"مساجد تركيا" في الخارج.. جاسوسية تحت عباءة الإمامة

كتب: محمد حسن عامر

"مساجد تركيا" في الخارج.. جاسوسية تحت عباءة الإمامة

"مساجد تركيا" في الخارج.. جاسوسية تحت عباءة الإمامة

«مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذاتنا.. مآذننا حرابنا».. قبل 22 عاماً كانت هذه الكلمات بطاقة التعارف الخاصة لرجب طيب أردوغان، الذى كان وقتها رئيس بلدية «إسطنبول»، وهى الكلمات ذاتها التى قادته إلى السجن 4 أشهر وحرمته من الوظائف العامة والحق فى الترشح للانتخابات، ونفس الكلمات التى دغدغ بها مشاعر الكثيرين فى الداخل والخارج ليصنع بها شعبيته التى نصبته لاحقاً رئيساً للوزراء.

تناقضات "أردوغان" تفضح تجارته بالدين لخدمة مصالح الحزب الحاكم

«أردوغان» حوّل المساجد إلى ثكنات للتجسس والتنصت على المعارضين الذين طاردهم فى الخارج، ولاحقهم أينما كانوا، وتحوّلت إلى منصات استخدمتها عناصر جماعة الإخوان فى الخارج للنفاذ داخل المجتمعات الأوروبية والتستر عليهم، بعدما انكشف أمرهم فى مصر وليبيا وغيرها من الدول. وهذا ما كشفته تقارير دولية عدة، أن المساجد التركية، خصوصاً فى أوروبا، تحولت إلى شبكة تجسس واستخبارات لمصلحة الحزب الحاكم فى تركيا، وهو الأمر الذى يقدم دليلاً إضافياً على تناقضات «أردوغان» وتجارته بالدين لخدمة أجندته السياسية القمعية.

"الإسلامى التركى" يتحكم فى 900 مسجد داخل ألمانيا.. والتحقيق مع 19 إماماً

أقدمت النمسا، منذ أيام، على إغلاق عدد من المساجد التركية فى البلاد على خلفية ما وصفته مصادر محلية بـ«أنشطة أردوغان التجسسية»، واتخذ البرلمان النمساوى، بأغلبية الأصوات، قراراً يقضى بإغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشئون الدينية التركية داخل النمسا، وقالت المصادر إن إغلاق المساجد التركية جاء على أساس أن المساجد أصبحت لا تعمل كدور للعبادة، بل أصبحت لساناً لسياسة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه، مؤكدة على الدور المشبوه للمساجد التركية فى أوروبا.

النمسا تقر إغلاق الجوامع التركية وسياسيون هولنديون يطلبون التحقيق

وأكد السياسى النمساوى البارز بيتر بيلز، من حزب الخضر، أنه حصل على وثائق مسرَّبة من مصادر تركية لم يكشف عنها، تثبت أن تركيا أردوغان أسست شبكة تجسس مشددة، من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، مضيفاً: «فى كل ولاية يتم استخدام شبكة تجسس ضخمة تتكون من جمعيات ونواد ومساجد عبر السفارة والملحق الدينى وضابط المخابرات المحلى من أجل التجسس على منتقدى أردوغان على مدار الساعة».

وتشكل ألمانيا الحلقة الأهم والأخطر فى استخدام المساجد لملاحقة المعارضين أو التجسس عليهم، عبر «الاتحاد الإسلامى التركى» التابع لهيئة الشئون الدينية التركية، الذى يقوم بإرسال الأئمة إلى المساجد التابعة له فى ألمانيا، وتتكفل الدولة التركية بمرتباتهم الشهرية.

وتؤكد إحصاءات ألمانية أن ألمانيا تضم 5 ملايين مسلم معظمهم من تركيا ودول عربية ويوجد بها 900 مسجد تحت مظلة «الاتحاد الإسلامى التركى» أى تحت مظلة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان»، وفى 2017 بدأت النيابة الفيدرالية الألمانية تحقيقات مع 19 إماماً تابعاً للاتحاد الإسلامى التركى، بسبب قيامهم بالتجسس على معارضين أتراك ومتعاطفين مع حركة الخدمة الموجودين فى ألمانيا ونقل معلوماتهم إلى «أنقرة»، بناء على تعليمات من الحكومة التركية، إلا أنه تم إغلاق التحقيق فيما بعد.

ودفعت هذه الممارسات رئيس شعبة الاتحاد الإسلامى التركى للشئون الدينية بمقاطعة ساكسونيا السفلى وبريمن «يلماز كيليتش» إلى تقديمه هو وفريقه استقالتهم، فى نوفمبر الماضى، مرجعاً ذلك بسبب تزايد تدخل السلطات التركية فى شئونهم الخاصة.

سياسى نمساوى: الملحق الدينى وضباط المخابرات فى سفارات «أنقرة» يقدمون تقارير تتضمن رصد تحركات المعارضين الأتراك فى 38 دولة حول العالم

وقالت صحيفة «جمهوريت» التركية، فى تقرير لها، إن هيئة الشئون الدينية التركية قدمت معلومات عن معارضين وخصوصاً من حركة «الخدمة» فى 38 دولة، وقد أعدت هذه التقارير عن المعارضين عبر موظفى المساجد ومستشارى الخدمات الدينية ومنسقى الشئون الدينية، وتتضمن معلومات مفصلة بشأن المدارس ومراكز دروس التقوية والشركات والجمعيات والأوقاف والمؤسسات الإعلامية التابعة لحركة الخدمة.

وأقر الاتحاد الإسلامى التركى بصحة ما تم تداوله من معلومات وقدم اعتذاراً عنها تحت وطأة التحقيقات والتضييقات الألمانية لمحاولة وقف الأنشطة التجسسية التى تقوم بها المساجد التركية، ، وذلك حسب تصريح أدلى به «بكر ألبوغا»، أحد قياديى الاتحاد، قبل عامين، قال فيه إن هناك أئمة للمساجد التابعة للاتحاد الإسلامى قاموا بأنشطة تجسس ضد أفراد تابعين لحركة الخدمة المعارضة، حسب تقرير كانت نشرته جريدة «دويتشه فيله» الألمانية.

وكشفت مصادر خاصة أن المواطنين الأتراك الموالين لحزب العدالة والتنمية المقيمين فى بعض المدن النرويجية، وبعض المسئولين التابعين لهيئة الأوقاف النرويجية، طُلب منهم تجهيز قوائم بأسماء المواطنين المنتمين لحركة الخدمة من خلال الحسابات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، حتى إن إمام المسجد الرئيسى فى مدينة «أوسلو» اتهم المنتمين لحركة الخدمة بالإرهاب عبر حسابه على «فيس بوك»، فيما طلب ساسة هولنديون التحقيق فى قيام بعض الأئمة الأتراك بأعمال تجسس واستخبارات أو التخابر لصالح الحزب الحاكم فى تركيا.

ودعا وزراء هولنديون كل المواطنين الأتراك الذين تعرضوا لمحاولات رصد أو تصنيف لنشاطهم إلى التقدم ببلاغات للتحقيق فيها أمام السلطات المختصة، وطالب الحزب الديمقراطى المسيحى فى هولندا بطرد الملحق الدينى التابع للسفارة التركية فى هولندا، فى الوقت الذى تنفى فيه هيئة الشئون الدينية هذه الاتهامات.


مواضيع متعلقة