المواجهة بين إيران والغرب مستمرة.. هل ورط ترامب بريطانيا مع طهران؟

كتب: محمد حسن عامر

المواجهة بين إيران والغرب مستمرة.. هل ورط ترامب بريطانيا مع طهران؟

المواجهة بين إيران والغرب مستمرة.. هل ورط ترامب بريطانيا مع طهران؟

في مايو 2018 انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ليصاحب الانسحاب موجة من التوترات مع إيران، في الوقت الذي كانت الدول الأوروبية تدعو الرئيس الأمريكي للتخلي عن قراره وتؤكد تمسكها بالاتفاق النووي مع "طهران".

كانت المواجهة قائمة بين طهران وواشنطن، لكن سرعان ما تحولت مع الوقت إلى مواجهة إيرانية مع بريطانيا الحليف الأول للولايات المتحدة، بعد احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية، وقالت إن ذلك ردا على احتجاز الممكلة المتحدة ناقلة إيرانية عند مضيق جبل طارق.

ورغم احتدام الموقف مع بريطانيا، إلا أن الأمر بدا وكأنه انسحاب أمريكي بعد أن أشعلت واشنطن الأزمة، في الوقت الذي تتحدث فيه بريطانيا عن تشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الملاحة الدولية في مياه الخليج، ما أثار كثير من علامات الاستفهام حول الموقف الأمريكي، وما إذا كان ترامب ورط بريطانيا خصوصا مع احتجاز ناقلتها.

"هو نوع من تبادل الأدوار بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا".. هكذا علقت الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية على التعامل الأمريكي البريطاني حيال التوترات مع إيران.

وقالت "بكر"، لـ"الوطن"، إن بريطانيا ستبقى دوما الحليف الأول للولايات المتحدة، والوضع فيما يخص الولايات المتحدة له ظروفه، حيث تقترب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي تأتي وسط اختلاف في الأدوار والآراء داخل الولايات المتحدة بين التشدد وإدارك خطورة التصعيد، وما إذا كانت هناك نية للحرب أم لمزيد من السيطرة في الخليج.

وأضافت "بكر": "كذلك من الصعب التنبؤ بما ستصل له الأمور، لأن الأمر عندما يتعلق بترامب فنحن أمام رئيس غير نمطي يصعب وجود قدرة على التنبؤ بما سيقوم به في ظل أيضا التضارب داخل المؤسسات الأمريكية".

وقالت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إنه في ظل الظروف الحالية أيضا في بريطانيا مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي والانقسامات داخل الحكومة البريطانية نفسها، تجعل اتخاذ القرار أيضا لا يمكن التنبؤ به، والمستفيد من كل ذلك هي إيران، وتابعت: "من المحتمل أن ترامب أراد أن يري بريطانيا خطورة دعمها الاتفاق النووي مع إيران والذي انسحب منه في مايو العام الماضي".

وأضافت: "لكن هذا أحد الاحتمالات فالاتفاقية بصيغة 5 زائد واحد والأمر يتوقف كذلك على باقي الموقعين"، مشيرة إلى أن تحركات الرئيس الأمريكي تأتي دوما في إطار أفكاره بأن أمريكا أولا، ووفق أفكاره الشعبوية".

وتشهد الأشهر الأخيرة توترات غير مسبوقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية مع إخلال "طهران" ببعض التزامات الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015، ردا على الانسحاب الأمريكي منه وإعادة فرض العقوبات.

على عكس الدكتورة نهى بكر، يرى بهاء محمود الباحث المتخصص في الشؤون الأوروبية أن بريطانيا ورطت نفسها مع إيران بإيعاز أمريكي وتخلى ترامب عنها، وقال الباحث في وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ"الوطن": "لكي نفهم مسار الأحداث بالنسبة للدول الأوروبية، فهناك 3 دول لها فهمها للاتفاق النووي ولها رؤيتها لحجم المصالح مع إيران ولها قدر من الارتباط مع الولايات المتحدة، فبالنسبة لبريطانيا فلها علاقتها التاريخية مع الولايات المتحدة ولم تبذل جهودا كبيرة في التوصل للاتفاق النووي".

وتابع: "أما بالنسبة لفرنسا فلديها علاقات جيدة بإيران ولها مصالح نسبية وفي نفس الوقت لها علاقات وسطية مع أمريكا وترامب لكنها ليست بقوة بريطانيا وبالتالي يمكنها لعب دور الوسيط، والدولة الأهم ألمانيا فهي الطرف الفاعل الحقيقي في خروج الاتفاق النووي للنور ولديها مصالح كبيرة مع إيران وعداوات نسبيا مع أمريكا في فترة ترامب".

وقال "محمود": "بريطانيا ورطت نفسها بإيعاز من أمريكا باحتجاز السفينية الأمريكية، ولنضع في الاعتبار أن ترامب لا يؤمن بالحلفاء وليس لديه حلفاء، فترك بريطانيا وقال إنه على بريطانيا حماية نفسها"، وأضاف: "الخطأ الأكبر أنه لم يكن أحد يدرك أن إيران لن تخاف في ظل قناعتها بعدم تحرك دول الخليج، والخطاب العام داخل واشنطن يمنع من الدخول في حرب جديدة أو تحريك جنود، وبالتالي إنجلترا هي الخاسرة في هذه اللعبة".

وتشهد بريطانيا فترة ارتباك كبيرة في الوقت الحالي مع تنحي رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل أسابيع، بينما جرى انتخاب بوريس جونسون من قبل حزب المحافظين رئيسا للحزب، ومن ثم توليه رئاسة الوزارء وسط انقسامات رأسية وأفقية في الأوساط البريطانية.

وحول ما إذا كان جونسون سيدرك حقيقة أن ترامب تخلى عن لندن، وفق التحليل الذي قدمه "محمود"، فقال الباحث السياسي: "جونسون نسخة رديئة من ترامب الفارق أن الأخير يحاول معالجة أخطائه والعمل من أجل المصالح الأمريكية فقط، ولكن جونسون شخص فوضوي وخطابه عدائي تجاه إيران، خطاب يعني عدم وجود أجندة لديه".

وتسائل الباحث بمركز الأهرام إنه إذا كان الخطاب الوسطي لتيريزا ماي أوصل الحال ببريطانيا إلى هذه المرحلة، فماذا سيكون الحال بالسنبة لجونسون الفوضوي؟، مضيفا: "ترامب سيساند جونسون في إطار خطابي فقط، لأن ترامب لديه قناعة أن أوروبا الضعيفة في مصلحة أمريكا، ولا اتصور أن جونسون سيعيد النظر حيال الموقف الأمريكي، لأنه شخص فوضوي بلا أجندة".

وتقود الولايات المتحدة في الوقت الحالي كذلك جهودا لتكوين تحالف متعدد الجنسيات تقول إنه لحماية الملاحة في منطقة الخليج، وسط مخاوف من أن تفاقم تلك التحركات الأوضاع في المنطقة.


مواضيع متعلقة