"ضعاف السمع".. رحلة طويلة للبحث عن العلاج

كتب: سارة صلاح

"ضعاف السمع".. رحلة طويلة للبحث عن العلاج

"ضعاف السمع".. رحلة طويلة للبحث عن العلاج

يعيش مرضى «ضعف السمع» معاناة كبيرة، تستمر معهم طوال الحياة، تبدأ بالانتظار لسنوات على قوائم مستشفيات التأمين الصحى، لإجراء عملية «زرع القوقعة» باهظة التكاليف، لعدم توفر الأجهزة، وبعد إجراء العملية يدخل المريض وأسرته فى دوامة توفير تكلفة شراء قطع غيار القوقعة، المعرضة للتلف باستمرار، وهى مرتفعة الثمن أيضاً، فضلاً عن تكاليف جلسات التخاطب للمرضى من الأطفال، حتى يتمكنوا من تحسين قدرتهم على النطق والكلام.

"الوطن" ترصد معاناة المرضى مع الروتين والطوابير والمصاريف

«الوطن» التقت بعدد من أهالى المرضى لتسجيل حكاياتهم مع روتين الإجراءات اللازمة لإجراء العمليات الجراحية، وطوابير الانتظار، ما يضطر بعضهم إلى السفر من محافظاتهم إلى القاهرة، يومياً ولمدة شهور، وربما يصل الأمر إلى نحو عامين.

كل من تحدثنا معهم لم يشتكوا فقط من تأخر إجراء العملية، لكنهم كشفوا عن مأساة كبيرة بعدها، حيث يدخلون فى دوامة نفقات استكمال العلاج وقطع الغيار، ما اضطر بعض الأسر إلى بيع كل ما تملكه للإنفاق على مرضاها، لذلك يطالبون الدولة بضرورة التدخل لحل مشكلة قوائم الانتظار، وتوفير قطع الغيار بأسعار تناسب إمكانياتهم.

"زرع القوقعة" بداية المعاناة.. وقطع الغيار وجلسات التخاطب "تكلفة عالية"

لا تنتهى معاناة ضعاف السمع بمجرد إجراء عملية زرع القوقعة، إنما ما يتبع العملية من أزمات يجعل المعاناة مستمرة طوال الحياة، وتتمثل هذه الأزمات فى ارتفاع سعر قطع الغيار الخاصة بالقوقعة، إذ يضطر المرضى إلى تغيير أجزاء منها بصفة مستمرة على نفقتهم الخاصة، لعدم خضوعها للتأمين الصحى، بالإضافة إلى جلسات التخاطب، التى يحتاجها الأطفال لتحسين النطق والكلام، الأمر الذى يدفع بعض الأسر إلى الاقتراض شهرياً لتغطى تكلفة هذه الجلسات، فيما تعانى أسر أخرى من رفض بعض المدارس قبول أبنائهم، حيث تعتبرهم من ذوى الاحتياجات الخاصة، ما يزيد من حجم المأساة.

"ابتسام": بعنا كل اللى حيلتنا وعايشين على البلاط عشان نعالج ولادنا الاتنين

بعد وضع مولودها الأول «جونى» بـ6 أشهر، اكتشفت «ابتسام أيوب»، 29 عاماً، إصابته بفقد السمع واحتياجه لإجراء عملية زرع قوقعة، ومن وقتها بدأت «ابتسام» رحلة معاناتها التى لم تنته بعد، إذ اضطرت حينها إلى ترك قريتها بمحافظة المنيا والقدوم إلى القاهرة لمتابعة حالة طفلها، بعدما أكد لها طبيبه المعالج أن نسبة نجاح العملية تتوقف على المتابعة المستمرة، تقول: «سيبنا عيشتنا هناك واتخلينا عن كل حاجة، كان هدفنا إن الولد يتعالج كويس، وكان صعب علينا نيجى كل يومين للقاهرة عشان نتابع مع الدكاترة». وبعد انتظار دام شهوراً طويلة تمكنت «ابتسام» من إجراء العملية لطفلها، وبدأت بعدها المرحلة الثانية من رحلة العلاج، التى اضطرت خلالها إلى بيع كل ما تملكه، لتوفير تكاليف مركز التخاطب، وقطع غيار الجهاز: «بعت كل حاجة عندى حتى الذهب عشان أعالجه، بس كنت بقول كله يهون عشان يسمع ويعرف يتكلم زى باقى الأطفال، وما صدقتش نفسى لما الدكاترة قالوا لى إنه بيتحسن».

لكن فرحتها لم تدم طويلاً، فبعدما وضعت مولودها الثانى، أخبرها الطبيب أنه يعانى أيضاً من ضعف سمع نتيجة زواجها من أحد أقاربها، ولم تتردد السيدة العشرينية فى الذهاب لمستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر لإنهاء الإجراءات اللازمة لعلاجه: «كانت صدمة كبيرة بالنسبة لى لأن ابنى الكبير لسه بعالجه ومصاريفه تقطم الضهر، واللى حيلتنا يا دوب يكفيه، وركّبنا سماعات للصغير لكن لما عملنا مقياس سمع بعد شهور الدكتور قال لى حالته مش بتتحسن ولازم عملية زرع قوقعة».

فى الوقت الذى كانت ابتسام تسعى فيه لإنهاء إجراءات عملية زرع القوقعة لطفلها الثانى، كانت تذهب بالطفل الأكبر 3 مرات أسبوعياً إلى أحد المراكز الخاصة ليخضع لجلسات التخاطب، التى تمثل تكلفتها حملاً ثقيلاً عليها: «جلسات المركز نوعين، الأولى فردية زى الدرس الخصوصى وسعرها 50 جنيه، والتانية جماعية مع أطفال ضعاف سمع، يعنى محتاجة شهرياً لكل طفل 400 جنيه لجلسات التخاطب عشان يتحسن نطقهم، الأسعار غالية جداً ومفيش حد بيدعمنا، وفيه حاجة اسمها برمجة بتتعمل للجهاز كل شهور عشان تحسن السمع للطفل، لكن أنا ما بقدرش اعملها غير مرة كل سنة لأنها بتكلف الطفل الواحد 1000 جنيه».

لم تقف حدود معاناة ابتسام عند تكلفة العلاج فقط، لكن المشكلة الأكبر تمثلت فى رفض المدارس الحكومية لاستقبال ابنيها واعتبارهما من ذوى الاحتياجات الخاصة، رغم أن حالتهما الصحية مستقرة الآن، ما دفعها إلى تعليمهما بالمنزل والاكتفاء بذهابهما للمدرسة وقت الامتحانات: «قالوا لى أروح مدرسة للصم والبكم مع إن ولادى بيسمعوا كويس، وبعد ما اتحايلنا على الإدارات التعليمية فى مدرسة قبلتهم بس بيروحوا على الامتحانات بس، فاضطريت أديهم دروس على حسابى عشان يقدروا ينجحوا».

اضطرت «ابتسام» التى تعمل ممرضة بأحد المستشفيات الخاصة إلى بيع كل ما تملكه فى شقتها لمساعدة زوجها فى الإنفاق على علاج طفليها بعدما أصبح راتبه لا يكفيهما: «إحنا عايشين على البلاط، كل الأجهزة اللى حيلتى بعتها، والجمعيات الخيرية والكنيسة بيساعدونى بس مفيش أى فلوس بتكفى، ده أنا كل شهر لازم أغير قطعة غيار بحوالى 3000 جنيه».

"سارة": لو الجهاز عطل حياتى كلها بتقف والتكاليف مرتفعة جداً

قبل عامين، بدأت «سارة. م»، 32 عاماً، رحلة علاجها بعد إصابتها بضعف سمع شديد نتيجة لعوامل وراثية، حيث اضطرت فى بداية الأمر إلى تركيب سماعات على أمل أن تحسن السمع لديها، لكن حالتها كانت تزداد سوءاً، ما دفعها إلى إجراء عملية زرع قوقعة فى أحد مستشفيات التأمين الصحى، لتبدأ رحلة أخرى من المعاناة: «ركبت سماعات فى الأول لكن السمع ماكانش بيتحسن، وكنت فاكرة إنى لما هعمل العملية هرتاح، لكن للأسف اتكتب عليا أعيش عمرى كله فى تعب ورعب لأن لو الجهاز تعطل فى أى وقت مش هسمع حاجة، وطبعاً ده بيأثر على حياتى ومع ولادى».

تنقسم القوقعة التى يتم تركبيها لضعاف السمع إلى جزأين، أحدهما يُزرع داخل الرأس أثناء العملية وآخر خارجى يسمى «المبرمج» يتم تركبيه بعدها بـ4 أسابيع ويشبه إلى حد ما سماعة الأذن، ويتم شحنه من خلال بطاريات كهربائية أو عادية كالمستخدمة فى الساعات، لكن مع كثرة خلعه وتركيبه يتعرض للتلف، ما يجبر «سارة» على شرائه مرة أخرى على نفقتها الخاصة رغم ارتفاع تكلفته، إذ يتخطى سعره الـ4 آلاف جنيه: «لازم يكون عندى 4 بطاريات فى البيت، لأن كل بطارية بتقعد 7 ساعات شغالة وبعدها بتفصل، وطبعاً ده جهاز حساس جداً ودقيق، ومع فكه وتركيبه بيبوظ منى وبضطر اشترى غيره».

تشكو السيدة الثلاثينية من ارتفاع أسعار قطع الغيار الخاصة بجهازها، والتى تختلف صلاحيتها من قطعة لأخرى، إذ تحتاج إلى تغيير «الكابل» الذى يصل بين الجزء الخارجى والداخلى سنوياً، مشيرة إلى أن سعره ارتفع مؤخراً إلى 3500 جنيه، فيما يصل سعر الميكروفون لـ90 ألف جنيه، الأمر الذى يدفعها فى بعض الأحيان إلى الاقتراض حتى تتمكن من شراء قطع الغيار مرة أخرى: «كل شهر لازم بحاول أشيل مبلغ احتياطى عشان لو حصل أى عطل أقدر أتصرف، لكن بييجى عليا وقت ومصاريف ولادى بتخلينى مقدرش على ده، ومش عارفه المفروض نجيب فلوس منين لكل ده».

مواقف عديدة تعرضت لها «سارة» منذ إجرائها العملية كانت عائقاً أمام ممارستها حياتها اليومية، حيث تعطلت بطارية الجهاز أكثر من مرة خلال فترة قليلة، كان من بينها مرتان أثناء الضمان وقامت بتبديلها، ومرة أخرى حين تعطل الجهاز ما اضطرها إلى تحمل التكلفة وانتظار مدة طويلة حتى تمكنت من إصلاحه: «لما الجهاز باظ حياتى كلها وقفت، ماكنتش بسمع نهائى، وبعتمد على حركة الشفايف عشان أفهم اللى حواليا، وطبعاً ده أثر على حالتى النفسية، بس هعمل إيه مفيش فى إيدى أى حل لأن التأمين مجرد ما يعمل للمريض العملية مش بيكون مسئول عن أى حاجة تانية».

"سامح": الشركات كل شهر ترفع أسعار قطع الغيار ولما نسأل ليه يقولوا لنا "بسبب الدولار" ونتمنى الريس يتدخل لتوفيرها لنا بأسعار بسيطة

سامح محمد، 34 سنة، يمر بذات المعاناة: «كنت فاكر إنى لما أعمل لابنى العملية هرتاح لكن دى كانت بداية تعبنا، إحنا عملنا العملية من 9 سنين، بعد انتظار استمر أكتر من عامين، ما تسبب فى ضعف سمعه وتأخره فى النطق والكلام، وبعد ما عملناها بدأنا رحلة العلاج فى مراكز التخاطب، بحتاج شهرياً ضعف مرتبى عشان أقدر أعالجه، جلسة التخاطب لوحدها بدفع لها 50 جنيه، ده غير الدروس اللى بياخدها عشان أعلمه القراءة والكتابة، ومابقاش معايا أى فلوس لولادى التانيين».

ويوضح «سامح» أن دور مستشفى التأمين الصحى ينتهى بمجرد إجراء العملية للطفل وتركيب الجهاز له، وبعدها يضطر ولى الأمر لتحمل تكلفة صيانة الجهاز إذا تعطل، وشراء قطع الغيار على نفقته الخاصة، رغم ارتفاع تكلفها، لأن أغلبها يتم استيراده من الخارج.

ويقول: «عيالنا حياتهم متعلقة على السماعة دى، وللأسف التأمين بيعمل لهم العملية ويسيبنا بعدها نعانى لما تحصل أى مشكلة فى الجهاز، وإحنا ناس على قد حالنا هنجيب منين كل شهر آلاف عشان نصلح الجهاز»، مطالباً الدولة بضرورة رفع الجمارك على الأجهزة التعويضية، حتى يتم خفض سعرها ويتمكن الفقراء من شرائها لأولادهم، بجانب فرض رقابة على الشركات المستوردة التى ترفع أسعار قطع الغيار شهرياً دون مبرر واضح. وأضاف: «إحنا لما بنسأل الشركة فى مصر عن سبب رفع سعر قطعة الغيار بيكون ردهم عشان الدولار والجمارك، طيب ليه الدولة بتفرض جمارك على جهاز تعويضى لطفل عامل عملية ومحتاجه، نفسنا الرئيس يتدخل وزى ما بنعمل العملية مجاناً يوفروا لينا قطع غيار بأسعار بسيطة لأنى مبقدرش على تمنها».

يحتاج الجهاز الخارجى للقوقعة «المبرمج» إلى تحديث كل 10 سنوات، وفقاً لكلام «سامح» الذى أكد أن الشركة المنتجة له تتوقف عن إصدار أى قطع غيار جديدة بعد تلك المدة، ما يضطرهم إلى تحديثه على نفقتهم الخاصة تجنباً لتعرض الجهاز لعطل مفاجئ يؤثر على حياة طفله من ناحية ولضمان وصول الأصوات بشكل جيد له من ناحية أخرى: «الجهاز بيعطل كل شوية، والدكتور قال لى إن الجهاز هيحتاج يتحدث لأن الموديل الخارجى إنتاجه توقف وبالتالى مش هتلاقى قطع غيار ليه، مش عارف هجيب فلوسه منين».

غلابة أمام "عيادة السمعيات": "اسمعونا.. ولادنا صحتهم بتدهور"

 

 

«عبده»: بقالهم سنتين بيقولوا لى لسه دور ابنك ماجاش.. و«ماهر»: اكتشفنا إصابة ابنى متأخر والمستشفيات رافضة تقبله بحجة إن «سنه كبر»

 

على أحد المقاعد الخشبية بمستشفى «مدينة نصر للتأمين الصحى»، جلست «أم منة»، 29 عاماً، من الفيوم، تمسك فى يدها «كيس بلاستيك» يمتلئ بالأوراق الخاصة بحالة ابنتها الصحية، وقالت وهى تنتظر دورها للدخول إلى عيادة «السمعيات»، إنها لاحظت على طفلتها بعدما أتمت شهورها الـ6 الأولى، أنها لا تنتبه لما تقوله ولا تدرك ما يحدث حولها، موضحة أن الأمر أثار قلقها، لكن بقية أفراد الأسرة طمأنوها وقالوا إنها ما زالت صغيرة.

وأضافت: «بعد مرور 3 شهور ظل وضعها كما هو، فذهبت بها إلى أحد المستشفيات الحكومية وفوجئت بأنها تعانى من ضعف شديد فى حاسة السمع، وتحتاج لتركيب سماعة أذن»، مؤكدة: «اشتريت السماعة على حسابى وبقيت أتابع مع الدكتور على أمل إن سمعها يتحسن، لكن بعد مرور عامين ساءت حالتها أكثر، وتراجعت قوة السمع إلى 10% فقط». لم يكن أمام «أم منة» حل سوى إجراء عملية «زرع قوقعة» لطفلتها بعدما ساءت حالتها، لكن ارتفاع تكلفة العملية حال دون ذلك، حيث يتخطى سعرها 250 ألف جنيه، لكن الطبيب المعالج نصحها بالمتابعة مع التأمين الصحى لإجرائها مجاناً «سمعت كلامه وذهبت لمستشفى الفيوم للتأمين الصحى، لكنهم حولونى على القاهرة، بعد ما كشفوا على الطفلة».

"أم منة": بسافر من الفيوم لمدينة نصر يومياً من 4 شهور ولسه منتظرين العرض على اللجنة

وأضافت: «فى الفيوم قالوا لى النوع ده من العمليات بيتعمل فى مستشفى مدينة نصر، وبقالى 4 شهور باجى المشوار ده كل يوم عشان أعمل الورق المطلوب، وبعد كل ده بيقولوا لى هيعرضوها على لجنة، وهيه اللى تحدد إن كانت هتعمل العملية ولا لأ، ولما قلت للدكتور أنها ما بتسمعش خالص قال لى لازم تستنى الدور». خطوات كثيرة اضطرت «أم منة» لإنجازها داخل المستشفى، حتى تتمكن من الحصول على موافقة لإجراء العملية لابنتها، من بينها إجراء رسم مخ، واختبار ذكاء، وانبعاث صوتى، ومقياس سمع عادى وكمبيوتر، بجانب 24 جلسة تخاطب، وهو الأمر الذى يزيد من معاناتها، لأنه «لابد من إجراء العملية فى أسرع وقت، حتى تتمكن الطفلة من نطق الكلام، والإجراءات هنا روتينية ومملة، بنتى بقى عندها سنتين ونص ولحد دلوقتى ما بتقولش كلمة على بعضها بسبب مشكلة سمعها، وكل الدكاترة قالت لى إن الوقت بيفرق معاها لكن محدش حاسس بالمعاناة اللى إحنا فيها». ليست «أم منة» وحدها، التى تعيش مثل هذه المأساة، فهناك العشرات من أولياء الأمور، الذين ينتظرون منذ سنوات أن يخرجوا من مرحلة قوائم الانتظار بمستشفيات التأمين الصحى إلى مرحلة إجراء العملية، ومن بينهم «إيمان عبدالحميد»، التى اكتشفت إصابة ابنها بضعف سمع، منذ 3 سنوات.

الطبيب حول «إيمان» إلى مستشفى التأمين الصحى بالمنصورة، لبدء إجراءات علاج الطفل، الذى كان يبلغ من العمر وقتها 11 شهراً، فركبوا له سماعة إلكترونية، لكنها لم تحقق نتائج مرضية، فتم تحويله إلى لجنة بالتأمين لزراعة القوقعة، موضحة «ركّب سماعات وهو عنده 11 شهر، وبعدها بـ3 شهور ركب سماعة تانية ما زال لحد دلوقتى بيلبسها مع إن مفيش أى تحسن، والدكاترة قالوا لنا إن البديل ليها العملية يا أما هيفضل طول عمره أصم».

"إيمان": بقالى سنة مستنية

سعت «إيمان» لإنهاء جميع الأوراق، التى طلبها منها الطبيب لإجراء العملية لابنها، وظلت لمدة 7 أشهر تتردد على المستشفى يومياً، لإجراء الفحوصات اللازمة، لكنها فوجئت بعد ذلك برفض اللجنة إجراء العملية، بحجة أن حالة السمع لدى الطفل مستقرة «عملت كل جلسات التخاطب ومقياس السمع وكشفوا عليه نفسية وعصبية، وبعد كل ده قالوا لى مش هنعمل العملية لأنه بيسمع بالسماعة، ولما قلت لهم إنه مش بيسمع طلبوا منى مقياس سمع تانى، وبعد شهرين أخدت الموافقة، وبقالى أكتر من سنة مستنية دورى عشان أعملها له».

لم يختلف الوضع كثيراً بالنسبة لـ«أحمد عبده»، 35 عاماً، الذى اكتشف إصابة ابنه بضعف السمع فى طفولته، ما دفعه إلى التردد على أكثر من طبيب لعلاج الطفل، لكن كل محاولاته انتهت بالفشل، بعدما أجمع أغلب الأطباء على ضرورة تركيب سماعات له، لكنها لم تأتِ بنتيجة «كنت دايماً لما بانادى عليه ألاقيه مش بيركز معايا، ولما تابعته حسيت إنه مش بيسمع كويس، رحت لأكتر من دكتور قالوا لى لازم سماعات، اشتريتها بـ20 ألف جنيه، لكن ماجابتش نتيجة، وبعدها سمعت عن عملية الزرع، رحت التأمين، حجزت مكان، وبقالى سنتين مستنى دوره».

"عبده": بقالهم سنتين بيقولوا لى لسه دور ابنك ماجاش

ولفت إلى أن تأخر علاج الطفل تسبب فى مشكلات كثيرة له، من بينها تأخر النطق والفهم لديه، ما اضطره إلى الذهاب به إلى أحد مراكز التخاطب الخاصة، مؤكداً «أذهب أسبوعياً لمستشفى التأمين الصحى بالمنصورة، للاستفسار عند موعد إجراء العملية لكن لا أجد منهم سوى رد واحد، يقولون لى أجهزة القوقعة لسه ماجتش، لما توصل ويكون الدور عليك هنكلمك قبلها». حاول الأب كثيراً إيجاد حل لعلاج طفله بدلاً من الانتظار على قوائم التأمين الصحى، فقدم أوراقه لأكثر من جمعية خيرية على أمل مساعدته فى جمع ثمن القوقعة وإجرائها، لكن بسبب تكلفتها الباهظة لم يساعده أحد.

أما «ماهر. م»، 33 عاماً، فلديه حكاية أخرى، حيث اكتشف إصابة ابنه متأخراً، اعتقاداً منه أن تأخر فى النطق لأن «لسانه مربوط»، كما أكد له الطبيب فى بداية الأمر، لكن بعد فترة من الخضوع لجلسات التخاطب لم تتحسن حالته، فطلب منه الطبيب إجراء مقياس سمع، وهنا اكتشف «ماهر» إصابة طفله بضعف السمع، وكان عمره قد تجاوز الـ5 سنوات «لما كنت بنادى عليه كان بيسمعنى لكنه ماكنش بينطق خالص، لما عرفت أنه عنده مشكلة فى السمع، ركبنا ليه سماعات لكن ما سمعش بيها خالص، وقالوا لى لازم عملية».

"ماهر": اكتشفنا إصابة ابنى متأخر والمستشفيات رافضة تقبله بحجة إن "سنه كبر"

توجه «ماهر» إلى مستشفى التأمين الصحى بمحافظة كفر الشيخ، لمعرفة الإجراءات اللازمة لإجراء العملية مجاناً، لكنه فوجئ برفض المستشفى لطفله بسبب كبر سنه «قالوا لى اعملها على حسابك لأن ابنك تخطى السن اللى إحنا محددينه»، وبعد محاولات عديدة مع إدارة المستشفى لقبول الطفل، تم تحويله إلى مستشفى الطلبة بالإسكندرية لمتابعة الحالة، ثم تحديد إمكانية إجراء العملية داخل المستشفى أم لا.

وأضاف «بقالى 7 شهور بحاول مع المستشفيات عشان أعمل لابنى العملية مجاناً، ولما جيت إسكندرية طلبوا منى أعمل فحوصات ونفسى بعد ده كله يقبلوه لأنى مش هقدر على تكلفتها لوحدى».


مواضيع متعلقة