أمريكا و"طالبان" فى ذكرى 11 سبتمبر.. العودة إلى مربع الحرب

كتب:  محمد حسن عامر

أمريكا و"طالبان" فى ذكرى 11 سبتمبر.. العودة إلى مربع الحرب

أمريكا و"طالبان" فى ذكرى 11 سبتمبر.. العودة إلى مربع الحرب

بالتزامن مع حلول الذكرى الـ18 لأحداث 11 سبتمبر 2001، توعّدت حركة «طالبان»، أمس، بمواصلة القتال ضد القوات الأمريكية فى أفغانستان، بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن «المحادثات مع المتمردين باتت فى حكم الميتة»، مؤكدة أن «واشنطن ستندم لتخليها عن المفاوضات».

"ترامب": المفاوضات مع الحركة فى حكم الميتة

وينذر تجدّد الحرب الكلامية بين الطرفين، باحتمال تصاعد العنف فى أفغانستان بعد الانهيار المتسارع للمحادثات.

"ذبيح الله" لـ"فرانس برس": سنعود لـ"القتال والجهاد"

وقال المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، لوكالة «فرانس برس»،أمس، «كان لدينا طريقان لإنهاء الاحتلال فى أفغانستان، أحدهما الجهاد والقتال، والآخر المحادثات والمفاوضات»، مضيفاً «إذا أراد ترامب وقف المحادثات، سنسلك الطريق الأول وسيندمون قريباً».

وسبق إعلان الرئيس الأمريكى وقف المفاوضات، قراره بإلغاء خطة بالغة السرية تقضى بنقل قادة طالبان جواً إلى الولايات المتحدة، لإجراء محادثات مباشرة معهم، فى منتجع «كامب ديفيد»، الرئاسى قُرب «واشنطن». وأعربت وزارة الخارجية الروسية، أمس، عن أسفها لتصريحات «واشنطن» الأخيرة بشأن وقف المفاوضات مع «طالبان».

وقال ممثل الرئيس الروسى فى أفغانستان، رئيس الدائرة الآسيوية الثانية بوزارة الخارجية، زامير كابولوف: «نأسف لوقف هذه العملية. لكننا نأمل أن تكون المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان متوقفة وليست ميتة». وحتى يومين ماضيين، كانت التوقعات تشير إلى التوصّل لاتفاق يتيح خفض عدد الجنود الأمريكيين فى بلاد الأفغان.

مثّلت «أحداث 11 سبتمبر» لحظة فارقة فى مستقبل منطقة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، وذهبت دراسات كثيرة إلى تأريخ التفاعلات الدولية، من الثنائية القطبية، ثم الحرب البادرة إلى «11 سبتمبر» وما بعدها، حيث تغيّر وجه العالم كلياً، ودخلت الولايات المتحدة أفغانستان عسكرياً، للإطاحة بحركة «طالبان» الإرهابية، لكن بعد قرابة عقدين جلس الطرفان على مائدة التفاوض، من أجل الوصول إلى اتفاق سلام، وسط أجواء متوترة، وفقاً للخبراء.

ويرى الخبراء أيضاً أن «11 سبتمبر» المحرك الرئيسى لغزو العراق عام 2003، وما تبعته من فوضى وصراعات طائفية ومذهبية اجتاحت المنطقة، ثم جاءت اضطرابات 2011 أو ما سُمى بـ«الربيع العربى»، كأبرز ملامح ما بعد الحادث الذى هز العالم مع بداية الألفية الجديدة.

الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول إن «أمريكا - ترامب تعمل على إعادة صياغة أولويات النظام الدولى وأولوياتها إلى مرحلة ما قبل 11 سبتمبر»، مضيفاً لـ«الوطن» أنه «فى تطور العلاقات الدولية لا توجد مراحل قطعية، لكن قبل 11 سبتمبر كانت القضية المركزية، هى التفاعلات بين القوى الدولية والتنافس بين القوى الكبرى، أما بعدها فقد فُرضت قضية مكافحة الإرهاب على النظام الدولى وتحولت إلى جوهر التفاعلات الدولية، وكانت تسير وفق نهج واحد صاغه جورج بوش الرئيس الأمريكى الأسبق، ويقضى بأن من ليس مع أمريكا فى هذه الحرب، فهو ضدها وعدوها، ومن ضدها فهو إرهابى يمول الإرهاب، وعلى الولايات المتحدة وحلفائها مواجهته».

ويؤكد أنه «منذ ذلك الوقت ونحن نعيش مرحلة مواجهة الإرهاب، لكن الذى تغير أن الذين نعتوا بالإرهاب بعد 11 سبتمبر تغيروا.. تنظيم القاعدة لم ينته، لكنه اختلف، فتغيرت هياكل القيادة فيه، وخرجت منه فروع كثيرة، وقام بعملية انتشار فى العراق وسوريا وأفريقيا، القاعدة التى تمت محاربتها فى 2001 لم تعد هى القاعدة الحالية».

ويوضح الخبير السياسى أن «خريطة التحالفات الآن تتغير بعد أحداث 11 سبتمبر وتأخذ طابعاً اقتصادياً، مثل التقارب الصينى والروسى والهندى، وبالتالى النظام الدولى حدث فيه تداخل بين قضايا قديمة، مثل مكافحة الإرهاب القضية ذات الأولوية بعد 11 سبتمبر، بجانب قضايا أخرى كالتنافس التجارى والاقتصادى، وبالتالى الوضع الحالى جزء منه موجود منذ 11 سبتمبر، وأجزاء جديدة لحقت به».

خبراء: الرئيس الأمريكى يحاول إعادة النظام الدولى إلى ما قبل 2001

ويرى «أبوطالب» أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعمل حالياً على إعادة تغيير أولويات أمريكا والنظام الدولى، ويتراجع جزئياً عن الذى كان سائداً بعد أحداث 11 سبتمبر، فيفرّق بين «طالبان» و«داعش» و«القاعدة»، ويرى أن الأولوية لمواجهة تنظيم داعش حالياً، ثم يتفاوض مع «طالبان» ليخرج من أفغانستان ويقبل مقولة «طالبان» بأنها الإمارة الإسلامية، كأن «ترامب» يعيد الكرة إلى ما قبل 2001 بأن هناك مواجهة للإرهاب، لكن بتوجيهها نحو «داعش» وإيران، بجانب الاهتمام بقضايا التنافس التقليدية مع القوى الكبرى.

وعن الاختلاف بين جورج بوش وترامب، رغم أنهما من الحزب الجمهورى، يقول «أبوطالب» إن «المختلف هو آلية الرئيس الأمريكى الحالى ترامب نفسه ورؤيته للعالم، هى رؤية الصفقات، وأن الولايات المتحدة لن تلتزم بأى شىء، والمعايير الدولية الجماعية لو رأى أنها تقف أمام هيمنة أمريكا يمكنه التخلى عنها، بدليل ما نراه من توجّهات لديه تجاه حلفائه فى (الناتو) وانتقاده بحدة لهم».

الدكتور سمير راغب، مدير المؤسسة العربية للدراسات، الخبير الأمنى، يقول إن «11 سبتمبر هو الحدث الذى لا يزال السبب الرئيسى فى توسّع الإرهاب بالصورة التى عليها الآن»، مضيفاً أن «تنظيم القاعدة كان جماعة صغيرة موجودة فى أفغانستان تعيش بالجبال، وبعد 18 سنة تقريباً من 11 سبتمبر وصل الإرهاب إلى الساحل الغربى الأفريقى، ممثلاً فى حركة بوكو حرام فى نيجيريا، كما وصل إلى كل أوروبا ومناطق الساحل والصحراء والقرن الأفريقى».

وعن التفاوض الأمريكى مع «طالبان»، أكد «راغب» أن «التفاوض مع طالبان جاء لأن برنامج ترامب الانتخابى هو فك الارتباط، وشعاره أمريكا أولاً، أى مصلحة أمريكا أولاً، وهو يرى أن تكاليف الحرب كبيرة، وأنه لا عائد منها، ورغم أن فكرة التدخّل فى شئون الغير بدأها الجمهوريون، إلا أن (ترامب) لديه أجندة لا هى ديمقراطية ولا جمهورية، ويمكن تسميتها بأجندة ترامبية، تقوم على سحب القوات الأمريكية من الخارج، باستثناء بعض المناطق التى سيكون مجبراً على الوجود فيها، عكس أفغانستان التى ليس بها مصالح حيوية».

وتابع أن «أمريكا كانت تفكر فى البحث عن أماكن النفط والثروات، والنفط لم يعد أولوية بالنسبة لها بعد أن تحولت إلى أكبر منتج نفط فى العالم، إلى جانب أنه يصل إليها من أماكن عدة»، ولفت إلى أن المواطن الأمريكى نفسه بدأ يتململ من الوجود الأمريكى فى الخارج، خاصة أن الاقتصاد تأثر بهذا الانتشار العسكرى فى الخارج ومعه المواطن الأمريكى.


مواضيع متعلقة