البنوك المركزية تتجه لسياسات توسعية عالميا وتعلن الحرب على النمو الاقتصادي المتخاذل

البنوك المركزية تتجه لسياسات توسعية عالميا وتعلن الحرب على النمو الاقتصادي المتخاذل
- البنوك المركزية
- خفض أسعار الفائدة العالمية
- أسعار الفائدة
- أسعار العقارات
- البنوك المركزية
- خفض أسعار الفائدة العالمية
- أسعار الفائدة
- أسعار العقارات
لقد مرت 10 سنوات منذ أن رأى العالم أن البنوك المركزية العالمية تتفق على سياسات تيسيرية فى محاولة لإنقاذ الاقتصاد من الركود خلال الأزمة المالية العالمية فى 2008، الآن تعيش البنوك المركزية جولة جديدة من المصادقة العالمية فى اتخاذ توجهات للتيسير النقدى للحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية، وذلك فى ظل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتقلب مناخ الاستثمار خاصة فى الأموال الساخنة والبورصة، الأمور التى أدت إلى إصابة الاقتصاد العالمى بتباطؤ فى معدلات النمو، ليعلن بذلك أكثر من ٣٦ بنكاً مركزياً الحرب ضد هذا التباطؤ من خلال خفض أسعار الفائدة لتحفيز البيئة الاستثمارية وإنعاش الاقتصاد العالمى.
ويأتى الفيدرالى الأمريكى على رأس البنوك المركزية العالمية التى شهدت سياستها تغيرات عميقة نتيجة توقعات التباطؤ التى قد تصيب الاقتصاد العالمى، حيث خفض فى اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير خلال الأسبوع الماضى الفائدة بـ25 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالى منذ 11 عاماً، ليصل سعر الإقراض إلى 1.75%، فيما خفض البنك المركزى الأوروبى الفائدة على الإيداع لتصل إلى -0.5% مقابل -0.4٪، ولم يكن قرار «هونج كونج» مغايراً حيث خفض سعر الفائدة بـ25 نقطة أساس ليصل إلى 2.5%.
وعلى الصعيد المحلى تشهد أسواق المال والأعمال ترقباً كبيراً بشأن اتجاه أسعار الفائدة الذى ستعلن عنه لجنة السياسة النقدية نهاية هذا الأسبوع، وذلك فى ظل التراجعات الكبيرة فى معدلات التضخم العام خلال الثلاثة أشهر الأخيرة على التوالى، حيث وصلت إلى 6.7% فى أغسطس الماضى، وهو ما دفع البنك المركزى المصرى لخفض أسعار الفائدة بـ1.5% فى اجتماع لجنة السياسة النقدية الماضى، لتصل معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض إلى 14.25% و15.25% على الترتيب.
وفى هذا الصدد توقع محمد رضا، الرئيس التنفيذى لبنك الاستثمار سوليد كابيتال، توجه «المركزى» لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل بنسب تتراوح بين 50 و100 نقطة أساس مدفوعة بتراجع معدلات التضخم، على أن يستمر خفض أسعار الفائدة بشكل مرحلى لتصل إلى 200 نقطة أساس فى الاجتماع الذى يليه، معبراً عن تخوفه من إبقاء «المركزى» على نفس أسعار الفائدة الحالية فى ظل توقعاته بعمليات طرح سندات دولارية قريباً.
خبراء: خفض مرتقب لأسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل بنسب تتراوح من ٠.٥ إلى ١.٥٪
كما توقعت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، خفض أسعار الفائدة بنسب تتراوح بين 1 و1.5% خلال اللجنة المقبلة، مبررة ذلك بتراجع معدل التضخم فى مصر الذى وصل إلى أقل مستوى منذ 6 أعوام، مضيفة أن توجه البنوك المركزية العالمية لخفض أسعار الفائدة سيحفز الأسواق الناشئة على خفض أسعار الفائدة لديها، الأمر الذى سيعزز من نمو الاقتصادات الناشئة خلال السنوات المقبلة.
من جانبها قالت عاليا ممدوح، محللة الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار بلتون، إن هدوء الضغوط التضخمية سيسمح باستمرار دورة التيسير النقدى خلال الفترة الحالية، وستستمر قوة العملة المحلية فى الحفاظ على معدلات التضخم حتى نهاية العام، متوقعة خفض أسعار الفائدة بين 50 و100 نقطة أساس خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية، لتستمر سلسلة الانخفاضات بنحو 300 نقطة أساس حتى 2020.
القطاع المصرفى
قد تؤثر توجهات البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة على تراجع محفظة الودائع الادخارية لدى البنوك، وذلك نتيجة بحث الأفراد عن تغطية مدخراتهم باستخدام أصول الملاذ الآمن كالذهب أو العقارات للهروب من تغيرات أسعار الفائدة المتوقعة، بينما قد يؤثر خفض الفائدة إيجاباً على البنوك من خلال خفض تكلفة الإقراض وجذب المزيد من العملاء للتمويلات المصرفية.
يحيى أبوالفتوح: خفض أسعار الفائدة العالمية يحافظ على جاذبية أذون الخزانة المصرية للمستثمرين الأجانب
وفى هذا الصدد يرى يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى، أن توجه البنوك المركزية العالمية لخفض أسعار الفائدة جاء كإحدى السبل لمواجهة التوقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمى خلال السنوات المقبلة، موضحاً أن خفض أسعار الفائدة واحد ضمن العديد من المتغيرات التى تؤثر على الاقتصاد العالمى مثل الحرب التجارية بين العملاقين واضطرابات الأسواق الناشئة، فضلاً عن التغيرات الحادة فى أسعار البترول، لذا يصعب توقع مدى تأثير خفض أسعار الفائدة العالمية على معدلات نمو الاقتصاد العالمى المتراجعة.
وتابع أن خفض الفيدرالى الأمريكى لأسعار الفائدة سيؤثر إيجاباً على مصر، حيث إن الأذون والسندات الأمريكية تُعد أكبر المنافسين للسندات المحلية، وبخفض الفائدة عليها ستُتيح للبنك المركزى المصرى فرصة باتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة المحلية، بنفس المعدل الذى خفض الفيدرالى به الفائدة لديه، وبالتالى لن يتأثر طلب المستثمرين الأجانب على الأذون والسندات المصرية.
تحفيز الاستثمار
على صعيد آخر من المتوقع أن يحفز تراجع أسعار الفائدة المستثمرين للتوسع فى مشروعاتهم الاستثمارية بالاستعانة بالاقتراض البنكى، وهو ما سيؤثر بالتبعية على معدلات النمو محلياً وعالمياً.
ومن ناحية أخرى قد يؤثر هذا الانخفاض على زيادة معدلات الاستهلاك، ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم مرة أخرى فى حالة عدم زيادة الإنتاج بنفس معدل زيادة الاستهلاك.
أسعار البترول
أسامة كمال: سياسات انكماشية متوقعة من البنوك المركزية فى الأجل الطويل إذا لم تتحرك السعودية سريعاً لحل أزمة "أرامكو"
أوضح أسامة كمال، وزير البترول السابق، أن تأثير الاضطرابات الأخيرة التى حدثت فى شركة أرامكو السعودية محدود على توجهات البنوك المركزية العالمية لخفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى أنه فى حالة عدم التحرك السريع للسعودية لحل الأزمة قد يؤدى إلى حدوث موجات تضخمية عالمية، الأمر الذى قد يجبر البنوك المركزية فى الأجل الطويل على اتباع سياسات انكماشية.
الحكومات أبرز المستفيدين
مع خفض أسعار الفائدة العالمية تستفيد الحكومات بتراجع الفائدة على الديون المحلية لديها، حيث تعانى حكومات دول العالم الكبرى من ارتفاع حجم ديونها، ليشهد حجم الدين الأمريكى ارتفاعاً إلى 22 تريليون دولار، وفى مصر تستقطع فوائد الدين من مخصصات الموازنة العامة للدولة نحو 569.1 مليار جنيه أى ما يمثل نحو 36.1% من مصروفات الموازنة، خاصة بعدما ارتفع الدين المحلى إلى 4.2 تريليون جنيه، الأمر الذى يؤكد أن خفض الفائدة سيؤثر إيجاباً على أداء حكومات الدول.
الاستثمار فى الذهب
من جانبه قال وصفى أمين رئيس شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن توجه البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة سيؤثر على زيادة الطلب على الذهب، مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الذهب عالمياً.
وصفى أمين: الذهب يحافظ على مستوياته المرتفعة.. ويفرض نفسه كأحد بدائل الادخار الآمن
وأضاف أن الانخفاضات السابقة لأسعار الفائدة كانت ضمن أبرز العوامل التى أثرت على ارتفاع أسعار الذهب، وذلك بالإضافة إلى الحرب التجارية، متوقعاً انخفاض هذه الأسعار تدريجياً فى حالة ظهور بوادر لحل الأزمة بين قطبى العالم، مشيراً إلى أن التراجع فى أسعار الذهب يعد محدوداً للغاية، حيث إنه ما زال عند مستوياته المرتفعة ويمثل عامل جذب كبير للمدخرات.
أسعار العقارات
فى ظل خفض الفيدرالى الأمريكى لأسعار الفائدة، شهد متوسط الفائدة على الرهن العقارى الثابت لمدة 30 عاماً تراجعاً ليصل إلى 3.56٪ مقارنة بـ4.60٪ قبل عام، ومع خفض معدلات الفائدة على الرهون العقارية سيلجأ كثير من الأفراد إلى البحث عن منازل أعلى سعراً لأن تكلفة الرهن انخفضت، مما قد يزيد من أسعار العقارات فى الأجل الطويل وفقاً لما ذكرته «رويترز»، وبالتطبيق على السوق المحلية مع خفض تكلفة الاقتراض ستحد من أزمة الإسكان لدى الشباب من ناحية، ومن جانب آخر سيظهر العقار كوجهة استثمارية آمنة لدى الكثيرين، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة معدلات الطلب وبالتالى ارتفاع أسعار العقار.