أبوالغيط: موقف قطر من العدوان التركي على سوريا لم يؤثر على تحركات الجامعة

أبوالغيط: موقف قطر من العدوان التركي على سوريا لم يؤثر على تحركات الجامعة
- أحمد أبوالغيط
- الأمين العام لجامعة الدول العربية
- جامعة الدول العربية
- عمرو عبدالحميد
- العدوان التركي على سوريا
- سد النهضة
- أحمد أبوالغيط
- الأمين العام لجامعة الدول العربية
- جامعة الدول العربية
- عمرو عبدالحميد
- العدوان التركي على سوريا
- سد النهضة
قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الوضع فى الشمال السورى أصبح قابلاً للتعقيد خلال الفترة المقبلة، بعد العدوان التركى، موضحاً أن تشجيع تركيا للعناصر الإرهابية طوال الـ8 أعوام الماضية أدى إلى تفاقم الأزمة وتحوُّلها إلى مأساة، وتعقّد العلاقات العربية - التركية على أثرها.
وأضاف «أبوالغيط»، فى حوار مع الإعلامى عمرو عبدالحميد، فى برنامج «رأى عام»، عبر شاشة «ten»، مساء اليوم «الثلاثاء»، أن التحفُّظ القطرى على بيان الجامعة العربية بشأن العدوان التركى لم يؤثر على تحركاتها، وأن الجامعة ماضية فى التواصل مع الأمم المتحدة، لبحث الإجراءات المقبلة.
وأكد أن التلويح بخفض العلاقات العربية مع تركيا هو إشارة إلى أن العرب على استعداد للمُضى فى التصعيد الدبلوماسى، مشيراً إلى أن عودة سوريا لمقعدها بالجامعة تتوقف على ما تقدمه السلطة من تفاعلات إيجابية لحل الأزمة على الأرض.
وأضاف أنه حتى اللحظة الحالية لم تبدأ أى اتصالات رسمية بين الحكومة السورية والجامعة بشأن العودة.
وعن الأزمة الفلسطينية، قال إن الوضع يحتاج لقيادة جديدة من أجل إنهاء الانقسام، مشيراً إلى «انزواء القضية الفلسطينية يوماً بعد يوم بين أروقة الأمم المتحدة».. وإلى نص الحوار.
الجمهور العربى ينتظر أن يسمع من الأمين العام للجامعة تفاصيل الملف السورى الساخن؟
- الحقيقة أن كل ملفات الجامعة العربية أصبحت ساخنة، مأساة، بسبب ما عشناه فى السنوات الماضية فى الإقليم والعالم العربى، لكن القضية السورية الآن، بكل صدق، أصبحت العنصر الضاغط.
الاجتماع الطارئ للجامعة العربية، الأسبوع الماضى، وصف ما حدث فى سوريا بالعدوان التركى، أنا هنا أستخدم المصطلحات التى وردت فى نص بيان الجامعة العربية فى أعقاب الاجتماع.
حينما تدخل القوات الإسرائيلية الضفة الغربية، ثم تقتحم غزة، ثم القوات التركية تقتحم شمال سوريا، وتوجد بقوة، ومنذ سنوات ترفض الحديث مع الجمهورية العراقية، هنا هى توجد بشكل غير شرعى، ومعنى الوجود غير الشرعى أنه عدوان، فدخول قوة عسكرية إلى أرض عربية مهما كان الرأى أو التقييم يعتبر عدواناً، واقتحاماً ممنهجاً لفرض سكان على الإقليم، حتى ولو كانوا من أبناء سوريا وجميع اللاجئين، وينبغى أن نشكر تركيا على أنها مكَّنت هؤلاء من الوجود على أرضها، لكن الجمهورية التركية تصرفت فى 2011 بشكل هو الذى دفع هؤلاء للهجرة إليها، فتصرفات تركيا منذ ثمانية أعوام هى التى تقود لتعقيد الأوضاع فى شمال سوريا، وأمام العلاقات العربية - التركية.
فسِّر لنا ماذا تقصد بالتصرفات التركية فى 2011؟
- لو كانت تركيا امتنعت عن تشجيع العناصر الإرهابية على الدخول إلى أرضها، وتشجيع المتطوعين القادمين من أوروبا وباقى الوطن العربى، نحن لا ننكر الحقيقة أن هناك مَن جاء عبر فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وبولندا وبلدان عربية، عبر الحدود التركية.
والمأساة هنا أن الكثير كان مدبراً ويُصنع خارج الأراضى السورية.
الأحداث السورية من 2011 وحتى الآن خلَّفت 500 ألف قتيل و10 ملايين نازح و4 ملايين لاجئ
مَن الذى دبّر؟
- القوى الغربية تُسأل كثيراً فى مسألة عدم فهمها للأوضاع، ورغبتها فى بناء المجتمعات العربية حول مفاهيم من الصعب تنفيذها فى الوقت الحالى، حينما يموت 500 ألف سورى على الأقل، وينزح ما يقرب من 10 ملايين، ويتجه 4 ملايين إلى اللجوء، فهذا هو التدمير. ليبيا مثلاً تلك الدولة الجارة تقترب من التشرذم، ويقولون إن هذا ربيع عربى، لا هناك بالتأكيد شىء خطأ يجب أن يراجع ويُسمى كل شىء باسمه، وهذا لا يعنى أننى أدافع عن الأوضاع السابقة.
وهل الغرب يتحمل كل المسئولية؟
- لا، التغيير يجب أن تكون له أنماط وقواعد، فقبل ساعات على شاشة الـ«سى إن إن» جاء إعلان يقول الشباب الذى أطلق الثورة فى التحرير لم يكن له خطة أو قيادة، هذه هى المأساة، وللأمانة الوضع يختلف من دولة لأخرى، فمصر دولة فعالة وذات تأثير، لها قواتها المسلحة.
مأساة سوريا ستستمر سنوات.. وإعادة الإعمار تتكلف 500 مليار دولار
مهاجمو الجامعة العربية يتساءلون الآن: لماذا انبرت الجامعة للحديث بهذه اللهجة القوية عن الشأن السورى، وهناك ميليشيات لدول تمرح فى الشمال السورى؟
- الجامعة العربية لا يمكن عدم لومها فى مواقفها منذ البداية، لكن نحن محصلة للسياسات العربية الجماعية، الأمين العام لا يتحرك أو يصدر قرارات بمفرده، القرار من الدول الأعضاء، الأداء اتسم فى البداية بموقف ثم موقف آخر فى النهاية، لكن نحن نتحدث عن 8 سنوات من القتل والتدخل والتدخل المقابل والعنف والتآمر، وتدخّل قوى الإقليم غير العربى، إيران وتركيا وإسرائيل تتدخل، وروسيا من ناحية، والقوى الغربية من ناحية أخرى، فالوضع معقَّد ولا حلول جاهزة للتنفيذ.
نحن فى مأساة ستستمر لسنوات وتطال أجيالاً من السوريين، هل تعلم أن إعادة الإعمار فى سوريا ستتكلف من 400 إلى 500 مليار دولار، وتركيا تتحدث عن إعادة اللاجئين فى منطقة بعمق 30 كيلومتراً وعرض 400 كيلومتر، والسؤال: أين سيسكنون؟ فى مخيمات؟ وماذا عن المدارس؟ وكيف سيواجهون معضلات البرد والعمل الدائم؟ المسألة لا ينبغى أن تؤخذ هكذا، يجب أن تُسأل تركيا عما سبَّبته بالتدخل المبكر فى سوريا.
أشرتَ إلى تدخُّلات إيران وروسيا، لكنهما تتدخلان فى سوريا بشكل شرعى بعد طلب رسمى من الحكومة.
- أفهم أن الوجود الروسى جاء بدعوة من الحكومة المعترف بها دولياً، وعليه فهو وجود شرعى، لكن دعنا نأمل أن نتيح الفرصة للجنة الدستورية السورية التى فى سبيلها للتشكيل بعضوية 150 شخصاً، لبحث إما تعديل الدستور السورى أو إعادة صياغة دستور جديد، وبعدها تبدأ الحركة السياسية الجديدة وفقاً لهذا الدستور.
نعود لبيان الجامعة العربية عقب الاجتماع الطارئ الأسبوع الماضى، هذا التحرك لم يحظَ بموافقة جميع الأعضاء، هناك دول رفضت البيان.
- الموقف فى المشرق وحتى فى شمال أفريقيا، لا يوجد دائماً إجماع عربى على كل القضايا، كل دولة لها رؤيتها وموقفها وتفسيرها، كل القرارات إذا راجعتها، ستجد دولاً تقول إن رؤيتها مختلفة.
تقصد أن الموقف القطرى لا يؤثر على تحركات الجامعة العربية فى تلك القضية؟
- إطلاقاً، فور انتهاء الاجتماع بحثنا ما يتعلق بموقف الأمين العام للأمم المتحدة، ومجموعة السفراء المنتدبين بشأن الموقف العربى من هذا العدوان، وأحيط الأمين العام للأمم المتحدة علماً بهذا الموقف.
هل هناك أى ترتيبات لزيارة وفد وزارى عربى لمجلس الأمن، للتباحث حول الموقف تجاه سوريا؟
- هذا الأمر موجود ضمن فقرة فى صلب بيان الجامعة العربية المتابعة، فمن الممكن أن يقول العرب إن مجلس الأمن متقاعس فى بحث الأمر، وهو متقاعس بالتأكيد، فهم اجتمعوا فى جلسة تشاور وليس جلسة رسمية، فتبين أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لا تريدان مناقشة الأمر، أو حتى إصدار بيان صحفى بشأنه.
مصالح روسيا وتركيا تتوافق
يقال إن هناك تنسيقاً «سورياً - روسياً» حول هذا الأمر.
- لدىَّ الكثير من الترقب، لأن روسيا لها اهتمامات تجاه تركيا وحلف الأطلسى وتجاه الولايات المتحدة، أكبر من فكرة 30 كيلومتراً فى الأرض السورية، روسيا تسعى لاستقطاب أنقرة بعيداً عن الأطلسى، وهذه أمور ليست خفية، وأقول إن هذا الوضع لن يتطور لصدام روسى - تركى إلا لو قررت روسيا موقفاً ما، وأشك فى هذا.
لا ننتظر من موسكو موقفاً مختلفاً عن الحالى
إذاً لن نرى صداماً «تركياً - سورياً»، فى الفترة المقبلة، إلا إذا اختلفت مصالح روسيا مع أنقرة.
- إلى حد كبير نعم، إلا إذا أصبح لدمشق والحكومة هناك رؤية مختلفة فى هذا الاتجاه.
يقال إن كل الأطراف ستكون رابحة، ما عدا الفصائل التى تقاتل إلى جانب تركيا التى تسمى نفسها الآن الجيش الوطنى السورى، التى كانت فى السابق الجيش السورى الحر.
- كثير من الأطراف فقدت مصداقيتها، الأمور بصراحة قابلة للتطور والتعقيد فى الفترة المقبلة، لأنه ما أسهل أن تغزو أرضاً وما أصعب أن تمنع سكانها من التعرض لقواتك!
فى هذه الحالة، تحدثت الجامعة العربية عن إجراءات قد تصل لخفض العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، هل تتوقع أن الدول العربية ستُقدم على تلك الخطوة؟
- هذه فقرة لم تؤشر إلى اتجاه نوايا، لكنها إشارة إلى أن العرب على استعداد للمضى فى التصعيد الدبلوماسى، لأن بعض الناس كالعادة تستسهل وتقول أين العرب؟ المسائل حساسة وأقول «مولّعة»، فلن نقحم الأمة فى صدام بين أطراف إقليمية وعربية، أقول عنه إنه صدام مأساوى يؤدى إلى مزيد من التعقيد، فبعض الناس تقول «ابعتوا متطوعين.. إحنا بنشوف السوشيال ميديا».
على سوريا أن تتخذ خطوات إيجابية بالإفراج عن المعتقلين وصياغة الدستور وتحسين الوضع السياسى
متى ستعود سوريا لمقعدها بالجامعة؟
- حينما يكون المناخ والظروف متاحين لذلك، منطق الأمور يقول إنه يجب أن تكون هناك خطوات لعودة سوريا للجامعة العربية، لكن الحكم فى سوريا ماذا سوف يقدم ليتحرك تجاه لقاء مع الجامعة العربية، فسوريا خرجت فى ظروف عنف وضرب للمعارضة وحرب أهلية فجُمدت عضويتها، الدول يجب عليها أن تعكس فى علاقتها واتصالاتها مع الحكم فى سوريا هذا الأمر، تصورى مثلاً مسألة الإفراج عن المعتقلين وأيضاً عمل اللجنة الدستورية، وتوصُّل هذه اللجنة لتوافق حول الدستور، ووقف الاقتتال على الأرض، كل هذه المسائل تهيئ لمدى رغبة الحكم فى سوريا لعودته للجامعة العربية، لكن عليهم أن يتوقفوا عن القول: «ومَن قال لكم إننا نريد العودة للجامعة العربية؟»، فهنا إذا ما قررت الجامعة العربية أن تدعو سوريا فيجب عليها أن يأتيها رد إيجابى، وحتى هذه اللحظة لم يبدأ شىء.
هل هناك الآن اتصالات بين الجامعة العربية والحكومة السورية؟
- لا، التقيت بالصدفة فى نيويورك بوليد المعلم، وزير الخارجية السورى، ونائبه فيصل مقداد، وأنا أراهما رجلين لديهما قدر كبير من الاهتمام بسوريا وعروبتها، ولكن لا نتحاور «اللى عايز يتحاور مع الجامعة العربية.. عليه أن يقوم بموافقة محددة»، ولا ننسَ أن سوريا حينما خرجت من الجامعة العربية، فقد خرجت بغضب، المندوب السورى ألقى بزجاجات المياه فى وجه المندوبين العرب.
ومتى كان آخر تواصل مع الرئيس السورى بشار الأسد؟ وما انطباعك عنه؟
- حينما كنت وزيراً لخارجية مصر فى عام 2010، كنت أراه رجلاً تحمل المسئولية فى ظروف صعبة للغاية، ولديه رؤية تنبع من والده، الرئيس حافظ الأسد، وكانت له نظرة عروبية واضحة المعالم، لعله إنسان قاسى القلب فى التعامل مع معارضيه، لكن لا ننسَ دوره فى أكتوبر 1973، لاحقاً اختلف السادات والأسد حول مفهوم الحرب، وهو اختلاف وارد بين الشركاء، ولا ننسَ أن سوريا لم تتعرض فى عهد حافظ الأسد لمثل هذه المأساة، وأن مصر أيضاً وقفت إلى جانبها أيضاً حينما هددتها تركيا بالغزو فى عام 1998، ووقعت اتفاقية أضنة، وأقول إن التاريخ هو مَن سيحكم على بشار الأسد.
أمين عام الجامعة العربية لـ"عمرو عبدالحميد": العدوان الأخير خرق لاتفاقية "أضنة"
بمناسبة أضنة، تركيا الآن تأخذ هذه الاتفاقية كذريعة للتدخل فى سوريا.
- لا، اتفاقية أضنة تتحدث عن تدخل قدره 5 كيلومترات فقط، وما يحدث الآن إخلال بها.
كانت هناك لقاءات بين الوزراء العرب ونظرائهم فى تركيا، أتذكر اجتماعاً سابقاً فى القاهرة حينما كنت وزيراً للخارجية بينك وبين أحمد داود أوغلو وأيضاً مع عبدالله جول، فما الذى تغير؟
- الوضع الإقليمى، ورؤية تركيا للوضع وتدخلاتها فى المنطقة، ما بدا أن هذه التطورات منذ 2011 تخدم مصالح تركيا، ويجب أن نروّج لها، ومن ثم تحركت تركيا فى اتجاه آخر وكشفت عن وجه ليس بالضرورة الوجه الذى عبرت به عن نفسها منذ 2005، تركيا دائماً تقول إنها تناصر القضية الفلسطينية، فمَن من العرب لا يناصر القضية الفلسطينية؟ شكراً لمناصرتكم، لكن عليكم أن تناصروا القضية وليس طرفاً واحداً فيها، الرئيس محمود عباس له علاقات طيبة بأنقرة ورئيس تركيا، فليكن، لا يعنى أنكم تقفون مع القضية الفلسطينية، أن تتدخلوا فى الشأن العربى.
المراهنة على الإسلام السياسى خاسرة لعدة عقود
تقصد أن المراهنة على الإسلام السياسى الآن أصبحت خاسرة؟
- لعدة عقود نعم، لا أرى أن هناك نجاحات فى هذا المجال.
وهل هذا يفسر احتضان تركيا لجماعة الإخوان؟
- هذا هو إطارها الفلسفى الخاص بها، ما نراه خطراً هو تدخلها فى الشأن العربى على الأرض، ليبيا مثلاً والمأساة التى تعانيها، وسوريا أيضاً والوضع العراقى، وأخيراً الوضع المصرى، العلاقة بين تركيا ومصر معقدة، ولا أرى سبباً لذلك من جانب تركيا.
لا يمكن وصف ما حدث للعرب بـ"الربيع"
هل من الممكن أن تطلب الجامعة العربية من الأمم المتحدة الضغط على تركيا لدخول فرق إعلامية لمناطق تحت سيطرة تركيا الآن؟
- الأمين العام للأمم المتحدة لا يتحرك من نفسه، فهو يتحرك بقرار أممى سواء من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، مجلس الأمن كما نعلم فشل فى اتخاذ أى قرار، واعتقادى أننا أمام كرة ثلج ستتدحرج للضغط على تركيا فى ملف الإغاثة والإعلام لهدف وقف إطلاق النار وتأمين الشعب فى المناطق، التى تم غزوها، أتذكر أنه فى عام 1957 كان هناك تهديد تركى تجاه الجمهورية السورية، وتدخل الرئيس «عبدالناصر» وقتها وأرسل فرقاً عسكرية، وقتها الظروف كانت مختلفة، لم تكن هناك حروب أو ربيع عربى دمر قدرات العرب، العرب يعيشون أسوأ فترات حياتهم، أنا قلت إن آخر وضع مأساوى شاهدته للعرب كان فى أغسطس 1992 أثناء الغزو العراقى للكويت، وبعد 27 عاماً أشاهد أن هذه المأساة مستمرة، يجب أن نستفيق ونقول للأطراف التى تقطع الجسد العربى: «توقفوا»، المطلوب محور عربى قادر فاعل.
هناك دول عربية تشكو من تزايد النفوذ الإيرانى فى المنطقة، ما رأيك؟
- أرى أن هذه الدول محقة، الثورة الإيرانية فى عام 1979 قالت بوضوح «سنصدر الثورة إلى الإقليم الإسلامى»، فتبدأ الدول العربية فى التحسب من هذا، لتقول إيران لاحقاً «نحن حماة الشيعة فى العالم الإسلامى»، الشيعة فى العالم الإسلامى مواطنون عرب تابعون لدولهم، لهم حقوق وعليهم واجبات، نحن ننتبه إلى أن إيران تقول إنها تحمى تلك الطوائف على الأرض العربية، وهذا ليس حقها، لأنها تتحرك من أجل المصالح الإيرانية وليس الإسلامية.
ننتقل لحرب العراق وإيران، ما حدث عام 1980 كان خطأ من الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، خطأ فى التقدير، ومن وقتها قررت إيران أنها ستكون دولة لن يستطيع أحد المساس بها، فاتجهت للملف النووى وكان لدى إيران رئيس لديه زخم هائل بالوطنية الإيرانية هو أحمدى نجاد، الذى قال سنحرق إسرائيل، فإيران فى طريق الدفاع عن نفسها استخدمت كروتاً مثل الوضع اللبنانى والملف اليمنى والملف البحرينى، كل هذا أدى لاستنفار دول عربية.
هل أخطأ العرب فى أنهم لم يسعوا لامتلاك سلاح رادع؟
- لو تقصد السلاح النووى، فهو له توازنات وتكلفة، وأرى أن سلاح الردع يجب أن يردع العدو، فالسلاح النووى لا أحد يستطيع استخدامه منذ واقعة هيروشيما ونجازاكى فى عام 1945، ومن يتبحر فى هذا الموضوع يعرف أنه أمر مكلف فى كل نواحيه.
ما تقييمك للملف الليبى الآن فى ظل التطورات الأخيرة؟
- مأساة، لكن الحمد لله أن أهل ليبيا ما زال لديهم الشعور أنه يجب أن تكون هناك دولة وطنية موحدة لليبيا، بعد الصدام المسلح والحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية، وتحركات سكانية فى الجنوب الليبى تهدد بتغيير ديموجرافى.
ونحن نسترجع التاريخ، الجامعة أعطت الضوء الأخضر للتدخل الغربى فى ليبيا فى عام 2011.
- الجامعة فقط وافقت لمجلس الأمن على التدخل لحل الأزمة، ووقتها مجلس الأمن اتفق مع حلف شمال الأطلسى على التدخل بتفاهم وتراضٍ، وأنا شخصياً أراه خطأ جسيماً سوف نتحمل عواقبه فى الإطار التاريخى كعرب ومسئولين فى هذه الفترة.
كيف كنت تتعامل مع الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى؟
- كان شخصية ذكية للغاية، وصعبة للغاية، أحد الساسة الليبيين تحدث عنه قائلاً: «كان يحكم البلد بمفهوم القرن الـ18» ومع سقوطه لم نجد دولة، وجدنا فقط مدناً على غرار اليونان القديمة، كان شخصاً غريب الأطوار، هناك دول نفطية بنت حضارة وتقدماً، لكن ليبيا بكل هذه الثروة وعدد سكانها المحدود، تهدر الوقت، هذا غير معقول، القذافى صحيح ترك 350 مليار دولار فى صندوق الثروة الليبية، لكن المجتمع كان يستطيع أن يعيش حياة رغدة.
القضية الفلسطينية تنزوى يوماً بعد الآخر.. والأمل فى أن ينجح الفلسطينيون فى إنهاء الانقسام وعقد انتخابات ينجم عنها قيادة جديدة فى الضفة وغزة
أخيراً، ما تطورات القضية الفلسطينية؟
- أجد أن القضية الفلسطينية تنزوى يوماً بعد الآخر، والأمل فى أن ينجح الفلسطينيون فى عقد انتخابات ينجم عنها قيادة جديدة فى الضفة وفى غزة، أتمنى أن يتبين أيضاً الشعب الإسرائيلى أن المنهجية التى تمارسها الحكومات اليمينية المتعاقبة ستؤدى لانزواء خيار الدولتين، وسنكون أمام دولة واحدة عددها 15 مليوناً ما بين فلسطينيين «مسلمين ومسيحيين ويهود»، وعليهم أن يتمتعوا بكافة الحقوق والواجبات، أيضاً المجتمع الدولى يجب أن يتحلى بالمسئولية، نحن وصلنا لهذا بسبب عدم تصديه لإرهاب السلطة الإسرائيلية، وما طرحته أمريكا فى الهامش غير مقبول ولن يُقبل، لا يمكن أن نقول للفلسطينيين سنحقق لكم انتعاشة اقتصادية مقابل التنازل عن الأرض.
إذاً، أنت ترى أن الفلسطينيين فى حاجة لقيادة جديدة؟
- الرئيس محمود عباس يقول منذ 2007، إننا بحاجة لانتخابات من أجل إنهاء الانقسام. «عباس» أيضاً يقول إنه يريد انتخابات تفرز القيادة.
لكنه يقول هذا منذ زمن بعيد، فلماذا لا يتحقق هذا؟
- السلطة الإسرائيلية تمنع التصويت فى القدس على سبيل المثال، سلطة حماس هى الأخرى تعطل الأمر، نحن نعيش انقسامات حادة.
الأوضاع فى الجزائر ستستقر بحلول 2020 وتونس بها وضع طيب.. والسودان تؤشر إلى أمور طيبة
وماذا عن وضع باقى الدول العربية من خلال عين الأمين العام للجامعة؟
- الجزائر بحلول 2020 سيكون لديها وضع مستقر، تونس بها وضع طيب من الاستقرار والمسئولية، السودان تؤشر إلى أمور طيبة، وهناك اتصالات مع القيادة السودانية، واقترحت على رئيس الحكومة السودانية إمكانية مشاركة الجامعة فى مساعدة بلاده، العراق أيضاً لولا التوترات الأخيرة لكانت تعيش مؤشرات جيدة للغاية.
فى هذه الأثناء يزور الرئيس الروسى السعودية، كيف ترى دور روسيا فى المنطقة؟
- ما تقوم به روسيا الآن هو استعادة لدور الاتحاد السوفيتى فى السابق، فهى تتحرك فى هذا السياق لاستعادة وضع فقدته ولقدرتها على التأثير السياسى.
وضع سد النهضة حساس والكتلة العربية ستقف مع مصر
التعقيدات الأخيرة فى ملف سد النهضة.. كيف تراها؟
- الأمر حساس جداً، وتطرّق إليه وزير الخارجية سامح شكرى فى اجتماعات سابقة، والأسبوع الماضى مثلاً قال لوزراء الخارجية العرب إن مصر وقعت اتفاقية مع إثيوبيا، فى إطار للتفاهم، ولكن لدينا مشكلة أن «أديس أبابا» غير ملتزمة بهذا الإطار وماضية فى تضييق الخناق، ونقترب من وضع بالغ الحساسية، والرئيس السيسى قبل أيام تحدّث فى الندوة التثقيفية عن هذا الأمر، وأيضاً قبل 3 أيام كنت فى روما وقلت «إن المياه حياة.. ويجب ألا يعتدى طرف على الآخر»، والأمر يتطلب تنبه المجتمع الدولى والعربى، ووزير الخارجية قال للوفود العربية: «إن مصر قد تلجأ لكم يا أشقاءنا لكى تتحدثوا لإثيوبيا بأن مصالحكم هى فى إطار مصالحها».
هل ترى أن الدول العربية ستقف بجد إلى جوار مصر؟
- «العائلة الواحدة» تقف دائماً إلى جوار أبنائها، وإحساس العروبة موجود، قد يختلفون فى السياسات، لكن عندما يتعرض أحد أفراد الأسرة لتحدٍّ خارجى، إلى حد كبير تقف العائلة بجانبه، وإذا كانت هناك أطراف لا ترغب فى الوقوف مع مصر، أتصور أن الكتلة الغالبة ستقف معها.