معمل "حدائق أنطونيادس" يُعيد الحياة إلى 7 أجناس نباتية قبل الانقراض

كتب: «الوطن»

معمل "حدائق أنطونيادس" يُعيد الحياة إلى 7 أجناس نباتية قبل الانقراض

معمل "حدائق أنطونيادس" يُعيد الحياة إلى 7 أجناس نباتية قبل الانقراض

نباتات فريدة لا يوجد لها مثيل، وشجيرات ضربتها الشيخوخة فى طريقها للانقراض، تستخدم فى علاج بعض الأمراض، تخضع لعمليات إنقاذ داخل «معمل زراعة الأنسجة»، الذى أولى اهتمامه بتلك النباتات التى ما زالت تنمو فى حديقة «أنطونيادس»، الشهيرة بالإسكندرية، حيث نجح المعمل فى الحفاظ على 7 من الأجناس النباتية المهددة بالانقراض، من بينها أشجار وشجيرات ومتسلقات، لما لها من قيمة جمالية كبرى إلى جانب قيمتها الاقتصادية العالية لاحتوائها على مواد فعالة تستخدم فى الكثير من المجالات.

معمل الأنسجة بحديقة أنطونيادس والورد فى الإسكندرية جرى إنشاؤه عام 2010 للحفاظ على التنوع الوراثى بالحدائق وحمايتها من التدهور والانقراض، ويعد إحدى أهم ركائز خطط التطوير للحدائق النباتية فى مصر بشكل عام والإسكندرية بشكل خاص.

المعمل يقع فى الدور الثانى من المبنى الجانبى لمدخل الحديقة، مقسم إلى 3 غرف تتم خلالها عملية زراعة الأنسجة، ففى القاعة الرئيسية تنتشر رائحة نفاذة ناتجة عن التفاعلات الكيميائية والتعقيم الشامل لغرف المعمل، والغرفة الأولى تضم عمليات تحضير البيئات الغذائية، وهى الغرفة الوحيدة التى يسمح بالعمل فيها دون تعقيم، ومن خلالها يتم إعداد البيئة الغذائية المستخدمة فى الزراعة.

الدكتورة نجلاء إسماعيل، مديرة المعمل، قالت إن المعمل جرى إنشاؤه فى عام 2010 من خلال مشروع قدمته لأنها باحث أول بقسم بحوث نباتات الزينة، وتمت الموافقة عليه من مؤسسة تطوير البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة «مركز البحوث الزراعية»، وأضافت أن أهداف المشروع تمثلت فى الحفاظ على التنوع الوراثى الموجود بحدائق أنطونيادس وتنمية الأصول الوراثية بها من المنظورين الكمى والنوعى وحمايتها من التدهور والانقراض نتيجة تعرضها للضغوط البيئية والعوامل الحيوية وتعظيم استفادة برامج تربية النبات منها، بالإضافة إلى تحقيق جانب من اتفاقية التنوع البيئى التى وقَّعت عليها مصر سنة 1992 والتى تنص فى المادة «9» منها على ضرورة الحفاظ على التنوع البيئى للنبات خارج بيئته الطبيعية بالحفظ فى الحدائق النباتية وخاصة بالنسبة للأنواع المهددة بالانقراض.

مديرة المعمل: العمل استغرق 6 سنوات للمحافظة على القيمة الاقتصادية والتاريخية للنباتات.. وشكَّل طفرة فى عمليات زراعة الأنسجة

وأوضحت أنه يتم أخذ النباتات بعد ذلك لعمل عملية الأقلمة فى غرفة النمو الحقلى خارج المعمل، لافتة إلى انتهاء المشروع الخاص بالحفاظ على النباتات المنقرضة منذ عام 2016، ويتم حالياً إجراء البحوث على 10 أنواع من نباتات الزينة، إلى جانب الدراسة من قِبل باحثى الدراسات العليا والدكتوراه.

«نجح المعمل فى الحفاظ على 7 أنواع نباتية من الانقراض، 3 منها لم يكن لها مثيل سوى فى حدائق أنطونيادس، وكان هناك نوع واحد تتوافر منه 3 أعداد فقط تم إهداؤها للبنك القومى للجينات وبعض الحدائق النباتية» هكذا وصفت مديرة المعمل أهميته العلمية مشيرة إلى أن «شجرة الكوكولوبا»، لا توجد سوى فى حديقة أنطونيادس وتعانى من الانقراض، ويستخرج منها الخشب الصلب المقاوم للنمل الأبيض المستخدم فى أعمال البناء وتصنيع الأثاث، إلى جانب شجرة «أنتيجونن»، تلك الشجرة الفريدة التى تقاوم الملوحة ويستخرج منها مواد تستخدم فى علاج أمراض السكر والمسالك البولية وانخفاض ضغط الدم، ونبات «فيكس أسبيرا»، وهو أحد أنواع نبات الفيكس، أنقذه المعمل قبل موت الشجرة الأخيرة بعد إصابتها بأمراض عديدة، فتم سحب عينة منه، لإعادة إنتاج شتلات من نفس النوع، وتبرز قيمته الاقتصادية فى استخدامه بصناعة المطاط الصناعى وتنقية الجو من الغازات السامة مثل البنزين. أما «شجرة البلوط الأخضر»، فلها أهمية كبرى لاحتوائها على مواد تُستخدم فى علاج تخثر الدم والتهاب الغشاء المخاطى للفم واضطرابات الهضم، و«شجرة الشمع» تقاوم الجفاف بالإضافة لاحتواء أوراقها على زيوت تدخل فى صناعة مستحضرات التجميل والعطور، علاوة على نبات «بتسبورم» الذى تُستخدم أخشابه فى صناعة الأثاث كما أنه مصدر لإنتاج الفحم النباتى. وأشارت إلى أن آخر تلك النباتات، شجرة «لاجوناريا»، التى تعد إحدى أبرز أشجار الزينة المميزة التى تنتج أزهاراً لونها «موف»، ولها استخدام هام جداً فى حماية حديقة الورد حيث تتم زراعتها على سور الحديقة، لأنها تنتج ثمرة على شكل علبة تحتوى بداخلها على بذور، وما بين البذرة والأخرى توجد بعض الألياف التى تسبب تهيجاً والتهابات جلدية، فتتم حماية الحديقة من تسلل الغرباء، لافتة إلى قيمتها الاقتصادية لما تملكه من مقاومة للملوحة والجفاف وتُستخدم كمصدات رياح وتدخل فى صناعة اﻵلات الموسيقية والتحف الخشبية والحبال والسلال وشباك الصيد.

الدكتور محمد عبدالسلام جبر، مدير معهد بحوث البساتين، قال إن هناك 8 معامل لدى معهد بحوث البساتين على مستوى مصر، منها 3 بمعهد القاهرة الرئيسى وآخر فى حديقة الزهرية وآخر بمحطة بحوث القناطر الخيرية وآخر بمحطة بحوث سخا، ومعمل جديد فى الحديقة النباتية بأسوان، إلى جانب معمل حدائق أنطونيادس الذى يقوم على عمليات التربية النباتية لكل المحاصيل البستانية إلى جانب عملية الإكثار.

وأضاف «عبدالسلام» أن تلك المعامل تعمل بتقنية حديثة يعود عمرها إلى قرابة 10 سنوات، فطريقة زراعة الأنسجة لها مميزات عن الطرق التقليدية لإكثار النباتات لكونها تحتاج لمساحة صغيرة للحصول على عدد كبير جداً من النباتات، حيث إن وعاء الزراعة الواحد قد ينتج من نحو 120 إلى 150 نباتاً جديداً من جزء نباتى واحد، إلى جانب التكاثر الذى يتم فى ظروف معقمة خالية من الأمراض وبالتالى تنتج نباتات خالية من الفيروس، مع إمكانية التحكم فى العوامل المؤثرة على نمو النباتات مثل التغذية ومنظمات النمو والإضاءة والحرارة.

وأكد أن المعهد بدأ مشروعاً لإنتاج تقاوى البطاطس عن طريق تكنيك زراعة الأنسجة خلال الشهر المنصرم، وهو أمر لم يكن مطبقاً فى مصر مسبقاً فلم يُنتج تقاوى للبطاطس من قبل، وبتلك الوسيلة تُستهدف تغطية 50% من استيراد البطاطس من الخارج خلال 3 سنوات، ما يعكس القيمة التجارية للمعامل.

وأوضح أنه يمكن إنتاج عدد كبير من النباتات لبعض الأنواع التى يكون فيها التكاثر الخضرى بطيئاً أو مستحيلاً، وإنتاج النباتات يكون مستمراً على مدار العام، والنباتات الناتجة لا تحتاج إلى عمال أو أجهزة رى أو مقاومة حشائش، وبالتالى فإن التكلفة الإجمالية للشتلة على المدى البعيد تكون أوفر من الزراعة فى الحقل، وعن طريق استخدام تكنيك زراعة الأنسجة يمكن التغلب على بعض المشكلات التى قد تواجه بعض منتجى النباتات، فهناك بعض النباتات التى ربما تنتج بذوراً بسهولة، ولكن قدرتها على الإنبات منخفضة جداً ويمكن إكثارها بسهولة بهذا التكنيك.


مواضيع متعلقة