تحريك أسعار الوقود.. الدولة تصوّب خلل منظومة العدالة وتوفر مليارات لدعم الفقراء

تحريك أسعار الوقود.. الدولة تصوّب خلل منظومة العدالة وتوفر مليارات لدعم الفقراء

تحريك أسعار الوقود.. الدولة تصوّب خلل منظومة العدالة وتوفر مليارات لدعم الفقراء

قامت وزارة المالية، صباح الجمعة الماضى، بتحريك أسعار المحروقات للمرة الخامسة منذ يونيو 2014، وذلك فى إطار خطة الإصلاح الاقتصادى التى تتبعها الدولة، والتى تهدف إلى رفع الدعم نهائياً على أسعار المحروقات وربطها بالأسعار العالمية قبل عام 2020، وذلك بعد أن كلفت الدولة نحو 449.8 مليار جنيه لدعم المواد البترولية فقط خلال آخر خمس سنوات، الأمر الذى أثر بشكل سلبى على مخصصات البنود المهمة الأخرى مثل التعليم والصحة وبرامج العدالة الاجتماعية.

وتراوحت معدلات الزيادات الجديدة فى أسعار الوقود بين 16 و30٪، حيث ارتفع البنزين 80 أوكتين بـ22.7% ليصل إلى 6.75 جنيه مقابل 5.5 جنيه، فيما ارتفع بنزين 92 أوكتين بـ18.5% ليصل إلى 8 جنيهات مقابل 6.75 جنيه، والبنزين 95 أوكتين بـ16.1% ليصل سعره الجديد إلى 9 جنيهات مقابل 7.75 جنيه، وارتفع سعر السولار بـ22.7% ليصل إلى 6.75 جنيه مقابل 5.5 جنيه، وغاز السيارات بـ27.2% ليصل المتر المكعب إلى 3.5 جنيه مقابل 2.75 جنيه، أما عن أسطوانات الغاز المنزلى فارتفعت بـ30% لتصل إلى 65 جنيهاً مقابل 50 جنيهاً، والأسطوانات التجارية شهدت زيادة بـ18.1% لتصل إلى 130 جنيهاً مقابل 110 جنيهات.

وتُعد الزيادة الأخيرة هى الأقل مقارنة بالمرات الأربع الأخيرة، حيث جاءت الزيادة الأولى فى يوليو 2014 بتحريك أسعار البنزين بمتوسط 50% بعد خفض الدولة لمخصصات دعم الطاقة بنحو 40 مليار جنيه، فيما جاءت الزيادة الثانية فى نوفمبر 2016 بنسب تراوحت بين 30 و47%، أما الزيادة الثالثة وطبقت فى يونيو 2017 بنسبة فتجاوزت 50%، والزيادة الرابعة فى يونيو 2018 بنحو 67%.

وبالنظر لمؤشر pricespetrolglobal العالمى، سنجد أن مصر تحتل المركز العاشر دولياً من حيث الأرخص فى متوسط أسعار البنزين وفقاً لبيانات الشهر الجارى، والتى قُدرت بـ0.46 دولار مقابل 1.11 دولار متوسط سعر عالمى، كما تحتل المرتبة الرابعة عربياً وأفريقياً على حد سواء، لتسبق بذلك كبار منتجى البترول عالمياً مثل السعودية التى تحتل المرتبة 21 والإمارات وقطر والعراق الذين يحتلون مراتب تالية فى التصنيف.

وتأتى هذه الزيادات المتتالية التى بدأت فى يونيو 2014، بهدف إصلاح منظومة الدعم التى شهدت تشوهات كبيرة خلال العقود الماضية، حيث إن السياسات التى اتبعتها الدولة على مدار السنوات الماضية فى هذا الصدد كانت تصب فى مصلحة غير المستحقين على حساب المستحقين.

مصر "العاشر عالمياً" فى التصنيف الدولى لـ"الأرخص فى متوسط أسعار البنزين".. وتحتل المرتبة الرابعة عربياً وأفريقياً

فإذا قمنا بحساب التكلفة التى تتحملها الدولة لدعم استهلاك البنزين لسيارة واحدة تستخدم بنزين 92 أوكتين خلال عام سنجد أن الدولة قبل الزيادة الأخيرة كانت تدعم لتر البنزين من هذا النوع بـ1.25 جنيه، أى نحو 50 جنيهاً فى التفويلة الواحدة التى تسع 40 لتراً، ليصل متوسط الدعم فى الشهر إذا ما قام مالك السيارة بتفويلها أربع مرات شهرياً إلى 200 جنيه، وهو ما يساوى نحو 2400 جنيه سنوياً، علماً بأن مصر تمتلك نحو 7 ملايين سيارة ملاكى مرخصة وفقاً لأحدث إحصائية لإدارة المرور، يُقدر متوسط مستخدمى بنزين 92 أوكتين بـ85% تقريباً، وبالتالى يُقدر عبء الدولة على هذا النوع من البنزين فقط بـ14.28 مليار جنيه سنوياً، ويُقاس على ذلك السيارات الفارهة التى تستخدم بنزين 95 أوكتين أو أوتوبيسات المدارس والجامعات الدولية والخاصة التى تتحصل على آلاف الجنيهات من الطلاب لتقديم خدمة التوصيل لهم، وفى المقابل تكلف الموازنة العامة ضغوطاً إضافية بحصولها على الدعم.

أما عن السولار، الذى يُعد الأكثر استخداماً فى مصر، سواء فى معظم وسائل النقل والمصانع ومولدات الطاقة والماكينات الزراعية، فيُعتبر سعره فى مصر من أرخص الأسعار فى الدول العربية، حيث تتحمل الدولة فاتورة بنحو 40.112 مليار جنيه لدعم السولار فقط، وتتعامل مع تحريك أسعاره بشكل حذر نظراً لتأثيره المباشر على المواطن المصرى، وهو ما دفع الدولة لاتخاذ مجموعة من الإجراءات لمجابهة الزيادة المتوقعة فى أسعاره وتخفيف الأعباء عن المواطنين.

حيث قامت الحكومة بزيادة معامل التكرير لسد الفجوة الاستيرادية من خلال تنفيذ 6 مشروعات كبرى باستثمارات حوالى 9 مليارات دولار، وإطلاق برنامج إدارة المخاطر المالية للمنتجات البترولية.

كما تقوم الدولة باستكمال تحويل المنشآت الصناعية لاستخدام الغاز الطبيعى، خاصة مع وصول إنتاج حقل ظهر إلى 2.3 مليار قدم مكعب يومياً، مستهدفة إضافة نحو مليار قدم مكعب غاز يومياً إلى الإنتاج الحالى للحقل لتصل معدلات الإنتاج القصوى منه إلى أكثر من 3 مليارات قدم مكعب غاز يومياً خلال عام 2019، بالإضافة إلى استخدام آلية التحوط ضد ارتفاع الأسعار من خلال لجان تفتيش ومتابعة دورية لأسعار السلع المختلفة.

الحكومة توفر 27 مليار جنيه من دعم المواد البترولية وتستخدمها فى زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والأجور والمعاشات بمعدلات 11: 58%

ومن المقرر أن يتم توجيه نحو 27 مليار جنيه توفرها الدولة فى موازنة العام الجديد 2019/2020 عن طريق خفض مخصصات دعم المواد البترولية من 83 مليار جنيه فى موازنة العام الماضى لتصل إلى 56 مليار جنيه خلال العام الجارى، إلى مخصصات التعليم والصحة وبرامج الحماية الاجتماعية، حيث تستهدف الدولة فى موازنة العام الجديد زيادة الأجور وتعويضات العاملين بنسبة 11.5% لتصل إلى 301 مليار جنيه، بجانب زيادة مخصصات قطاع التعليم قبل الجامعى بنسبة 24%، وزيادة مخصصات التعليم العالى بـ58%، فضلاً عن زيادة القيمة المخصصة للبحث العلمى إلى 2 مليار جنيه.

كما تستهدف الدولة فى الموازنة الجديدة ترشيد الإنفاق العام وتحقيق مستهدفات خفض واستدامة مؤشرات المالية العامة بالتوازى مع دفع عجلة النشاط الاقتصادى، ويأتى ذلك عن طريق زيادة إيرادات الموازنة الجديدة إلى 1.1 تريليون جنيه مقابل 989 مليار جنيه فى العام الماضى، وهو ما سيحدث من خلال زيادة معدل النمو فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 6.5%، وخفض العجز الكلى ليصل إلى 7.2% من الناتج المحلى، مقابل 8.4% خلال 2018/2019.

وتظهر ثمار هذه المجهودات عند ضبط معدلات النمو السكانى فى حدود 2.3% خلال العام الجارى مقارنة بـ2.5% فى 2018/2019.


مواضيع متعلقة