حوار.. المعلم الكفيف يروي معاناة 10 سنوات تنمر: عايز أدرس لناس يفهموني

كتب: نرمين عصام الدين

حوار.. المعلم الكفيف يروي معاناة 10 سنوات تنمر: عايز أدرس لناس يفهموني

حوار.. المعلم الكفيف يروي معاناة 10 سنوات تنمر: عايز أدرس لناس يفهموني

يستغلون إعاقته البصرية ويصدرون أصواتا عالية، يهمسون في أذن بعضهم البعض ويصدرون ضحكات عالية وسخرية وتنمر على المعلم الواقف أمامهم، ويعتبرون حصته بمثابة الفسحة والراحة لتناول سندوتشات الإفطار، معاناة يمر بها سيد مختار، 33 عامًا، يوميًا، والمشهور إعلاميًا بـ"المعلم الكفيف".

فاض الكيل كثيرًا بالمعلم الذي يتحدى إعاقته البصرية، ولجأ إلى أهل الخير لمساعدته وتوصيل صوته إلى وزير التربية والتعليم للموافقة على نقله إلى مدرسة النور للمكفوفين بالإسكندرية، لينجو بنفسه من تلك المحاولات التي يصفها بـ"المهينة".

"الوطن" حاورت "سيد" المعلم الكفيف ليروي معاناته اليوميه مع التلاميذ، وبالرغم من استجابة مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، له ينتظر حتى الآن تفعيل إجراءات نقله للتدريس بمدرسة النور للمكفوفين، حيث تم وعده بالمحاولة فى النقل، وإلى نص الحوار..

* هل يمكن أن تحكي مواقف التنمر بك؟

- بمجرد أن تدق عقارب الساعة الثانية عشر ظهرًا، أبدأ حصتي لتدريس مادة الدراسات الاجتماعية بمدرسة العروة الوثقى للفترة المسائية بنين والتابعة إلى إدارة وسط التعليمية، وتبدأ معاناتي من سوء تربية كثير من التلاميذ وغياب الاستحياء من قيمة المدرس "المضايقات مش كلمات ولكن تصرفات سخيفة زي اللي يطلع ياكل ويشرب وياخد راحته وأنا بشرح مستغلين إني مش شايف"، والعقاب هو استدعاء ولي الأمر، أو سحب حقيبته الدراسية، مؤكدًا أنه لا يعتمد على العنف ولا يلجأ إلى الضرب تماما، رغم أنني أتعرض للتنمر يوميًا، منذ أن عملت بمهنة التدريس بعقد مثبت قبل 10 سنوات، حينها شعرت بحصولي على أول حق من حقوقي الإنسانية كشخص يرتوي مياه هذا البلد، وبالتحديد آخر 8 سنوات منذ أن بدأ عملي بمدرسة العروة الوثقى الكائنة بمنطقة الحضرة، حتى أولياء الأمور بيتنمروا عليا "ولى الأمر بيجيلي ويقولي إزاي كفيف يشرح لابننا".

* وكيف تقنعهم بذاتك في التدريس؟

-أحاول جديًا أبسط لهم الأمر، وأفسح المجال لنفسي في توضيح اصطحابي بمُدرسة أخرى تتناول مهمة كتابة الدرس على السبورة، لأتولى أنا في النهاية عملية الشرح، وذلك يجرى تحت إعداد وتحضير ودراسة مُسبقة جيدة لدي عن طريق برايل "أنا شغلي كله بالحفظ، لأنني مدرس تاريخ، أشرح العنصر للتلميذ مرة واتنين وتلاتة، مش شرط الكفيف العاجز يبقى ميح"، تخرج من تحت يدي أجيال وأجيال.

* وهل حقا الكفيف عاجز من وجهة نظرك؟

- لا أقصد هذا، ولكن المجتمع ينظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة بالتحديد على أنهم عاجزون عن أداء بعض المهام الحياتية اليومية، ولكن هذا غير صحيح، فأنا أخدم أسرتي بنفسي من شراء الاحتياجات، وأصعد وأهبط سلم منزلي الكائن بالطابق السابع، بمفردي، دون مساعدة أحد، والوسيلة الوحيدة التي أعتمد عليها هى العصا.

كما أحب أنوه بأنني أجريت عملية تصحيح نظر في الصغر، جعلتني أرى ولكن بشكل طفيف جدًا، وفي الأغلب لم أرَ الأشياء من حولي.

* وما سبب فقدان نظرك؟

- ولدت كفيفًا، حيث أعاني من ضمور في عصب العين، وأجريت عملية جراحية لتصحيح النظر في الصغر "بتخليني أقدر أمشي طول ما فيه نور قدامي لكن لو قطع ماعرفش، واتعملت برايل من صغري خلتني أتخطى عقبات كتير منها شهادتي ومؤهلي الدراسي".

* وما هي المدرسة التي قدمت طلب النقل إليها؟

- طلبت الانتقال إلى مدرسة النور للمكفوفين "عايز أدرس لناس يفهموني وأفهمهم"، الواقعة بشارع أبي قير، تلك المدرسة التي تخرجت فيها من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية العامة، ثم حصلت على مؤهل عال "ليسانس آداب"، وبالتحديد درست بقسم التاريخ.

* وهل هناك ميزات للنقل إلى مدرسة النور؟

- نعم، هناك زيادة طفيفة في المرتب، ولكن أنا أعتمد في الأصل على مهنة أخرى بأشغال البوفيه بنادي سموحة الرياضي، حيث أعمل مدرسا صباحًا، وعامل بوفيه بعد الظهر لأستطيع توفير نفقات أسرتي، حيث لدي ابنة وابن أصحاء "بفضل الله"، وأتحمل مصاريف معيشتهم بالكامل بمفردي من تكاليف علاج وقيمة إيجارية للمنزل "مرتبي في التدريس 1600 جنيه ومش بيكفوني أجيب منين"، مقابل إعطاء 24 حصة، شهريًا.

* هل طلبك بالنقل جرى بصعوبة؟

- عانيت لسنوات، حيث تقدمت بخطابات وجوابات عديدة "آخر لما زهقت قطعت آخر جواب ورميته"، إلا أن الأمر تملكني مرة أخرى وقدمت طلب النقل إلى مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية إلى مدرسة النور للمكفوفين "حتى أخيرا قابلت وكيل التعليم ووعدني بتنفيذ الإجراء.

* كيف تلقيت وعود مديرية التربية والتعليم بحل المشكلة؟

- طلبت مقابلة يوسف الديب، وكيل مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، وعلى الفور وجه الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بإصدار التوجيهات للمديرية بنقلي إلى أقرب مدرسة تتناسب مع ظروفي الصحية كما وجه بدراسة الحالات المشابهة، واتخاذ ما يلزم نحو التيسير على المعلمين والعمل على الاستفادة، وحاليا أنتظر إتمام إجراءات النقل.


مواضيع متعلقة