"الفقي" خذلته نتيجة الثانوية العامة وبعد 6 سنوات كرمه رئيس الوزراء

كتب: هبة وهدان

"الفقي" خذلته نتيجة الثانوية العامة وبعد 6 سنوات كرمه رئيس الوزراء

"الفقي" خذلته نتيجة الثانوية العامة وبعد 6 سنوات كرمه رئيس الوزراء

قبل 10 سنوات من الآن لم يكن يعرف طالب الثانوية العامة محمد فكري صاحب مجموع الـ74%، من أين سيبدأ وما هي الكلية التي ستقبله بهذا المجموع الضئيل في نظره ونظرة أسرته والمجتمع ككل.

ساعات وليالٍ، و"الفقي" شارد الذهن بعد أن خذلته مادة الكيمياء التي منحته 31 درجة فقط من أصل 50، لم تكن فقط الكيمياء هي من خذلته وقضت على آماله وطموحاته، بل إن الجميع من حوله باتوا ينظرون له على أنه "فاشل" ولم يكن صادقا في نبوءته لنفسه بأن يصبح مهندسا كما كان يشيع بينهم عن أمنيته.

رحلة البحث عن مدرج ينتمي إليه الطالب الذي يحمل بداخله إصرارا على النجاح لم تكن سهلة، حتى استقرت أوراقه والتحق بكلية التجارة التي لم يستمر بها نتيجة رسوبه بعد أن انشغل في مرض أبيه، فما كان منه إلا أن فكر في البحث عن كلية بديلة وهي كلية الآداب قسم إنجليزي والتي تخرج فيها بتقدير مقبول.

لم ينتهِ شرود "الفقي" فشعوره بأن الحلم الذي طالما راوده دُفن تحت التراب، ووسط كل تلك الإحباطات كان يرفع يديه تضرعًا لله أن ينصره وينجح في حياته حتى يعلم من حوله أنه شخص ناجح وأن فشله في مرحلة بعينها ليس معناها أنه فاشل في المطلق: "مكنش قدامي غير إن أنا أروح كلية تانية ووقتها كان الأمر صعب بالنسبة لي لأن مكنتش بس حاسس بالفشل لا حسيت إن عمري بيضيع مني لأن اللي في سني رايح 3 كلية وأنا بدور على كلية أدخلها فكان شعور محدش يتخيله".

ويستكمل: "المشكلة ما انتهتش لحد هنا وأنا بستلم ملفي من الجامعة قالولي عليك 1000 جنيه مصاريف وقتها حسيت بإحباط لأن ما كانش معايا المبلغ ده وكنت شغال ويتر في مطعم وكل مرتبي كان 600 جنيه ولكن رحمة ربنا إن الأمور اتحلت واستلفت الفلوس".

"الفقي" لم يكن يعرف الراحة منذ نعومة أظافرة ولم يكن طفلا مدللا كغيره، بل إنه بدأ يعمل مع أولى خطوات يخطوها في مرحلة الثانوية، فلم يكن يرى في ذلك شيئا يقلل منه، ولذلك لم يرَ في عمله بأحد الفنادق الشهيرة وهو يدرس بالجامعة عبئا، بل إن الطامة الكبرى التي أثقلت كاهله هو عندما كانت تنظم تلك الفنادق مؤتمرات وندوات لطلبة الجامعات ويحضر الطلبة وهم في أبهى صورهم، في حين أنه يقف على مقربة منهم يقدم لهم الخدمة.

لم يكن يحقد عليهم "الفقي" بل إنه تمنى لو أن الظروف ساعدته كما ساعدتهم، فكان يقف ينظر عليهم متمنيًا لو أن أحدا ساعده وأخذ بيده: "كان نفسي حد يعلمني ويفهمني زيهم أنا عندي الشغف والطاقة والرغبة بس مش عارف الطريقة ودي كانت أصعب حاجة وقتها، أنا كنت شخص عاوز حد يدله بس".

الصدفة التي قادت "الفقي" لأن ينطلق ويحقق طموحه جاءت من خلال شخص لم تجمعه به علاقة من قبل والذي أسدى إليه بعض النصائح ومنها زيارة أماكن بعينها لتنمية مهاراته وبالفعل توجه "فكري" إليها وبدأ يتعلم منها كل شيء، وعقب 6 أشهر فقط ترك العمل في الفندق وغيره من المهن الأخرى التي كانت تساعده لينفق على نفسه وبدأ في عمل خاص كان يجلب منه في اليوم الواحد 135 جنيها "ده كان نقلة كبيرة بالنسبة لي على فكرة".

لم يكتفِ "الفقي" بالعائد من العمل الجديد، بل قدم على أكثر من منحة وكلما أنجز منحة قدم على أخرى حتى وصل عددها إلى 12 منحة في مجالات مختلفة، وبعد فترة قدم مشروعا لطلبة الجامعات وخريجي الثانوية العامة الجدد وهي عبارة "كيفية إعداد خطة لمدة عام" وجاب مصر بأكملها وقدمها لأكثر من 33 ألف طالب، ووسط كل هذا كان "فكري" يجتاز سنوات الدراسة بكلية الآداب التي حصل فيها على تقدير عام مقبول.

التقدير الضئيل لم يشغل "الفقي" فهو كان ينجح بطريقة أخرى أرادها لنفسه، فهو كان محدد في الشيء الذي يريد النجاح فيه وبالفعل نجح وفي العام الذي حصل فيه على التقدير العام كرمه المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء آنذاك، ووزير التجارة والصناعة وحصل على أفضل خطة أعمال لعام 2015.

"أنا بدأت أكسب من المشروع وأنا لسه طالب في الجامعة وبالفعل كسبت منه فلوس حوالي 70 ألف جنيه، وبعد التخرج جالي بدل فرصة السفر فرصتين، لكن أنا بدأت المشروع بتاعي وهو عبارة عن استيراد منتجات وتسويقها وعملت شركة قبلوها في الأكاديمية البحرية من بين 200 شركة قدموا".

ويستكمل: "في النهاية أكتر حاجة اضحك علينا بيها هي صمم الثانوية العامة وكليات القمة الكلام ده غير حقيقي.. النجاح أصبح له معايير مختلفة مش الشهادة بس لكن اللي معاه مهارات أكثر ويقدر يوظفها في الوقت والمكان المناسب هو الأنجح".

نجح "فكري" في عام 2018، في المشاركة في برنامج تدريبي لأكثر من 400 سوري وسورية برعاية المفوضية لشؤون اللاجئين في مصر، رغم انشغاله بدراسة ماجستير إدارة الأعمال في نفس الوقت: "نقلت شركتي لمكان أكبر حاليا وبقى عندى اتنين websites لشغلي وإن شاء الله هعمل خطط 2020 وهبدأ أحضر محتوى محترم هقدمه للشباب اللي عايزين يبدأوا مشروع برأس مال 10 آلاف إن شاء الله".


مواضيع متعلقة