"الوطن" في مدينة البعوث.. 10 شاشات لطلبة الأزهر الأجانب لمتابعة البطولة

كتب: حسين عوض الله ونهال سليمان

"الوطن" في مدينة البعوث.. 10 شاشات لطلبة الأزهر الأجانب لمتابعة البطولة

"الوطن" في مدينة البعوث.. 10 شاشات لطلبة الأزهر الأجانب لمتابعة البطولة

كعادة الساحرة المستديرة، تجمع محبيها حولها دون الالتفات إلى جنسية أو عرق أو لون أو نوع، كان ذلك هو الحال أيضا في مدينة البعوث الإسلامية المخصصة لاستقبال طلاب الأزهر من مختلف دول العالم، وتجمع تحت سقف واحد ما يزيد على 112 جنسية بأعمار مختلفة، طلاب جمعتهم سمرة البشرة وحبهم للغة العربية وحرصهم على إتقانها، لتختلف وجهاتهم مرة أخرى ظهر كل يوم منذ بداية كأس الأمم الأفريقية التي تستضيفها مصر هذا العام، كل منهم يشجع منتخب بلاده أو منتخبه المفضل بطريقته الخاصة.

"الوطن" قضت يوما من أيام البطولة وسط الطلاب لتعايش الأجواء وروح الأخوة التي تسود بينهم في ظل حماس التشجيع، ولرصد الخدمات المقدمة لهم داخل المدينة، حيث يجتمع الطلاب ذوي نفس الجنسية قبل مباريات منتخباتهم بساعات أمام باب المدينة استعدادا للذهاب إلى الاستاد لمساندة منتخبهم، والبعض الأخر يفضل مشاهدتها داخل المدينة حيث تم توفير عدد من الشاشات لمشاهدة كافة مباريات البطولة. 

أنيانغ السنغالي: لا نتمنى مقابلة مصر إلا في النهائي

ممسكًا بفرشاته وقنينة لون أصفر، ووجه مبتسم يبدأ في رسم علم السنغال لكل من يريد حتى لو لم يكن سنغاليا، "خادم أنيانغ" الطالب السنغالي الملتحق بالثانوية الأزهرية، يقول: "عملنا لجنة للتنظيم ولجنة للخدمة وأخرى للتواصل، وأنا في لجنة الألوان اللي تبع لجنة التنظيم، اتحاد الكورة السنغالي وفر لنا 500 تذكرة، بنتجمع هنا الساعة 1 وننطلق من هنا الساعة 3 إلى الملعب في حوالي 8 أتوبيسات". 

بينما مبارايات المنتخبات الأخري غير السنغال، يشاهدها "أنيانغ"  في ساحات المشاهدة الموجودة في المدينة: "نجلس جميع الجنسيات في مكان واحد لمشاهدة المباريات كأننا في الاستاد، أول مرة أشاهد الأمم الأفريقية هنا، وفرحان جدا إننا بنشوف جنسيات كتير، وأتمنى أن لا نقابل مصر إلا في المباراة النهائية".

ويجلس بجوار "أنيانغ" أحمد مختار وهو الآخر من السنغال، طالب كلية هندسة الأزهر: "بنلون أي حد عايز يعمل علم السنغال، وفرحت جدا أول ما عرفت إن مصر هتنظم البطولة.. فرصة أشجع بلادي وأنا هنا، وبشجع مصر في المباريات التانية  داخل المدينة".

طلاب الأزهر الأفارقة: المدينة وفرت قاعات وساحات بتعرض الماتش.. بنذاكر ونروح نتفرج من غير تضييع وقت

في نفس اليوم كانت المباراة الثالثة لمنتخب تانزانيا أمام كينيا، فحضَّر الطلاب "زيْط المنتخب، ووقفوا ينفخون في آلة الزمر ويصيحون بهتاف بلادهم، حتى جاء موعد الانتقال بالراحلة إلى الاستاد، وقال إلياس موسى، من تنزانيا، والذي يدرس بكلية الدعوة الإسلامية: "كل الطلبة الموجودين في البعوث بيتجمعوا أمام المدينة ونركب الأتوبيس إلى الاستاد ونتقابل مع باقي الجمهور القادم من تانزانيا.. لكن لو مفيش مباراة لتانزانيا بنتفرج في المدينة.. توجد 4 قاعات وشاشات كبيرة، ومفيش زحمة وبنروح نتفرج على أي ماتش علشان دي بطولتنا "بطولة أفريقيا".

ويفضل إلياس مشاهدة المباريات في مدينة البعوث عن المقاهي والنوادي الخارجية، حيث يرى أن المدينة توفر عليه الوقت: "ماعنديش وقت أروح مكان تاني، هنا قريب من القاعة، ممكن أذاكر وأروح القاعة اتفرج وارجع سكني تاني".

 

حركة مستمرة تشهدها بوابات مدينة البعوث الإسلامية وألوان أعلام تتغير بحسب مبارايات كل يوم، وذلك منذ الساعة الواحدة، ليقف بعضهم يعزفون على الطبول ويغني أقرانهم صيحات هتافية، وتظل تلك الحركة بألوان الأعلام المبهجة دائرة حتى تدق الساعة الثالثة، لتظهر في المشهد "الأتوبيسات" التي تقف أمام مدينة الطلبة وبالقرب من مدينة البعوث للطالبات، فيبدأ عمل لجنة التنظيم، فيصطف الطلاب وكذلك ضيوفهم الغير منتمين لجامعة الأزهر ثم يبدأون في الدخول واحدًا تلو الآخر في طريقهم إلى مشاهدة مباريات بلادهم في الاستاد.

رئيس قطاع مدن البعوث وفرنا 10 شاشات و5 قاعات لمشاهدة كافة مباريات البطولة.. ومتابعة يومية وحل فوري لأي مشكلة

بعد أن يغادر مشجعي المباراة المبكرة يعود الهدوء مرة أخرى للمدينة، فبعض الطلاب فضل النوم ساعات القيلولة والآخر يذاكر دروسه استعدادا لامتحان الغد وادخارا للوقت، حتى يتمكن من مشاهدة مباريات اليوم كما يحب وأين يشاء، حيث وفر القائمين على المدينة عددا من القاعات التلفزيونية لمشاهدة كافة مباريات البطولة "3 قاعات تلفزيونية وشاشتين بمكان مكشوف للطلاب، قاعة خاصة بالأئمة، قاعتين داخل مدينة البنات وشاشتين في مكان مكشوف أيضا للبنات بمدينتهم" بحسب اللواء إبراهيم الجارحي رئيس قطاع مدن البعوث الإسلامية.

وقال الجارحي: "المدينة بها 112 جنسية من الطلاب الوافدين أغلبهم أفارقة نحرص على مشاركتهم المناسبات المختلفة، بناء على توجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وحرصا منه على رعاية واحتضان أبنائه الوافدين وخاصة الأفارقة". 

وأكد "الجارحي" أن هناك مجموعة تشرف على القاعات وتستطلع رأي الطلبة لحل أي مشكلة على الفور، مشيرا إلى أن عددا من السفارات توفر لطلابها تذاكر لمباريات بلادهم وتتولي عملية وصولهم إلي الاستاد ورجوعهم للمدينة بسلام.

الرابعة والنصف عصرا، انطلقت مباراة منتخب مدغشقر وبوروندي، فضلنا الذهاب لقاعة التلفزيون رقم 1 الواقعة بالمبني رقم 21، بالمدخل يتم وضع جدول بمباريات اليوم وبالداخل كان العدد مكتمل، فتجد طالب من السودان، بجواره آخر من نيجيريا وآخر من بنين والكونغو وعدة دول أفريقية لا يستطيع أحد التفرقه بينهم، تشعر بأنك وسط أسرة واحدة يسود بينهم الود والإخاء، كلا منهم يشجع فريقه بحماس وأخلاق دون أن يضايق الآخر.

حماس واضح وصيحات تعلو، وأغلب الوقت لا تعلم أي فريق يشجعون، معظمهم لا يلعب منتخب بلاده، فجاؤوا بعشق الكرة يشجعون "اللعبة الحلوة"، في الدقيقة 75 جاء هدف الفوز لمنتخب مدغشقر، فكان التصفيق حارًا من الجميع.

الساعة السابعة موعد انطلاق ثاني وأهم مباريات اليوم بين منتخب السنغال والجزائر، ومع حلول الليل كانت مشاهدة المباريات في الساحات المفتوحة في حدائق المدينة ممكنًا وأفضل، ففي الهواء الطلق يجلس الطلاب، ممن لم يذهبوا إلى الاستاد،  أمام شاشة عرض كبيرة وتتعالي صيحاتهم، وتختفي انتماءاتهم، فمعظم من يشاهدون المبارايات في قاعات المدينة سواء المفتوحة أو المغلقة، تكون منتخباتهم ليست ضمن المتنافسون، لذا فهم يشجعون ليس بحثا عن مكسب ولكن لحب كرة القدم.

  "الجو في المدينة ممتع ومفيش الحاجات اللي بتحصل برة في القهوة زي واحد بيدخن سجاير قدامي مثلا وواحد بيشرب شيشة ورايا ونسمع ألفاظ بذيئة"، تلك كانت أسباب طالب كلية أصول الدين التنزاني، حسين ياسين، والتي تجعله يشاهد في القاعات، وأضاف: "المشاهدة ممتعة ونحن مسرورون بهذا ونشكر شيخ الأزهر".

دراسة إبراهيم جبريل، الطالب النيجيري بكلية الإعلام بالأزهر، وقفت عائقا أمام الذهاب إلى الاستاد أو مشاهدة المباريات في المقاهي بالخارج، حيث لم تنتهِ اختبارات نهاية العام، لذلك كانت شاشات العرض بالمدينة فرصة جيدة له كي يتابع الرياضة التي يفضلها: "لو بذاكر في غرفتي وعندي امتحان قاعات التليفزيون جنبي أروح اتفرج وأرجع على طول أكمل مذاكرة".

الغيني عبدالكريم سوما، طالب معهد الدراسات الخاصة، قال: "ليست مجاملة، تنظيم البطولة بهذا الشكل الرائع صدر للعالم كافة الصورة الحقيقية التي تستحقها مصر، بداية من الملاعب والتنظيم وخدمات الجماهير وحفل الافتتاح".

طالبات الأزهر الأفارقة في مدينة البعوث: لو عندي مذاكرة بتفرج في المدينة براحتنا وبحريتنا مثل بيتنا

كانت حالة البهجة أيضا هي ما تعم طالبات أفريقيا في مدينة البعوث الإسلامية الخاصة بالطالبات، سواء بالذهاب إلى الاستاد أو المشاهدة في قاعات المدينة، وذلك بحسب مدينا بارو، من دولة مالي، والتي قالت: "سأذهب لمبارة السنغال لتشجيعها..  سعيدة إنهم بيسمحوا لينا نروح الاستاد ونشجع المنتخب ونرفع من روحه المعنوية.. لومش فاضيين نروح بنتفرج براحتنا في القاعات"، وتفضل "مدينا" المشاهدة في القاعات عن المقاهي والنوادي: "المدينة مثل بيتنا، بنتحرك براحتنا ونشجع ونغني إنما برة زحمة ومش بنكون براحتنا ولا حريتنا زي المدينة".

أما فاطمة جوب، من السنغال، والتي تحرص على الوجود مبكرا كي تستعد للمباراة باستلام التيشيرت والصعود إلى الأتوبيس، فقالت: "المرة اللي فاتت روحت الماتش والتنظيم كان حلو وعلشان كدة عايزة اروح تاني، ومبسوطة إننا بنتجمع مع بعض".


مواضيع متعلقة