تطوير "عين الصيرة" و"متحف الحضارة".. عودة الروح لمصر القديمة

تطوير "عين الصيرة" و"متحف الحضارة".. عودة الروح لمصر القديمة
- تطوير مصر القديمة
- متحف الحضارة
- حديقة الفسطاط
- تطوير عين الصيرة
- الآثار
- ممشى سياحي
- تطوير مصر القديمة
- متحف الحضارة
- حديقة الفسطاط
- تطوير عين الصيرة
- الآثار
- ممشى سياحي
خطة شاملة وضعتها الحكومة لتطوير «عين الصيرة» التاريخية أو «عين الحياة»، كما يطلق عليها، و«متحف الحضارة» بمنطقة مصر القديمة، حيث تم البدء فى تنفيذ خطة التطوير خلال الفترة الماضية، لاستعادة الوجه الحضارى للمنطقة وتحويلها إلى مقصد سياحى، والارتقاء بمستواها المعمارى والخدمى، مع تحسين البيئة المعيشية وتوفير بدائل للمواطنين، الذين عانوا الفترة الأخيرة من ارتفاع منسوب مياه «البحيرة»، التى وصلت لمنازلهم والمقابر الموجودة بالمنطقة، وللقضاء على العشوائية التى تسود المنطقة.
«الوطن» انتقلت إلى هناك لرصد مشاهد التطوير داخل المتحف والبحيرة ذاتها، كما استمعت لسكان المنطقة الذين أكدوا أنهم فى انتظار الحصول على بدائل تتناسب مع أوضاعهم المادية ومع طبيعة عملهم، لترك منازلهم والانتقال لبداية حياة جديدة، كما التقينا بمدير مشروع تطوير «متحف الحضارة»، الذى تحدث عن القاعات الحديثة التى تم إنشاؤها مؤخراً بالمتحف، والموعد النهائى للافتتاح.
ملامح التغيير تخطف الأنظار.. قاعات بانورامية لعرض الآثار وممشى سياحى
بوابة حديدية تأخذك إلى ممر طويل، ينتهى بك حيث يستقر مبنى ضخم، جميع نوافذه مصنوعة من الزجاج، ليرى الناظر من خلالها بحيرة عين الصيرة، وحديقة الفسطاط، وهو «متحف الحضارة» الذى يقع بمدينة الفسطاط بمنطقة مصر القديمة، والمكون من عدة طوابق، تعلوه قاعة على شكل هرمى، تدعى «قاعة الهرم» أو «قاعة التوب بانوراما»، والتى تتكون من 9 شاشات 3D، مثبتة على جدران الهرم، يعرض من خلالها التاريخ المصرى والآثار الفرعونية، صوتاً وصورة، وبها مصعدان داخليان لنقل الزوار إلى القاعات المختلفة دون جهد أو تضييع للوقت، وفى منتصف القاعة يوجد على الأرض ماكيت مجسم للمتحف بأكمله وقاعاته المختلفة ومداخله ومخارجه أيضاً، كما صمم جدار القاعة بالجبس الكاتم للصوت، لكى يعزل الزائر عن المؤثرات والأصوات الخارجية، ويجعله يستمتع بوقته داخلها.
"عجاج": نقل ٢٥ مومياء من "المصرى" إلى "الحضارة" نهاية سبتمبر
وفى الدور الأول توجد بوابة صغيرة تقود عبر ممر ضيق إلى قاعة المومياوات، التى تضم عدة غرف مطلية باللون الأسود، والإضاءة بها ضعيفة، توحى لزائرها أنه فى طريقه لدخول مغارة، لكى تتناسب مع اسمها والغرض الذى صممت من أجله، وهى من القاعات التى أنشئت حديثاً بالمتحف، والتى سيتم افتتاحها رسمياً فى آخر سبتمبر، بعد نقل 25 مومياء من المتحف المصرى.
تتكون القاعة من عدد من الفتارين الجزء الأسفل منها مصنوع من الخشب، والجزء العلوى منها من الزجاج، مختلفة الشكل والحجم، لكى تتناسب مع جميع المومياوات، متصلة بأنابيب النيتروجين لكى تحافظ على المومياوات التى ستوضع داخلها، بالإضافة إلى وجود عدة وسائل للأمان مثل وجود باب للطوارئ للخروج منه فى حالة حدوث حريق، وكاميرات مراقبة وإنذار وليزر، بجانب وجود تكييف مركزى للقاعة للتهوية، لأنها تعتبر غرفة تحت الأرض.
بينما يتضمن الدور الثانى قاعة تعد أكبر القاعات الموجودة بالمتحف، وهى «القاعة الرئيسية» أو «قاعة العرض الرئيسية»، تتمركز فى منتصفها شاشة عرض دوارة محاطة بجدار، يقف أمامه الزائر ليشاهد التاريخ والآثار تعرض أمامه بالصوت والصورة، وكأنه يعيش الأحداث بنفسه، وهى مجوفة لتطل على الطابق الذى تعلوه، والمكون أيضاً من شاشة عرض كبيرة تعرض نفس اللقطات والفيديوهات، لتعزل الزائر عن كل ما هو حوله، ويستمتع بالمشاهدة.
أعمال التطوير تحيط بالمكان بأكمله، فهناك «سقالات» وحجارة، وكلها مشاهد تسجل تاريخ التطوير، وتشهد على تغيير الأوضاع هناك للأفضل.
"حسن": "كل واحد بيعمل اللى عليه"
ويقول حسن على، أحد المشرفين على العمل داخل متحف الحضارة، إنهم يعملون بكل جهد للانتهاء من تطوير المتحف، على حد قوله: «أنا هنا مشرف بتابع مع العمال نقل الفتارين، وعمل السقالات، وباشرف على التشطيبات النهائية للقاعات».
داخل أحد الكرافانات الموجودة خلف المبنى الرئيسى للمتحف، يجلس المهندس حسن عجاج، مدير مشروع تطوير متحف الحضارة، يتحدث «عجاج» عن بداية العمل بالمتحف، ومشروع التطوير، ومواعيد التسليم، قائلاً إن بداية «متحف الحضارة» كانت عام ١٩٨٥، وكان من المفترض إنشاؤه مكان دار الأوبرا بالجزيرة، ولكن المكان مساحته لم تكن مناسبة لمساحة المتحف وفقاً للتصميم الموضوع له، بعد ذلك نقل إلى مكانه الحالى، بمنطقة مصر القديمة، وكان عبارة عن مقلب قمامة للقاهرة بأكملها، مساحته ٣٢ فداناً، وأضاف «عجاج» أن العمل فى إنشائه بدأ عام 2005، وكان فى ذلك الوقت تابعاً لوزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار.
ويشير إلى أن المرحلة الأولى لإنشاء المتحف انتهت عام ٢٠١١، وتم تسليمها فى ٢٠١٣، وشملت إنشاء البنية التحتية للمتحف وعمل الخرسانات وتشطيب الوجهات، فيما تتضمن المرحلة الثانية تشطيب بعض قاعات العرض بالمتحف، بينما التطوير حالياً يعتبر المرحلة الثالثة من مراحل الإنشاء، والتى تقتصر على تشطيب القاعة الرئيسية بالمتحف، بجانب قاعة المومياوات التى من المفترض افتتاحها رسمياً فى شهر سبتمبر، حيث سيتم نقل ٢٥ مومياء من المتحف المصرى إلى متحف الحضارة، ووضعها بقاعة المومياوات المخصصة لها، وهى جاهزة لاستقبالها، ويتم عمل التشطيبات الأخيرة بها حالياً، وذلك وسط افتتاح رسمى، سيحضره عدد من رؤساء الدول والوزراء، بالإضافة إلى قاعة العرض المؤقت وقاعة العاصمة التى تتكون من ثلاثة طوابق على شكل هرم أعلى المتحف، وهى فى المراحل الأخيرة للتشطيب النهائى.
هناك ارتباط بين تطوير «متحف الحضارة» وبحيرة «عين الصيرة»، على حد تأكيد مسئول مشروع التطوير بالمتحف، إذ يقول إن تطوير البحيرة يخضع لإشراف وتصميم هيئة المجتمعات العمرانية وليس وزارة الآثار، بجانب تكليف شركة حسن علام للإنشاءات الهندسية، بالقيام بأعمال التطوير داخل البحيرة.
ويشير إلى أن خطة تطوير البحيرة لم تنته حتى الآن: «فى انتظار تسلم التصميم خلال ١٠ أيام، ومن ثم القيام بأعمال التطوير»، وفى الوقت نفسه يجرى العمل فى مشروع إنشاء كوبرى متفرع من الأوتوستراد وصلاح سالم، وكوبرى العاشر وطريق المطار، وذلك لتسهيل الطريق على السياح أثناء زيارتهم للمتحف وابتعادهم عن الأماكن والشوارع المزدحمة.
التطوير نال أيضاً من اسم البحيرة، إذ تم الاتفاق على تغيير اسمها من «عين الصيرة» ليكون «عين الحياة»، بحسب قول «عجاج»: «حبينا يكون اسمها له دلالة على التطوير».
كما أشار «عجاج» إلى أن خطة التطوير تتضمن إزالة قسم الشرطة المجاور للمتحف وشرطة السياحة، والعزب العشوائية المحيطة بها، على حد قوله: «تم إخلاء جزء من عزبة بطن البقرة، ولكن هناك ٣٦ عائلة ما زالوا موجودين بالعزبة، رافضين الخروج منها على الرغم من وجود شقق بديلة لهم بحى الأسمرات»، كما أوضح أنه تمت بالفعل إزالة عدد من المقابر ونقلها إلى مدينة السادس من أكتوبر ومدينة ١٥ مايو.
مدير مشروع التطوير بالمتحف، أوضح أن تطوير البحيرة بالكامل وافتتاح الكوبرى من المفترض الانتهاء منهما فى نهاية شهر ديسمبر من العام الجارى، وهو عبارة عن «هارد لاند سكيب، مشاية تحيط بالبحيرة»، أما عن الانتهاء من إنشاء الفنادق والكافى شوب، فهى المرحلة الرابعة من مشروع التطوير، ولم يتم الاتفاق على ميعاد تسليمها حتى الآن، فيما أكد «عجاج» أن مشروع التطوير بأكمله سينتهى، خلال مدة أقصاها ٤ سنوات، ويتوقف ذلك على توافر التمويل.
مدير التكريك: فنادق حول البحيرة وكوبرى مشاة ومسرح رومانى لتنظيم الاحتفالات
وعن أعمال تكريك بحيرة عين الصيرة، يقول المهندس إيهاب زكريا، مدير مشروع التكريك، إن مشروع التطوير يقوم على توسيع البحيرة من جهة متحف الحضارة، لأنه من المخطط عمل مكان للانشات يكون مرساها أمام البحيرة، لتقوم بنقل الزوار من مكان لآخر حول البحيرة، مضيفاً أنه من ضمن المراحل المتقدمة للمشروع، ستتم إزالة جميع المبانى السكنية التى تقع بين البحيرة والمقطم، البحيرة والقلعة، وذلك لعمل فنادق سياحية وممشى سياحى حول البحيرة، بجانب عمل جزيرة فى وسط البحيرة، يقام عليها مسرح رومانى تتم داخله عدة احتفالات ويتم الوصول إليها من خلال كوبرى مشاة صغير يربط بينها وبين الممشى السياحى المحيط بالبحيرة.
ويشير «زكريا» إلى أن أعمال التكريك بدأت فى ١٣ يونيو الماضى، وتم تكسير الحجارة الموجودة فى عمق البحيرة بجانب الصخور المحيطة بها، ويوضح أن المرحلة الأولى تمت فيها إزالة الصخور وتكسيرها، على حد قوله: «أزلنا طبقة الرمل وبعدها كسرنا الصخور، وآخر حجارة وصلنا بالعمق لمنسوب معين ضمن خطة التطوير، عشان يسهل حركة المراكب واللانشات داخلها»، وأوضح «زكريا» أن المرحلة الثانية ستكون عبارة عن ردم ٥٠ متراً من البحيرة من الجهة المقابلة للمقطم، لإقامة فنادق ومطاعم سياحية تخدم الزوار.
ويؤكد أنه تمت إزالة عدد من المبانى السكنية وقسم مصر القديمة، ومن المفترض إزالة شركة السياحة، ولكن لم يتم حتى الآن إصدار قرار بإزالتها، كما أكد أن أعمال التكريك أوشكت على الانتهاء، ولكن أعمال الردم متوقفة حالياً لحين الانتهاء من إزالة الوحدات السكنية المحيطة بالبحيرة.
جبال من الأتربة والصخور، تغوص أقدامك عند السير فيها، تكاد تلمح بالكاد من خلفها البحيرة، إذ يعرف هذا المكان بـ«المشون»، وهو عبارة عن مكان تجمع الرمال والحجارة وما تبقى من الصخور، لحين معرفة مصيره النهائى، ويقول أحمد يوسف، ٢٧ سنة، المشرف المسئول عن «المشون» منذ بداية أعمال التكريك، يقطن بمنطقة دار السلام، وخريج معهد مساحة، إنه يبدأ عمله من السابعة صباحاً حتى السادسة مساء، مضيفاً أنه مسئول أيضاً عن المساحات بالموقع، على حد قوله: «باقيس كمية الأتربة والحجارة إللى طلعت من البحيرة، وبقيس الأتربة الموجودة فى المشون، وباسجل كل المساحات، ووقت شغلى باقضيه بين البحيرة والمشون».
ويقول عمرو وليد، ٥٠ عاماً، مشرف عام على الموقع، إن هناك ورديتين للعمل داخل الموقع، الأولى تبدأ من السابعة صباحاً، حتى الثامنة مساء، والثانية تبدأ فى تمام الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً، وأضاف «وليد» أنه مسئول عن الحفارات واللوادر والقلابات: «دورى هنا أشغل العمال، وأوزع المهام بينهم»، مشيراً إلى أنه مشرف على ٤ عمال بالموقع، وهم من يقومون بالعمل على الحفارات والقلابات: «الحمد لله الشغل هنا مافيهوش أى مشاكل، وكل واحد بيعمل إللى عليه».
ويشرح شريف نبيل، ٤٣ عاماً، مراقب موقع، دوره الذى يكمن فى التجول بين العمال، وتوزيعهم، والمراقبة المستمرة لهم: «باحاول أركز مع العمال كلهم، ومين بيشتغل ومين ما بيشتغلش»، مضيفاً أنه يقوم بمراقبة السائقين ومراقبة حركة تنقلهم داخل الموقع والمشون، على حد قوله: «المراقبة بتكون طول اليوم، عشان العمال ما يكسلوش عن الشغل، ويشوفوا شغلهم».
خضر محمود، ٥١ عاملاً، أحد سائقى الحفارات بالموقع، يقول إنه يتبادل ورديته التى تبدأ فى السابعة صباحاً حتى السابعة مساء مع زميله، مضيفاً أن العمل على الحفار شاق، ويحتاج لخبرة طويلة، لكى يتمكن العامل عليه من تحريكه، على حد تعبيره: «عمرى كله راح فى الشغلانة دى، واتعودت عليها، ومبسوط إنى باشارك فى تطوير بحيرة عين الصيرة»، مضيفاً أنه يقوم بتكسير الصخور، ثم رفعها على القلاب، لينقل بعد ذلك إلى «المشون»: «باكسر الصخور وبارفع الرمال والحجارة على القلاب، وده شغلى طول اليوم».
أقرا إيضا
سكان مصر القديمة: "موافقين ننتقل إلى مساكن أخرى تكون مناسبة لأوضاعنا المالية"