"من بن لادن للبغدادي".. إلقاء الجثث في البحر "قانوني" وليس "إسلاميا"

كتب: محمد الليثي

"من بن لادن للبغدادي".. إلقاء الجثث في البحر "قانوني" وليس "إسلاميا"

"من بن لادن للبغدادي".. إلقاء الجثث في البحر "قانوني" وليس "إسلاميا"

يبدو أن المشهد المتكرر الذي رأيناه في مقتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي ومن قبل مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة"، ينطبق في كل تفاصيله بشأن التعامل مع الموقف من جانب القوات الأمريكية، خاصة بعد أن أعلن مسؤولون أمريكيون أنّ جثّة البغدادي أُلقيت في البحر.

وبعد عملية ظهر فيها كلب تابع للجيش الأمريكي بطلًا فيها عندما طارد البغدادي وأصابه بجروح في نفق مسدود تحت المنزل الذي كان يختبئ فيه في إدلب، حيث فجّر زعيم "داعش" نفسه مع أولاده الثلاثة بحزام ناسف كان يرتديه، أكّد وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أنّ مقتل البغدادي يشكّل ضربة مدمّرة لفلول داعش، مشيدًا بقوّة من نحو مئة عنصر استقلت مروحيات إلى المجمع في منطقة إدلب في مهمة معقّدة استدعت تنسيقًا مع الروس والأكراد والأتراك وقوات الرئيس السوري بشار الأسد لمنع تعرّض المروحيات الأمريكية لإطلاق نار من أيّ من هذه الجهات. وقال إسبر: "نفّذوا العملية من كل جوانبها ببراعة".

وأكد رئيس هيئة الأركان العامة مارك ميلي أنّ أيًا من الجنود الأمريكيين لم يصب بجروح رغم تعرض القوة لإطلاق نار لدى وصولها، مضيفصا أنّه تم احتجاز شخصين بينما نقلت جثّة البغدادي إلى منشأة آمنة لتحليل الحمض النووي للتأكد من هويته. وأوضح أن "التخلص من جثته تم واكتمل، وتم التعامل معه بالشكل اللازم ووفق قانون النزاع المسلّح".

وأفاد مسؤول آخر في وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون" بأنّ جثّة البغدادي وضعت في البحر في مكان لم يفصح عنه، وهي الطريقة ذاتها التي تخلّص بها الأمريكيون من جثة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد مقتله عام 2011 على يد قوات أمريكية خاصة في باكستان.

وأثار إلقاء جثة بن لادن في البحر آنذاك الجدل، وتساؤلات عن السبب الذي دفع الأمريكان لهذا التصرف، إلا أنّ التبريرات ذهبت إلى الابتعاد وتجنب تحويل قبره إلى رمز أو مكان عبادة بعد ذلك، ويكون مقصدًا لأتباعه وتحويله إلى مكان مقدس أو مكان ديني من شأنه تحول هذا المكان إلى تهديد أمني، ولكن هل هذا التصرف بالفعل يتفق مع القانون الدولي ومع تعليمات الشريعة الإسلامية؟.

أحمد مهران: لولا إلقاء جثة زعيم القاعدة في البحر لرأينا "مقام الشيخ بن لادن".. والقوات الأمريكية تصرفت وفقًا للقانون الإنساني

الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية قال إنّ ما حدث يستند إلى القانون الدولي الإنساني، موضحًا أنّ ذلك القانون يضع مجموعة من الضوابط والضمانات التي تحمي المدنيين المتواجدين داخل النزاعات المسلحة، مشيرًا إلى أنّه خشية من أن يتم العبث بجثث الأشخاص المدنيين الذين حُرموا من الاستفادة من الحماية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني الذي يحميهم داخل النزاعات المسلحة.

وأضاف لـ"الوطن"، قائلًا: "هناك استثناءات، وهم الأشخاص المدنيين الذين شاركوا في النزاعات المسلحة ففقدوا الثقة المدنية، وخشية من أن يتم استغلال وجود هذه النوعية من الأشخاص ووجود جثث لهم من أن تكون مزارًا أو محلًا للتجمعات للكيانات الإرهابية"، مشيرًا إلى أنّه من الممكن أن ترى مقامًا له بعد ذلك، وعلى سبيل المثال لكنا رأينا مقام "الشيخ بن لادن" حيث يبدأوا بزيارته ومن بعد ذلك يتعبدون فيه ويتحول إلى مكانًا للعبادة والدعاء، ويصبح قدوة ومثل بعد أن كان إرهابيًا.

ولفت مهران إلى أنّ هذا التصرف من أجل حماية الأمن القومي، وأنّ إلقاء هذه الجثة في البحر لتفادي الوقوع في هذه النوعية من المخاطر المتعلقة بتجمع الكيانات الإرهابية وخلق نوع من التهديد.

مستشار القانون الإسلامي باللجنة الدولية للصليب الأحمر: إلقاء الجثة في البحر يتعارض مع تعاليم الدين.. والشريعة تناولت مسألة الدفن في البحر في حالات معينة

أما عن الدين الإسلامي في هذا الأمر، فقال أحمد الداودي مستشار القانون الإسلامي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بجنيف إنّ الفقهاء الأوائل تداولوا في مسألة الدفن في البحر، رغم أنّ مناقشتهم لم ترتبط بالضرورة بظروف النزاع المسلح.

وأضاف الداودي أنّه بعد مناقشة الفقهاء حول هذا الأمر "تبين أنّ دفن القوات الأمريكية أسامة بن لادن سرًا في البحر لم يكن وفقًا للشريعة الإسلامية فيما يتعلق بمكان الدفن، فرغم أنّ القوات الأمريكية تزعم أنّ بن لادن دُفن وفقًا لشعائر الدفن الإسلامية، والتي يقصدون بها على الأرجح شعائر الغسل والتكفين وصلاة الجنازة، فليس هناك مبررا لدفنه في البحر في ضوء مناقشة الفقهاء، حيث تقتضي الشريعة الإسلامية أن يدفن الموتى في قبور في الأرض ولم تتداول مسألة الدفن في البحر إلا في حالات معينة".


مواضيع متعلقة