"حقنة تحت الجلد".. صفحات دينية وكوميدية تجمع آلاف المشتركين وتزرع الفتنة بداخلهم

كتب: محمد رمضان

"حقنة تحت الجلد".. صفحات دينية وكوميدية تجمع آلاف المشتركين وتزرع الفتنة بداخلهم

"حقنة تحت الجلد".. صفحات دينية وكوميدية تجمع آلاف المشتركين وتزرع الفتنة بداخلهم

تتعرض مصر لحرب أفكار ومعلومات ورسائل في المقام الأول، هذه الحرب التي لا يطلق فيها عدوك رصاصة واحدة، فهو يحمل "حقنة" يحقن بها ضحاياه ليزرع بداخلهم الأفكار المسمومة التي يريدها، حتى وإن تمثل لك هذا العدو في صورة شخص متدين أو شخص "خفيف الظل"، وهو أسلوب ليس ببعيد عن جماعة الإخوان الإرهابية التي كانت تنشط في الجامعات وتستغل الدين وتستغل أيضا الأنشطة الترفيهية لحشد الشباب ضد الدولة.

بالأمس، الجمعة 20 سبتمبر 2019، انساق البعض وراء دعوات التظاهر التي حرض عليها "المقاول الهارب" وعناصر الإخوان، وتزامنا مع هذه الدعوات كانت هناك صفحات دينية عبر موقع "فيس بوك" تحمل أسماء شيوخ مصريين راحلين، تستغل آيات قرآنية معينة وتنشرها لتحريض المواطنين على التظاهر والفوضى.

 

هذه الصفحات خدعت المشتركين ونصبت عليهم، فهي قدمت نفسها لهم في البداية على أنها صفحات دينية إسلامية تنشر القرآن الكريم، ولكن هذا الظاهر الطيب باطنه خبيث، فهذه الصفحات استغلت كتاب الله ودين الله وأساءت إليه وراحت تنشر آيات معينة، بالأمس، بشكل متزامن ومخطط، فنشرت صفحة تحمل اسم "الشيخ المنشاوي" قوله تعالى: "لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ"، وقوله "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ"، وغيرها من الآيات الكريمة التي أساءت هذه الصفحات استخدامها، تماما كما تفعل جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية في استغلال الدين لحشد المغيبين والاستيلاء على السلطة ونشر الفوضى والعنف والإرهاب.

الأمر لم يتوقف على الصفحات الدينية فحسب، بل امتد أيضا إلى الصفحات ذات الطابع الكوميدي، فصفحة تسمى "المعلم إبراهيم سردينة"، بعد أن جمعت آلاف المشتركين وبعد أن كانت تنشر محتوى كوميديا في بداية إنشائها، تحولت في الأيام الماضية وحتى أمس إلى صفحة مناهضة للدولة ومحرضة على الفوضى، وهو ما ظهر بشكل واضح في منشوراتها الأخيرة.

وامتد "فيروس التحريض" إلى صفحات وهمية منسوبة زورا لشخصيات عامة، هذه الصفحات تنشر أيضا محتويات تحريضية وعدائية تتفق مع منهج جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها في قطر وتركيا، وكذلك أعداء مصر الهاربين بالخارج.

"الحقنة تحت الجلد" أو "الرصاصة السحرية"، هو المنهج العلمي والإعلامي الذي ينطبق على أسلوب هذه الصفحات التحريضية في زرع الأفكار والرسائل المعسولة المسمومة داخل ضحاياها، فهذه النظرية الإعلامية ترى أن تأثير وسائل الإعلام والاتصال قوي جدا مثل الرصاصة، وفعال جدا ولا يمكن الإفلات منه مثل الحقنة تحت الجلد.

وتفترض هذه النظرية الإعلامية الخطيرة بأن مرسل الرسالة (المذيع أو الصحفي أو أدمن الصفحة) يتحكم بشكل كلي في العملية الاتصالية، لأنه هو الذي يضع الرسالة ويقوم بتصميمها وبنائها ويختار الوسيلة أو القناة الأكثر تأثيرا وانتشارا ويختار التوقيت والظرف المناسب، كما أنه يستغل حاجات الجمهور وميوله، فيستغل الدين أو الطرافة والرفاهية أو حتى حاجة المواطن للمال أو غيره.

كما تقول النظرية إن استقبال الرسالة هي تجربة فردية وليست تجربة جماعية، يعني أن الرسالة تصل إلى كل فرد بشكل مستقل وهو منعزل عن الآخرين فلا تفاعل بينهم، وبالتالي سيتأثر بها لأنه غالبا لن يجد من يوجهه أو ينقذه من خطر وتأثير هذه الرسالة الإعلامية، فالنظرية ترى أن متلقي الرسالة هو الشخص الضعيف، ومرسل الرسالة هو العنصر المسيطر، كما أنه لا توجد حواجز بين وسائل الإعلام والجماهير، فعندما تطلق وسائل الإعلام رسائلها يتلقاها الجمهور مباشرة من الجانب الآخر، تماما مثل الحقنة أو الرصاصة التي لا تخطئ هدفها.


مواضيع متعلقة