بروفايل: يوسف شريف رزق الله.. "العراب"

بروفايل: يوسف شريف رزق الله.. "العراب"
- يوسف شريف رزق الله
- وفاة يوسف شريف رزق الله
- مهرجان القاهرة السينمائى
- محراب السينما
- السينما
- العراب
- يوسف شريف رزق الله
- وفاة يوسف شريف رزق الله
- مهرجان القاهرة السينمائى
- محراب السينما
- السينما
- العراب
المشهد الأخير نوفمبر 2018، افتتاح الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة السينمائى، تصفيق يدوى لدقائق متواصلة فى فضاء القاعة الكبيرة بمجرد أن ينطلق اسمه، يقف الجميع تقديراً لكبيرهم الذى علمهم السينما، يقطع خطوات قليلة بجسده الضئيل الذى أنهكه المرض، يقف فى بؤرة الضوء للمرة الأولى، يتلقى قدراً كبيراً من المحبة يليق بأسطورة فى عالم السينما، يفتح ذراعيه على مصرعهما وكأنه يحتضن العالم بين ضفتيهما، لم يكن يعلم أحد أنه الوداع الأخير، حيث لم يمر سوى أشهر قليلة بعدها استطاع فيها المرض الذى قاومه لسنوات أن يغتال جسده، ليرحل يوسف شريف رزق الله عن عمر يناهز الـ77 عاماً، قضى ما يجاوز النصف قرن منها فى محراب السينما.
مشاهد كثيرة ستفقد معناها بغياب «رزق الله»، فلن تراه يتجول بين قاعات عرض الأفلام فى مهرجان القاهرة السينمائى، بشغف طفل فى العاشرة من عمره يكتشف السينما للمرة الأولى، لن يظهر على شاشة التليفزيون بطلَّته المميزة وصوته الرصين يفتح الباب للجمهور على عالم سينمائى ساحر، لن ترى اسمه يوقّع مقالاً أو قراءة نقدية يعطى القارئ أبجدية جديدة فى التعاطى مع الفن السابع بشكل أكثر عمقاً، لن تراه متنقلاً ما بين برلين وكان وفينيسيا يقص علينا أنباءها، لن تراه فى صور مع عدد من النقاد العرب، أو فى أروقة مهرجانات السينما العالمية برفقة محمد خان وأحمد زكى، لن تقرأ حوارات أدراها مع نجوم العالم بحرفية شديدة، لن يلعب دوراً جديداً فى إثراء الثقافة السينمائية، والمشاركة فى تأسيس جمعيات للسينما، كل تلك المشاهد ستفقد معناها برحيل «الأب الروحى».
5 سبتمبر من عام 1942، فى بقعة جغرافية مميزة تجمع أصالة العصر الملوكى ورقى مصر الملكية، فى حى غمرة العريق، أثناء الحرب العالمية الثانية، دوَّت الصرخات الأولى للطفل الوحيد فى عائلة «شريف رزق الله» الذى كان يعمل مترجماً، فى السنوات الأولى بدأ يتشكل وعى الطفل الصغير الذى كان يتردد على سينمات الظاهر، عماد الدين، والسكاكينى برفقة عائلته، وصل الاهتمام بالسينما إلى مرحلة أكثر عمقاً من المشاهدة، عندما كان على أعتاب الـ14، خصوصاً عندما وقعت تحت يديه لأول مرة مجلة تصدر باللغة الفرنسية باسم «راديو العالم»، ففتحت أمامه باباً جديداً على السينما، كانت دراسة السينما حلم حياته، ولكن مجموعه الكبير فى الثانوية العامة أرغمه على الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ولكنها لم تبعده عن معشوقته الأولى، وبعد تخرجه التحق للعمل بالتليفزيون عام 1967، لتبدأ رحلة مع فن السينما استمرت على مدار 50 عاماً مليئة بالإبداع والتفانى والشغف لن تنتهى حتى مع الرحيل، لأن صاحبها ترك إرثاً خالداً.