بكاسحة ألغام وغواصة "الأسطى شهد" تفوز بمنحة أمريكية.. البنات تكسب

كتب: نهال سليمان

بكاسحة ألغام وغواصة "الأسطى شهد" تفوز بمنحة أمريكية.. البنات تكسب

بكاسحة ألغام وغواصة "الأسطى شهد" تفوز بمنحة أمريكية.. البنات تكسب

منذ كان عمرها 8 سنوات، عملت والدة "شهد ياسر" على تغذية عقل ابنتها بالدورات التدريبية المتنوعة، حتى لمست شغفها في الدوائر الكهربية، ومن ثم قررت التركيز على الدورات المتعلقة بالهندسة.

وصلت الأم اهتمامها بموهبة ابنتها، حتى عرفت "شهد" صاحبة الـ16 عاما، طريقها في عالم الميكانيكا، وحصلت على منحة من السفارة الأمريكية للفتيات المهتمات بالتكنولوجيا هذا العام، وخصوصا بعد فوز فريقها العام الماضي في المسابقة الإقليمية للروبوتات الكاسحة للألغام، وبالإضافة لكونها البنت الوحيدة في مسابقة الألغام، فقد كانت أيضا الفتاة الوحيدة المشاركة في عرض قيادة الغواصات المكون من 71 فريقا عربيا، فكل قائدي فرق العمل وذوي عروض الغواصات من الذكور.

 

"الموضوع صعب جدًا في الأول والصعوبة الكبيرة إن كل الناس حواليا، وفي المسابقات وصديقاتي بيقولوا لي دة مش مكانك"، بتلك الكلمات وصفت شهد لـ"الوطن" معاناتها لدخولها عالم المكيانيكا والميكاترونكس المقصور على الذكور، لكن الوقت كان كفيلًا لأن يصنع فرقا، فقد تمكنت من استضافة بعض زميلاتها في ورش عمل الغواصات، ليبدأ لديهم شغف جديد، "مفيش مشكلة إن يبقى عندي اهتمامات زيادة.. مش معنى إني بحب التكنولوجي يبقى مش بحب حاجات البنات.. اتعلمت في المنحة إني استفيد وأفيد غيري".

أوراق مزيفة وعدم وجود راعي يعرقل مشاركة شهد في مسابقة الروبوتات الكاسحة للألغام 

رغم استحقاقها وفريقها السفر إلى المسابقة العالمية للروبوتات الكاسحة للألغام العام الماضي بعد الفوز في فرعها الإقليمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن السفر دون راعي كان عائقا سيعصف بالمشاركة، فحجزت شهد مع فريقها بجهود ذاتية لأولياء الأمور تذاكر السفر وتطوير الروبوت الخاص بهم كي يمكن المنافسة به عالميا، لكن نظرا لأن المسؤول عن المسابقة في مصر كان قد أمدهم بأوراق غير صحيحة، بحسب قولها، فقد جرى إلغاء السفر قبل موعد مغادرة الطيارة بـ14 ساعة.

"رسم للخرائط توضح مناطق الألغام وتصنيع روبوت يكشف عنها والتسويق للمنتج وعرض تقديمي"، خطوات معقدة ومكلفة حاولت شهد وفريقها من خلالها المشاركة في المسابقة العالمية بعد الفوز في الإقليمية، لكن تزييف الأوراق منعها، فكانت خطوة نحو أن تبدأ الطالبة، بالصف الثاني الثانوي، بالبحث عن منح تتعلم من خلالها الجديد، حتى تم قبولها في منحة السفارة الأمريكية وجرى اختيارها ضمن 28 فردا من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولمدة شهر تنقلت شهد بين جامعة "فيرجينيا تك" وجامعة "ترينيتي" لحضور محاضرات تعليمية وتطبيقية في البرمجة وإدارة  المشروعات، وحضور ندوات في وكالة ناسا والكونجرس الأمريكي كسفيرة عن مصر.

 في أمريكا المسئول عن المنح بيتابع بنفسه مشروعي "نرسم" للأطفال 

خارج المسابقات المعتمدة تمكنت ابنة الـ16 عاما، بمجهود ذاتي، من الحصول على المنحة الأمريكية، التي ساعدتها كي تصبح عضوة في شبكة عالمية تمكنت خلالها من الحصول على دعم المسؤول عن كل المنح خارج أمريكا، ليقوم بنفسه بمتابعة مشروعها "نرسم" بعد أن تحمس لفكرته، القائمة على تطوير عقلية الأطفال في القرى المحيطة بها، لتتابع أنشطتها في المشروع، الذي كانت قد بدأته بدعم من والدتها والمهتمني فقط، ولكن هذه المرة تحت إشراف السفارة الأمريكية، والتي ستمدها بمحاضرين من مؤسسة Career Corner لعمل محاضرات عن "الروبوتكس" للأطفال.

 

في قرية "الحلوف" بالإسماعيلية، تمكنت شهد من عمل محاضرات كثيرة تحت مظلة مشروعها "نرسم"، حيث تابعت حديثها لـ"الوطن" "الحصول على ترخيص الوجود في الشارع وإن أهالي الأطفال يأمنوا على ولادهم صعب جدا، وعلشان كدة نزلنا القرية مع جمعية التنمية والبيئة ومع مكتبة الطفل".

وأضافت "نشاطنا بيكون ورش لمدة أسبوع في الأجازة أو يوم الجمعة من كل أسبوع في الدراسة، بين ورش عن مشاكل الأطفال عامة زي التحرش وورش بيتكلم فيها الأطفال عن ليه بيروحوا المدرسة وعايزين يدرسوا إيه، ومحاضرات عملية عن الروبوت، والجزء الرابع من وجودنا مع الأطفال بيركز على إنهم يرسموا شعار لأي حاجة ونطبع رسمهم على منتجات نبيعها ونرجع لهم بالفلوس علشان مصاريف وأدوات الدراسة.. في النهاية بنحاول نساعد كل طفل على تنمية اهتماماته ونرشده على المنح اللي ممكن تفيده ونتابع معاه".

بعد المركز الخامس تحلم "شهد" بالمركز الأول في مسابقة الغواصات العالمية والحصول على منحة جامعية 

رغم حضورها في المحافل الدولية المهتمة بالميكانيكا والميكاترونيكس، إلا أن المشاركة في المسابقة العالمية للغواصات والحصول على المركز الأول لا يزال حلمها لتخطي المركز الخامس الذي وصلت إليه، فصعوبات كتوفير الخامات تقف عائقا حتى بعد الحصول على التكاليف المادية بجهود ذاتية، فإن قطعة قد لا يتعدى ثمنها 20 جنيها تتكلف أضعاف ثمنها في وسائل الانتقال حتى تصل إلى الإسماعيلية، حيث تعيش "شهد".

كما أن استيراد "مواتير" ذات قدرات عالية للغواصات يشكل عائقا آخر، يحتاج لمجهود كبير حيث أن بعض المواتير ممنوع دخولها إلا بشروط معينة، وتحتاج الغواصة إلى 6 مواتير تكلفة الواحد 6 آلاف جنيه، وقد يتعطل أحدهم فتبدأ شهد وفريقها مهمة الاستيراد مرة أخرى، في صراع مع الوقت كي يتمكنوا من تنفيذ غواصة تتحمل الضغط تحت الماء ويمكنها حل مشكلة في أحد السدود مثلا، وفي نفس الوقت وتوفيرا للنفقات يجب أن تكون غواصتهم مناسبة لبيئتي مصر وأمريكا، للمشاركة في المسابقة الدولية في أمريكا بعد خوض الجولات قبل النهائية التي تجري في مصر وكندا وأمريكا على التوازي.

بين التقوق الدراسي والتكنولوجي، تعمل شهد بدعم من والدتها نحو الحصول على منحة جامعية في أحد كليات الهندسة بأحد الجامعات الأجنبية كي تستزيد من الدراسة المتخصصة في مجال الميكاترونيكس الذي أحبته، "كنت في 3 إعدادي عندي تحدي كبير إني اجيب 98% ومانقصش في اللغات والرياضة علشان أقدر أدخل مدارس المتفوقين stem في الثانوي، وفي نفس الوقت كنت مشاركة في 3 مسابقات منهم مسابقة ناسا.. الحمد لله دخلت مدرسة المتفوقين وباقي حلم منحة الجامعة واللي علشانه بعمل كل دة.. واتمنى تمويل ودعم مشروعي نرسم وأحقق المركز الأول على مستوى العالم في مسابقة الغواصات".


مواضيع متعلقة