"سوريا الديمقراطية" تتصدى لعدوان تركيا.. وأردوغان يعتقل منتقدي الهجوم

كتب: حسن رمضان

"سوريا الديمقراطية" تتصدى لعدوان تركيا.. وأردوغان يعتقل منتقدي الهجوم

"سوريا الديمقراطية" تتصدى لعدوان تركيا.. وأردوغان يعتقل منتقدي الهجوم

في اليوم الثاني للعدوان التركي على  شمال سوريا، واصلت قوات "سوريا الديموقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، والمعروفة اختصارا باسم "قسد"، التصدي للهجوم التركي على مناطق سيطرتها في شمال شرقي سوريا، حيث تخوض معارك عنيفة في ظل قصف العدوان التركي المكثف.

  وأعلنت "سوريا الديموقراطية"، التي يقودها الأكراد، اليوم، تصديها للعدوان التركي ضد مناطق سيطرتها في شمال سوريا، غداة قصف عنيف استهدف مدنا وقرى حدودية، ما يثير الخشية من أزمة إنسانية جديدة.

ومنذ بدء العملية العسكرية بعد ظهر أمس الأربعاء، نزح آلاف المدنيين من منازلهم في المنطقة الحدودية وتحديداً من تل أبيض ورأس العين. ودفع العدوان التركي، على مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا أكثر من ستين ألف مدني إلى النزوح من منازلهم، وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة "فرانس برس" الفرنسية، إن حركة النزوح المستمرة منذ الأربعاء وتركزت في المناطق الحدودية التي تتعرض للقصف التركي وتشهد اشتباكات، لافتاً إلى أن بلدتي رأس العين والدرباسية باتتا شبه خاليتين من السكان.

مقتل 16 شخصا من "سوريا الديموقراطية".. و6 من المهاجمين الأتراك

وقتل 16 عنصرا وأصيب 33 آخرين من "قسد"، فيما قتل 6 عناصر من القوات التركية في القصف والاشتباكات التي وقعت بين الجانبين في منطقتي تل أبيض ورأس العين شمال سوريا.

وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، مقره العاصمة البريطانية "لندن"، في بيان، اليوم، إن ما لا يقل عن 11 عنصراً في "قسد"، و6 من المهاجمين الأتراك قتلوا في تل أبيض، فيما قتل 5 عناصر من  "قسد"، جراء ضربات جوية وبرية تركية على منطقة رأس العين أمس الأربعاء، في حين أصيب أكثر من 33 من "سوريا الديمقراطية" بجروح متفاوتة جراء القصف الجوي والبري التركي، وفقا لما ذكرته قناة "العربية" الإخبارية.

المقاتلون الأكراد يوقفون العمليات ضد داعش بسبب الهجوم التركي

قال مسؤولان أمريكيان ومصدر عسكري كردي، إن مقاتلين أكرادا مدعومين من واشنطن أوقفوا عملياتهم ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا مع بدء العدوان التركي، وقال مصدر عسكري كردي، إن "قسد"،  أوقفت العمليات ضد "داعش" لأنه يستحيل تنفيذ أي عملية في الوقت الذي تتعرض فيه للتهديد من قبل جيش كبير على الحدود الشمالية"، فيما أوضح أحد المسؤولين الأمريكيين، طلب عدم نشر اسمه، لإذاعة "مونت كارلو الدولية" الفرنسية، أن تعليق العمليات أثر أيضا على التدريب الأمريكي الخاص بقوات معنية بحفظ الاستقرار في سوريا.

ويعد العدوان التركي على شمال سوريا، الذي بدأ بعد ظهر أمس، هو ثالث هجوم تشنّه أنقرة مع فصائل سوريّة موالية لها في شمال سوريا، بعد هجوم أوّل في العام 2016 سيطرت بموجبه على مدن حدودية عدّة، وثان عام 2018 سيطرت على إثره على عفرين شمال سوريا.

وجاء العدوان التركي على مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، في خطوة تلت حصول أنقرة على ما يبدو أنّه ضوء أخضر من واشنطن التي سحبت قوّاتها من نقاط حدودية، وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، أنه بعد مواقف أمريكيّة متناقضة إزاء الهجوم، اعتبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، العملية التركية فكرة سيّئة، مشيرا إلى أن واشنطن لا توافق على هذا الهجوم بعد سلسلة انتقادات اتّهمته بالتخلّي عن المقاتلين الأكراد الذين شكّلوا شريكاً رئيسياً لبلاده في دحر تنظيم "داعش" الإرهابي.

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أكد في وقت سابق، اليوم، أن بلاده لم تعط تركيا الضوء الأخضر لغزو سوريا، وأوضحت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن بومبيو، أدلى بهذا التصريح دفاعا عن قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الدعم العسكري الذي تقدمه للقوات الكردية في سوريا.

مسؤولة كردية تدعو الاتحاد الأوروبي إلى تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا

ودعت المسؤولة في مجلس سوريا الديموقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديموقراطية، إلهام أحمد، اليوم، في بروكسل، دول الاتحاد الأوروبي إلى تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا عبر استدعاء سفرائها فورا، في ضوء العدوان التركي، على شمال شرق سوريا، وصرحت إلهام أحمد للصحفيين: "نريد تدخلا عاجلا في هذه الأزمة، يجب وقف هذه الهجمات سريعا"، مطالبة مجلس الامن الدولي باتخاذ قرار في شأن "منطقة حظر جوي".

فيما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، بفتح أبواب أوروبا أمام ملايين اللاجئين ردا على الانتقادات الأوروبية للعدوان التركي، وقال في خطاب ألقاه في انقرة "أيها الاتحاد الأوروبي، تذكر: أقولها مرة جديدة، إذا حاولتم تقديم عمليتنا على أنها اجتياح، فسنفتح الأبواب ونرسل لكم 3,6 مليون مهاجر".

من جانبها، أكدت دمشق أن تصريحات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حول حرصه على حماية الشعب السوري وحقوقه لا تخرج إلا عن شخص منفصل عن الواقع، مشددة على أنها ستواجه العدوان التركي الغاشم بمختلف أشكاله في أي بقعة من البقاع السورية وبكل الوسائل والسبل المشروعة.

وكان الخبير العسكري والاستراتيجي، إلياس حنا، قال لقناة "سكاي نيوز عربية" الإخبارية في وقت سابق، إن: "هذه العملية التركية تسعى لإحداث تغيير ديمجرافي على أساس إثني، فتركيا تريد أن تأتي بـ3 ملايين شخص من العرب السنة أو غير السنة إلى المنطقة القريبة من حدودها، التي يتواجد فيها بالفعل ما يقارب من 850 ألف نسمة سيتم اقتلاعها".

مشرعون أمريكيون يهددون بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي "الناتو"

وفي السياق نفسه، هدد مشرعون أمريكيون بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي "الناتو" على خلفية العدوان التركي على شمال سوريا، وفقا لما ذكرته قناة "روسيا اليوم" الإخبارية الروسية. وكان العضوان في مجلس الشيوخ الأمريكي، الجمهوري ليندسي جراهام والديموقراطي كريس فان هولن، كشفا أمس الأربعاء عن اقتراح يهدف إلى معاقبة تركيا بشكلٍ صارم إذا لم تسحب قوّاتها من سوريا.

ويفرض هذا الاقتراح على إدارة الرئيس دونالد ترامب تجميد الأصول العائدة لأعلى المسؤولين الأتراك في الولايات المتحدة، بمن فيهم الرئيس رجب طيّب أردوغان ووزراء الخارجيّة والدّفاع والمال والتّجارة والطاقة، كما يستهدف أيضاً كلّ كيان أجنبي يبيع أسلحة لأنقرة وقطاع الطاقة التركي، وفقَ النصّ الذي نشره على موقع تويتر ليندسي جراهام القريب عادةً من ترامب والذي اتّخذ هذه المرّة موقفاً معارضاً له في ما يخصّ الهجوم التركي.

أنقرة تعتقل منتقدي العدوان التركي على شمال سوريا

وفي تركيا، اعتقال السلطات منتقدي الهجوم على الشمال السوري على الإنترنت خلال عمليات سابقة ضد القوات التركية في سوريا واتهمتهم بـ"الدعاية الإعلامية الإرهابية"، فاعتقلت السلطات التركية، اليوم، رئيس موقع إخباري تابع للمعارضة في إطار حملة قمع ضد منتقدي العملية العسكرية التي تشنها أنقرة في شمال سوريا، بحسب مدير الموقع، وتم اعتقال هاكان ديمير رئيس موقع "بيرجون" اليساري بعد اتهامه بتحريض الشعب على الكراهية والعداوة بسبب رسالة بعث بها على موقع التدوينات القصيرة "تويتر".

كما اعتقلت السلطات التركية أكثر من 20 شخصا بتهمة "الدعاية الإعلامية الإرهابية" بسبب انتقادهم للعملية العسكرية التي تشنها أنقرة في شمال سوريا، وذكر النائب العام في تركيا أنه تم فتح قضايا بحق زعيمي حزب "الشعوب الديموقراطي" الموالي للأكراد سيزاي تيميللي وبيرفين بولدان، وغيرهما من أعضاء الحزب.

انتقادات دولية للعدوان التركي.. باريس وروما تستدعيان سفراء أنقرة

وأثار العدوان التركي غضباً دولياً واسعاً، وانتقدت دول غربية وإقليمية، هجوم أنقرة على الشمال السوري، فأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم، أن بلاده ترغب بحصول محادثات بين تركيا والسلطات السورية حول الأكراد المستهدفين منذ أمس الأربعاء، بهجوم تركي في شمال سوريا. وقال، خلال زيارة إلى تركمانستان: "سندافع من الآن فصاعدا عن ضرورة إقامة حوار بين تركيا وسوريا".

من جانبها، دعت الصين إلى احترام سيادة سوريا، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينج شوانج، إن "الصين تعتقد دائما أنه يتعين احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، والحفاظ عليها"، مضيفا أنه على المجتمع الدولي "أن يتفادى دائما المزيد من عوامل تعقيد الوضع".

كما يعقد مجلس الأمن الدولي أيضاً اجتماعاً طارئاً مغلقاً، اليوم، لبحث العدوان التركي، بناء على طلب بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا، فيما استدعت فرنسا السفير التركي على خلفية الهجوم على شمال سوريا، كما استدعت إيطاليا السفير التركي إثر العدوان التركي على شمال سوريا.

ودعت إيران إلى "وقف فوري"، للعدوان التركي، وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، إن طهران التي تعبر عن قلقها إزاء تداعيات هذه العملية على الصعيد الإنساني، تشدد على ضرورة الوقف الفوري للهجمات وانسحاب الوحدات العسكرية التركية المنتشرة على الأراضي السورية.

وأعربت أستراليا، في وقت سابق، اليوم، عن قلقها البالغ إزاء شن تركيا عملية عسكرية جديدة ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا، محذرة من أن ذلك قد يهيئ الظروف الملائمة لانتعاش تنظيم "داعش" في المنطقة.

وبدوره، حض الأمين العام لحلف شمال الاطلسي "الناتو"،  ينس ستولتنبرج، تركيا على التحلي بـ"ضبط النفس" لكنه أقر في الوقت نفسه بوجود "قلق أمني مشروع" لدى أنقرة، وقال "من المهم تجنب أعمال قد تؤدي إلى زعزعة استقرار إضافية للوضع وتصعيد التوتر والتسبب بالمزيد من المعاناة الإنسانية"، فيما طالب رئيس الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر، بوقف العمليات التركية، وقال لأنقرة أن الاتحاد لن يدفع أموالا لإقامة ما يسمى "بالمنطقة الآمنة".

وأدانت جمهورية التشيك، العدوان التركي على الأراضي السورية، وطالبت بوقفه فورا، محذرة من أنه يؤدي لتدهور الأوضاع في المنطقة، ودعا وزيرا الخارجية والدفاع التشيكيان، توماش بيترجيتشيك ولوبومير ميتنار، الاتحاد الأوروبي والقوى الدولية الأخرى، إلى الضغط على النظام التركي لوقف عدوانه، وطالبا أنقرة بانتهاج الدبلوماسية سبيلا للتوصل إلى حلول للمشكلات، فيما أدانت كندا، بحسب وكالة الأنباء السورية، عدوان الجيش التركي على الأراضي السورية، معتبرة أنه يخاطر بتقويض استقرار المنطقة والجهود المبذولة لمكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي.

وأكدت أرمينيا ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، داعية إلى بذل جهود دولية فعالة لوقف العدوان التركي، ودرء وقوع أعمال وحشية ضد المدنيين، وذكرت وزارة الخارجية الأرمينية في بيان، أن العملية العسكرية التركية تخلق خطرا مباشرا وانتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان، وستؤدي إلى كارثة إنسانية ونزوح أعداد كبيرة من المدنيين.

من جهتها، طالبت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، النظام التركي، بوقف عدوانه على الأراضي السورية فورا، مؤكدة التزام الاتحاد بوحدة أراضي الدولة السورية وسلامتها، وقالت موجيريني، أمام البرلمان الأوروبي أمس الأربعاء: "إن هذا العدوان يعرقل الحل السياسي في سوريا، ومن شأنه أن يزيد معاناة المدنيين والتسبب بالمزيد من النزوح"، لافتة إلى أن العدوان يوفر أرضية خصبة لتنظيم "داعش" الذي لا يزال يشكل تهديدا كبيرا للأمن الدولي والإقليمي والأوروبي.

وعربيا، أعلنت جامعة الدول العربيّة، أمس الأربعاء، أنّها ستعقد،  بعد غد السبت، اجتماعاً طارئاً بناء على طلب مصر للبحث في العدوان التركي على شمال سوريا. وأعرب الأردن والجزائر عن تضامنها الكامل مع سوريا وحرصها على سيادة وسلامة أراضيها ووحدته الترابية.

 

 

 

 

 

 

 

 


مواضيع متعلقة