تركيا تواصل أزماتها.. انتهاك لسيادة العراق ودعم للإرهاب في ليبيا

كتب:  محمد البلاسي، ووكالات:

تركيا تواصل أزماتها.. انتهاك لسيادة العراق ودعم للإرهاب في ليبيا

تركيا تواصل أزماتها.. انتهاك لسيادة العراق ودعم للإرهاب في ليبيا

لا تزال السياسة التركية تفتعل الأزمات المختلفة مع دول الجوار، فبعد علاقات شد وجذب مع العراق، بدا أن الجانبين يتجهان للتهدئة من خلال لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والرئيس العراقي برهم صالح، خلال الشهر الماضي واتفاقهما على ضرورة الابتعاد عن لغة التهديد في المنطقة.

الخارجية العراقية تدين

لكن الأمر لم يدم طويلا، حيث أدانت وزارة الخارجية العراقية، السبت الماضي، قصف الطائرات التركية، الذي تسبب مؤخرا بمقتل وإصابة عدد من المدنيين في إقليم كردستان، وقالت الوزارة في بيان لها: "العراق يعبر عن إدانته لقيام طائرتين حربيتين تابعتين لسلاح الجو التركي بقصف مكثف على منطقة كورته محافظة السليمانية؛ مما تسبب بإزهاق أرواح أربعة مواطنين، وجرح أربعة آخرين، وترويع المدنيين الآمنين".

وأضاف البيان: "في الوقت الذي نحرص فيه أشد الحرص على إقامة علاقات استراتيجية طويلة الأمد، وعلى منع قيام أعمال تنطلق من الأراضي العراقية ضد أمن الجارة تركيا نرى أن القيام بأعمال حربية منفردة تنتهك السيادة العراقية، وتناقض مبادئ حسن الجوار التي تنظم العلاقات بين جارين متآخين كبلدينا وشعبينا، وتمثل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني"، وتابع: "مهما كانت الظروف والمسوغات نؤكد على الجانب التركي أهمية وقف القصف على مناطق عراقية، وضرورة احترام السيادة، والتعاون المتبادل لضمان أمن حدود البلدين".

الجيش التركي ينفي 

لكن الجيش التركي نفى، من خلال مصدر تابع له، قيام الطيران الحربي التركي بشن عمليات قصف على محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وقال مسؤول في دائرة الإعلام بالجيش التركي نقلاً عن قيادي بالجيش: "لم ننفذ عمليات في السليمانية، وننشر بيانات بكل العمليات التي ننفذها".

وذلك على الرغم من أن تركيا تؤكد مرارا على مضيها قدما في استهداف مواقع حزب العمال الكردستاني وملاحقة عناصره داخل البلاد وفي شمالي العراق، مشيرة إلى أن ذلك يأتي "ردا على هجمات إرهابية ينفذه عناصر الحزب داخل تركيا بين الحين والآخر"، حيث تعتبر تركيا الحزب تنظيما إرهابيا وحاربته داخل البلاد وفي دول الجوار، ولم تعبأ أنقرة بدعوات بغداد في أكثر من مناسبة لاحترام سيادتها تعليقا على العمليات العسكرية شمالي البلاد.

ووفقا لتصريحات المسؤولين الأتراك، وآخرها في يونيو 2018، تمتلك تركيا 11 قاعدة عسكرية إقليمية في شمال العراق؛ حيث كانت أنقرة قد عزَّزت وجودها العسكري هناك من خلال مضاعفة قواتها وذلك بهدف "القضاء على خطر الإرهاب قبل وصوله إلى الحدود التركية"، لكن تقارير أخرى تشير إلى أن في العراق حاليًّا حوالي 19 قاعدة تركية، 15 منها قواعد عسكرية، والأربع الأخرى قواعد استخباراتية، تضم جميعها حوالي 3 آلاف جندي تركي، وترى تركيا ان وجودها في شمال العراق يضمن حماية المصالح الاقتصادية التي تسعى إلى إعادة تفعيلها، وحتى الآن، نجحت أنقرة في إبقاء قواتها هناك، وتسعى تركيا إلى تقنين وجودها العسكري.

ليبيا 

وفي ليبيا، تستمر أنقرة في دعم عدد من الفصائل والميلشيات المسلحة، ما يؤثر على استقرار البلاد، ويهدد بتنامي النفوذ الإرهابي على المستوى الإقليمي، ومؤخرا، ألقى قرار الجيش الليبي باستهداف الوجود العسكري التركي في البلاد، الضوء على الدور الذي تلعبه أنقرة في تعقيد الأزمة الليبية عبر التدخل العسكري لحماية ميليشيات متطرفة تتبع تنظيم الإخوان في طرابلس، في تجاوز للخطوط الحمراء التي وضعها مجلس الأمن فيما يتعلق بتوريد السلاح لهذا البلد.

وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، الجمعة الماضية، إن القائد المشير خليفة حفتر أصدر أوامر باستهداف "السفن والقوارب التركية في المياه الإقليمية الليبية"، وأضاف المسماري: "أصبحت تركيا ضالعة بشكل مباشر في المعركة من أجل طرابلس، بجنودها وطائراتها وسفنها البحرية وجميع الإمدادات التي تصل الآن مباشرة إلى مصراتة وطرابلس وزوارة".

وأوضح أن تركيا ساعدت الميليشيات في الهحوم على مدينة غريان، التي تبعد 100 كيلومتر عن طرابلس، والتي تشكل طريقًا رئيسيًا للإمداد لقوات الجيش الوطني في طريقها نحو العاصمة. وأشار إلى أن القوات التركية قصفت مواقع الجيش الوطني ووفرت غطاء للميليشيات المتحالفة مع الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها لاستعادة السيطرة على المدينة.

دعم ميليشيات طرابلس 

ونقلت قناة "سكاي نيوز" عن نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق في ليبيا عبد الحفيظ غوقة إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستميت من أجل حماية الميليشيات المتطرفة في طرابلس ومنع تحرير المدينة"، وأضاف "غوقة": "الآن أصبحت المسألة على المكشوف.. تركيا تريد للتيار الاسلامي أن يحكم الطوق على ليبيا، بعدما خسر في مصر وتونس وغيرها من الأماكن، الأتراك يستميتون لتمكين الإسلاميين".

فيما قال أردوغان إنه لا يعلم بأوامر الجيش الوطني الليبي. وأضاف انه "إذا أعطى حفتر مثل هذا الأمر، فسنقوم بتقييمه"، وأضاف أن تركيا اتخذت بالفعل الاحتياطات "الضرورية". وقال "من الآن فصاعدا، سنتخذ الاحتياطات بطريقة مختلفة كذلك".

وكان أردوغان قد أعلن دعمه لحكومة طرابلس التي تعتمد على ميليشيات متطرفة في التصدي للعملية العسكرية التي يشنها الجيش الليبي لتحرير المدينة من الميليشيات. وتعد العاصمة طرابلس، التي أعلن الجيش الليبي بدء عملية تحريرها من الميليشيات قبل أسابيع، هي آخر معقل لتنظيم الإخوان في ليبيا، مما يعني نهاية هيمنتهم على القرار السياسي والمالي في ليبيا، فور تحريرها.

صحيفة: عسكريون أتراك يدعمون مليشيات طرابلس المسلحة 

وكشفت صحيفة المرصد الليبية عن هويات فريق خبراء عسكريين أتراك بينهم جنرال رفيع المستوى يدعى عرفان أوزسيرت، الذي شغل منصب قائد فوج الأكاديمية العسكرية التركية كما شغل منصب المسؤول عن القطاع العسكري لمنطقة غازي عنتاب وتبوأ مناصب في الاستخبارات العسكرية.

وبحسب الصحيفة التي نشرت الهويات، يعمل هؤلاء الخبراء في غرفة عمليات بالعاصمة طرابلس لصالح الميليشيات المسلحة ويبلغ عددهم 16 شخصا متعددي المهام.

وأمس الأول، أعلن الجيش الوطني الليبي تدمير طائرة تركية مسيرة في المطار الوحيد قيد الخدمة في العاصمة الليبية، ما أدى لتعليق الملاحة الجوية، وقال الاعلام الحربي التابع لحفتر إن "مقاتلاتنا استهدفت الطائرة التركية طراز بيرقدار أثناء إقلاعها، ودمرتها بمهبط القسم العسكري في قاعدة معيتيقة العسكرية"، وأعلن آمر القوات الجوية التابعة للجيش الوطني الليبي، محمد المنفور، استهداف الطائرة التركية التي كانت ستتحرك لقصف قوات الجيش الوطني الليبي في محاور القتال.

وذكرت تركيا أن قوات المشير خليفة حفتر تعتقل ستة من مواطنيها محذرة من العواقب في حال عدم الافراج الفوري عنهم، وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية "إن اعتقال 6 من مواطنينا من قبل قوات ميليشيا غير شرعية ترتبط بحفتر هو بلطجة وقرصنة، ونتوقع الإفراج عن مواطنينا فورا". وأضاف البيان: "إذا لم يحدث ذلك، فسيصبح عناصر حفتر أهدافا مشروعة"، ويأتي ذلك بعدما أمر حفتر القوات التي يقودها باستهداف سفن وشركات تركية وحظر الرحلات من وإلى تركيا وتوقيف الرعايا الأتراك في ليبيا، بحسب ما أعلن المتحدث باسم قوات حفتر الجمعة الماضية.

وكانت مديرية أمن أجدابيا شرقي ليبيا، قد أعلنت أمس الأول، ضبط شخصين يحملان الجنسية التركية، وطالبت مديرية أمن أجدابيا من المواطنين، في بيان عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بالتبليغ عن أي شخص يحمل الجنسية التركية أو شركة تركية تعمل في مدينة أجدابيا.وأصدر مدير أمن أجدابيا العميد، الصادق اللواطي، تعليمات إلى جميع الأجهزة الأمنية التابعة للمديرية بإغلاق المحال التجارية التي يديرها أتراك، وضبطهم وإحالتهم إلى جهات الاختصاص، وقالت وحدة الإعلام بمديرية أمن أجدابيا إن "ذلك جاء تنفيذا للأوامر الصادرة عن القيادة العامة، ردا على ما تقوم به الحكومة التركية بدعم المليشيات الإرهابية المتطرفة في ليبيا"، وأعلن أمس التلفزيون الرسمي التركي الإفراج عن 6 أتراك اعتقلتهم قوات الجيش الليبي.


مواضيع متعلقة