دمياط.. مستأجرو المزارع السمكية يطالبون الهيئة بتقنين أوضاعهم

كتب: سهاد الخضرى

دمياط.. مستأجرو المزارع السمكية يطالبون الهيئة بتقنين أوضاعهم

دمياط.. مستأجرو المزارع السمكية يطالبون الهيئة بتقنين أوضاعهم

أعرب الكثير من مستأجرى المزارع السمكية فى محافظة دمياط عن رفضهم مشروع القانون الجديد، الذى تجرى مناقشته فى البرلمان، وبموجبه يتم توحيد الجهات المنظمة لأنشطة البحيرات، بإنشاء جهاز ذى طابع اقتصادى باسم «حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية»، مطالبين بفتح باب التقنين أمام المخالفين، بدلاً من محاسبتهم قانونياً، وهو ما سيُدر مبالغ طائلة للدولة، على حد وصفهم، مشيرين إلى رفض هيئة الثروة السمكية طلبات التقنين المقدّمة لها منذ سنوات، حتى فوجئوا بإزالة المزارع، مما تسبب لهم فى خسائر مالية فادحة، بخلاف تلوث مياه البحيرة، والحاجة إلى فتح قنوات «شعاعية» خاصة فى ظل تكرار أزمات نفوق الأسماك.

"عاشور": يجب منع المخالفات من مصدرها

واتفق «نصر عاشور»، مستأجر إحدى المزارع السمكية، مع نصوص مشروع القانون الجديد الخاصة بمحاسبة المخالفين، مشيراً إلى ضرورة محاسبة مستوردى الغزل الضيق المستخدم فى صيد الزريعة، مشدداً على ضرورة «منع المخالفة من مصدرها»، على حد قوله، وأضاف أن عدم التصدى للمخالفات المنتشرة فى بحيرة البرلس، تسبّب فى نفوق كميات كبيرة من الأسماك، فضلاً عن تزايد مشكلة الرواسب والغاب، مما أدى إلى تلوث مياه البحيرة، مطالباً بتقنين أوضاع المخالفين.

كما لفت «عاشور» إلى عودة من سمّاهم الـ«عصابات» القادمين من مناطق «الشبول» و«المطرية» و«المنزلة»، لسرقة المواتير والأسماك الخاصة بالمزارع السمكية، خاصة فى فصل الشتاء، مشيراً إلى أنه تعرض العام الماضى لسرقة أسماك من مزرعته تُقدّر قيمتها بأكثر من 100 ألف جنيه، مشيراً إلى عدم حصوله على تصاريح عمل رغم انتهاء عقده فى عام 2020، فى الوقت الذى تطالبه فيه هيئة الثروة السمكية بسداد القيمة الإيجارية، مؤكداً أنه لم يعد قادراً على حفر وتطهير مزرعته، وأصبح الإنتاج لا يكفى حتى لسداد قيمة الإيجار.

"حسيب": فوجئنا بعدم وصول المياه إلى مزارعنا

وبنبرة حزينة، التقط «محمود حسيب»، 57 سنة، مستأجر مزرعة سمكية، طرف الحديث، قائلاً: «قمت أنا وأشقائى باستئجار المزرعة منذ عام 1986، أى ما يقرب من 34 سنة، وقمنا بتطويرها على أعلى مستوى، كما أقمنا كشكين للكهرباء لتغذية المزرعة»، لافتاً إلى أن تكلفة الأكشاك تتخطى حالياً أكثر من مليون جنيه، وأضاف: «ليس علينا ديون لهيئة الثروة السمكية، فنحن ملتزمون بسداد مديونيات الدولة، وفوجئنا قبل عام، خلال أعمال تطوير الطريق، بعدم دخول المياه إلى البحيرة، بعد ردم الجزء المحيط بالمزرعة وغلقه، ولم تعد المياه تصل إلى الأحواض، مما تسبّب فى نفوق الأسماك، وحينما توجّهت إلى الثروة السمكية قالوا لنا مزرعتكم خارج اختصاصنا».

وأضاف «محمود» أنه رغم ذلك قامت هيئة الثروة السمكية بتغريمه مبلغ 8 آلاف جنيه، كقيمة إيجارية للمزرعة، واصفاً مشروع القانون الذى يناقش حالياً فى مجلس النواب، بأنه «جائر»، وتابع متسائلاً: «هل يحق لأحد التعدى على مزرعتى، ومنع مصدر المياه عنها، والتسبّب فى جلوسى بمنزلى دون عمل، وتشريد نحو 25 شخصاً كانوا يعملون فى المزرعة، البالغ مساحتها 40 فداناً مناصفة مع أشقائى، فى وقت يُفترض فيه تملكى الأرض، وفى انتظار تحسّن الأوضاع، وعودة المزرعة إلى وضعها السابق»، كما طالب بإقامة المزارع السمكية داخل نطاق البحيرة، معتبراً أن إقامة الأحواش داخل البحيرة، ينتج عنه تضرّر البحيرة وتقلص مساحتها، لذا لا بد من معاقبة المخالفين بالعقاب الرادع.

وأعرب «محمد توفيق»، مستأجر مزرعة سمكية، عن رفضه هذا القانون، قائلاً: «قبل تطبيق أى قانون جديد يخص الثروة السمكية، لا بد من تقنين الأوضاع للمستأجرين أولاً، خاصة أن الكثيرين منهم وضعوا أيديهم عليها قبل سنوات، والخطأ ليس بجديد، ومن المفترض تحفيز المستأجرين على التأجير، قبل استرداد المزارع»، واستطرد بقوله إنه تقدم بطلب لتقنين وضع المزرعة الخاصة بوالده قبل أكثر من 10 سنوات، لكن لم يتم البت فى ذلك الطلب، وأضاف: «لقد التزمنا طوال السنوات الماضية بدفع مقابل حق استغلال المزرعة، إلى أن فوجئنا بصدور قرار إزالة مزرعتى و17 مزرعة أخرى»، مشيراً إلى أنه وغيره من المستأجرين لم يعترضوا على تنفيذ قرار الإزالة، وتقدّموا بطلبات جديدة لتقنين أوضاعهم، لكن لم يتم البت فيها أيضاً. وأضاف «توفيق» أن «موارد مستأجرى المزارع السمكية محدودة، ونحن توارثنا المشروع عن آبائنا وأجدادنا، الذين عملوها بمجهودهم»، مطالباً الدولة بتشجيعهم على الاستثمار، وتابع قائلاً: «أجدادنا حفروا الأحواض بالحلل، وحال خسارتنا، فأنا كمستأجر مزرعة المتحمل الوحيد لأى خسائر، سواء نفوق أو غيره»، وتوجه إلى مسئولى هيئة الثروة السمكية بقوله: «إذا لم تجدوا منا إنتاجاً قولوا لنا نمشى، لكن بعد تقديم الدعم لنا»، مشيراً إلى أنه فوجئ بإزالة مزرعته بعد 6 سنوات فقط على تطويرها.

وعن أهم المشكلات التى تواجه مستأجرى المزارع السمكية، قال «توفيق»، إن أكبر المشكلات تتمثل فى «عدم الاستقرار، وهو ما يؤدى إلى تدهور الثروة السمكية، فنحن متخوفون من التطوير، نظراً لأننا مهدّدون بالرحيل فى أى وقت، فضلاً عن تعدى البلطجية على مستأجرى المزارع، وقيامهم بسرقة الأعلاف»، وطالب بسرعة العمل على فتح «القنوات الشعاعية»، التى تعمل على تنقية مياه البحيرة، حتى لا تتلوث الأحواض.

من جانبه، قال المهندس مجدى عبدالواحد، مدير المشروعات بهيئة الثروة السمكية فى دمياط لـ«الوطن»، إنه قد يكون عقد الإيجار سارياً، لكن لا يمكن منح تراخيص لأى مستأجر مزرعة سمكية قبل سداد جميع مديونياته، نافياً صحة ما يتردّد عن انتزاع الدولة لأراضى المزارع السمكية من مستأجريها، وأضاف: «حالياً تسرى محاكمات عسكرية للمخالفات الواقعة فى نطاق البحيرة، مثل الصيد الجائر، والعمل دون الحصول على رخصة، أو تشغيل حفارات دون تصريح»، مشيراً إلى أنه يجرى تطبيق هذه الإجراءات منذ ما يقرب من 3 أشهر.

وأوضح «عبدالواحد» أن الهيئة ترفض تقنين وضع المزارع السمكية التى أقيمت فى مناطق مخالفة، حيث يصدر قرار بإزالتها، وأضاف أن على المتضرر من هذه الإجراءات التقدم بطلب لفحصه، وإجراء المعاينات اللازمة، حيث توجد أماكن محدّدة للاستزراع السمكى، وخارجها يُعد مخالفاً، وأضاف أن هناك نحو 60% من المستأجرين لم يسددوا مديوناتهم للهيئة.

كما أكد مصدر أمنى لـ«الوطن» أن كل من يتم ضبطه وبحوزته «لنش» غير مرخص، أو قام بالحفر دون تصريح، يُعرّض نفسه للمساءلة أمام المحكمة العسكرية، مشيراً إلى أن الكثيرين من مستأجرى المزارع السمكية يمتنعون عن سداد مستحقات الدولة منذ سنوات، معتبراً أن بعضهم يرى أن هذه المزارع حق مكتسب لهم، وتناسوا أنهم يستأجرونها من الدولة.


مواضيع متعلقة