أصحاب مزارع يستخدمون "النشارة" ومخلفات المجازر فى تغذية الأسماك.. و"الزيني": تدمر الصحة

كتب: سهاد الخضري

أصحاب مزارع يستخدمون "النشارة" ومخلفات المجازر فى تغذية الأسماك.. و"الزيني": تدمر الصحة

أصحاب مزارع يستخدمون "النشارة" ومخلفات المجازر فى تغذية الأسماك.. و"الزيني": تدمر الصحة

كارثة صحية وبيئية يرتكبها بعض مستأجرو المزارع السمكية فى مختلف المحافظات الساحلية، حيث يقومون بخلط نشارة الأخشاب بمخلفات الدواجن والدماء ومخلفات المجازر، ليقدمونها بما تحتويه من ملوثات سامة وعناصر ثقيلة، كأعلاف إلى الأسماك فى مزارعهم، فى غياب الرقابة من قبل الأجهزة المختصة، مما يتسبب فى إصابة العديد ممن يتناولون تلك الأسماك بالعديد من الأمراض، فى الوقت الذى تعانى فيه بحيرة المنزلة من ارتفاع معدلات التلوث بها منذ سنوات، نتيجة اختلاط مياه البحيرة بالصرف الصحى القادم من محافظات الدقهلية والقاهرة والقليوبية والشرقية، فضلاً عن دمياط، الأمر الذى تسبب فى نفوق كميات كبيرة من الأسماك فى كل دورة.

أستاذ كيمياء: الأسماك الملوثة تسبب السرطان والفشل الكلوى

ووفق مصدر مسئول بهيئة الثروة السمكية فى دمياط، طلب من "الوطن" عدم ذكر اسمه، فإن أسماك المزارع يتمثل غذاؤها فى الأعلاف الطبيعية، المكونة من الأسماك الصغيرة من أنواع "الشبار" و"البلطى" و"السردين" و"البيساريا"، كما تتغذى على الأعلاف الصناعية المرخص بها، وفى حال تناول الأسماك أى أعلاف أخرى غير مرخصة، مثل مخلفات الدواجن والمجازر، عادةً ما يتسبب ذلك فى نفوق الأسماك، خاصة "الدنيس"، نتيجة تلوث المياه، أما "القراميط" فمن المعروف أنها أسماك "رومية"، يمكن أن تتغذى على أى نوع من الأعلاف.

وأوضح المصدر أن أسماك مزارع المياه العذبة تتنوع بين "الشبار" و"البلطى" و"البورى" و"القراميط"، وعادةً ما يقوم أصحاب المزارع أو مستأجروها بتخصيص أحواض لـ"القراميط"، بينما يتم تربية الأنواع الأخرى فى أحواض منفصلة، وتتغذى على الأعلاف، وفى حالة إذا ما تم وضعها فى نفس أحواض "القراميط" فيتم تقديم أعلاف لها من مخلفات الدواجن، التى تتغذى عليها أسماك "البلطى".

وأضاف أنه فى حالة ضبط أى مزارع يتم تغذية الأسماك بها باستخدام المخلفات أو أى أعلاف أخرى غير مرخصة، يتم إلغاء ترخيصها على الفور، مشيراً إلى أن عدد المزارع السمكية بالمياه العذبة، التى أمكن حصرها فى دمياط وحدها، يصل إلى حوالى 300 مزرعة.

"أ. أ." صاحب محل دواجن بدمياط أكد لـ"الوطن" أن العديد من مستأجرى المزارع السمكية يقومون بشراء مخلفات الدواجن، والتى تحتوى على الريش والسبلة وفضلات وأحشاء الدواجن، بالإضافة إلى الطيور النافقة، ويقومون بخلطها مع نشارة الخشب، ويضيفون عليها مادة جيلاتينية، ويقدمونها كأعلاف للأسماك، وأضاف أن بعض أصحاب المزارع يطلبون من تجار الدواجن الاحتفاظ بالريش وحده، حيث يقومون بتجفيفه وطحنه ويقدمونه كعلف للأسماك، مشيراً إلى أن "برميل الريش" وزن 100 كيلوجرام يتراوح سعره بين 200 و250 جنيهاً، فى حين يتراوح سعر طن الأعلاف الصناعية للأسماك بين 10 آلاف و18 ألف جنيه، مما يدفع كثيراً من أصحاب المزارع إلى استخدام المخلفات الحيوانية لتغذية الأسماك.

وفى السياق ذاته، قال "أحمد ب."، صاحب مزارع سمكية بدمياط، لـ"الوطن"، إن المسطحات المائية قامت بإزالة إحدى المزارع الخاصة به، بسبب استخدام المياه من إحدى الترع بالمخالفة، وأضاف أنه يقوم بتربية أسماك "القراميط" و"الشبار"، بالإضافة إلى "الجمبرى"، ويلجأ فى بعض الأحيان إلى استخدام مخلفات المجازر كأعلاف لتغذية الأسماك، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف الصناعية الأخرى، مشيراً إلى أن دمياط وحدها تحتوى على ما لا يقل عن مزرعة لتربية أسماك "القراميط".

وحصلت "الوطن" على صور تظهر قيام أحد مستأجرى المزارع السمكية فى دمياط بالتوجه ليلاً إلى أحد محلات بيع الدواجن، حيث يقوم بتحميل سيارة ربع نقل بمخلفات الدواجن، لتقديمها إلى أسماك المزرعة، كما التقطت صوراً تظهر عملية خلط "سبلة" الدواجن مع نشارة الخشب وأحشاء الدواجن والدم، لصالح أحد أصحاب المزارع، ليستخدمها كعلف للأسماك.

 

كما أكد أحد كبار تجار الأسماك فى دمياط، طلب عدم ذكر اسمه، أن العديد من المزارع السمكية على الطريق الدولى وفى مدينة جمصة تستخدم مخلفات المجازر ومحلات الدواجن كعلف بديل للأسماك، مما يسبب تغيراً فى طعم السمك ورائحته، وذلك فى غياب الرقابة من الأجهزة المعنية، وطالب بضرورة تشديد الرقابة على المزارع السمكية، لضبط المخالفات التى أصبحت تحدث ليلاً ونهاراً، لضمان وصول أسماك آمنة وسليمة للمستهلك البسيط، مشيراً إلى أن كثيراً من المواطنين لا يمكنهم التعرف على الأسماك التى تتغذى على أعلاف صناعية أو على مخلفات حيوانية.

وبحسب الدكتور جمال الزينى، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب سابقا، ووكيل مديرية الصحة السابق بدمياط، فإن المواطن الذى يتناول أسماك ملوثة تتأثر صحته بحسب نوع الأعلاف التى تتغذى عليها الأسماك، من مواد كيميائية أو عضوية، كما تؤثر طريقة معالجة السمك عند الطهى وصلاحية السمك بعد تجهيزه على الإنسان، حيث يمكن أن تتسبب فى إصابته بنزلة معوية، أو بالتسمم.

وتابع قائلاً لـ"الوطن" إنه من المفترض خضوع المزارع السمكية لرقابة هيئة الثروة السمكية، التى تتعاون مع وزارتى الصحة والبيئة، ويجب تكثيف الرقابة عليها، حرصاً على صحة المواطنين، فقد يحدث التأثير على المدى البعيد، وقد تكون تلك الأسماك الملوثة سبباً فى الإصابة بالأمراض السرطانية.

وأضاف الدكتور محمد عمران، أستاذ مساعد الكيمياء الحيوية بكلية العلوم فى جامعة حلوان، أن تناول أسماك ملوثة يزيد احتمالات الإصابة بالالتهاب الكبدى الفيروسى "فيروس سى"، وقد تتطور الحالة من الحادة للمزمنة، وقد لا تظهر أعراض الفيروس فى بداية الأمر، ولكن فى الحالات المزمنة تظهر أعراض الصفراء أو الاستسقاء، نتيجة تركز الملوثات والمعادن الثقيلة فى الأسماك بشكل عام، وعادةً ما تكون هذه الملوثات أحد العوامل المساعدة لتطور الحالة، وليست عاملاً أساسياً للإصابة بالمرض.

 

ومن جانبها، قالت الدكتورة ناهد عمر، أستاذ متفرغ كيمياء أنسجة بقسم علم الحيوان بكلية العلوم جامعة دمياط، إن الملوثات تتركز عادةً فى خياشيم وعضلات الأسماك، وهي عبارة عن الفصوص التى يتناولها الإنسان، وقد تحتوى على نسبة عالية من العناصر الثقيلة، سواء "الرصاص، أو الزنك أو الزئبق أو الحديد" وغيرها، وأضافت أن عدداً كبيراً من أصحاب ومستأجرى المزارع السمكية يستخدمون أنواع من الأعلاف غير مطابقة للمواصفات، تتسبب فى تركيز العناصر الثقيلة فى المياه، ثم تنتقل للأسماك، التى تنقلها بدورها إلى من يتناولها، وعادةً ما تسبب الإصابة بالتسمم أو الفشل الكلوى أو الالتهاب الكبدى، وعلى المدى الطويل قد تكون سبباً فى الإصابة بالسرطان.وطالبت "ناهد"، فى تصريحاتها لـ"الوطن"، بتشديد الرقابة على المزارع السمكية وبشكل مستمر من قبل الجهات المختصة، والاستعانة بالأساتذة المتخصصين فى كليات العلوم، للإشراف على تلك المزارع، خاصةً وأن الأسماك توفر بروتين رخيص الثمن وفى متناول يد غالبية المواطنين.ومن ناحية أخرى، شكا عدد من مستأجرى المزارع السمكية ببحيرة المنزلة من تعرضهم للتعديات بصفة مستمرة، من قبل مسلحين مجهولين، يقومون بسرقة معداتهم، والتعدى عليهم بالأسلحة النارية، وطالبوا بتكثيف التواجد الأمنى فى البحيرة، وفى هذا السياق، قال السعيد عبدالسلام، المفوض العام عن صيادى مصر لـ"الوطن"، إن حوادث التعدى علي الصيادين ببحيرة المنزلة، وخاصة بمنطقة "المثلث"، تزايدت خلال الفترة الأخيرة، وأرجع ذلك إلى ضعف التواجد الأمنى لشرطة المسطحات المائية، وطالب بالاستعانة بوحدات من القوات المسلحة لتأمين المزارع السمكية بالمنطقة، كما أكد أن اختلاط مياه بحيرة المنزلة بمياه الصرف الصحى القادم من معظم محافظات شرق الدلتا، أدى إلى نقص إنتاجية الأسماك فى البحيرة، مما يهدد بتدهور الثروة السمكية بها.

 


مواضيع متعلقة