4 ملايين جنيه لاستكمال تطوير "الدسوقي" في كفر الشيخ.. ومساجد دمياط الأثرية تحت حصار الباعة الجائلين

4 ملايين جنيه لاستكمال تطوير "الدسوقي" في كفر الشيخ.. ومساجد دمياط الأثرية تحت حصار الباعة الجائلين

4 ملايين جنيه لاستكمال تطوير "الدسوقي" في كفر الشيخ.. ومساجد دمياط الأثرية تحت حصار الباعة الجائلين

فى وقت امتدت فيه يد الدولة لتطوير عدد من المساجد التاريخية والأثرية فى مختلف محافظات مصر، لتضع نهاية لعقود من الإهمال، تعرضت فيها كثير من تلك المساجد للتهميش والتجاهل، ما دفع العديد من المصلين الذين كانوا يقصدونها إلى هجرتها، وسمح للبعض بانتهاك حرماتها، وتسبب فى فقدان كثير من مقتنياتها، ما زالت العديد من المساجد الأخرى تنتظر «قطار التطوير»، لإنقاذها من المشاكل المزمنة التى تعانى منها، بعدما أصبحت تحت حصار الباعة الجائلين والإشغالات التى تحيط بها من كل جانب.

محافظة أسيوط بدأت تنفيذ خطة للنهوض بالمساجد التاريخية، بعد عقود من الإهمال الذى طال هذه المساجد، خاصةً التى تضم أضرحة، وتحولت من وجهة للمريدين والمحبين إلى «المتحرشين»، الأمر الذى تسبب فى عزوف الكثيرين عن زيارة هذه الأضرحة، وبدأت أعمال التطوير، التى شملت 10 مساجد تاريخية تتضمنها خطة المحافظة، بترميم وإحلال مسجد «السلطان الفرغل»، فى مدينة أبوتيج، وذلك لأول مرة فى تاريخ المسجد، بدعم من بعض الجهود الذاتية، بتكلفة إجمالية بلغت مليونى جنيه، ضمن خطة وضعتها المحافظة لتطوير 10 مساجد من المساجد ذات التاريخ الدينى والأثرى فى مختلف قرى ومدن أسيوط.

«مصطفى الشريف»، نقيب «السلطان الفرغل»، قال لـ«الوطن» إن أعمال التطوير والترميم بالمسجد شملت توسعته من الداخل، مع الحفاظ على تصميمه المعمارى الفريد، وترميم المبانى بالكامل، فضلاً عن إنشاء مصلى للسيدات، وصيانة دورات المياه وتجديدها بالكامل، وتركيب أجهزة تكييف ونجف جديد على أحدث طراز، وكذلك تجديد الجدران بالرخام، وفرش المسجد، الذى يمتد على مساحة 804 أمتار مربعة، كاملاً بالسجاد، بالإضافة إلى تطوير مكتبة المسجد، التى ظلت غير مستغلة لفترة طويلة، وتزويدها بعشرات الكتب. وعبر عدد من المواطنين، من زوار الضريح المريدين، عن سعادتهم بتطوير وتوسعة مسجد «الفرغل»، حيث قال «عمران عبدالرحمن» إن «أعمال التطوير ساهمت، إلى حد كبير، فى القضاء على الكثير من السلبيات التى كنا نعانى منها خاصةً التحرش، الذى كانت تتعرض له الفتيات، من قبل الباعة الذين كان أغلبهم من الشباب، وكان يتسبب فى وقوع الكثير من المشاجرات»، وأضافت «أم على»، من أهالى أبوتيج، أنها وجارتها تأتيان إلى المسجد كل يوم، منذ تطويره، وتجلسان فى الساحة، بدلاً من الجلوس بالمنزل، وقالت: «بقت فسحتنا زى مساجد السيدة والحسين». وفى كفر الشيخ، تسير عملية ترميم مسجد «إبراهيم الدسوقى» على قدم وساق، بعد اعتماد وزارة الأوقاف 4 ملايين جنيه لاستكمال تطوير المسجد، واستعادة رونقه وقيمته التاريخية، باعتباره أحد أقدم المساجد فى مصر، و«قبلة» للمتصوفين والمريدين، وذلك لأول مرة منذ آخر عملية تجديد شهدها المسجد قبل 26 سنة، حيث توقفت أعمال التطوير أكثر من مرة، بسبب خلاف بين المحافظة ووزارتى الأوقاف والآثار على تحمل نفقات أعمال التطوير.

قطار التطوير يضع نهاية لسنوات الإهمال.. و"الفرغل" و"زغلول" على رأس القائمة فى أسيوط ورشيد

«الوطن» رصدت مراحل عملية التطوير الأخيرة لمسجد «الدسوقى»، التى بدأت فى 2011، وحينها أعلن محافظ كفر الشيخ، إعادة صب سقف المسجد بالكامل، وكذلك إعادة صب القباب، وترميم مآذن المسجد، وتجديد الإضاءة والإذاعة الداخلية، بالإضافة إلى تطوير صالة «كبار الزوار» الملحقة بالمسجد، وإصلاح وترميم دورات المياه بالكامل، بتكلفة بلغت نحو 6 ملايين جنيه، على أن تقوم وزارة الأوقاف بدفع جزء منها، والجزء الآخر من صندوق الخدمات بالمحافظة، إلا أن الترميم لم يتم حينها. وفى سبتمبر 2013 وقعت المحافظة بروتوكول تعاون جديداً مع الجهاز المركزى للتعمير، لترميم وتطوير مسجد «الدسوقى»، وجرى الاتفاق على تفويض أحد المكاتب الاستشارية، يتبع وزارة الأوقاف، كاستشارى للمحافظة بالمشروع، على أن يتم البدء فى أعمال الطرح والترسية والبدء فوراً فى ترميم المسجد، واستغرقت الأعمال الأولية للترميم قرابة 6 شهور، بتكلفة 5.5 مليون جنيه، ثم توقفت مرة أخرى، إلى أن تم استئنافها من جديد بداية 2015، بتنفيذ شركة «المقاولون العرب»، واستمر العمل على مدى عامين، إلى أن تم افتتاح المرحلة الأولى فى أكتوبر 2017، وبينما كان من المفترض البدء فى المرحلة الثانية لترميم المسجد فى ذلك الوقت، إلا أنها توقفت بسبب الخلاف على تدبير مستحقات الشركة المنفذة.

وفى سبتمبر 2018، أعلن محافظ كفر الشيخ، الدكتور إسماعيل عبدالحميد طه، عن تدبير جميع المبالغ المستحقة لشركة «المقاولون العرب» باعتماد من وزارة الأوقاف، لإنهاء أعمال المرحلة الثانية، وكلف الأجهزة المختصة بإنهاء أى معوقات أمام الشركة لاستئناف الأعمال مرة أخرى، وبسرعة الانتهاء من المرحلة الثانية، التى بدأت فى يوليو الماضى، وما زالت الأعمال جارية بمسجد «الدسوقى»، وفقاً للخطة الزمنية المحددة.

ورغم أن مدينة رشيد، فى البحيرة، ظلت على مدار تاريخها رمزاً للمقاومة، وكانت مساجدها نقاط انطلاق ضد الاحتلال بشتى صوره، فقد تحولت هذه المساجد، نتيجة سنوات من الإهمال، إلى مجرد مبان أثرية مغلقة، وعلى مدار السنوات الأخيرة، عانت المساجد الأثرية فى رشيد، التى يبلغ عددها 11 مسجداً، نتيجة ذلك الإهمال والتهميش، حتى تم إغلاق العديد منها.

ويُعد مسجد «زغلول» الأثرى، جنوب المدينة، المسجل برقم 28 فى سجل الآثار الإسلامية، أحد أبرز الأمثلة على الإهمال الذى ضرب مساجد رشيد التاريخية، حيث بدأت أعمال الترميم به منذ 15 سنة، بعد فترة إغلاق طويلة استمرت 45 سنة.

ولا يختلف حال المساجد التاريخية فى دمياط كثيراً عن حالها فى رشيد، ولعل مسجد «عمرو بن العاص»، ومسجد «المعينى»، من أشهر المساجد الأثرية التى تحاصرها المشاكل فى دمياط، حيث يُعد مسجد «عمرو» أحد أعرق المساجد فى مصر وأفريقيا، حيث يرجع تاريخ إنشائه إلى سنة 21 هجرية، 642 ميلادية، على طراز المسجد الذى يحمل نفس الاسم فى القاهرة.

أما مسجد «المعينى» فيُعد تحفة معمارية وأثرية لتخليد التاريخ الإسلامى، وهو ثانى مسجد يتم بناؤه فى دمياط، شيده «محمد بن معين الفارسكورى» سنة 710 هجرية، 1310 ميلادية، فى عصر «الناصر قلاوون»، ويقع على نهر النيل مباشرةً، ورغم ذلك لم يشفع تاريخ المسجد لإنقاذه من حالة الإهمال التى طالته لسنوات عديدة، إلى أن تم تطويره سنة 2009، ضمن خطة التطوير الشاملة للمساجد الأثرية بالمحافظة، إلا أن المسجد ما زال يعانى من حصار الباعة الجائلين، كما عششت الطيور فى بعض أركان المسجد.


مواضيع متعلقة