سكان مصر القديمة: "موافقين ننتقل إلى مساكن أخرى تكون مناسبة لأوضاعنا المالية"

كتب: منة عبده

سكان مصر القديمة: "موافقين ننتقل إلى مساكن أخرى تكون مناسبة لأوضاعنا المالية"

سكان مصر القديمة: "موافقين ننتقل إلى مساكن أخرى تكون مناسبة لأوضاعنا المالية"

على أطراف بحيرة «عين الصيرة» تقع عزبة «خير الله»، بمجرد أن تخطو بقدميك إليها يقابلك عدد من الأبنية المبنية بالطوب الأحمر، التى تتراص بجوار بعضها، والتى تشوبها العشوائية رغم موقعها المتميز، إذ إنها تطل على البحيرة ومتحف الحضارة، وتتكون تلك الأبنية من طابقين بحد أقصى، لكن بعضها طالته مياه البحيرة التى ازداد منسوبها فى الفترة الأخيرة وأصبحت تهدد حياتهم، ما يجعلهم يدعمون فكرة التطوير، لكن بعضهم يرفض الانتقال إلى وحدات سكنية فى الأسمرات، ويطالبون ببدائل مناسبة لهم.

"أشرف": ارتفاع منسوب المياه يهدد البيوت المطلة على البحيرة

أمام أحد المبانى المكونة من طابق واحد وقف أشرف على، 31 عاماً، سائق، أحد سكان العزبة، قائلاً: «بقالنا سنتين بنسمع إننا هنمشى عشان التطوير، ولسه موجودين زى ما احنا»، مضيفاً أن هناك جزءاً من سكان العزبة تم نقلهم إلى شقق بالإيجار فى حى الأسمرات، ولكن ما زال هناك 170 أسرة موجودين بمساكنهم بالعزبة، على حد قوله: «كل فترة حد ييجى يقول لنا هتمشوا، لكن مفيش حاجة بتحصل»، ويشير «أشرف» إلى عدم رفضهم لفكرة الخروج من مساكنهم، بل كل ما يطلبونه هو وجود بديل مناسب لأوضاعهم المادية، وذلك على حد تعبيره: «أنا هنا قاعد فى ملكى إزاى يخرجونى من ملك، ويقعدونى فى إيجار»، مشيراً إلى أن مياه البحيرة ارتفعت عدة مرات إلى أن أغرقت بعض المنازل: «فيه بيوت هنا ميه البحيرة دخلت لها وبوشتها، ولو زاد منسوبها أكتر من كده، البيوت المطلة على البحيرة كلها هتغرق».

"إسماعيل": جيرانى اللى اتنقلوا للأسمرات بييجوا هنا كل يوم عشان شغلهم

ويقول إسماعيل جودة، 50 عاماً، موظف بإحدى شركات السياحة، وأحد سكان العزبة، إن حياته مرتبطة ارتباطاً تاماً بمسكنه ومكان عمله، على حد قوله: «أكل عيشى هنا ومدارس أولادى هنا، وكل حاجة لينا متعلقة بهنا، صعب أسكن فى الأسمرات ولا أكتوبر، واتنقل منها يومياً عشان آجى شغلى ومدارس عيالى هنا»، مضيفاً أنه مع التطوير، ولكنه يرى أن هذا التطوير فى غير صالح سكان المناطق المجاورة للمشروع: «التطوير هيفيد الكل، لكن احنا بس اللى هنتضر، ونسيب عيشتنا وبيوتنا ونبدأ حياة جديدة فى مكان جديد»، ويشير «إسماعيل» إلى أن أغلب سكان العزبة يعملون بالحرف اليدوية، التى لا تتناسب مع البيئة التى سيتم نقلهم إليها: «مفروض يكون فيه فرص شغل للسكان اللى عيشتهم كلها على الحرف اليدوية، وبيسترزقوا منها هنا، لأنهم مش هينفع يشتغلوا الحرف دى فى مناطق جديدة زى الأسمرات»، وأنهى «إسماعيل» حديثه، قائلاً: «جيرانى اللى اتنقلوا للأسمرات، بييجوا هنا كل يوم عشان شغلهم، واللى عندهم ولاد فى مدارس لسه مش عارفين ينقلوهم لمدارس هناك».

ويقول محمد سيد، 35 عاماً، أعمال حرة، وأحد سكان عزبة خير الله، إنه عند سماعه بقرار إزالتهم وذلك ضمن خطة التطوير، أحضر عقود ملكية منزله، لكى يحصل على بديل، ولكنه لم ينل شيئاً حتى الآن، وذلك على حد قوله: «ما عنديش مشكلة إنى أمشى، بس يكون فيه بديل، مش أمشى من هنا وألاقى نفسى أنا ومراتى فى الشارع»، مشيراً إلى ضرورة أن تكون البدائل مناسبة للوضع المادى لسكان العزبة، خاصة أنهم يسكنون فى مساكن تمليك، على حد وصفه: «هو مفيش مقارنة بين السكن هنا والسكن البديل، أكيد هناك أحسن كتير، لكن أكيد برضه هيكون كل حاجة فيها غالية، حتى الإيجار»، واختتم «سيد» حديثه، بقوله: «مش عارفين الدنيا رايحة بينا فين، ولا إحنا هنمشى من هنا ولا لأ، ربنا يصلح الحال ويعديها على خير».

على الجانب الآخر من بحيرة «عين الصيرة» تستقر مقابر البساتين، التى نالت نصيبها من ارتفاع منسوب البحيرة، بجانب وجود الكوبرى الذى يتم إنشاؤه ضمن مشروع تطوير البحيرة ومتحف الحضارة، ولذلك تم نقل عدد من تلك المقابر إلى مدينة السادس من أكتوبر، ومدينة 15 مايو، وتم ذلك بعد إعلام أهالى الموتى بنقل موتاهم لتلك الأماكن، وذلك بحسب قول صلاح حسن، خفير بالمقابر، يقول إنه ورث هذه المهنة أباً عن جد: «من يوم ما اتولدت وأنا عايش هنا وسط الميتين، وقلبى جمد، ما بقتش أخاف من حاجة».

ويشير «صلاح» إلى المشاكل التى تسببت فيها البحيرة، إذ إن ارتفاع منسوبها أدى إلى وصول المياه إلى داخل المقابر، وذلك على حد وصفه: «كنت بنشف الميه اللى بتوصل للمقابر، عشان ما تدخلش على الموتى»، وذكر «صلاح» أنه منذ بداية مشروع تطوير البحيرة ومتحف الحضارة، تم نقل عدد من الموتى بالمقابر، إلى منطقة 15 مايو، ومنطقة السادس من أكتوبر، لأن الأرض المقام عليها تلك المقابر من المفترض إزالتها لعمل عدد من المشاريع التطويرية، بجانب إنشاء الكوبرى الذى يصل بين متحف الحضارة، وطريق الأوتوستراد: «لما جالنا قرار النقل، عرفنا أهالى الموتى قبل ما ننقلهم، لأن ده حقهم»، وأنهى «صلاح» حديثه بقوله: «هفضل هنا لحد ما المقابر تتشال، وبعدها أبقى أشوف هكمل بقية حياتى فين».

مبنى مكون من طابقين بجوار مقابر «عين الصيرة»، يحوى الدور الأول منه معرضاً سياحياً، يجلس بداخله ميمى عبدالعال، 62 عاماً، صاحب المعرض، إذ ورثه أباً عن جد، وحوله عدد كبير من المنتجات التى صنعها داخل ورشته، بينما الدور الثانى من المبنى جعله «عبدالعال» مسكناً له ولأسرته، وذلك على حد قوله: «المعرض هنا ما كانش بيخلى من الزباين، لأنه كان باين على الطريق، لكن دلوقتى عشان الكوبرى اللى بيتعمل قفل علينا الدنيا، ومبقاش حد يقدر يشوفنا غير لو دخل المقابر»، وأضاف «عبدالعال» أن منزله من ضمن المنازل التى من المفترض إخلاؤها، لأنه مبنى على أرض المقابر، ولكنه يطالب بوجود بديل مناسب لمنزله ومعرضه أيضاً: «ما يبقاش عندى بيت دورين، وعامل فيه معرض كبير، وييجوا يمشونى ويدونى شقة بالإيجار فى مكان مش هعرف أعمل فيه مشروعى اللى باكل منه عيش»، وأشار «عبدالعال» إلى أنه لا يأتى عنده زبائن جدد، بل يعتمد حالياً على زبائنه الذين اعتادوا على زيارته، والشراء منه، على حد وصفه: «كل زباينى دلوقتى معارفى، اللى بييجوا يشتروا شوية تحف، وشوية رخام لمداخل الفلل، والأباجورات الرخام، لكن مفيش زبون جديد بييجى المعرض، لأنه مش سهل إنه يوصل للمكان، وربنا يصلح الحال».


مواضيع متعلقة