكة الجهات الفاعلة فى القطاع الخاص فى خطط التنمية الشاملة والمستدامة لأفريقيا.

ويُعتبر المنتدى بمثابة منصة ممتازة للجمع بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والمؤسسات المالية الدولية لإبرام صفقات استثمارية، والإعلان عن العديد من المشروعات الضخمة التى ستسهم فى نمو شامل ومستدام فى القارة الأفريقية، حيث يتضمن المنتدى جلسة مائدة مستديرة رئاسية رفيعة المستوى لمناقشة فرص الاستثمار غير المستغلة فى أفريقيا والتعاون الاقتصادى المشترك بهدف تعزيز تدفقات الاستثمار إلى أفريقيا، وسيجتمع الرؤساء لتبادل وجهات النظر حول سبل ضمان مشاركة أكبر من شركاء التنمية والقطاع الخاص لتعزيز الرخاء الاقتصادى والنمو فى أفريقيا.

البنية التحتية والاستثمار فى رأس المال البشرى أبرز ملفات المنتدى.. والتحول الرقمى ضمن الاستراتيجيات المطروحة لدول القارة

وتحقيقاً لهذه الغاية، سيتناول منتدى أفريقيا 2019 عدداً من الملفات المهمة من خلال حلقات تفاعلية تناقش كلاً من الاستثمار من أجل التنمية الشاملة، والاستثمار فى رأس المال البشرى، وريادة الأعمال والابتكار، والبنية التحتية والاتصال، والتحول الصناعى، والاقتصاد الرقمى، والطاقة المتجددة، وذلك خلال فعالياته التى تشمل ورش عمل بعنوان «سياسات تشجيع الاستثمار واتجاهات الاستثمار الأجنبى المباشر»، و«صنع فى أفريقيا: حشد الاستثمار من أجل التنمية الصناعية المستدامة فى أفريقيا» يومى 20 و21 نوفمبر، حيث تهدف هذه الورش إلى مناقشة أفريقيا باعتبارها أرض الفرص لاستكشاف مختلف الوسائل لجذب تدفقات رأس المال إلى القارة على حساب الاستفادة من موارد القارة الهائلة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى والمساهمة فى تحولها الصناعى.

أفريقيا الأولى عالمياً من حيث العوائد الاستثمارية بـ11.4%.. و14 دولة أفريقية تحجز مقاعدها ضمن أفضل 66 وجهة جاذبة للأموال

الاستثمار من أجل التنمية الشاملة

تشير التقارير الدولية إلى امتلاك القارة السمراء عدداً كبيراً من المحفزات التى تجعلها من أولى الوجهات الاستثمارية عالمياً، حيث تصدرت أفريقيا قائمة الأقاليم الأعلى من حيث عوائد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 11.4%، مقارنة بـ9.1% فى آسيا، وذلك فضلاً عن امتلاكها سوقاً ضخمة من المستهلكين، وكماً هائلاً من الموارد غير المستغلة، فيما ذكر تقرير «الأونكتاد» أن هناك 14 دولة أفريقية من أصل 66 دولة تمتلك الإمكانات التى تجعلها من أبرز الوجهات الجاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر والشركات متعددة الجنسيات. وعلى الرغم من هذه الإمكانات الضخمة التى من المفترض أن تضع أفريقيا فى صدارة الأقاليم الجاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر، إلا أن حجم الاستثمارات الأجنبية للقارة السمراء لا يمثل سوى 3.5% من إجمالى الاستثمارات الأجنبية على مستوى العالم خلال النصف الأول من 2019، حيث تمكنت من جذب 23 مليار دولار مقابل 650 مليار دولار استثمارات أجنبية عالمياً، واستحوذت فقط على 3.2% من الاستثمارات العالمية خلال 2018، بواقع 46 مليار دولار من أصل 1.3 تريليون دولار.

ريادة الأعمال.. الحاجة أم الاختراع

عادة ما ينظر العالم إلى الدول المتقدمة والمشروعات المبتكرة والريادية التى تنتجها هذه الدول ويسلط الضوء عليها بشكل كبير، ولكن يثبت الواقع العملى أن «الحاجة أم الاختراع»، فعلى الرغم من المستوى المتواضع الذى يعيش فيه معظم سكان القارة الأفريقية، إلا أن هذا المستوى يجعلها بيئة خصبة لريادة الأعمال وظهور الأفكار المبتكرة التى لا تحظى باهتمام عالمى.

وفى ظل الاتساع المتوقع فى فجوة التوظيف، ودخول نحو 122 مليون شخص سوق العمل فى أفريقيا بحلول 2022 مقارنة بـ54 مليون وظيفة جديدة متوقعة، فإن ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة هى السبيل الوحيد لاستيعاب هذه الفجوة الكبيرة فى التوظيف، حيث تدفع حاجة العاطلين إلى العمل لتأسيس مشروعات خاصة بهم، وهو ما أثبتته المؤشرات الصادرة عن بنك التنمية الأفريقى، والتى تشير إلى أن 22% من الأفارقة الذين يدخلون قوة العمل يبدأون بتأسيس مشروعات جديدة، ويقدم نحو 20% من هذه المشروعات منتجاً أو خدمة مبتكرة وجديدة، ويُقدر متوسط أعمار رواد الأعمال فى أفريقيا بـ31 عاماً مقارنة بـ36 فى آسيا.

صنع فى أفريقيا

تتميز القارة الأفريقية بمعدلات نمو جيدة قُدرت بـ4.3% خلال 2018، ويسهم قطاع الصناعة بنحو 23% من هذا النمو سنوياً، وهو ما يؤكد أهمية التنمية الصناعية التى تشارك فى معدلات النمو بقوة بعد قطاع الخدمات، واتخذت العديد من الدول الأفريقية خطوات مضيئة فى هذا الصدد، حيث قامت نحو 26 دولة بوضع استراتيجية تنمية صناعية من شأنها النهوض بالقطاع الصناعى خلال المستقبل القريب، حيث استهدفت نحو 19 دولة التركيز على الصناعات الخفيفة باعتبارها المجال الرئيسى للتنمية.

وتمكنت بعض الدول مثل المغرب من جذب استثمارات أجنبية كبرى لدعم هذا القطاع، حيث تمكنت من عقد شراكة مع شركة رينو الفرنسية بتصنيع السيارات فى المغرب وتوزيعها على أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما تحتاج إليه معظم الدول الأفريقية لإحداث طفرة جماعية فى قطاع الصناعة.

الرقمنة

تفتقد معظم دول القارة السمراء إلى وجود بنية أساسية تكنولوجية متطورة، وهو ما يمثل العقبة الأكبر للتحول نحو الرقمنة وأتمتة القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل القطاع المالى والصناعى وغيره من القطاعات، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك بعض التجارب المضيئة فى القارة السمراء التى تُعد نواة للتحول الرقمى، حيث تمكنت غانا من الحصول على المرتبة 13 ضمن الوجهات الأكثر جذباً للاستثمار الأجنبى نتيجة التطورات التى حققتها التجارة الإلكترونية فى غانا والتى مكنتها من تحقيق معدل نمو بـ8.5% وفقاً للبنك الدولى.

رأس المال البشرى

تحتل أفريقيا المركز الثانى عالمياً من حيث عدد السكان بعد قارة آسيا، وذلك بقوة سكانية تصل إلى 1.3 مليار فرد ومعدل نمو سكانى 2.5%، ومع ذلك لا تزال القوة البشرية عائقاً أمام التنمية وعبئاً على اقتصاديات الدول، على عكس الكثافة السكانية فى قارة آسيا التى تُعد بمثابة قوى فاعلة تمكن القارة من السيطرة على الاقتصاد العالمى.

1.3 مليار فرد بالقارة السمراء و2٫5٪ معدل النمو السكانى سنوياً

وتتميز القوى البشرية فى أفريقيا بأنها شابة، حيث يبلغ متوسط الأعمار فى أفريقيا نحو 19.4 سنة، ولكن تأتى المعضلة أن هناك نحو 544 مليون شخص تحت خط الفقر ولم يحصلوا على تعليم أو خدمات صحية أو بنية تحتية أو مأوى، لذا يتطلب من الحكومات الأفريقية العمل على بناء كوادر شابة يمكن أن تكون قوة فاعلة فى اقتصاد القارة.

الطاقة المتجددة

برزت مصر ضمن أفضل الدول التى سطرت تجربة رائعة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة ليس فقط على مستوى القارة السمراء ولكن على مستوى العالم، وذلك إيماناً منها أن هذا النوع من الطاقة يمثل مستقبل الطاقة على مستوى العالم، وذلك لمنع سقوط العالم فى هاوية التغيرات المناخية المتسببة من الطاقة الملوثة، وتمتلك القارة الأفريقية فى هذا المجال مقومات طبيعية لا مثيل لها عالمياً من حيث توافر الشمس اللازمة لتوليد الطاقة، وتوافر الرياح، وتوافر الأنهار والشلالات التى يمكن توليد الطاقة الكهرومائية من خلالها، ويقوم العديد من الشباب فى الدول الفقيرة بابتكار بعض الأساليب لتوليد هذا النوع من الطاقة لتوفير احتياجاتهم اليومية، الأمر الذى يمكن أن يصبح نواة تنطلق منها مشروعات قومية مجمعة فى هذا المجال فى الوقت الذى لا يتمكن فيه نحو 35% من سكان القارة من الحصول على الطاقة.

الطرق والبنية التحتية

قامت حكومات الدول الأفريقية فى ظل تولى مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى بمجهودات كبيرة فى هذا الصدد، حيث قاموا بإطلاق مشروع القاهرة - كيب تاون الذى يربط أطراف القارة السمراء ببعضها ويسهل حركة التجارة بين الدول، ولكن تفتقر العديد من الدول فى القارة إلى مشروعات الطرق والبنية التحتية، حيث تشير التقديرات إلى أن هناك نحو 46% من سكان القارة لم يتمكنوا من استخدام الطرق، الأمر الذى يُفسر عدم وجود استثمارات قوية فى معظم دول القارة نتيجة الضعف الشديد فى مشروعات البنية التحتية، وهو ما يجعل هذا الملف من أهم الملفات التى لا بد أن تتناولها شركات التنمية فى المنتدى وإيجاد حلول جذرية وسريعة لها.


مواضيع متعلقة