تكنولوجيا صديقة للمرأة

النقاش حول تمكين المرأة يشكل قضية عالمية، تشمل كل الدول والمجتمعات، يستوى فى ذلك الدول المتقدمة والدول النامية.

والحديث عن فجوة بين الجنسين لا يقتصر على المجتمعات الشرقية، وإنما يمتد إلى المجتمعات الأوروبية والغربية، كما هو الشأن فى سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.

وفيما يتعلق بالمجتمعات العربية، وعلى حد قول البعض: «لا توجد مجتمعات يكثر ويتزايد فيها اللغط حول مكانة وحقوق مسئوليات المرأة مثلما هو الحال فى بلاد العرب.

ومع أن ظلم المرأة وإخضاعها متجذر فى تاريخ المجتمعات البشرية كلها، فإن الصراعات والاختلافات والتطاحن حول هذا الموضوع فى الأرض العربية هو الأشد والأكثر فجيعة».

وبمتابعة الخطابات والكتابات الإسلامية بشأن المرأة، وكيفية تعاطيها مع المواثيق الدولية بشأن المرأة، خلص البعض إلى أنها تتجاوز فى معظم الأحيان منطق التفاعل الإيجابى إلى منطق الرفض المطلق، مؤكداً أن بعض الكتابات والخطابات الإسلامية تنجر إلى خطاب صدامى محكوم بخلفية دفاعية، وكأنها تخشى ضياع المرجعية الإسلامية أمام هذه الوثائق الدولية.

ورغم أن الكثير من المياه قد جرت فى نهر الحياة الاجتماعية، فإن البعض فى عالمنا العربى والإسلامى ما زال يصر على الحياة فى زمن فات، محاولاً استرجاع صورة ذهنية معينة لم يعد فى الإمكان قبولها فى المجتمعات المعاصرة، متجاهلاً -عن قصد أو سوء قصد- التطورات الحاصلة فى عالم اليوم. وفيما يتعلق بقضية تمكين المرأة، نعتقد من المناسب رصد حركة الثورة التكنولوجية، وما توفره من وسائل ميسرة لعمل المرأة وتخفيف عبء الأعمال المنزلية عنها.

فإذا كنا نسمع عن «تكنولوجيا صديقة للبيئة» أو «التكنولوجيا الخضراء»، فإننا يمكن أيضاً أن نتحدث عن «تكنولوجيا صديقة للمرأة» أو «التكنولوجيا المنزلية».

إن حياة المرأة فى عالم اليوم هى بلا شك أفضل حالاً من حياتها فى السابق، وذلك بفضل العديد من الوسائل التكنولوجية المساعدة للمرأة فى أداء أعمالها المنزلية، كما هو الشأن فى الثلاجة والغسالة الكهربائية والميكروويف والسخان الكهربائى وغيرها.

ونعتقد أنه ما زال فى جعبة الثورة التكنولوجية الكثير، ومنها ما تم الكشف عنه مؤخراً من اختراع «روبوت لأداء الأعمال المنزلية».

إذ تعكف شركة السيارات اليابانية «تويوتا» على تطوير إنسان آلى مدعم بتقنيات الذكاء الاصطناعى، يسهم فى أداء الأعمال المنزلية.

ويتم تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع إحدى الشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى، وهى شركة «بريفيرد نتوركس»، التى تستخدم بالفعل الإنسان الآلى كمنصة لتطبيق برنامج الذكاء الاصطناعى الخاص بها.

فى اعتقادى أن الفضل الأكبر فى مسيرة تمكين المرأة يعود إلى الثورة الصناعية الثالثة وما أفرزته من اختراعات تكنولوجية كان لها الدور البارز فى تحسين ظروف الحياة بالنسبة للمرأة بوجه خاص، ويمكن للثورة الصناعية الرابعة التى نشهد بوادرها حالياً أن تكمل المسيرة من خلال هذا الروبوت المنزلى وما قد يتلوه من اختراعات أخرى فى ذات الاتجاه.

وربما يأتى اليوم الذى يقوم فيه الروبوت بما هو أكبر من أداء الأعمال المنزلية، ونعنى بذلك العناية بالأطفال، وبدلاً من أن تقوم الأم بهز سرير الطفل ليلاً لتهدئته وإسكاته، فقد نرى فى المستقبل «الروبوت الأم» الذى يمكنه العناية بالطفل.

وبإنجاز هذه الاختراعات، لن تعود المرأة الإسبانية بحاجة إلى الاستمرار فى الإضراب عن الأعمال المنزلية، الذى تم تنفيذه مرة واحدة سنوياً تزامناً مع اليوم العالمى للمرأة، حيث بدأ تنفيذه لأول مرة فى الثامن من مارس 2018م وتكرر القيام به فى اليوم ذاته من العام الحالى. ويشمل هذا الإضراب أربعة أعمال تقوم بها النساء عادة، وهى: الرعاية، والأعمال المنزلية، واصطحاب الأطفال إلى المدارس، وشراء الخدمات والسلع، ويهدف إلى زيادة الوعى بالدور الذى تقوم به النساء فى تلك المجالات. وإلى أن تتحقق هذه الطفرة التكنولوجية، ثمة رجاء ونداء إلى كل الرجال، وهو التعبير عن الامتنان لما تقوم به المرأة من دور عظيم فى رعاية أسرتها وأبنائها.. والله من وراء القصد.