حقل ألغام "قمة السبع".. أحلام وطموحات وخلافات تهدد الأمن الدولي

كتب: محمد حسن عامر

حقل ألغام "قمة السبع".. أحلام وطموحات وخلافات تهدد الأمن الدولي

حقل ألغام "قمة السبع".. أحلام وطموحات وخلافات تهدد الأمن الدولي

نشر المركز الأوروبي لدراسات الإرهاب والاستخبارات، ومقره ألمانيا، تقريرا اليوم حول أعمال قمة مجموعة السبع التي تنطلق اليوم في فرنسا، مشيرا إلى الخلافات الدولية حول مجمل القضايا التي باتت تهدد الأمن الدولي والإقليمي، وتهدد مصير هذا الكون.

ولفت المركز، الذي يديره الباحث والخبير السياسي جاسم محمد، إلى أن من بين هذه القضايا الاحتباس الحراري والمناخ، حيث يتطلع العالم الى اجتماع قادة الدول السبع، ربما لإيجاد حلولا لبعض مشاكله، لكن تبقى المنافع السياسية، والاقتصادية، هي من تهيمن على هذه القمة، التي باتت لا تعني المراقبين كثيرا، وربما لم يعد حتى ينتظر بيانها الختامي.

أجواء وترتيبات حول انعقاد "قمة السبع"

بدأت اليوم 24 أغسطس 2019 ولمدة يومين، قمة قادة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى في فرنسا، في مديمة "بياريتس"، ومن المتوقع أن تناقش جملة ملفات تخص العالم، يسودها الخلافات والانقسامات، ربما حتى في التوقيع على بيانها الختامي كما حصل في القمة السابقة عام 2018، عندما رفض ترامب التوقيع.

وتضم مجموعة الدول السبع بصيغتها غير الرسمية كل من: فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وكندا والاتحاد الأوروبي. وتتشاطر هذه القوى العظمى التي تمثل 50٪ من الاقتصاد العالمي، قيم الحرية والديمقراطية والطموح المشترك لمعالجة القضايا العالمية الكبرى.

ولمدة ثلاثة أيام سيبقى قادة العالم في قصر بعيدا عن المجتمع المدني. السلطات الفرنسية قبل انعقاد القمة، بيومين، أغلقت محطات القطار والمطار المحيطة بمنطقة بياريتس، وأعلنت قوات الأمن الفرنسية حالة تأهب قصوى، ونشرت أكثر من 13 ألف شرطي في المنطقة، حيث يخشى أن يؤدي تجمع كبير للمعارضين للقمة إلى أعمال عنف.

 

أهم الملفات المطروحة: إيران والحرب التجارية والإرهاب والمناخ

تضم طاولة قمة الدول السبع إلى ملفات عديدة: ملف إيران النووي والتجارة بين الولايات المتحدة والصين ومابين الولايات المتحدة وأوروبا والعالم وببريكسيت والاقتصاد العالمي والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، كذلك ملف بريكست وعودة روسيا ـ  ملف أوكرانيا، وملف حرائق الأمازون، المناخ، ملف مكافحة الإرهاب، ملف سوريا، الى جانب ملف "مكافحة عدم المساواة" ليشارك فيها قادة من الهند وأستراليا وجنوب أفريقيا وتشيلي.

 

الملف النووي الإيراني يفرض نفسه ضمن جهود من فرنسا لتحريكه

 يفرض الملف النووي الإيراني نفسه على طاولة قمة السبع، مع جهود فرنسية بحلحلة الموقف الأمريكي، وفي هذا الإطار يقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن هناك حاجة لعقد اجتماع لإنقاذ اتفاق النووي الإيراني في ظل خلافات داخل مجموعة السبع. وتحاول فرنسا الحفاظ على الاتفاق الموقع في 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة.

"وأضاف "ما آمله من الولايات المتحدة ومن النقاش في مجموعة السبع هو توضيح الإستراتيجية الآيلة لدفع الإيرانيين إلى التحرك". وأضاف ماكرون: "لقد قدمت اقتراحات إما بتخفيض العقوبات التي تستهدف إيران أو آليات التعويض للسماح للشعب الإيراني بالعيش بشكل أفضل، مقابل التزامات واضحة بعودة إيران إلى التزام صارم بالاتفاق وكذلك الالتزام بإجراء مفاوضات جديدة بشأن الصواريخ والنفوذ الإقليمي لإيران، وفقا لما يتمناه الأمريكيون ونتمنى".

روسيا.. الحاضر الغائب في "قمة السبعة"

ستكون روسيا، الحاضر الغائب في القمة، حيث سيبحث الزعماء إمكانية عودتها إلى هذه المجموعة، بعد أن أبعدت عنها منذ 2014. وقد قال ترامب بهذا الصدد إن “مشاركة روسيا في المجموعة "منطقية أكثر"، في ما يبدو أنه تحضير للقمة المقبلة التي ستعقد في الولايات المتحدة في عام 2020.

وفي هذا السياق يقول، روهينتون ميدورا رئيس "مركز تجديد الحوكمة الدولية" (سنتر فور إنترناشونال غوفرنانس إنوفيشون) الكندي "لا تنسوا أن القمة المقبلة ستعقد في الولايات المتحدة في 2020 سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالتالي من مصلحة دونالد ترامب أن تكلل القمة بالنجاح وأن يمهد للقاء المقبل".

 

قمة "حقل ألغام" بين قادة تختلف أراؤهم حول قضايا عدة

من المتوقع أن تكون أجواء القمة معقدة جدا، إلى حد يمكن وصفه بـ"حقل ألغام" لوجود قادة تختلف آراؤهم تماما حول الملفات الكبرى العالمية. باريس تسعى للحصول على تخفيف العقوبات الأمريكية التي تستهدف النفط الإيراني مقابل احترام إيران مجددا للاتفاق وفتح مفاوضات جديدة مع طهران حول برنامجها الباليستي ونفوذها الإقليمي. وفي إشارة إلى سياسة الضغوط القصوى التي يمارسها الرئيس الأمريكي على طهران، صرح ماكرون "يجب أن نجري مناقشة خلال القمة حول كيفية معالجة الملف الإيراني"، مشيرا إلى وجود "خلافات حقيقية داخل مجموعة السبع". ومن المرجح أن تكون أجواء قمة السبع في بباريس "متشنجة ومشحونة" بمجموعة من الملفات، أبرزها محاولة ماكرون إنقاذ الاتفاق النووي.

 

أجواء القمة توسع الخلافات بين ضفتي الأطلسي

سيكون ترامب، معزولا في هذه القمة، كما حصل في قمة عام 2018، بسبب شخصيته المثيرة للجدل ومواقفه وانسحابه الممنهج من عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاقية المناخ واتفاقية الحد من نشر الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة المدى، التي تمثل تهديدا مباشرا إلى أمن أوروبا.

ويبدو الرئيس الفرنسي ماكرون مستعدا وبشكل جيد إلى "مواجهة" ترامب وقراراته، التي باتت يصعب التكهن بها، ومنها احتمال عدم توقيع ترامب هذه المرة أيضا، على البيان الختامي. الأهم في هذه القمة، هو اجتماعات غير رسمية تعقد بين الرؤساء، وتفاهمات واتفاقات غير رسمية، خارج إطار العمل الجماعي المشترك لزعماء القمة.

إن مراجعة الخلافات ما بين الولايات المتحدة، إدارة ترامب وأوروبا والعالم، ممكن أن يعطي مؤشر، بإن هذه القمة، سوف تعزز الموقف الأوروبي، من اجل مواجهة ترامب خاصة مايتعلق في "انقاذ الملف النووي الإيراني"، رغم الخلافات داخل دول أوروبا.

والتقارب البريطاني الأمريكي واضح من خلال شخصيتي ترامب وجونسون، لكن الأخير أيضا لا يريد أن يدخل في خلافات أكثر مع دول الاتحاد الأوروبي، حول موضوع تشكيل قوة بحرية أوروبية لحماية السفن في مياه الخليج، كونه مثقل بملف بريكست، ومشاكل داخلية تهدد مستقبل بريطانيا.

ما بات متوقعا أن جونسون لا يريد خسارة دول أوروبا، رغم عزمه للخروج من الاتحاد الأوروبي حتى بدون اتفاق، في موعد أقصاه شهر أكتوبر المقبل 2019.

والنقطة الأساسية التي يمكن أن يلتقي حولها الأوروبيون هو خلافاتهم مع ترامب، يمكن توحيد مواقفهم، لكن هذا لا يعني وضع حد للخلافات الأوروبية ـ الأوروبية.

 

"إيران" المستفيدة الاكبر من قمة الدول السبع

تبقى إيران هي المستفيدة الأكبر من قمة الدول السبع، في أعقاب ما حصلت عليه من إنعاش في علاقاتها مع دول أوروبا، بإطلاق سفينتها "غريس" التي كانت محتجزة في جبل طارق. الخطوة الاستباقية التي قامت بها إيران بارسال وزير خارجيتها إلى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ما كرون، ربما يدل على وجود "وساطة" أو "مساعي" فرنسية من أجل دعم الموقف الإيراني، بعدم الانضمام إلى أي قوة أمريكية محتملة في الخليج، ودعم الجهود الأوروبية بإنقاذ الملف النووي.


مواضيع متعلقة