«بعد فوات الأوان»

«بعد فوات الأوان»
ما فائدة النصيحة عندما تأتينا بعد فوات الأوان؟ كلمات رددها حسن لنفسه.. وهو يتعجب من رفقاء السفر الذين قضى معهم رحلة تقاسموا فيها لحظات الخطر والطعام القليل والماء، حلم كل سكان الصحراء.. كعادته كل عام حصد حسن محصول الذرة التى يزرعها فى حقله الصغير، ولأنه يعتنى بأرضه منحه الله محصولاً وفيراً، فرح به وشكر الله عليه، وقرر السفر للبلاد المجاورة لبيعه، استعد للسفر فجهز حصانه وانطلق مع رفاقه فى رحلة عبر الصحراء الواسعة المترامية الأطراف، ليال طويلة قضاها حتى وصل لأول مدينة قابلته، باع المحصول وقرر أن يقضى ليلته بفندق صغير ليواصل فى الصباح الرحلة عبر الصحراء، ربط حسن حصانه فى جذع شجرة كبيرة، بعد أن وفر له الماء والشعير، ليرتاح بعد عناء السفر الطويل، وفى الصباح استعد حسن لمواصلة رحلته ولدهشته، لم يجد حصانه أمام الفندق، بحث عن الحصان فى كل مكان، وأدرك أن لصاً سرقه وكل من بالفندق نيام، حزن حسن لفقده حصانه الذى يحبه وحزن أكثر على الشر الذى يسيطر على نفوس بعض البشر فيدفعهم للسرقة، وعندما عرف رفاق السفر بسرقة الحصان، تجمعوا حوله وبدلا من أن يشاركوه حزنه لفقده حصانه، انهالوا عليه بالنقد والهجوم، فقال أحدهم، أنت المخطئ، كيف تربط الحصان فى شجرة دون أن توثق أرجله؟ وبغضب صاح الآخر، كان عليك أن تقتنى جملاً بدلاً من الحصان، الجمل أقوى وأضخم، لن يستطيع لص سرقته، وقال ثالث لعلك لم تهتم بحصانك فلم توفر له الشعير والماء، لذلك لم يقو على الصهيل لينهبك حين فك وثاقه اللص وسرقه. تعجب حسن وقال لهم: كنا معاً فى رحلة السفر، ولم يتطوع أحدكم بنصيحته طوال الطريق، كلكم انهلتم باللوم على المجنى عليه وتركتم الجانى، اللص المذنب، قدمتم لى النصيحة ولكن، بعد فوات الأوان.