الإيـدز.. ليس فقط "نقص المناعة" بل انعدام الرحمة

الإيـدز.. ليس فقط "نقص المناعة" بل انعدام الرحمة

الإيـدز.. ليس فقط "نقص المناعة" بل انعدام الرحمة

«الإيدز» فيروس قاتل يهدد حياة حامله، يسلب قدرته على المقاومة، ما يؤدى لضعف جهاز المناعة، فيجعل الجسم عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، مثل السرطانات بأنواعها والالتهابات الكبدية والمعوية والرئوية ومشكلات القولون، وأمراض أخرى خطيرة كان بإمكان الجسم مقاومتها إذا لم يصب بهذا الفيروس اللعين.

"الوطن" تفتح ملف الفيروس "سيئ السمعة".. وتكشف آلام حامليه

وفى وقت تهتم فيه الدولة بصحة المواطنين، وتطلق العديد من المبادرات والحملات «المجانية» للكشف المبكر عن الأمراض، ومنها فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، تفتح «الوطن» ملف مرضى الإيدز الذين يتعرضون لسوء المعاملة من قبل بعض الأطباء وأفراد أطقم التمريض، وهو ما كشفت عنه واقعة طرد أحد المرضى من مستشفى كفر الزيات العام بالغربية، بعد شهور قليلة من واقعة مماثلة شهدها مستشفى كفر الدوار بالبحيرة، الأمر الذى ينذر بكارثة، حيث إن غالبية المصابين بالفيروس يخفون حقيقة مرضهم، خوفاً من تعرضهم لسوء المعاملة، أو أن يكونوا عرضة للتنمر ونظرات الانتقاص فى عيون من يعرفون بحالاتهم. وتعرض «الوطن» آراء المتخصصين لتوضيح حقيقة المرض والوقاية منه، وكيفية التعامل مع المصابين وعلاجهم.

البحيرة: أكبر عدد من المتعايشين مع الـ"HIV".. والمرضى يشكون "التنمر"

فى وقت تهتم فيه الدولة بصحة المواطنين، وتطلق العديد من المبادرات والحملات المجانية للكشف المبكر عن الأمراض، يصر البعض على عرقلة تلك الجهود الرامية للارتقاء بصحة المصريين، إما بسبب خوفهم من الإفصاح عن أمراضهم المعدية أو «سيئة السمعة»، أو بسبب جهل المسئولين فى المنشآت الطبية بطرق التعامل مع بعض الحالات المرضية، وفى المقدمة منهم مرضى فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، الذين عادةً ما يتعرضون لسوء المعاملة من قبل بعض الأطباء أو أفراد أطقم التمريض، وهو ما كشفت عنه واقعة طرد أحد المرضى من مستشفى كفر الزيات العام بمحافظة الغربية، بعد شهور قليلة من واقعة مماثلة شهدها مستشفى كفر الدوار العام بمحافظة البحيرة، الأمر الذى ينذر بكارثة خطيرة، حيث إن غالبية المرضى المصابين بفيروس HIV يضطرون إلى إخفاء حقيقة إصابتهم، عند دخولهم أى مستشفى عام أو عيادة خاصة، خوفاً من تعرضهم لسوء المعاملة، أو أن يكونوا عرضة للتنمر ونظرات الانتقاص فى عيون من يعرفون بحالاتهم.

وتُعد البحيرة أكبر محافظة على مستوى الجمهورية من ناحية عدد المتعايشين مع المصابين بمرض الإيدز، فبحسب تقرير رسمى لوزارة الصحة عام 2018، فإن هناك نحو 12 ألف شخص يتعايشون مع مرضى الإيدز فى كل محافظات مصر، تأتى البحيرة فى مقدمتها، ورغم ذلك لم تكن من المحافظات التى تحظى باهتمام وحدات الطب الوقائى للسيطرة على الفيروس، ولم يدرك معظم الأطباء بها كيفية التعامل مع المرضى، مثلما ظهر فى واقعة هروب مريض بالإيدز من مستشفى كفر الدوار، بعدما تعرض لموجة من «التنمر»، على مدار ساعتين ونصف قضاها داخل المستشفى، حيث أزاحت تلك الفترة القصيرة الستار عن كم الإهمال المتعمد من جانب بعض القائمين على المنظومة الصحية بالمستشفى، وكشفت عن الثقافة الخاطئة التى لا تزال تحكم أسلوب التعامل مع مرضى الإيدز، وعلى الرغم من أن التحاليل والأبحاث العلمية اتفقت جميعها على أن الملامسة لا يمكن أن تنقل المرض، فإنه لا يزال هناك من يتعامل مع مرضى الإيدز بحذر مبالغ فيه، يصل فى غالبية الأوقات إلى الإنكار والإهمال المتعمد، دون رقابة أو محاسبة.

حملات لتغيير طريقة التعامل مع حاملى الفيروس بعد تكرار وقائع طردهم من المستشفيات

الواقعة كاملة يرويها لـ«الوطن» مدير مستشفى كفر الدوار، الدكتور ياسر زايد، مؤكداً أن المستشفى يستقبل آلاف المرضى أسبوعياً، وعلى أتم الاستعداد لمواجهة أى حالات طوارئ قد تحدث، وأضاف أنه منذ أكثر من 6 شهور حضر مريض مصاب ببتر فى القدم، نتيجة لجرح تضاعف بسبب مرض السكر، وكل ما طلبه المريض عقب دخوله قسم الاستقبال، هو التغيير على الجرح وإعطاؤه العلاج المناسب، وذكر أثناء ذلك أنه مريض إيدز، وأخرج بطاقة علاجه وقدمها للأطباء، وتابع بقوله: «أعقب ذلك حالة من الفوضى داخل القسم، وهرولة طاقم التمريض من حوله، وأعلنوا حالة الطوارئ، وأدخلوه غرفة كما فى العزل الطبى، ولم يوافق أحد من الأطباء وقتها على التعامل مع الحالة، وحدثت مناوشات ما بين مؤيد ومعارض لمعالجته داخل المستشفى». واستطرد «زايد» بقوله «فور علمى بما حدث، استدعيت الأطباء وطاقم التمريض، وأوضحت لهم ما هو مرض الإيدز، وكيفية التعامل مع حامله، وأقنعتهم بأن الفيروس مثل فيروسات كثيرة نتعرض لها خلال عملنا، وأثناء ذلك خرج المريض من حجرته فى حالة هياج، وهو يصرخ: أنا عندى الإيدز، أنا هاموتكم كلكم.. واكتشفنا أن حالة المريض النفسية تفاقمت بسبب التنمر، وامتناع الأطباء والتمريض عن التعامل معه»، مشيراً إلى أنه فى أعقاب تلك الواقعة، تم تنفيذ العديد من الحملات والاجتماعات والندوات لتوعية الأطباء والتمريض بكيفية التعامل مع مرضى الإيدز.

ولفت مصدر طبى بمديرية الصحة بالبحيرة إلى أن المثير فى واقعة هروب مريض الإيدز من مستشفى كفر الدوار، أنها كشفت عدم توافر المصل اللازم للوقاية من الإصابة بالعدوى الفيروسية، حيث يتم استيراد المصل من الخارج عن طريق وزارة الصحة، التى لا تقدمه إلا للمرضى، كما كشفت أيضاً عن رفض المنشآت الطبية علاج كل المتعايشين مع مرض الإيدز، رغم أن المرض لا ينتقل بالملامسة، بل من خلال الدم أو العلاقات الجنسية فقط، مما يدل على انعدام ثقافة طرق الإصابة بالمرض، وأوضح المصدر نفسه أن مرض الإيدز يُصيب الجهاز المناعى البشرى، بما يتسبب فى تقليل فعالية جهاز المناعة بشكل تدريجى، ليترك المصابين به عُرضة للإصابة بأنواع من العدوى الانتهازية والأورام، ويُعتبر من الأمراض الوبائية والمتفشية، حيث يسلب فيروس الإيدز الجسم قدرته على محاربة ومقاومة الفيروسات، من خلال إصابة الجهاز المناعى، فيجعل الجسم عُرضة للإصابة بأمراض مختلفة.

برلمانية: المجتمع المدنى يساند المصابين.. والرجال الأكثر تعرضاً للمرض

«أمل قطب»، عضو مجلس النواب، ورئيس مجلس إدارة جمعية «إشراقة أمل» فى البحيرة، أكدت لـ«الوطن» أن منظمات المجتمع المدنى تقف جنباً إلى جنب مع التنفيذيين بقطاع الصحة، على عكس اتهام مدير البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة والسكان، الذى يعتبر أن الجمعيات الأهلية «مقصرة»، وأنه ينتظر المزيد منها فى نشر الوعى وثقافة التعامل مع المرض، وأضافت أن جمعية «إشراقة أمل» تبنت رعاية عدد من المتعايشين مع الإيدز فى البحيرة، وقامت بإعداد سجلات سرية بأسماء المرضى، وبيان حالاتهم الصحية، كما قامت بعقد العديد من الندوات التثقيفية حول مكافحة المرض، وطرق التواصل والتعامل مع الأشخاص غير المصابين.

وتابعت: «إننا فى حاجة إلى مجتمع متفهم لحقوق المتعايشين مع مرض الإيدز، وأن يرفع الوصم والتمييز عن المتعايشين مع المرض، ومعاملتهم كأى مريض عادى، وتلقيهم للخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الأخرى دون تمييز»، واعتبرت أن ذلك هو السبيل الوحيد للحد من انتشار هذا المرض، الأمر الذى يشجع المتعايش مع فيروس الإيدز على الاعتراف بأنه حامل للمرض، دون خوف من وصم أو تمييز ضده، حتى يتمكن مقدمو الخدمات الصحية والمخالطون له من اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.

وذكرت «قطب» أن نحو 80% من مرضى الإيدز فى محافظة البحيرة من الرجال، ومعظمهم داخل القرى، التى لا يظن أحد وجود مرضى إيدز بها، وهو ما يزيد من أعداد المرضى، إذا لم يتم التعامل معهم بشكل واضح وبجرأة.

أسيوط: وصمة عار فى مجتمع يعتبر المريض "منحل" أخلاقياً

لا يزال المرضى المصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» يعانون بسبب نظرة المجتمع لهم، باعتبارهم من الفئات التى قد ينبذها أقرب المحيطين بهم، خاصةً فى مدن وقرى الصعيد، ورغم أن الإصابة غالباً ما تكون نتيجة عدوى، أو نقل دم ملوث، لا ذنب للمريض فيه، إلا أنهم يعتبرون أن الإصابة بهذا المرض تحديداً «وصمة عار» تلازم حامل الفيروس، وتعتبره «منحلاً أخلاقياً»، ومحكوماً عليه بالموت. محافظة أسيوط شهدت، قبل نحو شهر، وفاة مصاب بالإيدز، من سوهاج، داخل معهد جنوب مصر للأورام، التابع لجامعة أسيوط، إلا أن أهل المريض اتهموا طاقم المستشفى بالتسبب فى وفاته، نتيجة رفض بعض الأطباء والتمريض التعامل مع حالته، خشية انتقال العدوى إليهم، ما أدى إلى تفاقم حالته المرضية، وهو ما نفته إدارة الجامعة. من جهته يتهم «ج. م»، أحد المواطنين من ديروط، معامل التحاليل الخاصة غير المرخصة، التى يُطلق عليها اسم معامل «بير السلم»، بالتسبب فى نقل عدوى الفيرس.

وأوضح أنه فى 2016 أصيب أحد أبناء عائلته بوعكة صحية، وذهبوا به إلى الطبيب، وبإجراء التحاليل اللازمة فوجئوا بإصابته بفيروس الإيدز، الذى أودى بحياته، وتبين أن الإصابة نتيجة نقل دم ملوث من أحد المعامل الخاصة بدون ترخيص. وعبرت «م. ن»، ممرضة، عن المخاوف التى تنتاب الأطقم الطبية بالمستشفيات عند التعامل مع حالات الإصابة بالإيدز، مشيرةً إلى أن قسم الأطفال المبتسرين بمستشفى طب أسيوط الجامعى شهد حالة من القلق، بعد أن أظهرت الاختبارات المسحية الأولية إصابة طفلة عمرها 18 يوماً ووالديها بفيروس الإيدز، ثم تم إجراء الاختبارات المعملية الدقيقة، التى أظهرت نتائجها عدم صحة إصابة الطفلة بأى فيروسات. وفى المقابل، أكد مصدر مسئول بمديرية الصحة فى أسيوط أن إدارة العلاج الحر، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، تشن حملات متواصلة على معامل التحاليل، موضحاً أنه سبق وتم إغلاق معمل تحاليل بديروط.

الغربية: فتش عن بؤر الإدمان.. واغتيال مبادرة لفحص المرضى

شهدت قرية «نمرة البصل»، التابعة لمركز المحلة بالغربية، وفاة أكثر من حالة من شباب القرية على خلفية الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، وبالبحث عن الأسباب وراء شيوع المرض، تبين أن الإدمان وتعاطى حقن «المكس»، كان سبباً فى نقل العدوى. الوقائع التى شهدتها القرية دفعت أهلها إلى محاولة مواجهة ظاهرة الاتجار فى المواد المخدرة وشيوع النفايات الطبية الخطرة المختلطة بدماء مصابى ومرضى العمليات فى مقابل تجاهل مسئولى وزارات الداخلية والصحة والتنمية المحلية لدورهم فى التصدى لتلك المخالفات وتأمين أرواح وحياة أهالى القرية.

«نعيش أزمة حقيقية بسبب انتشار ظاهرة إصابة شباب القرية بالإدمان جراء شيوع بيع وتجارة المواد المخدرة»، هكذا وصف متولى الشهاوى، أحد مشايخ القرية، معاناتهم، مشيراً إلى أن الأسر والعائلات التى تضررت من تلك الظاهرة استغاثت بوزارة الصحة للكشف على أبنائهم وعلاجهم ووقايتهم من خطر الإدمان ومن ثم الإصابة بمرض «نقص المناعة» وأوضح أن عائلات القرية أطلقوا مبادرة شعبية لمواجهه ظاهرة انتشار «النفايات الطبية وترويج المخدرات» من خلال تدشين ندوات صحية وتثقيفية بمركز الشباب والمساجد لتوعية الشباب بأخطار الإصابة بالإيدز.

وكيل "الصحة": عنابر علاجية فى "حميات طنطا"

مؤخراً عثر الأهالى على جثة متعفنة لرجل فى الأربعين من عمره، تبين أنه كان مريضاً بالإيدز، اعتاد على تعاطى حقن المكس، ما دعا كبار رجال القرية إلى مناشدة مدير أمن الغربية لتكثيف الحملات الأمنية للقضاء على أباطرة تجارة المخدرات وتدشين حملات طبية للكشف عن المشتبه فى إصابتهم بمرض نقص المناعة. الدكتور عبدالقادر الكيلانى، وكيل وزارة الصحة، أوضح لـ«الوطن»، أن مستشفى الحميات تحتجز أحد المصابين بالمرض بعد طرده من مستشفى كفر الزيات، مؤكداً أن المريض يلقى الرعاية الصحية الكاملة بمستشفى الحميات لحين تحسن حالته الصحية.

وأشار «الكيلانى» إلى أن المريض المصاب يعانى من تجلطات دموية بالأطراف؛ اليدين والقدمين، والبطن، جراء تعاطيه للمواد المخدرة «حقن المكس» بكثرة طوال الـ6 أشهر الأخيرة، وهو تحت الملاحظة الطبية المستمرة: «لا نملك سوى مستشفى الحميات المجهزة بغرف عناية كاملة لاستقبال الحالات المصابة بالإيدز والحالات المشتبه فى إصابتها بالمرض، ويمكن علاجها مع المتابعة الدقيقة والراحة الجسدية فى ظل توافر الراحة النفسية للمريض».

"أبوزيد": هناك فرق بين المصاب والمشتبه بإصابته

وقال الدكتور محمد عبده أبوزيد، مدير مستشفى الحميات بالمحلة، إن هناك فرقاً بين المريض المصاب فعلياً بالإيدز والمشتبه فى إصابته بـ«إتش آى إف»، فأعراض الإصابة تظهر على الأطراف والبطن مع ارتفاع ملحوظ فى درجة الحرارة واحمرار باللسان وظهور بقع بيضاء، مشيراً إلى أن جميع الحالات المشتبه فى إصابتها بـ«إتش آى إف» يتم تحويلها إلى غرفة المشورة «العزل العلاجى» بحميات طنطا كونها مجهزة بمعدات وأدوات طبية لاستقبال تلك الحالات المرضية، وأن دور فرق مكافحة العدوى، ممارسة دورها فى تطهير جميع الأقسام من الفيروسات والبكتيريا الناقلة للعدوى واستخدام الملابس والقفازات ومحاليل مطهرة.

ويوضح استشارى «الحميات» أن أعراض انتقال العدوى والاشتباه بالإصابة بـ«الإيدز» تشمل إسهالاً مزمناً للمريض وفقدان الشهية: «الاشتباه فى الإصابة شىء والإصابة فعلياً جوهر طبى مختلف، ومن الممكن انتقال الإصابة الفعلية من خلال الاختلاط الجنسى أو استخدام أمواس حلاقة الغير والنفايات الطبية الخطرة ونقل الدم الملوث وإجراء عمليات جراحية فى غرف غير مدعومة بفرق مكافحة العدوى الفيروسية، فضلاً عن أن حقن المكس من أسباب إصابة الشباب بالمرض».

فى المقابل يرى الدكتور محمد حسنى، استشارى وإخصائى معامل تحاليل، أن محافظة الغربية لا تضم مراكز طبية متخصصة فى مكافحة السموم ونقص المناعة «الإيدز»، لافتاً إلى إطلاق مبادرة شعبية تحت مظلة مديرية الصحة عبر الدفع بأطباء من جامعتى طنطا والمنصورة لبدء مسح طبى كامل على جميع الفئات الشبابية وكبار السن من متعاطى المواد المخدرة ولكن لم يتحرك أى مسئول بالدولة أو رجل أعمال لدعم المبادرة التى اغتيلت فى المهد على حد تأكيده.

ويلفت «حسنى» إلى أن قيمة تحاليل الإصابة أو الاشتباه بـ«الإيدز» لا تتجاوز 200 جنيه على الأكثر، كما أن تحاليل «إتش آى إف» لا تتجاوز قيمتها فى مراكز التحاليل الخاصة أو الحكومية 140 جنيهاً.

دمياط: الأطباء بين الرسالة الإنسانية وخطر الموت

مخاطر عدة قد تتعرض لها الطواقم الطبية فى المستشفيات خلال عملهم بسبب تعاملهم المباشر مع مرضى قد يكونون مصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة، فى الوقت الذى يحصلون فيه على بدل عدوى لا يتجاوز 19 جنيهاً شهرياً، ما لا يتناسب مطلقاً مع كم المخاطر التى يتعرضون لها، فضلاً عن عدم تكفل الدولة بعلاجهم حال إصابتهم بعدوى أثناء عملهم، وعدم وجود مستشفيات تأمين صحى تتولى علاجهم.

طبيب: إجراءات المكافحة لا تكفى.. ونحصل على بدل شهرى للعدوى لا يتعدى 19 جنيهاً

يقول الدكتور محمد الدسوقى، إخصائى الأطفال وحديثى الولادة، إن حالات الإيدز تحول إلى مستشفيات الحميات مباشرة، لإجراء التحاليل اللازمة للتأكد من إصابته بالمرض أم لا، حال الشك فى حالة ما، مشيراً إلى أن مرضى الغسيل الكلوى تُجرى لهم تحاليل فيروسات سى وبى والإيدز بصفة دورية، ولو حضر مريض لإجراء أول جلسة غسيل، لا بد من إجراء تلك التحاليل، وحال ثبوت إصابة أحدهم بالإيدز يحول فوراً للحميات، وأضاف الدسوقى أن مرضى الكلى المصابين بالفيروسات الكبدية تجرى لهم جلسات الغسيل على ماكينات مخصصة لهم بكافة المستشفيات، أما حالات الإيدز فتجرى جلسات الغسيل بمراكز مستشفيات الحميات فقط، ولفت إلى أن أطباء الطوارئ يتعاملون مع الحالة الطارئة بهدف إنقاذ حياة صاحبها، دون النظر إلى كونه مريضاً بالإيدز من عدمه، وحال الشك فى إصابته بالمرض يجرى تحويله للحميات بعد تحسن حالته، حيث تجرى كافة الإسعافات الأولية لإنقاذ حياته والوصول لحالة الأمان: «نتعامل بأقصى درجات الاحترافية مع حالات الطوارئ، ونلتزم بإجراءات مكافحة العدوى من ارتداء ماسكات والقفازات وغيره من الإجراءات الاحتياطية، وللأسف الكثير من الأطباء أصيبوا بالتهابات فيروس A وB وc على مستوى الجمهورية، بسبب التعامل مع المرضى، وجميعنا معرضون لذلك فى وقت لم يتخط فيه بدل العدوى 19 جنيهاً شهرياً للطبيب، بالرغم من أن موظفى البنوك يحصلون على بدل عدوى 3000 جنيه شهرياً لتعاملهم مع النقود».

دكتور «جمال الزينى»، وكيل مديرية الصحة فى دمياط سابقاً، أكد أن مريض الإيدز يجرى التعامل معه فى حالات الطوارئ، ولو تم التعامل معه فى حادث لا يكون الطاقم الطبى على علم بمرضه، ودائماً ما تعمل الأطقم الطبية على إنقاذه بكافة السبل، والمفترض اتباع كافة الاحتياطات اللازمة فى الحوادث مع كافة الحالات باعتبارها مريضة إيدز إلى أن يثبت العكس، حتى لا تنتقل العدوى، أما فى حالة وصول مريض نقص المناعة المكتسبة للمستشفى لإجراء عملية جراحية، وعلم الأطباء بحقيقة مرضه فيجب اتخاذ إجراءات منع العدوى حفاظاً على الطاقم الطبى، وطالب بتطبيق الإجراءات الوقائية على أرض الواقع حتى يحصل المريض على حقه فى الرعاية ولا يتعرض الطاقم الطبى للضرر، وهو ما يستوجب تعقيم غرفة المريض قبل وأثناء وبعد علاجه وإجراء الاختبارات للكشف عن المرض قبل الجراحة.

وأوضح الشيخ عماد عوض، رئيس جمعية البر والتقوى بدمياط، أن الجمعية اعتادت على تقديم الدعم النفسى لمرضى الإيدز لفترات طويلة، إلا أنها تراجعت مؤخراً عن القيام بهذا الدور بعد الهجوم الذى شنه البعض عليها، إثر إعلان إحصائيات عن أعداد المرضى الذين تم التعرف عليهم، لافتاً إلى أن دور الجمعية وقتها اقتصر على توجيه المريض لمستشفى الحميات لتلقى العلاج فى سرية تامة، وتوعيتهم باستخدام أدوات تخصهم عند الذهاب لمحال الحلاقة وإبلاغ طبيب الأسنان بطبيعة مرضهم، ونوه بأن الجمعية اكتشفت وجود بؤرة لإدمان المخدرات بإحدى قرى المحافظة كانت سبباً فى نشر المرض بين المدمنين.

"الصحة": مصر الأقل عالمياً فى معدلات الإصابة بالفيروس

قالت وزارة الصحة والسكان إن مصر تصنف عالمياً على أنها أحد أقل البلدان فى معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، حيث إن معدلات الإصابة أقل من 0.02% من عدد السكان. وأضاف بيان للوزارة أنها تعمل على تنفيذ خطة للقضاء على «الإيدز» فى مصر بحلول عام 2030، وذلك من خلال تكثيف البرامج، وجهود الترصد الفعال، والتوعية بمراكز المشورة للمصابين بالمرض، والفحص الاختيارى على مستوى المحافظات. وأكدت الوزارة أنها تقدم خدمات مرضى الإيدز فى سرية تامة، مع الالتزام التام بتطبيق إجراءات مكافحة العدوى، مشيرة إلى أن الدولة نجحت فى توفير خدمات وقائية للأمهات الحوامل حاملات الفيروس بنسبة 100%، للوصول لأطفال غير مصابين بـ«العدوى».

وأضافت أن معدل توفير الأدوية المضادة للفيروس يبلغ 100% من المتعايشين المسجلين فى 14 مركزاً تابعاً للوزارة، مشيراً إلى أن العلاج يتوفر لمن يحتاجه من المرضى بالمجان على نفقة الدولة.

وأشارت إلى تنفيذ العديد من برامج بناء القدرات المهنية للأطباء العاملين بمستشفيات الحميات لإعداد كوادر مصرية خبيرة فى إدارة الحالة الصحية لمرضى الإيدز والأدوية المضادة للفيروس وعلاج الأمراض الانتهازية. وشددت على أن الفحص الآمن حول وجود الفيروس من عدمه هو أمر ضرورى، لتوسيع نطاق العلاج، وضمان حياة صحية، ومنتجة لجميع الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرى.

وأكدت الوزارة وجود 24 مركزاً للمشورة والفحص الاختيارى لمرضى الإيدز فى 18 محافظة على مستوى الجمهورية، مشيرة إلى أن الخط الساخن يتلقى الاستفسارات، ويجيب عنها بشكل علمى. وأوضحت أن الزيادة فى اكتشاف الحالات فى السنوات الماضية يمكن تفسير بعضها نتيجة لتسارع مجهودات الاستجابة الوطنية وتكثيف الفحص المعملى للفيروس والوصول للفئات الأكثر عرضة للإصابة.


مواضيع متعلقة